الباخرزي (توفي 467 هـ / 1075م)
قال من قصيدة في رثاء أهل البيت (عليهم السلام)
وقتالُ سبطِ الهـــاشميِّ وقاحةٌ لم تندَ قــــــــــــطّ صفاتُها بحياءِ
أرداهُ مصرعُ (كربلا) فكأنّها مــــــــشـــتقّة من كــــربةٍ وبلاءِ
لا عشتُ إنْ لم أرثِهِ بقصـائدٍ يطوي الرواةُ بهنَّ ذكرَ (الطائي) (1)
الشاعر
أبو الحسن علي بن الحسن بن علي بن أبي الطيب الباخرزي السنخي (2)، وكُني أيضاً بـ (أبي القاسم)، كاتب وشاعر وأديب وفقيه ومحدّث، ولد في ناحية باخرز بنيسابور وجاءت نسبته منها، تلقى تعليمه على يد أبي محمد الجويني، (3) وسمع من أبي عثمان الصابوني، وأبي الفضل عبيد الله بن أحمد المكيالي، وأبي عبيد الله المزكي، ثم هاجر إلى بغداد، وبقي متنقلاً بينها وبين البصرة وبلاد فارس (4)
وكان بين الباخرزيّ وبين أبي نصر محمّد بن منصور الكندريّ معرفة وزمالة في تلقّي العلم في نيسابور وقد اتّفق للباخرزيّ أن هجا الكندريّ فلمّا وزر الكندريّ للسلطان طغرل بك السّلجوقي (447 ه ــ 1055 م) استدعى الباخرزيّ إلى بغداد وجعله يختلف إلى ديوان الرسائل. ثمّ تقلب الباخرزي في عدد من مناصب الدولة. ومدح الخليفة القائم بأمر اللّه (422-467 ه) . وعاش حينا في البصرة. وأخيرا عاد الباخرزي إلى باخرز حيث قتل وذهب دمه هدرا (5)
وهو صاحب كتاب (دمية القصر وعصرة أهل العصر) وكتبه تذييلاً لكتاب (يتيمة الدهر في محاسن أهل العصر) للثعالبي، وقد جمع الباخرزي في دميته تراجم أكثر من خمسمائة وثلاثين شاعراً من شعراء زمانه مع سيرهم وأحوالهم (6) وقد طبع عدة طبعات محققة.
ورُوي أنه (لما جاء إلى بغداد وأنشد شعره استهجن البغداديون شعره، وقالوا: فيه برودة العجم، ثم انتقل إلى الكرخ وسكنها، وخالط فضلائها وسوقتها مدة، وتخلق بأخلاقهم، واقتبس من اصطلاحاتهم، ثم أنشأ شعراً فاستحسنوا، وقالوا: تغير شعره ورق طبعه) (7)
وللباخرزي ديوان كبير احتوى على شتى أعراض الشعر، وهو مخطوط في مكتبة المستنصرية ببغداد بالرقم (1304). (8)
قال عنه العماد: (الرئيس الأديب، علي بن الحسن بن أبي الطيب، مؤلف كتاب: دمية القصر، كان رأسا في الكتابة، والإنشاء، والشعر، والفضل، والحائز القصب في نظمه ونثره، وكان في شبابه مشتغلا بالفقه على مذهب الإمام الشافعي، واختصّ بملازمة درس أبي محمد الجويني، ثم شرع في فنّ الكتابة، واختلف إلى ديوان الرسائل، فارتفعت به الأحوال وانخفضت، ورأى من الدهر العجائب سفراً وحضراً، وغلب أدبه على فقهه، فاشتهر بالأدب وعمل الشعر، وسمع الحديث، وصنّف كتاب «دمية القصر وعصرة أهل العصر» وهو ذيل «يتيمة الدّهر» للثعالبي، وجمع فيها خلقا كثيراً) (9).
