28 ــ أسرار العكراوي (ولدت 1404 هـ / 1984 م)

أسرار العكراوي (ولدت 1404 هـ / 1984 م)

قالت من قصيدة (القمر المقدس) وهي إلى أبي الفضل العباس (عليه السلام) والتي تبلغ (31) بيتاً:

قمرُ العـشيرةِ ليسَ يحملُ نورَها     حتى لأشـرعةِ الظلامِ يُحطّمُ

حتى يدورَ و(كربلاءُ) تدورُ في     يدِهِ رحــى حتى تغصَّ جهَّنمُ

حـــــــــتى يُسلّمَ للسحابِ شمالَه     ويــنيخُ لـلأرضِينَ منها تنعمُ (1)

وقالت من قصيدة (وقفة على المجد):

تظلُّ تشرحُ للدنيـــــــــــــا عباءتَها     وكــبرياءً بهِ يُستلهمُ الشرفُ

شرارةٌ (كربلائـ) ـي رحتُ أوقدُها     بـــها حبائلُ أهلِ الغيمِ تلتقفُ

سارَ الزمانُ وطفِّي مــــــــاثلٌ ألقاً     عليهِ خارطةُ التاريخِ تنعطفُ

وقالت من قصيدة (الهجير) وهي في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام):

هي ساعةٌ ويحسُّ عينيهِ الوليد

عينا أبيهِ السبطِ ملأى بالشجون

دارتْ عليها (كربلاء)

فكلُّ ما في الأرضِ جور

وكلُّ ما في الأرضِ زورٌ وادِّعاء

يا سيّدي ... أنزلْ عن المهدِ الرضيع

فالحربُ مازالتْ تدور

والحربُ تقبلُ بالفداء

أنزلْ عن المهدِ الرضيعِ وقل لهُ:

اركضْ برجلكَ (كربلاء)

سينزُّ زمزمُ من دموع

اركضْ برجلك (كربلاء)

اركضْ ... فلست سوى الذبيح

بين شوق زينب والفرات

الشاعرة

الدكتورة أسراء بنت محمد رضا بن صلال العكراوي، ولدت في النجف الأشرف، ونشأت على الولاء الخالص والعقيدة الصافية لأهل البيت (عليهم السلام) ونهلت من منهل العلم والأدب فيها، ونبغت في الشعر الولائي وخاصة في مراثي سيد الشهداء (عليه السلام) واحتلت مكانة متميزة في بيئة تعج بالشعراء والأدباء، فعكست هذا الحسّ الديني المخلص على شعرها وكتاباتها فتنفّس بها وتنفّست به فخرجت ممهورة بطابع الحب الخالص والولاء المحض للنبي (صلى الله عليه وآله) والأئمة الأطهار (عليهم السلام).

حصلت العكراوي على العديد من الشهادات العلمية منها:

شهادة البكالوريوس في اللغة العربية وآدابها من كلية الآداب / جامعة الكوفة عام 2007

شهادة الماجستير في الأدب العربي من جامعة الكوفة / كلية الآداب عام 2010

شهادة الدكتوراه من جامعة الكوفة / كلية الآداب عام 2017، عن أطروحتها الموسومة (شعر شوقي بزيع ــ حتى عام (2003) دراسة أسلوبية

وقد صدرت رسالتها للماجستير (مطبوعة) ضمن منشورات العتبة العلوية المقدسة عام 2012

وصدرت لها مجموعة شعرية بعنوان (يحق لي) عن دار فضاءات للنشر والتوزيع / عمّان ، عام 2013

وهي:

عضو الاتحاد العام للأدباء والكتاب العراقيين.

وشاركت في العديد من المهرجانات والفعاليات والمسابقات الادبية وحصلت على جوائز وشهادات تقديرية.

