جعفر القزويني: (1253 ــ 1298 هـ / 1837 ــ 1881 م)
قال من قصيدة في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام) تبلغ (43) بيتاً:
قعدتَ ووتـرُكَ في (كربلاء) ضاعَ وذو الثأرِ لمْ يـقـعـدِ
وقد قامَ بالطفِّ ناعـي الهدى يـعـجُّ بـقـتـلِ بـنـي أحــمدِ
لقد ضيَّعتْ حربُ عهدَ النبيِّ فيكَ فما حفظتْ من عدي (1)
وقال من قصيدة في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام) تبلغ (54) بيتاً:
إذا ذكرتُ كربَ يومِ (كربلا) تكادُ نفسي حَزَنــــــــاً أن تُزهقا
جَـلَّ فــهـانَ كـلُّ رزءٍ بــعـدُه يأتي وأنـســـــــى كلَّ رزءٍ سبقا
وعصبة من شيبةِ الحـمدِ لها حربٌ رمتْ حرباً يشيبُ المِفرقا (2)
وقال من حسينية أخرى تبلغ (46) بيتاً:
فما وتر ضــــــبَّةَ فـي هاشمٍ لتــــطلبَ في (كربلا) آلَها
ومـــــــا ذنب فاطمةٍ عندهم لــتحمَلَ في الأسرِ أطفالها
غداةَ على حربِ بدرِ الهدى غدتْ حربُ تجمعَ ضلّالَها (3)
وقال في رثائه (عليه السلام) من قصيدة تبلغ (98) بيتاً:
لـكـنّـمـا شـاءَ الإلــــهُ تُـرى في (كربلاء) وأنتَ مُنجدلُ
فأجبتَ داعـيـهِ على عـجـلٍ تسعى وأنتَ إلى اللقا عجِلُ
وقضيتَ محمودَ النقيبةِ فالـ أيـامُ بـعـدكَ جـيـدُها عـطـلُ (4)
وقال من قصيدة تبلغ (46) بيتاً:
فما وترُ ضبَّةَ في هــاشـــــمٍ لتطـلبَ في (كربلا) آلـــها
ومــا ذنــبُ فــاطـمـةٍ عندها لـتـحملَ في الأسرِ أطفالَها
غداةَ على حربِ بدرِ الهدى غدتْ حربُ تجمعُ صلّالها (5)
ومن أخرى تبلغ (63) بيتاً:
وأمطرهمْ في (كربلاء) سحائباً لها البيضُ برقٌ والدمُ القانِ هاطلُ
يـخوضُ بهمْ بحرَ المنايا بأسمرٍ على أشقرٍ يقصـرنَ عـنه المخاتلُ
إذا كرَّ فرُّوا منه رعــبــاً كأنّهمْ لـديـهِ سـوامٌ خـلـفـها الليـثُ صائلُ (6)
وقال من قصيدة تبلغ (30) بيتاً:
وأمستْ بدورُ الهدى من نزارٍ آفــلــةً فـي رُبى (كربلا)ها
برغمي ورغــمَ الـمعالي ثوى فريدُ المعالي لقىً في رُباها
وآلُ عــلــيٍّ هـــداةُ الأنـــــــامِ تُهدى ســبــايــا إلى طلقاها (7)
ومنها:
قعدتَ وتـــــعلمُ أنَّ الحسينَ قضى عطشاً في ثرى (كربلا)ها
رجـــالكَ صرعى وأطفالها أســــــــارى تـقاسي أوارَ ظماها
وزينبُ ثكلى كأنَّ الخطوبَ لم تبغِ يـــــــــومَ الطفوفِ سِواها
الشاعر
السيد جعفر بن مهدي بن حسن بن أحمد بن محمد الحسيني المعروف بـ (القزويني)، من كبار العلماء الأعلام، وأشهر مشاهير أعلام عصره، وأحد زعماء الحركة العلمية والأدبية في عهد والده (8)
ولد في الحلة من أسرة علوية دينية علمية يرجع نسبها الشريف إلى زيد الشهيد ابن الإمام علي بن الحسين (عليهم السلام) وأول من هاجر من قزوين إلى النجف منها هو السيد أحمد الكبير بن السيد محمد بن الحسين بن الأمير أبي القاسم ولقب بالأمير لأنه كان أمير الحاج في زمن الدولة الصفوية وكان هبوط السيد أحمد إلى العراق في أواسط القرن الثاني عشر، وتزوج كريمة السيد مرتضى الطباطبائي شقيقة السيد مهدي بحر العلوم، فولد له منها خمسة أولاد، كلهم علماء أعلام وسادة كرام (9)
وقال السيد محسن الأمين عن هذه الأسرة: (وآل القزويني من أجل بيوتات العراق في عصرنا علماً وحسباً ونسباً وشرفاً ورياسة وأخلاقاً يقطنون النجف والحلة وطويريج) (10)
تدرَّج أفراد هذه الأسرة على منابر العلم ومجالس الفقه والأدب فتلقى العلوم الأولية على يد والده السيد مهدي الذي كان يتصدّر الزعامة الدينية في الحلة والذي زرع فيه بذرة العلم والأدب ولقنه الأخلاق الفاضلة والسمات الحميدة.
