تناول ممثل المرجعية الدينية العليا سماحة الشيخ عبد المهدي الكربلائي خطيب وإمام الجمعة في كربلاء المقدسة في خطبته الثانية من صلاة الجمعة والتي أقيمت في الصحن الحسيني الشريف في 27جمادى الآخرة 1436هـ الموافق 17/4/ 2015م أمرين جاءت كما يلي:
الأمر الأول:
في ظل المستجدات الأخيرة في محافظة الأنبار، ومصفى بيجي، والاختراقات التي حصلت من قبل عصابات (داعش) في المنطقتين، ولأجل إدامة زخم الانتصارات المهمة التي تحققت للقوات العراقية خلال الأشهر الماضية، وعدم إعطاء الفرصة للعصابات الإرهابية لتعيد تنظيم صفوفها ومهاجمة المدن والمناطق المحررة مرة أخرى نجدد التأكيد على ما يلي :
1- إن على الجهات المعنية بوضع الخطط العسكرية لجبهات القتال، وحماية المناطق المعرضة لاعتداءات الإرهابيين أن تهتم بأن تكون خططها شاملة محكمة لا تدع مجالاً لأي ثغرة يمكن أن يستغلها العدو، فيتقدم من خلالها لتسجيل بعض الانتصارات، وإن كانت محدودة ومؤقتة...إن تركيز الاهتمام على بعض المناطق والاسترخاء في مناطق أخرى يستتبع نتائج غير محمودة، كما لوحظ ذلك في ما تعرض له (مصفى بيجي )مؤخراً.2- إن من الضروري – كما قلنا أكثر من مرة- أن يشارك أبناء المناطق التي يسيطر عليها (داعش) في تحريرها وتخليصها من شرور هؤلاء الإرهابيين، وأن يكون لهم الدور الأساس في ذلك؛ لأنهم أولى به من غيرهم ... إلا أنه لا مانع – من حيث المبدأ- أن يشاركهم في هذه المهمة غيرهم من العراقيين ممن لهم القدرة على ذلك، وإن اختلفت عناوينهم وانتماءاتهم، فإنهم أبناء وطن واحد يجمعهم المصير المشترك وعنوان العراق الواحد الذي هو وطنهم جميعاً بالإضافة إلى أن بقاء تلك المناطق تحت سيطرة الإرهابيين يُعرّض المناطق المجاورة لخطر دائم، وكيف يمكن توفير الأمن والاستقرار للعاصمة العزيزة( بغداد) – على سبيل المثال- إذا بقيت أجزاء مهمة من محافظة الأنبار المجاورة تحت سيطرة( الدواعش) ؟مع أن بعض المواقع التي تقع تحت سيطرة (داعش) أو تسعى للسيطرة عليها هي ذات صفة سيادية وطنية كحقول النفط، والمصافي، والمنافذ الحدودية، والقواعد العسكرية، فكيف يمكن إيكال أمر استرجاعها أو حمايتها إلى بعض العراقيين خاصة وهي لا تخصّ أصحاب دين أو مذهب أو قومية منهم بالخصوص.3- إن محاولة البعض في الداخل أو الخارج للتفرقة، والفصل بين المقاتلين من أبناء الشعب الواحد، وإلصاق عناوين طائفية بالبعض ممن يقاتلون إلى جانب القوات العراقية المسلحة، ويشاركهم إخوة لهم من طوائف وديانات أخرى إنما يراد منها إضعاف الجهد القتالي الوطني، والطعن في من استرخصوا الأرواح والدماء في سبيل حماية أرض العراق وشعبه ومقدساته، بالرغم من أنهم ينتمون إلى مناطق مختلفة في لونها المذهبي والديني، ولم يكن هدفهم ذا سمة طائفية أو دينية ؛ بل حماية كل العراق بجميع مكوناته، فالمأمول من القوى السياسية وأصحاب القرار أن لا يأبهوا بهذه المحاولات، وينطلقوا في مواقفهم وقراراتهم من المصلحة العليا للشعب العراقي كل الشعب العراقي، لا أبناء طائفة أو منطقة معينة.4- وأما أنتم يا أبناءنا الأبطال في القوات المسلحة ! وأيها المتطوعون الغيارى! ويا أبناء العشائر الكرام! لقد أثبتم خلال الأشهر الماضية عظيم شجاعتكم وبأسكم وبطولتكم، وأعدتم الثقة بقدرات العراقيين حين تمكّنتم خلال فترة زمنية قياسية من تحرير مدن ومناطق مهمة ك(جرف الصخر، والعظيم، وآمرلي، وجبال حمرين، والدور، والعلم، وتكريت) في وقت كان الكثيرون يعتقدون بصعوبة وطول المدة المطلوبة لتحريرها...