كما عملت في تحرير الأخبار والصفحات الثقافية وإعداد البرامج الإذاعية ومصححة لغوية في أكثر من موقع وقوَّمت العديد من البحوث والرسائل والأطاريح العلمية لغوياً

شِعرها

قالت في قصيدة (إلى مدينة الكرار):

أيا دارة الألقِ الـــــــــــــــعلوي     وجمجمةُ العزِّ والمـــــــكرماتْ

تقلّدتِ أمجادَ من قــــــد مــضى     فدونكِ أمجــــــــادُ مــا هـو آتْ

ألا يا غريٌّ عـــــــليـكَ الــسلام     لأنكَ أنــــــــتَ صـنعـتَ الحياةْ

ففيكَ شعاعاتُ بــــــابِ العــلوم     وبــــــابُ العلـومِ طريـقُ النجاةْ

ويا كوفة المـجدِ حـزتِ الـفـخار     فبوركتِ في الـدرسِ والحلقاتْ

فمذْ مسَّ تربَكِ نعلا عــــــــــليِّ      استحالتْ حصاكِ إلـى لؤلـؤاتْ

أيا درَّةً في أقاصـــــــي السـماء     هبطتِ فزيَّنتِ عنــــــــقَ الفلاةْ

أيا نفحةً من عبيرِ الإمــــــــــامِ     عبقتِ فبوركتِ فـي النــــسماتْ

ويا زهرةً من جنـــــــانِ النـعيمِ     تقدَّسَ عطــــــــرُكِ دون النباتْ

سلاماً على كعبةِ المتقــــــــــين     علـــــــوماً وفقـهاً وعيشَ الأباة

سلاماً على كل شــــــيخٍ طهورٍ     سلاماً على الســـورِ والذكواتْ

سلاماً على بــابِ علمِ الـرسولِ     تدرَّسُ أفكـــــــــــارُه الجامعاتْ

على كل بيتٍ بحبِّ عــــــــــليٍّ     علا والهــــــــوى خالط اللبناتْ

أيا نجف العلمِ والـــــــــــطيبين     ومِن طيبِ أهلكِ يجري الفراتْ

أنيري طريقَ السرى بــالضياء     أفيقي فقد طالَ عهدُ الــــــسباتْ

لأنكِ أنــــــــــتِ جنــاحُ العراق     فحلّقَ يعلو على الــــــــذارياتْ

غــــــرِيٌّ رأيتُكَ وجـهَ الوصي     على شفتيــــــــــــهِ حديثُ التقاة

رأيتكَ صبحاً بهيَّ الــــــــجبين     بكــــــــــفِّ عليٍّ مخيفِ الطغاةْ

رأيتُ الحماماتِ حولَ الضريحِ     ملائـــــــــــــكة تنشرُ بالبركاتْ

غـــــــــــريٌّ أيا رايةَ المؤمنين     بلغـــــتَ الذرى بدمِ التضحياتْ

بنوكَ المســــــــاميحُ عند اللقاء     فنعمَ البنـــــــــــونِ ونعمَ البناتْ

غريٌّ بسحـــــــــرِكَ إني أذوبْ     فعذراً إذا ضــــــــاقتِ الكلماتْ

وعذراً إذا شحَّ نــــظمُ القريض     ففيكَ الـقــــــوافي بدتْ حائراتْ

تــــــــــشرَّبتُ حبَّكَ منذ صباي     فــــــتاريخُ حبِّي من المعجزاتْ

وقالت في قصيدتها (وعد السماء) وهي إلى سيد الأنبياء محمد (صلى الله عليه وآله):

وإذْ اجْتبَاكَ وكلّمَكْ ..

فتساقطَ الوعدُ البهيُّ

على الجِنانِ

لِيَلثِمَكْ

وتفتَّحَ المعنى الكبيرُ

على الضميرِ

فضاقَ أنْ يحويكَ

أو.. يَتَفَهَّمَكْ

يا أنبياءَ اللهِ في رجلٍ

يُحارُ العالمُ المُمتدّ

أن يتعلّمكْ

محمدُ العظيم

أيُّها الذي..

على عيونِكَ المدى

وفي تقاطيعِ جبينِ الصدقِ

بحرُ كبرياءْ

يا أيُّها النقاء

مالي إذا ناجيتُ

حبَّكَ العظيم

سادنيَ الوجوم؟

وأحدقتْ في ناظري

زمازمُ الدموع ..!

مالي إذا ما انطفأتْ

في وقدتي الشموع

زلزلني ترقّبُ الثواني

كأنني أسكنُ

غارَ ثور ..