كما أكمل تعليمه الفقهي في النجف الأشرف على يد أكابر العلماء منهم: خاله الشيخ مهدي بن علي كاشف الغطاء، ومرجع الطائفة الشيخ الأعظم مرتضى الأنصاري، والشيخ محمد الأيرواني الذين أجازوه بالاجتهاد إضافة إلى والده. وقد قام بأعباء الزعامة الدينية في الحلة بعد أن هاجر والده إلى النجف الأشرف وتولى المسؤولية الشرعية والاجتماعية. (11)
عُرف القزويني إضافة إلى تضلعه بالعلم والفقه بالصفات العظيمة فقد كان متواضعاً سمحاً كريماً يقول فيه معاصره الشيخ علي آل كاشف الغطاء:
(كان عالماً فقيهاً أصولياً منشئاً بليغاً رئيساً جليلاً مهاباً مطاعاً لدى أهالي الحلة، مسموع الكلمة عند حكامها وأمرائها. ولما هاجر أبوه الى النجف في أواخر حياته استقل هو بأعباء الرئاسة في الحلة وأطرافها، فكان فيها مرجع الفقراء وموئل الضعفاء تأوي الى داره الألوف من الضيوف من أهل الحضارة والبادية التي مرجعها لواء الحلة لأجل حوائجهم وهو يقضيها لدى الحكام وولاة بغداد غير باخل بجاهه، وكان ثبت الجنان طلق اللسان يتكلم باللغات الثلاث: العربية والتركية والفارسية ودرس العلوم اللسانية في الحلة وحضر مدة مكثه في النجف على خاله الشيخ مهدي بن الشيخ علي في بحوثه الفقهية وفي الأصول على الشيخ مرتضى الأنصاري والملا محمد الإيرواني وبعد رجوعه إلى الحلة حضر عند والده كما حضر عنده جماعة من فضلاء الحلة. وله من المؤلفات (التلويحات الغروية) في الأصول و(الاشراقات) في المنطق وغيرهما وكان أغلب اشتغاله في حسم الخصومات وقضاء حوائج الناس مما ترك ألسن الخاصة والعامة تلهج بالثناء عليه إلى اليوم وكانت الدنيا زاهرة في أيامه وعيون أحبابه قريرة في حياته). (12)
وقال عنه السيد محسن الأمين: (كان عالماً أديباً وجيهاً رأس في الحلّة، وتقدم عند الولاة ومشى في مصالح الناس، وطار ذكره وانتشر فضله، ومدحه شعراء عصره، وخاصة شعراء الحلّة، وكثير من ديوان السيد حيدر الحلي فيه وفي أقربائه ويظهر من رسائله أنّه كان كاتباً بليغاً ضليعاً بالأدب واللغة عالماً ببعض أجزاء الحكمة، وله شعر ونثر ومطارحات ومراسلات كثيرة). (13)
وقال الشيخ محمد السماوي: (كان فاضلاً مصنِّفاً أديباً شهماً غيوراً رئيساً مطاعاً محترم الجانب عند الحكام بلغه ان بعض الجند ضرب أحد طلبة العلم في النجف على وجهه فغضب ثم مضى إلى دار الحكومة فدعا بالجندي وبالطالب فأمره أن يقتص منه بمثل ضربته. وكان شاعراَ يجمع شعره الرقة والمتانة والسهولة والانسجام) (14)
وقال السيد جواد شبر: (أما حظه من العلم والعرفان فهو البحر الذي لا ينزف وقد أجيز بالاجتهاد والفتوى من والده ومشاهير علماء عصره وقد اجتمعت في ذاته الكريمة المتناقضات فإنه جمع إلى عظيم الهيبة والعزة ونظافة البزة وترف العيش، تواضع جده النبي وزهد والده الوصي وكان مع شغله الدائم بإدارة شؤون الأسرة والبلد واهتمامه بكل صغير وكبير من أمور الناس وابتلائه بمخالطة الحكام وأولي الأمر وما أودع الله له من المحبة في قلوبهم والهيبة في عيونهم لا يفوته ورد من أوراده