105 ــ أحمد السلامي: (1367 ــ 1426 هــ / 1946 ــ 2005 م)

أحمد السلامي: (1367 ــ 1426 هــ / 1946 ــ 2005 م)

قال من قصيدة رباعية بعنوان (هوية الحق) في سيد الشهداء الإمام الحسين (عليه السلام):

أنتَ للإسـلامِ يـنبوعُ عطاءْ    أنتَ صوتُ اللهِ قــربانُ الفداءْ

أنتَ في عينِ المحبِّينَ بكاءْ    في شعورِ الذنبِ دمعاتُ وفاءْ

ونـشيدٌ في شـفاهٍ (كربلاء)    تـربُكَ الطيِّبُ لـلمرضى شفاءْ

وقـبولاً لتـراتـيـلِ الـدعـاءْ    أنـتَ حـبـلٌ لاتصـالٍ بـالـسماءْ (1)

وقال من قصيدة (قمة الرفض) في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام) والتي تبلغ (60) بيتاً:

هيَ أكملتْ نهجَ الحسينِ بـ (كربلا)    إعــــــلامُها من ذي فقارٍ والقلمْ

هيهـــاتَ تُنسى (كربلاءُ) وجرحُها    دمعٌ على الخدينِ بالحزنِ انسجمْ

في كلِّ جــــرحٍ ثـورةٌ يـا (كربلا)    جـــرحُ الـعـقـيـدةِ نازفٌ لنْ يلتئمْ (2)

ومنها:

نسـيَ ابنُ هنــــدٍ أصـلَه وبـأنّـه    أبـنٌ لآكـــــلـةِ الـكـبودِ وكمْ وكمْ

ذبحَ الحسينَ بـ (كربلا)، تباً له    وتخيَّـــــلَ الـسرَّ الدفينَ قـد انكتمْ

ما زالَ شــــمرٌ قاسياً ومشمِّراً    وعلى خيامِ الطفِّ يرمي بالحِممْ

ومنها:

حـاطـوا بِـنـا وحـرابُهم مسمومةٌ    ونـفـاقُهم في الطــــــــــــــائفيةِ ملتحمْ

يا (كربلا) نبقى لظى حربٍ لمنْ    شنَّ الحروبَ على الحسينِ ومن ظلمْ

يا (كـربـلاء) ونـحـنُ سلمٌ لــلذي    قد سالمَ السبــــــــطَ الشهيدَ ومنْ سلمْ

ويقول من قصيدته (بيادر شموس الحسين) التي تبلغ (37) بيتاً:

يا صرخةً بفمِ الدهــــــــورِ تألّقت    فتبرعمتْ فـــي (كربلاءَ) منائرا

صوتُ الهـــدى هذا ألا من ناصرٍ    والنصرُ آتٍ كيفَ تطلبُ ناصرا

أوقدتَ دمعَكَ مُذْ بكيتَ على العدا    نافـــــــــــــورةً وهويةً ومجامرا (3)

ومنها:

دنيا البطولةِ سفرُها فــي (كربلا)    فتجـــاوزتْ كلَّ الحدودِ معابرا

أنا (كربلاء) هويَّـــــتي وأصالتي    شرفي لقبرِكَ أن أكونَ مُجاورا

وهواكَ ملءَ خوافقي صدحتْ به    حـــتى وإن شادوا عليه سواترا

ويختمها بقوله:

ولقد أتيتكَ سيـــــدي بـبـضـاعـتـي    خَـجِــــلاً ومـعـتذراً ولستُ مُغامرا

فالحـرفُ يـكـبــو في قداستِكَ التي    هـــــطلتْ على الدنيا عبيراً ساحرا

لو لم يحاصرُكَ الطغاةُ بـ (كربلا)    ما كان شعبُكَ في العراقِ مُحاصرا

وقال من قصيدة (الإمام المهدي) التي تبلغ (48) بيتاً:

ثاراتُــكم من (كربلا)    ولكمْ بـها كمْ من ذُحَلْ

ذُبحَ الحسينُ وصحبُه    ومصابُهم صعبٌ جللْ

جسمُ الشهيـــدِ بطفِّها    والرأسُ مقطوعاً حُمِلْ (4)