وها أنتم اليوم أمام مسؤولية الاستمرار في منازلة الإرهابيين ؛ لتخليص البلد منهم نهائياً، ونحن واثقون بأنكم أهل لتحمل هذه المسؤولية وأن النصر حليفكم وستتحرر بقية مناطق العراق على أيديكم من رجس الدواعش وأتباعهم إن عاجلاً أو آجلاً .5- لقد استبسل الكثير من الضباط والجنود والمتطوعين وأبناء العشائر دفاعاً عن (مصفى بيجي) و(مدينة الرمادي) وأطراف( الدجيل) وسطروا ملاحم الشهادة والتضحية في أروع صورها ولا يسعنا إلا أن نخضع إجلالاً وتقديراً لهؤلاء الأبطال، ونترحم على شهدائهم الكرام وندعو لذويهم بالصبر والسلوان، ولجرحاهم بالشفاء العاجل.ونؤكد مرة أخرى على الجهات المعنية بضرورة الاعتناء بالجرحى خصوصاً أصحاب العوق والإصابات الخطيرة، وتسهيل أمور علاجهم ولاسيما من يحتاج إلى العلاج خارج القطر، وأن يولوا اهتماماً استثنائياً بعوائل الشهداء ويسرعوا في إعطائهم حقوقهم.
الأمر الثاني :
اتخذ (مجلس الوزراء) قراراً برفع أجور الكهرباء، وأعقب ذلك استياء بالغ لدى الكثير من المواطنين، ونقول بهذا الصدد :إنه يفترض بالحكومة أن تعيد النظر في هذا القرار وتعدّله بما يناسب حال الطبقات المتوسطة من المواطنين فضلا ًعن الطبقات الفقيرة فإن الأسعار الجديدة لا تسمح لمعظم العوائل من ذوي الدخل المتوسط والمحدود أن يستفيدوا من الطاقة الكهربائية حتى للاستخدامات شبه الضرورية ولا سيما في أشهر الصيف اللاهبة...إن الأوضاع المالية للبلد، وإن كانت تحتم على الحكومة الاهتمام باستحصال أجور الكهرباء من المستفيدين منها، ولكن عليها أيضاً أن تراعي الوضع المعيشي والنفسي للطبقات المتوسطة والفقيرة، ولاسيما أن الكثير منهم قد بعثوا بأبنائهم، وفلذات أكبادهم إلى جبهات القتال للحفاظ على البلد أمام هجمات الإرهابيين، وقدموا التضحيات الجسام في هذا السبيل، فهل من الإنصاف والمروءة أن يطالبوا في هذه الظروف بمبالغ كبيرة لا قدرة لهم على دفعها إزاء استخدامهم للطاقة الكهربائية، وإن كان لجوانب شبه ضرورية في حياتهم كأجهزة التبريد (المكيفات) في الحر الشديد، فإن استخدامها لم يعد ترفاً في هذا الوقت.ونود أن نشير هنا إلى أن ترشيد استهلاك الكهرباء في الوقت الحاضر أصبح مسؤولية شرعية ووطنية وأخلاقية .فإن الملاحظ أن الكثير من أصحاب المحلات والعمارات والبيوت لا يعيرون هذا الأمر الأهمية التي يستحقها، فيقع الكثير من الإسراف والهدر للطاقة الكهربائية مع أنه لو تم ترشيد استخدامها وصرف ما هو في حد الحاجة اللازمة ؛ لأمكن أن يتخلص العراق من مشكلة نقص التجهيز بالطاقة الكهربائية الكاملة في كثير من المناطق خلال معظم فصول السنة؛ لذلك نهيب بالمواطنين جميعاً ، ومن منطلق المسؤولية الشرعية والوطنية أن يهتموا بترشيد الاستهلاك للكهرباء مهما وسعهم ذلك.
اترك تعليق