ولا ذكر من أذكاره ولا نافلة من صلاته وما ظنك بمن أصبح موضع الثقة عند والده بحيث ينوب عنه في صلاته وفي كل ما يتعلق به من مهماته. وأما طول باعه في النظم والنثر فحدث ولا حرج ولولا خوف الإطالة وخشية الملل لذكرنا نماذج من رسائله التي كاتب بها جماعة من العلماء والأدباء كخاليه الشيخ مهدي والشيخ عباس، والسيد جعفر الخرسان، والسيد نعمان الآلوسي، وآل جميل وغيرهم، وكلها تدل على تضلعه في الحكمة والفلسفة والأدب والتاريخ واللغة). (15)
وقال الشيخ محمد السماوي: (كان فاضلاً مصنِّفاً أديباً شهماً غيوراً رئيساً مطاعاً محترم الجانب عند الحكام بلغه ان بعض الجند ضرب أحد طلبة العلم في النجف على وجهه فغضب ثم مضى إلى دار الحكومة فدعا بالجندي وبالطالب فأمره أن يقتص منه بمثل ضربته. وكان شاعراَ يجمع شعره الرقة والمتانة والسهولة والانسجام) (16)
وقال عنه الشيخ محمد علي اليعقوبي: (مرجع الفقراء وموئل الضعفاء، تأوي إلى داره الألوف من الضيوف من أهل الحاضرة والبادية التي مرجعها لواء الحلة لأجل حوائجهم وهو يقضيها لدى الحكام وولاة بغداد، غير باخل بجاهه، وكان ثبت الجنان، طلق اللسان، يتكلم اللغات الثلاث العربية والتركية والفارسية...) (17)
له من المؤلفات:
التلويحات الغروية في أصول الفقه مختصر
الاشراقات
مختصر في المنطق (18)
توفي السيد جعفر القزويني في الحلة وهو في منتصف العقد الرابع وشُيِّعَ تشييعاً مهيباً إلى مقره الأخير النجف الأشرف وصلى عليه والده ودفن في الحضرة العلوية المقدسة وقد رثاه معظم شعراء عصره ولكثرتها فقد جمع هذه المراثي السيد حيدر الحلي ورتبها وكتب لها مقدمة وسماها (الأحزان في خير إنسان) وكان ممن رثاه من كبار شعراء النجف والحلة:
السيد حيدر الحلي، والشيخ علي عوض الحلي، والشيخ حمادي نوح، والشيخ محسن الخضري، والسيد محمد سعيد الحبوبي، والسيد جعفر زوين، والشيخ حسين الدجيلي، والشيخ علي قاسم الحلي، والشيخ عباس العذاري، والشيخ حسين بن عبد الله المعروف بـ حسون الحلي، والشيخ درويش الحلي، والسيد حسين بن السيد حيدر الحلي، والسيد عبد المطلب الحلي، والسيد جعفر الحلي، والشيخ حسن القيم، والشيخ محمد التبريزي، والشيخ حسن مصبح الحلي، والسيد محمد القزويني، والسيد حسين القزويني، والسيد صالح القزويني، والشيخ عباس الأعسم، والسيد إبراهيم الطباطبائي، وغيرهم، وبعض هؤلاء الشعراء قد رثوه بقصيدتين أو ثلاث. (19)
ومن الجدير بالذكر، أنه يقع الاشتباه بين السيد جعفر بن مهدي القزويني، والسيد جعفر بن باقر القزويني وربما نسبت بعض أشعار الأول إلى الثاني، فالأول ولد في الحلة والثاني ولد في النجف يقول السيد الأمين: (وقد يقع التوهّم والالتباس بين صاحب الترجمة وبين السيد ميرزا جعفر القزويني لاتحادهما في الاسم والنسب والشهرة واللقب والنشأة في عصر واحد فإن الأول هو ابن السيد باقر ابن السيد أحمد والثاني ابن المهدي بن الحسن ابن السيد أحمد وتوفي سنة 1298 هـ