الشاعر

أحمد بن صالح بن مهدي بن طعان بن حسن بن جبار بن خضر بن حسين بن غنيم السلامي، شاعر وكاتب وصحفي، ولد في كربلاء وهو من أسرة كربلائية تعرف بـ (الطعان) نسبة إلى جدهم، أنهى دراسته الإعدادية في كربلاء وعُيِّن موظفاً في النجف ثم انتقل إلى مديرية تربية كربلاء، أسر في الحرب العراقية الإيرانية عام 1981 وعاد إلى وطنه عام 1990  وأحيل على التقاعد عام (1991) (5)

في عام (2005) أعيد للوظيفة مديراً لقسم الملفات في مديرية تربية كربلاء.

عمل في الصحافة نائباً لرئيس تحرير مجلة الفجر وله عدد من المقالات والبحوث، وهو عضو في نقابة الصحفيين العراقيين وعضو في إتحاد الأدباء.

وكان السلامي مواظباً على حضور المجالس الحسينية، وكتب الكثير من القصائد بشقيها ــ الشعبي والفصيح ــ في المناسبات الدينية وتميّز شعره بالروح الولائية الصادقة والعاطفة الخالصة لأهل البيت (عليهم السلام) (6)

وللسلامي عدة مؤلفات في الشعر وغيره ما بين مخطوط ومطبوع منها:

1 ــ ديوان السلاميات الحسينية / تحقيق ديوان الشاعر كاظم السلامي.

2 ــ فنون صناعة الكاشي الكربلائي

3 ــ بساتين كربلاء

4 ــ واقعية الشعر الشعبي

5 ــ من أعلام المنبر الحسيني

6 ــ موسوعة الأبوذيات الحسينية

7 ــ الأبوذية في رحاب الخدمة الحسينية

8 ــ حب الحسين أجنني شعراء كربلاء (7)

توفي بحادث دهس في طريق كربلاء ــ بغداد

قال عنه السيد سلمان هادي آل طعمة: (لوَّنت شعره الروح الدينية والزهد والتمسك بالفضيلة، وفي شعره هذا يعبر عن حقيقة المأساة التي أصابت أهل البيت ويصور آلامهم بقصائد طافحة باللوعة والحسرة ويعطينا فكرة عن صدق محبته ووفائه وعظيم شوقه...) (8)

وكتب عنه الأستاذ طه الربيعي مقالاً قال فيه: (أحمد السلامي (رحمه الله) شاعر وصحفي نقش اسمه في ذاكرة جمهور الشعر الكربلائي، لقصائده حظ وافر من العذوبة والجزالة، يعتمد في شاعريته أسلوب السهل الممتنع، هادئ بطبعه ويرفض بشدة الصخب الذي يحدثه البعض لضمان الظهور المستمر، الصحفي أحمد السلامي له تجربته الصحفية في مجال الصحافة الثقافية الشيء الذي أكسبه ثقافة يفتقدها الكثير من المنتمين لصاحبة الجلالة، فلم يكن رحمه الله يعتبر الصحافة مهنة فقط، بل كانت بالنسبة له بمثابة رسالة وقناعة ذات بعد ثقافي وسياسي واستراتيجي في سياق محاولته المساهمة في الجهود الوطنية الرامية إلى الدفاع عن الوحدة الترابية للعراق والرقي بالديمقراطية والتطور الاجتماعي

الصحفي أحمد السلامي (رحمه الله) من الوجوه المتميزة التي بصمت المشهد الصحفي والأدبي وهو اسم بارز في مجال الصحافة، فقد ساهم الراحل في تطور هذه المهنة، وعمل على تطويرها من خلال المسؤوليات الإدارية التي تسلمها ونجح فيها.

