توالد الاشكال الهندسية وتحولاتها في الزخارف الاسلامية..

الأشكال الزخرفية تعطي إشارة تنعكس في نفس المشاهد المتأمل لها من خلال ثلاثة جوانب اساسية، الأول منها هو العناصر ذاتها.. والثاني يرتبط بترتيب العناصر وتركيبها .. والثالث يتعلق  بالمعنى ومدى تأثير الشكل في نفس المشاهد، ولا شك ان معظم الأشكال الزخرفية الهندسية الإسلامية تكون مبنية اصلاً على أساس ثابت وجميع هذه الأشكال تحتفظ بدلالاتها الخاصة،  فالشكل الزخرفي الهندسي المبنى بناء رياضيا يتطلب نشاطا عقليا يكشف عن أسراره ويمسك بمواطن جماله وبساطته وتعقيده، فالفنان المسلم له القدرة على اظهار الأشكال الهندسية وخلق موازنة بين اشكالها - البنية المشكلة من الخطوط المستقيمة والبنية ذات الخطوط المنحنية - ، فالخط الهندسي بنوعيه المستقيم والمنحني والخليط بينهما له جمال رياضي يستشعره العقل ويتأثر به.. لتكون بتلك المزاوجة بين خطوط الأشكال الهندسية  المختلفة  محصلة جمالية رائعة.

يمثل الشكل الهندسي الهيئة الزخرفية الهندسية والمعمارية التي يكون عليها والتي ارتأها الفنان المصمم، لتكون معبرة عن المحتوى او المضمون المبتغى اظهاره للمشاهد، اذ يكون الشكل في الهيئة الزخرفية في علاقة تبادلية مع المادة والأسلوب الفني الذي يستخدمه المزخرف المعماري.. المدعوم بأسلوبه الفني وقدرته الابداعية في استغلال واستخدام المواد والوسائل والأدوات وتطويعها في انجازه للهيئة الزخرفية المعمارية، بحيث يجعل الشكل الهندسي جامعا للجانب الرمزي والجانب العملي في آن واحد، وتكون الوظيفة الفعلية لموضوع الزخرفة الهندسية ممكن إشباعها بمدى واسع من الأشكال الهندسية والهيئات الزخرفية المختلفة كالأشكال الهندسية الأساسية للزخارف المعمارية كالدائرة  والمربع  والمضلع والمثلث، والتي تعد مصدر إنتاج لكثير من الهيئات والموضوعات الزخرفية الهندسية الرائعة، أما باقي الأشكال فهي محتوات في هذه الهيئات ومشتقة منها بنفس الوقت، لذلك تتخذ الأشكال في الفن الزخرفي الإسلامي أهمية فلسفية كبيرة، اذ ان كل ما في العالم هو مزيج من الشكل المادة.. وكلما تغلب الشكل وقل الانغماس في المادة زادت درجة الكمال التي يبلغها فالشكل الزخرفي هو مجموعة من العناصر تدرك بمجموعها وليست نتيجة لاي تجمع عفوي، والعمل الفني الزخرفي لهذه الأشكال الهندسية لا يكون شيئا في ذاته بل ما تكشفه وما تضفي عليه من معنى، اذ اكتشف المعمار المسلم في المقرنصات  و الافاريز والأقواس قدرتها على إضفاء سمه زخرفية على الكتلة المعمارية.. كما ان الزخرفة في العمارة الإسلامية ليست محددة بتغطية السطوح إنما أيضا تساعد في تحويل الفضاء فالشكل الزخرفي يحظى بالمعنى ضمن نظام علائقي قوامه علاقة الجزء بالكل فأجزاء التكوين الزخرفي من خلاله تبدو وكأنها ترتبط معا بطريقة، اذ ان المعنى في الكل.. أي بمعنى ان الكل يعتمد على أسلوب ربط عناصر او أجزاء البناء الزخرفي الهندسي مع بعضها البعض وجعلها تبدو ككل متماسك، وبالتأكيد لا يتم ذلك الا مــن خلال مجموعة من التقنيات البنائية الأساسية والتي تتمثل بالاتي:

1. تقنية النقل من موضع الى أخر للشكل.

2. تقنية التدوير للشكل حول موضع او نقطة ارتكاز معينة.

3. تقنية الانعكاس للشكل بتناظر مرآتي.

4. تقنية قلب الاشكال والتي لا تكون في المجال الزخرفي الا بتكرار العناصر بحيث تتناظر حول محور وسطي لها.

وبهذه التقنيات التي تعد من الثوابت البنائية في فن الزخرفة الاسلامية.. يمكن إنتاج أشكال زخرفية هندسية أكثر تعقيدا وتأثيراً في نفس المشاهد، وبالتحديد عند المزاوجة بينها وجمعها في تكوين واحد، اذ ان تقنيتي التداخل والتزاوج هما الأكثر شيوعا في الاستخدام بين هذه التقنيات في تصاميم الأشكال الزخرفية الهندسية، هذا فضلا عن تقنية النقل وما لها من دور متداخل مع تقنية الانعكاس في خلق التوازن المثالي في التكوينات الفنية الزخرفية الهندسية وتحولاتها الشكلية الهندسية المختلفة.

سامر قحطان القيسي

الموقع الرسمي للعتبة الحسينية المقدسة

المرفقات