وقال في ترجمة السيد جعفر بن باقر: لم يتيسر لنا ضبط تاريخ ولادته ولم نقف على كثير من سيرته بيد أننا علمنا من بعض الأعلام من أسرته أنه قضى الدور الأول من حياته في النجف يتخرّج على علماء أسرته وأخوال أبيه وآل بحر العلوم، حتى إذا بلغ سن الكهولة أحب أن يقضي الدور الثاني من حياته في الأسفار رغبة في السياحة، فسافر من مسقط رأسه النجف إلى - مسقط - قاعدة عمان، واتصل بأمرائها، ونال ما هو حري به من التعظيم والتكريم، ولكن القضاء لم يمهله هناك إلّا برهة يسيرة فتوفي غريباً بعيداً عن وطنه نائياً عن أهله وقومه، ليس عنده سوى عبد له كان يصحبه اسمه نصيب، فجهِّز ونقل إلى النجف حوالي سنة (1265 هـ) ودفن مع أبيه في مقبرتهم في محلة العمارة تجاه مقبرة الجواهريين
ثم يقول الأمين عن شعر السيد جعفر بن باقر: وكان مجموع شعره تلف معه في سفره هذا ولم نقرأ في المجاميع القديمة المخطوطة من نظمه سوى بعض مقاطيع قالها في الفخر والحماسة وذم الزمان ومطارحات الإخوان...) (20)
والقصائد التي ذكرناها كلها للسيد جعفر بن مهدي القزويني وقد ذكرها في ترجمته الخاقاني والسيد الأمين والسيد جواد شبر والسماوي كما ذكرناها في مصادرها وهي عشر قصائد في الإمام الحسين (عليه السلام) وقد جمعها الشيخ محمد علي اليعقوبي في كتاب أسماه بـ (الجعفريات) وأشار إلى ذلك بقوله: (وقد حدثنا جماعة من معاصريه أنه كان يستقبل هلال المحرم من كل عام بقصيدة يؤبن فيها جده الحسين عليه السلام وتنشد في المأتم الذي ينعقد في دارهم العامرة طلبا للأجر ومساهمة في تلك الخدمة الكبرى، وقد دون والدنا من ذلك عشر قصائد في مجاميعه المخطوطة وقد جمعناها في كراسة خاصة أسميناها: الجعفريات وصدرناها بكلمة وجيزة عن أسرته وعن حياته تقع في 46 صفحة وقد طبعت في النجف سنة 1369 هـ...
ثم ذكر اليعقوبي مطالع القصائد العشر) (21)
ولم نجد للسيد جعفر بن باقر القزويني شعرا في الإمام الحسين (عليه السلام) في ترجمته (22)
وقد وقع الأستاذ الدكتور كامل سلمان الجبوري في الاشتباه فذكر قصائد السيد جعفر بن مهدي القزويني، الجعفريات كما أشرنا إليها في كتابه الإمام الحسين في الشعر النجفي وترجم للسيد جعفر باقر القزويني في تراجم الشعراء (23)
شعره
كان القزويني يستقبل هلال شهر محرم من كل عام بقصيدة يرثي فيها جده الحسين (عليه السلام) وكانت هذه القصيدة تقرأ في المأتم الذي يقام في بيته وقد اشتهرت هذه القصائد فسُمّيت بـ (الحوليات)، (وهي من الرصانة والسباكة الأدبية بمكان جعلها موضع اهتمام المختصين) (24)
يقول السيد جعفر مهدي القزويني من قصيدته الأولى في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام) وتبلغ (60) بيتاً وقد قدمناها:
سأمضي وما بالموتِ عارٌ على الفتى إذا جدَّ في نيـــــــــلِ العلا والمدائحِ
واقتادها ظمأى النفــــــوسِ إلى العلا على سابــــحٍ بحـرَ الوغى إثرَ سابحِ
فلا رُمتُ أسبابَ المعــــــالي ولا رقا بيَ الشرفُ الأقصى على كلِّ طامحِ
إذا لمْ أقفْ مرمى الأسنةِ مثـــــــــلما غدا ابـنُ عليٍّ بينَ بيـــضِ الصـفائـحِ