 كان (رحمه الله) شهماً وكريماً ويتمتع بأخلاق رفيعة ولا يتخلى عن أصدقائه في أوقات الشدة، فقد جسد الصداقة بمفهومها النبيل. سيحتفظ التاريخ بدوره الرائد في بناء الصحافة المستقلة في بلادنا ومساهمته عبر منبر الصحافة في نشر قيم الحرية والتسامح والكرامة والوعي وسط المجتمع الكربلائي، وكانت له مساهمات كبيرة في الصحافة الكربلائية، ومسارها المهني مطبوع بالالتزام وبالمسؤولية

كان (رحمه الله) صحافياً مهنياً من الطراز الرفيع، التقيته في بداية تسعينيات القرن المنصرم، وكنت في حينها معجباً بطريقة تفكيره، وثقافته الواسعة وبساطته. من الطريف أنه في كل مرة كان علي كتابة موضوع ما، كان (رحمه الله) يخصص الوقت الكافي ليصححه ويقدم نصائحه خاصة فيما يتعلق باللغة العربية

الصحفي أحمد السلامي (رحمه الله) من الصحفيين الرواد ومن المتألقين في صاحبة الجلالة عرف بقلمه المتميز وعقله المتقد والأفق المهني المتوهج من خلال مقالاته التي نشرها في جريدة كربلاء، كربلاء اليوم، المعرفة، الفجر وغيرها.

كان (رحمه الله) إنساناً لطيفاً بكل المعاني، وسبَّاقاً لدعم كل ما يمكن أن يخدم قضية الإعلام والصحافة ولهذا استحق منا كل هذا الثناء لخصاله المهنية وأخلاقه الرفيعة وكذا لعمقه الثقافي والفني القوي، حيث كان كاتباً وشاعراً. ومن جيل الأعلام الكبار الذي شبّوا على حب العربية، وبلاغتها، وشعرها، وتراثها، وكان للصحافة الأدبية، ولندوات الشعر، والأدب (في كربلاء) أثرهما الكبير في نفسه. امتاز شعره بقوة الخيال ورقة وعذوبة المعنى، وحب الفن والجمال، وخفة الروح، كان يكتب أحياناً مقطوعات قصيرة، وأحياناً أخرى قصائد طويلة، وعلى الرغم من سهولة ألفاظه إلا أنه كان شعراً محملاً بالمعاني الجليلة.

كان (رحمه الله) مثقفاً وشاعراً ومنظراً في ميادين الإبداع، ومشهود له بقوة الإنصات والحوار والتطور في مجال الصحافة، إلى جانب خصاله الإنسانية النبيلة، حيث كان رجلاً متواضعاً وطيباً) (9)

شعره

قال السيد سلمان آل طعمة: (إن الدور الذي لعبه السلامي في الدفاع عن أهل البيت عليهم السلام والذود عنهم في القصائد العديدة التي كتبها وقدرته على التعبير، خليق أن يحمل مؤرخي الأدب ونقاده على العناية به والاهتمام بأشعاره وأخباره) (10)

يقول من قصيدة (عليٌّ بين المنبر والسيف) وتبلغ (40) بيتاً:

أولـيـدُ بـيـتِ اللهِ يا مَـن حـــــبُّه    نـبـعٌ بـروحـي دافـقٌ وسنابلُ

غرسَ النبيُّ به خلاصـــةَ خلقِه    والعدلُ والتوحيدُ فـيه شمائلُ

اللهُ كـرَّمَ وجـهَـه مـــــن فـيضهِ    فهـوَ الكريمُ المتّقيْ والفاضلُ

هو حاملُ الإسلامِ بين ضلوعِه    هوَ أوّلٌ في المستقى والناهلُ

والشمـسُ رُدَّت مرتين له فسلْ    مــــحرابَها وكذاكَ تنبي بابلُ

يا بـعـلَ سيِّدةِ الـنســاءِ وكفؤها    أثمـارُها الحسنانِ نورٌ هاطلُ (11)

وقال من رباعية (هوية الحق) وتبلغ (14) رباعية:

