115 ــ جعفر بن عفان الطائي: توفي (150هـ)

جعفر بن عفان الطائي: (توفي 150هـ / 757 م)

قال من قصيدة في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام) تبلغ (11) بيتاً:

أذاقته حــــرَّ الـقـتـلِ أمّـة جـــدِّهِ    هفتْ نعـلُها فـي (كربلاءَ) وزلّتِ

فلا قــدَّس الــرحـمـنُ أمّـة جـدِّه    وإن هـــيَ صـامَتْ للإلهِ وصلّتِ

كما فَجعتْ بنتَ الرسولِ بنسلِها    وكانوا كماةَ الحربِ حين استقلتِ (1)

الشاعر:

أبو عبد الله جعفر بن عفان الطائي من شعراء أهل البيت ومن أصحاب الإمام الصادق (عليه السلام) المخلصين وقد أنشده بعض شعره في رثاء الحسين (عليه السلام) فبكى الإمام (عليه السلام) ومن حوله حتى صارت الدموع على وجهه ولحيته، ثم قال له: (يا جعفر والله لقد شهدت ملائكة الله المقربون ههنا يسمعون قولك في الحسين ولقد بكوا كما بكينا أو أكثر، ولقد أوجب الله تعالى لك يا جعفر في ساعتك الجنة بأسرها وغفر لك)، ثم قال يا جعفر: ألا أزيدك قال: نعم يا سيدي: قال: (ما من أحد قال في الحسين شعراً فبكى وأبكى به إلا أوجب الله له الجنة وغفر له). (2)

أثنى عليه ووثقه علماء الرجال الأعلام يقول السيد الأمين: (وجعفر بن عفان الطائي صاحب المراثي في الحسين (عليه السلام). (3) وقال ابن النديم: (هو من شعراء الشيعة شعره مائتا ورقة) (4) وعدّه المرزباني في شعراء الشيعة وقال: (كان من شعراء الكوفة وله أشعار كثيرة في معان مختلفة). (5)

ومن شعره في حق أهل البيت رده على شاعر العباسيين مروان بن أبي حفصة الذي يقول:

أنّى يكونُ وليسَ ذاكَ بكائنٍ    لبني البناتِ وراثةُ الأعمامِ

فردّ عليه جعفر بن عفان:

لم لا يـكـونُ وإنَّ ذاكَ لكائنٌ    لـبـني البناتِ وراثةُ الأعــمــامِ

للبنتِ نصفٌ كاملٌ من مالهِ    والـعــمُّ مــتـروكٌ بـغـيـرِ سِهامِ

ما لـلـطـليقِ وللتراثِ وإنَّما    صلى الطليقُ مخافةَ الصمصامِ (6)

ولا يخفى ما يشكله هذا الشعر الذي ينتصر فيه لقضية أهل البيت (عليهم السلام) من خطر كبير عليه في ذلك الوقت الذي كان تعيش فيه الدولة العباسية أوج قوتها ونفوذها وغطرستها، لكن ابن عفان كان قد نذر شعره ونفسه في سبيل الحق ولم يخش فيه لومة لائم

ومن شعره في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام):

ألا يا عينُ فابكي ألــفَ عــــامٍ    وزيـدي إن قــدرتِ على المزيدِ

إذا ذُكر الــحــسـينُ فــلا تملي    وجودي الدهرَ بالعبراتِ جُودي

فقد بـكـتِ الـحمائمُ من شجاها    بــكتْ لألـيـفِـها الــفـــردِ الوحيدِ

بـكـينَ وما درينَ وأنتَ تدري    فـكـيـفَ تـهـمُّ عـيــنــكَ بالجمودِ

أتنسى سبط أحمدَ حينَ يُمسي    ويـصبحُ بين أطباقِ الــصــعــيدِ (7)

وقال من قصيدته التائية التي قدمناها في رثائه (عليه السلام) أيضاً:

لــيــبــــكِ على الإسلامِ من كان باكياً    فقد ضُيِّــعــتْ أحـكامُه واستحلّتِ

غـداة حـسـيـنُ لـلـرمـاحِ دريـــــئـــــةٌ    وقد نــهــلتْ منه السيوفُ وعلّتِ

وغُودِرَ في الــصــــحراءِ لحماً مبدَّداً    عــليه عنـاقُ الطير بانتْ وظّلتِ

فما نصرته أمةُ الـــســـــــوءِ إذا دعا    لـقد طاشتِ الأحلامُ منها وضلّتِ

ألا بل محوا أنوارهم بأكــــــفِّـــــهـم     فـلا سـلـمـتْ تلــكَ الأكفُّ وشلّتِ

ونـــاداهـمُ جـهـداً بـــــــحـقِّ مـحـمدٍ    فـإن ابـنـه مـن نــفسهِ حيث حلّتِ

فما حفظوا قربَ الرسولِ ولا رعوا    وزلّتْ بهمْ أقدامُهم واســتـــــزلتِ

أذاقــتــه حـرَّ الـقـــتـلِ اُمّـــــة جـدّه    هـفـتْ نعـلها في (كربلاء) وزلتِ

فــلا قــــــدّسَ الـرحـمـنُ أمَّـة جـدِّه    وإن هـيَ صـامـت لـلإلـهِ وصلّتِ

كما فَجعـــــتْ بنتَ الرسولِ بنسلِها    وكانوا كماةَ الحربِ حـين استقلّتِ

..............................................................

1 ــ بحار الأنوار ج ٤٥ ص ٢٨٦  ــ 287 / المجالس الفاخرة في مصائب العترة الطاهرة للسيد شرف الدين ص ٧١ / أدب الطّف ج 1 ص 192 / عيون أخبار الرضا ج 1 ص 188 / أمالي الطوسي ج 2 ص 24 / الاحتجاج ج 1 ص 214 / الأغاني ج 7 ص 8 ــ 9 / أخبار شعراء الشيعة للمرزباني ص 115 – 116 / مقتل الخوارزمي ج 2 ص 144 / أعيان الشيعة ج 4 ص 128

2 ــ بحار الأنوار ج ٤٤ ص ٢٨٢ ــ 283 /جامع أحاديث الشيعة للسيد البروجردي ج ١٢ ص ٥٦٤ / رجال الكشي ج 1 ص 289

3 ــ أعيان الشيعة ج 1 ص 286

4 ــ الفهرست ص 234

5 ــ أخبار شعراء الشيعة ص ١١٦

6 ــ الأغاني ج ٩ ص ٤٥ / أدب الطّف ج 1 ص 194

7 ــ مختصر أخبار شعراء الشيعة للمرزباني ج 1 ص 116 / أعيان الشيعة ج 4 ص 128 / أدب الطّف ج 1 ص 195

المرفقات

: محمد طاهر الصفار