يصـولُ بـعـزمٍ مـا الحسامُ ببــــــــالغٍ مـداهُ ولا سـمـرُ الـقـنــــــا بـمـلامـحِ
وأبيضُ مثلُ البرقِ لو شاهدَ الـــردى لأرداهُ واجتاحته أيدي الجــــــــوائحِ (25)
ويقول من الثانية وتبلغ (43) بيتاً وقد قدمناها:
لرزئــكــمُ يـــا بـــنــي أحمدٍ بكتْ حزناً عَـمَدَ المسجــدِ
أفي كلِّ يومٍ تصولُ الـمـنونُ مــنـكـمْ عـلـــى سيِّدٍ سيِّــدِ
ويغدو لكمْ كهفَ عزٍّ مــنـيعٍ ومستشهدٍ بعدَ مـسـتـشــهدِ
وفــي كــلِّ يــومٍ لــكــمْ رنَّةٌ يذيبُ شجاها حشا الــجلمدِ
ولا مثلَ يومِكمُ في الطفوفِ في سالفِ الدهرِ مِن مشهدِ
حـسينٌ وأنتَ إمامُ الـــهــدى إذا وضحَ الــحقُّ للمهتدي
لــيــومِـكَ فـــي كــبدي غلّةٌ يطوى الزمانُ ولــمْ تــبردِ
وقفتَ معَ الصبرِ في موطنٍ بهِ غير صبرِكَ لمْ يــحـمدِ
وقــرَّبـــتَ للهِ قـــربــــانَـــه بكلِّ ذبــيــحٍ لــه مــا فـدي
ويقول من الثالثة وتبلغ (42) بيتاً:
غداةَ حسينٍ بـأرضِ الـطـفوفِ وبحرُ المنايا عليهِ استـــــــدارا
أتتْ نحوُه مثلَ مجرى الـسيولِ حربٌ بخيلٍ ملأنَ القفــــــــارا
تحاوله الضيـمَ فــــي حـكـمِـها ويأبى له السيــــفُ إلا الفـخارا
فـأقـسـمْ إمّـا لـــقـــاءَ الـحــمـامِ أولا يــرى لـــــلأعـادي ديـارا
بـآسـادِ مـلـحــــــمــةٍ لا تــكـادُ تـعـرفُ يــومَ الهـيـاجِ الـحِذارا
وغلبٌ إذا ما انتفضـوا للـوغى أباحوا رقـابَ الأعادي الشفارا
بـكـلِّ كـمـيٍّ تسيرُ النفــــــوسُ على صفحتي سيفهِ حيث سارا
وذي عـزماتٍ يخالُ الـــــردى إذا ســعَّـر الحربَ كاساً عِقارا (26)
ومنها:
أنخْها صباحاً بجنبِ البــــــــقيعِ ونـــادِ حـماةَ المعالي نـزارا
بأنَّ دماءَ بني الـــــــــــوحي قد أطلّتْ لـدى آلِ حربٍ جـبارا
وإنَّ ابنَ أحـــــــــمدَ منه العدى تبلُّ ســـنـاناً وتروي غـرارا
ونسوتُه فوقَ عـــــــجفِ النياقِ تـحـمـلـهنَّ الأعادي أســارى
يطفـنَ بـــــــــهـا فـدفـداً فـدفـداً ويــقـطعــنَ فيها ديـاراً ديارا
تقولُ وقـد خلفـــــت في الثرى جـسوماً لأكفــائِـها لا توارى
ألا أيـنَ هــــاشمَ أحمى الورى ذماراً وأزكى الـــبرايا نجارا
لــــــــــتنظرَ ما نالَ منا العدى فتعدو على آلِ حربٍ غيارى
وتروي صدى بيضِها من دما عـــــداها وتـطلبُ بالثأرِ ثارا
ويقول من الرابعة وتبلغ (34) بيتاً:
فانهض فدتكَ نفوسنا واروِ صدى الـ ـبيضِ الـــــرقاقِ فإنهنَّ حِرارُ
مِـــــــن عصبةٍ تركتْ دمَ ابنِ محمدٍ وبنيهِ يــــومَ الطفِّ وهوَ جبارُ
شكَّتْ حــــــشا الدينِ الحنيفِ بطعنةٍ لا يـــــستطيعُ بلوغها المسبارُ
طحنتْ جناجنَ عزِّكمْ من بــعـــــدما جعلتْ عليهِ رحى المنونِ تُدارُ
وسرتْ بنسوتِكمْ عـلى عجفِ المطى أسرى بهنَّ إلى الـشــآمِ يُــسارُ
يا بــنَ الــغـطــارفـةِ الألى من هاشمٍ بــلـغــتْ بهمْ هامَ السماءِ نزارُ
ماذا الــقـــعودُ على الهوانِ وفـيكَ ما بــيــــــنَ البرايا تُدركُ الأوتارُ
فمتى أراكَ بــأرضِ مـــكّــــــةَ قائماً تــزهــــو بغرَّةِ نورِكَ الأقطارُ