يا شهيداً أنتَ للحـــــــقِّ هوية    في رصيدِ الفكرِ أصبحتَ قضية

بجبينِ المجـــــــــــــــــــدِ نورْ    وعــــــــــــــــــلى مرِّ العصورْ

يا شهيـــــــداً أنتَ للحقِّ هوية

عطشَ الدينُ لزخـاتِ الـوريدْ    فسقـــــاهُ من دمٍ طهرٍ شهيدْ

يا رحيقاً بــــــفمِ الجُرحِ نشيدْ    في شفاهِ العطشِ الآتي بريدْ

أنتَ في ذاكرةِ الـــدهرِ سعيدْ    أنـــتَ للشعرِ عيونٌ ورصيدْ

وضياءٌ لامعٌ يهـــدي الـبـعيدْ    عنفـــوانُ الرفضِ تيَّارٌ عنيدْ

صرخة الحقِّ دمــــاءٌ علوية    مربضُ الثوارِ أرضُ الغاضرية

هيَ شلالٌ يمورْ    وعلى مرِّ العصورْ

يا شهيداً أنتَ للحقِّ هوية

ويقول منها:

من نقـــاطِ البعدِ يأتيكَ الشروعْ    أيُّها الراقدُ في خضرِ الربوعْ

هاكَ قلبي وجـدُ حـبٍّ لـجـزوعْ    يـنـشــدُ الحـزنَ تراتيلَ دموعْ

وحنـيـنٌ لــكَ مـا بـين الضلوعْ    وقـلـــوبٌ والهاتٌ في خشوعْ

وعلـى قـبـــرِكَ زخـمٌ للجموعْ    تقطرُ الـوجدَ بدمعاتِ الشموعْ

هكذا نحيا بروحٍ معنوية    غيرةُ العباسِ فينا حيدرية

نزرعُ الدربَ زهورْ    وعلى مرِّ العصورْ

يا شهيداً أنتَ للحقِّ هوية (12)

ويقول من قصيدته (قمة الرفض) وتبلغ (60) بيتاً:

ما زلتَ عملاقاً بوقــــــــــفتِكَ التي    شمختْ على الأزمـانِ كالجبلِ الأشمْ

ما زلتَ يا بــنَ المرتضى علماً علا    فــــوق السما ناراً تضيءُ على علمْ

ما زالَ صوتُكَ صادحاً ومُــــــدوّياً    مــــــا زالَ يُسمعُ هاتفاً رغمَ الصممْ

ما زالَ سـيـفُـكَ مـن دمٍ يعلو عـلى    هـامِ الــــــــــــطغاةِ لكلِّ طاغيةٍ هزمْ (13)

وقال من قصيدة (بيادر شموس الحسين) وتبلغ (37) بيتاٍ:

خبَّأتَ في العينِ البصيرةِ دمعةً    سكبتْ على ظمأ الحياةِ غدائرا

عطشَ الفراتُ أتاكَ يلهثُ باكياً    فسقـــــــيتَه جوداً فكنتَ كواثرا

والماءُ جاءكَ عند قبرِكَ مُعوِلاً    أوقفته فـــي بابِ صحنِكَ حائرا (14)

....................................................

1 ــ شعراء كربلاء ج 1 ص 83

2 ــ شعراء كربلاء ج 1 ص 87

3 ــ نفس المصدر ص 88

4 ــ نفس المصدر ص 92

5 ــ شعراء كربلاء ج 1 ص 76 / معجم الشعراء الناظمين في الحسين للكرباسي ج 3 ص 122 / معجم المنشدين للكرباسي ج 1 ص 90 ــ 91

6 ــ معجم الشعراء ج 3 ص 124

7 ــ شعراء كربلاء ج 1 ص 94

8 ــ نفس المصدر ص 77

9 ــ صحفيون في ضيافة الرحمن (الحلقة التاسعة عشر) مجلة صدى كربلاء

10 ــ شعراء كربلاء ج 1 ص 94

11 ــ شعراء كربلاء ج 1 ص 77 ــ 79

12 ــ نفس المصدر ص 80 ــ 84

13 ــ نفس المصدر ص 85 ــ 88

14 ــ نفس المصدر 88 ــ 90

المرفقات

: محمد طاهر الصفار