وقال فيه أيضاً: (كان واحد دهره في فنه وساحر زمانه في قريحته وذهنه صاحب الشعر البديع والمعنى الرفيع وأثنى عليه قال ولقد رأيت أبناء العصر بأصفهان مشغوفين بشعره متيّمين بسحره وورد إلى بغداد مع الوزير الكندري وأقام بالبصرة برهة ثم شرع في الكتابة معه مدة واختلف إلى ديوان الرسائل وتنقلت به الأحوال في المراتب والمنازل وله ديوان كبير) (10)
وقال عنه ابن الدمياطي: (كان من أفراد عصره في الأدب والبلاغة وحسن النظم والنثر) (11)
وقال الذهبي: (برع في الانشاء والآداب، وسافر الكثير) (12)
وقال عنه ابن خلكان: (كان أوحد عصره في فضله وذهنه، والسابق إلى حيازة القصب في نظمه ونثره. كان في شبابه مشتغلاً بالفقه على مذهب الإمام الشافعي، رضي الله عنه، واختص بملازمة درس الشيخ أبي محمد الجويني والد إمام الحرمين، ثم شرع في فن الكتابة، واختلف إلى ديوان الرسائل، وارتفعت به الأحوال وانخفضت، ورأى من الدهر العجائب سفراً وحضراً، وغلب أدبه على فقهه، فاشتهر بالأدب وعمل الشعر، وسمع الحديث، وصنف كتاب " دمية القصر وعصرة أهل العصر وهو ذيل يتيمة الدهر التي للثعالبي، وجمع فيها خلقاً كثيراً) (13).
اتصل الباخرزي بمحمد بن منصور الكندري وزير السلطان طغرل السلجوقي وحظي لديه، وتولى له ديوان الرسائل، وعاصر القائم بأمر الله العباسي ومدحه، وبعد مدة رجع إلى بلده فقتله رجل تركي بالسيف بباخرز ـ من أعمال نيسابور وذهب دمه هدراً (14)
شعره
قال الذهبي: (وللباخرزي ديوان كبير، ونظمه رائق) (15)
أمّا شعره فيما يخصّ الموضوع فهو القصيدة الهمزية التي قدمنا مقطعاً منها، وفيها يقول:
صنوُ الرسولِ وزوجُ فاطــمة التي مُلئتْ ملاءتــها من العلـــــياءِ
وأبو الذينَ تجــــرَّدوا مــا بين مسـ ـمومٍ ومذبوحٍ عن الحــــوبـاءِ
وأراكَ تنقصُ يــا يزيـــدَ، إذا علتْ يـومَ القيــامةِ رنّةُ الزهـــــراءِ
تغشى التظـلّمَ مِنْ مُريـــقِ دمِ ابنِها سحَّابةٌ للخرقـــــةِ الحـــــمراءِ
ما بـــــالُ أولادِ النبـــــــيِّ تركتهمْ نهباً لقتلٍ شــائعٍ وسِبـــــــــــاءِ
لو كنتَ ترعى جانبَ الأبِ لم تكنْ لتضيَّعَ الحُرماتِ فــــي الأبناءِ
ظمئوا وما أوردتهمْ، ودمــــــاؤهمْ عمّتْ ظماءَ الســــمرِ بالإرواءِ
وأخسَّ من سؤرِ الإناءِ عصـــــابةٌ حجروا على الظمآنِ سؤرَ إناءِ
بمجنّحاتٍ شُرّدٍ يـــــــــســـلكنَ من لهواتِــــــهمْ طرقـــاً إلى الاقفاءِ
واللهُ أملاهمْ ليـــــــــــــــزدادوا به إثماً فقلْ في حكــــمــــةِ الإملاءِ
خجلاً لهم من قومِ صـــــالحٍ الألى لم يفتكـــوا إلّا بـــــــذاتِ رغاءِ
فتعاودتها رجفةٌ جثمـــــــــــتْ بها فكأنّها لم تغــنِ في الأحـــــــياءِ
وأرى المسيحيينَ بعدَ مسيــــــحِهم مـا قصَّـــــروا في طاعةٍ ووفاءِ
ظفروا بأرضِ حمارِهِ فاستبــشروا فكـــــــــأنهمْ ظفروا بنجمِ سماءِ
وقتالُ سبطِ الهــــــــــاشميِّ وقاحةٌ لم تنـــــــــــدَ قط صفاتُها بحياءِ
أرداهُ مصرعُ (كربلا) فكــأنّـــــها مشــــــــــتقّة من كــــربةٍ وبلاءِ
لا عشتُ إنْ لم أرثِهِ بقصــــــــائدٍ يطوي الرواةُ بهنَّ ذكرَ (الطائي)
.....................................................