وسقى ســحـــــابُ القدسِ دارةَ مربعٍ فــيــهِ لــطـلـعتِكَ الشريفةِ دارُ
وعــلــيــكـــمُ صــلــى إلهُ العرشِ ما جــلّــى دجى الليلِ البهيمِ نهارُ(19)
وقال من الخامسة وتبلغ (29):
أعلمتـما من قد رمى سهمُ القضا فـــدعته أرواحُ الخلائقِ مذ نعى
خيــــرَ الورى شرفاً وأكرمً سيِّدٍ كأسُ الردى يوم الطفوفِ تجرَّعا
فهوى بمستنِ النزالِ على الثرى ظـــــامٍ وغـلّـة صـدرِه لـم تـنقعا
بأبـي ســـراةُ بـنـي لـؤيٍّ أقدموا لا يـطـــلـبـونَ عـن الـمنيّةِ مدفعا
والـصبحُ مختبط الجوانبِ مُظلمٌ والـنـقـــــعُ يمنعُ شمسَه أن تطلعا
فجلا ظـــلامَ دجـى القتامِ بأوجهٍ في الحــربِ تحسبُها بدوراً طُلعا
وسرى بـعـزمٍ لو يصادفُ وقعُه جبلاً لأصـــــبحَ خاشعاً مُتصدِّعا
حـتـى إذا شــــاءَ الإلــه لــقــاءَه وافــاهُ داعـيـــهِ فـلـبَّـى مُـسـرعـا (20)
وقال من السادسة وتبلغ (54) بيتاً وقد قدمناها:
لو يُحمدُ الدمعُ على غيرِ بني أحمد منه الدمـعُ حزناً لا رقا
الـبــاذلـيـن فـي الإلـهِ أنـفـسـاً لأجـلِـها مـا فـي الوجودِ خُلقا
القاتلـيـنَ الـمـحـلَ إنْ تـتابعتْ شـهـبُ الـسـنيـنِ جمعاً وفرَّقا
والـقائدينَ الجيشَ يـملأ الفضا رعـباً وســكّانُ البسيطِ رَهقا
والبــاذلـينَ فـي الإلـهِ أنـفـسـاً لأجـلِهـا مــا في الوجودِ خُلقا
إنسانُ عيني في بحارِ أدمـعي لما جرى يومَ الطفوفِ غرقا
وبـحـرُ أحـزانـي مـديـدٌ وافـرٌ لو مَـدَّ منـه الـبـحـرُ ما تدفّقا
ومنها:
وعصبةٌ من شيــــــبةِ الحمدِ لها حربٌ رمتْ حرباً يشيبُ المِفرقا
قـادتْ لـها الجيــشَ اللهامَ عندما جــــاشَ قــديـمُ كـفـرِهـا واتّـفـقـا
وقامتِ الـحــــربُ تـحـييها على ساقٍ لمــا منها رأتْ فـي الملتقى
فاستقبلتْ فـرسانُـهـا بـاسـمـة الـ ـثـغـرِ بـعـــــزمٍ ثابـتٍ عـنـدَ اللقا
واستنهضـتْ قواطـعاً كم قطعتْ رأسَ رئـيـسٍ وأبــــانـتْ مِـرفـقا
ما أغـسـقــتْ ظــلـمةَ لـيلٍ نقعُها إلّا جـلا فـجـرُ سـناهـا الغــــسقا
فأحـرقـت شـهـبُ ظباها كلَّ شيـ ـطـانِ وغـى للسمعِ منها استرقا
كم مفردٍ لا يـــنثني حـتـى يـرى صـحـيـحَ جـمعِ القومِ قد تفـــرَّقا
للهِ يـومهـمْ وقـــد أبـكـى الـسـمـا لـه دمـاً طـرَّزَ فــــــــيـه الأفــقـا
ما سـئِـموا وردَ الردى ولا اتّقوا بـأسَ الـعـدا ولا تولّوا فـــــــرقا
حتى تفانوا والأسى في مصرعٍ فيه التقى الدينُ الحنيفُ والتـــقى
غصَّ بهم فمُّ الـــردى من بعدِما كـان بهمْ وجــــهُ الزمانِ مُشرقا
ومنها:
ورأسُ سبــــطِ أحمدٍ يُهدى لمن يوماً بشــــرعِ أحـمدٍ ما صدّقا
والطاهــــــراتُ مِـن بناتِ فاطمٍ لـم تـبـــقَ منهـا النائباتُ رمَقا
واعـجبــاً يقضي الحسين ظامياً ومــــــاؤه الـقــراحُ مـا تـرنَّقا
وللسمـــاءِ كيفَ لم تهوِ على الـ ـغبرا وقد هوى الحسينُ صعقا
والأرضُ ما ساختْ بأهليها وقد ثـوى عليها عاريَ الجسمِ لقى
يا لكَ من رزءٍ بـــه قلبُ الهدى شجـــواً بنيرانِ الهمومِ احترقا
وقال من السابعة وتبلغ (98) بيتا وقد قدمناها:
واسألْ حديثَ الــطـــفِّ أنَّ بهِ قـبـســـاتُ وجدٍ فوقها شعلُ
