إلى سيد الخلق محمد (صلى الله عليه وآله)
حقلٌ مــديحُكَ والقــــصيدةُ بــذرة *** فانفخ بها تـــــرنيمةً مُخضرَّة
رشّــف قوافيـــها شـفاهَ حـــروفها *** يكفي لتنبتَ من فؤادي قطرَة
أشرقْ بوجْهِك يا نبيَّ الضوءِ كي *** تتفتّحُ الذكرى بروضِكَ زهرَة
وتطيرُ زرقـــاءُ الخــيــالِ بلمـحِها *** للمنتهى لكَ حيث ظلكَ سِدرَة
وتظل تخفقُ إذ جـــناحاها كما *** شطرينِ من صحوٍ يرفُّ وسكرَة
من غُصنِ راويةٍ لغصـــنٍ ترتقي *** شطرٌ يتمـمُ في التوحُّدِ شطرَه
وكأنــــما يُـــوحى إلـــــــيّ ودادهُ *** مذ كنتُ في بــالِ المشيئةِ ذرّة
وعبرتُ قنطرةَ الحياةِ كـعاشقٍ *** من أجلِ من يهوى سيُهدي عمرَه
ما أن تلقاني يـــــــــــؤذنُ والدي *** باسمِ الحبيـــبِ عرفتهُ بالفطرة
ورضعتُ حبك دوّنـــتْ أمي الهيـــــامَ معَ الحليبِ على شغافيَ شفرَة
كانتْ تمشطُ لهـــفتي كضفيــــرةٍ *** تمتدُّ من حلــــــمي لأبعدِ فكرَة
تحكي ورأسي يستريحُ بحجـرِها *** كنجيــــــمةٍ تغفو بحجرِ مجرّة
ويظلّ يعرجُ بي شفيفاً صـــوتُها *** من كوةٍ في الغيبِ أرمحُ مُهرة
عن ملهمٍ رسمَ الطريقَ إلى السمـــــــاءِ معبَّداً لا عثـــرةٌ لا حفـــــرة
عن عبقريٍّ ســـــــــابقٍ لزمانهِ *** مازالَ يبتدعُ النـــفوسَ الـــحرّة
عن سيّدِ الكونينِ عن ياسين والأمـــــلاكِ رهـــنُ إشـــــارةٍ أو نظرة
ما اختارَ مُلكاً دانــــتْ الدنيا لهُ *** من دونِ تـاجٍ كانَ يحكمُ عصرَه
ما اختارَ عرشاً عرشهُ فوق القلــــــوبِ وصولجانُ العشقِ يُنفذُ أمره
ما غرّهُ ذهبٌ تهـــــافتَ مُغرياً *** بل كان يـــأبى أن يغــــادرَ فقرَه
عافَ الموائدَ كمْ تصدَّقَ بالرغيــــفِ وكان يقنـــعُ كالجيــــاعِ بتمرة
فاقَ الأساطيرَ القديمــةِ روعةً *** هو ناصعٌ وشخــــــوصُها مغبرّة
لكن وغامتْ بالشجونِ عيونُها *** أمي وهبّتْ من شفــــــاهي زفرة
العاكفونَ على هوى أوثــانِهم *** تحدو بهم أكـــذوبةٌ مجــــــــــترّة
التائهون على الدروبِ تفرَّقوا *** كلُّ الدروبِ لغيـــرِ وجهِكَ حيرَة
من أمةٍ بالنكث تنقضُ غزلها *** وعلى تمزّقِ مـــا تخيـــطُ مصرّة
من حاكمٍ بالظلمِ سوّرَ قصرَهُ *** من مؤمنٍ بالسيـــف يكتــــمُ كفرَه
والحيُّ كالأمواتِ ينقشُ شاهداً *** قد مـــاتَ مظلــوماً ويحفرُ قبرَه
إلا الذي مازال يرقى مُمسكاً *** بالعروةِ الوثقى بحبـــــــلِ العترة
يمضي على أثرِ السطوعِ فراشةً *** بين التحــــرّقِ والتبلجِ شعرَة
سبحانهُ الربّ الذي ابتكرَ السنا *** في مهجةِ الهـادي وأودعَ سرّه
ايمان دعبل
الموقع الرسمي للعتبة الحسينية المقدسة
اترك تعليق