1 ــ أدب الطّف ج 3 ص 278 / ديوان القرن الخامس ص 31 / الرائق للسيد أحمد العطار ج 2 ص 141
2 ــ معجم الأدباء للحموي ج 4 ص 17 ــ 26
3 ــ سير أعلام النبلاء ج 18 ص 363
4 ــ ذيل تاريخ بغداد لابن النجار البغدادي ج ٣ ص ١٩٢
5 ــ عمر فرّوخ / تأريخ الأدب العربي ج 3 ص 170 ــ 174
6 ــ الأستاذة الزهرة بو طالبي، الدكتور أحمد حاجي / الاهداء في دمية القصر وعصرة أهل العصر للباخرزي ــ مجلة إشكالات في اللغة والأدب مجلد 9 العدد 5 لسنة 2020 بتاريخ 25 / 12 / 2020 ص 805
7 ــ معجم الأدباء لياقوت الحموي ج 4 ص 17 / ذيل تاريخ بغداد لابن النجار رقم الحديث 617
8 ــ موقع روضة الكتب ــ دواوين الشعر العربي على مر العصور ج 1 ص 67 بتاريخ 18 / 10 / 2019
9 ــ شذرات الذهب في أخبار من ذهب ج 5 ص 288
10 ــ معجم الأدباء للحموي ج ١٣ ص ٣٣ عن خريدة القصر للعماد
11 ــ المستفاد من ذيل تاريخ بغداد ص ١٤١
12 ــ سير أعلام النبلاء ج 18 ص 363
13 ــ وفيات الأعيان ج 3 ص 387
14 ــ حلية الصفات في الأسماء والصناعات لابن تغري بردي ص 111
15 ــ سير أعلام النبلاء ج 18 ص 364
ترجم له وكتب عنه:
السبكي / طبقات الشافعية ج ٣ ص ٢٩٨
الخطيب البغدادي / تاريخ بغداد ج 18 ص 195
ابن خلكان / وفيات الاعيان ج 3 ص 388
إبراهيم بن محمد بن الأزهر الصريفيني / المنتخب من السياق لتاريخ نيسابور للفارسي ص 47
السمعاني / الأنساب ج 2 ص 21
ياقوت الحموي / معجم البلدان ج 1 ص 316
الوافي بالوفيات ج 12 ص 26
اليافعي / مرآة الجنان ج 3 ص 95
الأسنوي / طبقات الشافعية ج 1 ص 234 ــ 236
ابن تغري بردي / النجوم الزاهرة ج 5 ص 99
ابن كثير / البداية والنهاية ج 12 ص 126
ابن الأثير / اللباب في تهذيب الأنساب ج 1 ص 104
ابن الأثير / الكامل في التاريخ ج 10 ص 32
الذهبي / تاريخ الإسلام ج 31 ص 461 ــ 480
حاجي خليفة / كشف الظنون ص 761 - 778
بروكلمان / تاريخ الادب العربي لبروكلمان ج 5 ص 26 ــ 27
بهاء الدين الإربلي / رسالة الطيف ص 68
بهاء الدين الإربلي / التذكرة الفخرية ص 227
الدكتور علي جواد الطاهر / الشعر العربي في العراق وبلاد العجم ج 1 ص 152
عباس القمي / الكنى والألقاب ج 2 ص 55
السيد جواد شبر / أدب الطف ج 3 ص 277 ــ 280
القلقشندي / صبح الأعشى ج 4 ص 389
خير الدين الزركلي / الأعلام ج 4 ص 272 ــ 273
عمر رضا كحالة / معجم المؤلفين ج 7 ص 65
صديق حسن خان / أبجد العلوم ص 524
القزويني / آثار البلاد وأخبار العباد ص 447
صدر الدين الحسيني / زبدة التواريخ أخبار الأمراء والملوك السلجوقية للحسيني ص 68 ــ 70
الصفدي / الوافي بالوفيات ج 12 ص 26
السيد جواد شبر / أدب الطف ج 3 ص 279
محمد صادق الكرباسي / دائرة المعارف الحسينية / شعراء القرن الخامس ص 31
الدكتور محمد التونجي ــ علي بن الحسن الباخرزي، حياته وشعره وديوانه
وليد عويد حسين ــ الثنائيات الضديّة في شعر الباخرزي: دراسة تحليلية
كما حقق كتابه دمية القصر وقدم له ترجمة عن حياة المؤلف: محمد راغب الطباخ، وعبد الفتاح الحلو، والدكتور سامي مكي العاني، والدكتور محمد التونجي.
اترك تعليق