طفٌّ به طافَ الضلالُ ضحىً وإلى الحسينِ يسوقُه الجهلُ
في يومِ معركةٍ يــشــيـــبُ لها قبلَ المشيبِ الفارسُ البطلُ
حيثُ الــقــتــــامُ سماءُ ملحمةٍ والشهـبُ في أرجائِها الذبلُ
حربٌ على آلِ الرسولِ سرتْ حرباً فــضـاقتْ فيهمُ السُّبلُ
فـسـطـا عــلــيهمْ والرماحُ لها في آلِ حــربٍ أعـــينُ نجلُ
بأماجدٍ مِن دونِ ســــيِّــــــدهمْ يومَ الهياجِ نفوسُهم بــــذلوا
سَقوا الحتوفَ لمعشرٍ فــسقوا وعلوا على الدنيا بما فــعلوا
وقال من الثامنة وتبلغ (63) بيتاً وقد قدمناها:
فما مـفـردٌ قــد بــانَ عنه نصيرُه فــلـمْ يــلــفَ إلا خــاذلٌ ومــقــــــاتلُ
بأربطَ جأشاً مِــن حــســيـنٍ وإنّه ليرتاعَ أن يعدو الحصى والـــجنـادلُ
يروِّي الحسامَ المشرفــيَّ بــكــفِّه وقد حرِّمتْ ظلماً عليهِ الــمـنــاهــــلُ
وظلَّ يشجُّ الهامَ والشـوسُ تلتوي عن الحربِ إذ تلوي عليها الذوابـــلُ
فللخيلِ إرعادٌ ولــلــســـمرِ رجفةٌ وللبيضِ صوتٌ في الكتائبِ هـــــائلُ
وأقــدمَ لا يــلــــوي عنانَ جوادِهِ عن الموتِ أو يقضي الذي هو فـاعلُ
إلى أن دعى داعي القضا فأجابه ووافــاهُ فـــي الأحــــشاءِ أسمرَ ذابلُ
وقال من التاسعة وتبلغ (46) بيتاً وقد قدمناها:
هـمُ مــنــعــوا فــاطماً إرثَـــــها وحازوا عن الفرضِ أنفالها
وهمْ نــقــضـوا عهدَ يومِ الغديرِ لـمَن في المواقفِ أوفى لها
وقد جعلَ اللهُ في حــفـــــظِـــــهِ لـشـرعــةِ أحـمـدَ إكــــمالها
وهمْ أضرمَوا النارَ في بيتِ مَن بهمْ يـقـبـلُ اللهُ أعـــمــــالها
وقطعُ الأراكـــةِ ظــلــمـــاً أبانْ مِن آلِ قـــيـــلــةَ إضــلالها
وقودُ عليٍّ بمرأى الــعــيـــــونِ أعــادَ مــن الـقـومِ أذحـالها
فـمـا وتــرُ ضــبَّـةَ في هــاشــمٍ لتطلبَ في (كربلا) ثـــارها
وما ذنــبُ فــاطــمـةٍ عــنـــدها لـتـحـمـلَ في الأسرِ أطفالها
غــداةَ عـلـى حربِ بدرِ الهدى غـدت حـربُ تجمعُ صلّالها
وتـطلبُ من هاشمٍ في الطفوفِ فــي يـــومِ بــدرٍ بـمـا نـالها
وتزعمُ أنَّ مِــن الــديـــــنِ ذاكَ لــتـغـوي بــذلــكَ جُــهَّــالها
وهــلْ عُــرفَ الــديـــنُ إلّا بها وهــلْ أسِّــــسَ الدينُ إلّا لها
وقال من العاشرة وتبلغ (30) بيتاً وقد قدمناها:
لــوتْ مــن ســراةِ لويٍّ لواها أميَّة واســـتـلـبـتـهـــا ظباها
وقــدْ غــلــبــتْ غـــالباً عزَّها وانتزعـتْ من قصيٍّ عُلاها
غــداةَ غــدا قــطــبُ أفــلاكِها تديرُ عــــلــيهِ المنايا رحاها
وأمستْ بدورُ الهدى من نزارٍ آفــلــــةً في رُبى (كربلا)ها
برغمي ورغمِ الـمــعالي ثوى فريدُ المعالي لقىً في رُباها
وآلُ عــلــيٍّ هــداةُ الأنـــــــامِ تُهدى سبايا إلى طــلــقــــاها
فطوراً تــكـابدُ هولَ المصابِ وتلقى الأذى تارةً من عِداها
تــنــــــادي فلمْ ترَ مِــن سامعٍ يـجـيــبُ فـــيدفعُ عنها أذاها
وأنّى يــجــيــبُ نـــداهــا وقد غدا رأسُه فــوقّ عـالي قناها
....................................................
1 ــ الإمام الحسين في الشعر النجفي ج 1 ص 398 ــ 400 عن الجعفريات ص 14 ــ 16
2 ــ شعراء الحلة ج 1 ص 174 ــ 176 / أعيان الشيعة ج 4 ص 189 ــ 190 / الإمام الحسين في الشعر النجفي ج 2 ص 296 ــ 298 عن الجعفريات ص 25 ــ 28
3 ــ شعراء الحلة ج 1 ص 176 ــ 178
4 ــ الإمام الحسين في الشعر النجفي ج 2 ص 329 ــ 333 عن الجعفريات ص 29 ــ 35
5 ــ الإمام الحسين في الشعر النجفي ج 2 ص 393 ــ 395 عن الجعفريات ص 41 ــ 44
6 ــ الإمام الحسين في الشعر النجفي ج 2 ص 346 ــ 349 عن الجعفريات ص 36 ــ 40
7 ــ الإمام الحسين في الشعر النجفي ج 3 ص 254 ــ 255 عن الجعفريات ص 45 ــ 46
8 ــ شعراء الحلة ج 1 ص 131
9 ــ البابليات ج 2 ص 111
10 ــ أعيان الشيعة ج ٤ ص ١٨٨
11 ــ البابليات ج 2 ص 114
12 ــ شعراء الحلة ج 1 ص 133 عن الحصون المنيعة لكاشف الغطاء
13 ــ أعيان الشيعة ج ٤ ص ١٨٨
14 ــ الطليعة ص 190 ــ 193
15 ــ أدب الطف ج 7 ص 261 ــ 261
16 ــ الطليعة ج 1 ص 193
17 ــ البابليات ج 2 ص 114
18 ــ أعيان الشيعة ج 4 ص 188
19 ــ أعيان الشيعة ج 4 ص 188 / شعراء الحلة ج 1 ص 135 ــ 138
20 ــ أعيان الشيعة ج 4 ص 86
21 ــ البابليات ج 2 ص 122 ــ 123
22 ـ ـترجمته في شعراء الغري ج 2 ص 27 ــ 35 / أدب الطف ج 7 ص 39 ــ 42
23 ــ ج 4 ص 113
24 ــ شبكة المعارف للتراث الإسلامي ــ اعلام مركز تراث الحلة بتاريخ 13 / 11 / 2018
25 ــ الإمام الحسين في الشعر النجفي ج 1 ص 281 ــ 283 عن الجعفريات ص 9 ــ 13 / ذكر منها (17) بيتاً في أعيان الشيعة ج 4 ص 188 ــ 189
26 ــ شعراء الحلة ج 1 ص 169 ــ 171 / الإمام الحسين في الشعر النجفي ج 2 ص 76 ــ 78 عن الجعفريات ص 17 ــ 19 / الحسين في الشعر الحلي ج 1 ص 211 ــ 212
19 ــ شعراء الحلة ج 1 ص 171 ــ 173 / الإمام الحسين في الشعر النجفي ج 2 ص 59 ــ 60 عن الجعفريات ص 20 ــ 22
20 ــ شعراء الحلة ج 1 ص 173 ــ 174 / الإمام الحسين في الشعر النجفي ج 2 ص 229 ــ 230 عن الجعفريات ص 23 ــ 24
كما ترجم له:
الطهراني / طبقات أعلام الشيعة ج 2 ص 396
محمد حرز الدين / معارف الرجال ج 1 ص 159
اترك تعليق