ووقعُ أقدامِ الطغاةِ

تسحقُ الزهور

يا أيُّها المبعوثُ بالرحمةِ

أنقِذْ الزهور

وتقول في قصيدة (على أعتابِ حيدرةٍ):

بسمِ الهدى سارتْ تُفتِّشُ عن هدى     وعـــــــيونُها أمـــلٌ يُبلّلهُ النّـدَى

سارتْ وفي جنبـــــــاتِها ألمُ المُخا     ضِ وفي حنـــاياها تراتيلُ الـنِّدَا

سارتْ بحضنِ اللهِ يلـــــهجُ بالدعا     منها الفــــــــؤادُ يَدقّ باباً أوحدَا

ربَّاهُ يا ربَّ الخليلِ وحـلــــــــــمَه     أترى تضيِّع من لركنـكَ قد حدَا

فحنَى عليها البيـــــــتُ من أركانه     وأزاحَ أضلاعاً ومَــــــدَّ لها يدَا

هيا اقبلي يا أمَّ أشـــرفِ من مشى     خلفَ النبيِّ ومن هدايتهِ اهـتدى

هذي الجنانُ وحــــورُها لكَ ذُلّلتْ     خدماً وطيرُ السعدِ فيها غَــــرَّدَا

ويلفُّها البيتُ العتيقُ بحـــــــــضنِهِ     أمـــــــــــناً ثلاثاً كي تلدْهُ لتولَدَا

هذا عليٌّ ما دريتـــــــــــمْ ما عليْ     إذ جاء في البيتِ العتيقِ ليَسجُدَا

فأتتْ به والقومُ رهنَ ذهـــــــولِهمْ     شــمسٌ أتتْ عندَ الظهيرةِ فرقدا

................................................

مغلولةُ الشفتيـــــــــــنِ إذ أقفُ     وقصيدتي والشعرُ يرتجفُ

وسماكَ غيــــرُ سـماكَ يا أبتي     ورُبَـاكَ تُخرسُني واعترفُ

أضلـــــــــلتُ دربـي قيدَ أنملةٍ     أضللتُ أمْ قد ضَلّني الهدفُ

أرسوتُ أمْ أبحرتُ في لججي     فأنا ونـــــــفسي بُتُّ أختلفُ

وغريبةٌ بجوارِ أسئــــــــــــلةٍ     متزاحماتِ غـــــــريبةٌ أقفُ

مشدودةُ الأعصابِ تجرفني المدينة

مـــشدودةُ الـغدِ والعروقِ وكلُّ أمسي داخلي عُقَدٌ دفينة

مشدودةُ اللاشيءَ واللاشيءَ من حولي مسافاتٌ هجينة

وحــــــــــــدي ويرقبني المدَى المفتوحُ تشربُه السفينة

وحدي وأشباحُ المُنى صـــفُّ     وحدي ويـــــــحتزُّ المدى حتفُ

وحدي وأنتَ الـكونُ أجـــمعُه     حولي كسورِ الــــــــــحُبِّ تلتَفُّ

أعــــــــليُّ والدنـيـــا مُطأطِئةً     رأسُ الــــــــرَّجا وأمامَها خلفُ

ويداكَ مــلءَ مـــــدامعي أملٌ     تــــــجري الطفولةُ فيه واللطفُ

وأنا المتــاحةُ لـلأســى قـــلماً     وعلى خطوطِ يدي مشى النزفُ

امتدُّ يا شُبــــــاكَ أحــــــجيتي     امتَدُّ هَزَّ أصابـــــــــــعي خوفُ

امتدُّ .. قلبي باعــــــثاً شَـفتي     عصفورةً ليديكَ كـي تــــــــــغفو

عصفورةٌ والأرضُ تُــبدعُـها     وإلى فضـــــــــــــاءِ أمانِكم تهفو 

وتقول في قصيدتها (وقفة على المجد) وهي في سيد الشهداء الإمام الحسين (عليه السلام):

دمٌ وصـــــــــــــــــوتٌ بيا الله يرتجفُ     فــــي مـذبحِ الحبِّ إني سيّدي أقــفُ

هذي ذراعايَ.. صدري حاملاً وجعي     إليك كـيما ترى كمْ مسَّني الشــغفُ؟

تدورُ حولي سيوفُ الــــــبغي مشرعةً     كالنــخلِ يحنو على أعذاقِهِ الســعفُ

وجاورتني عيونُ الماءِ في عــــــطشٍ     أبَيــــــــــتُ إلا نـدى لقياكَ أرتــشفُ

لكَ انتبـــــــــــــــذتُ قصيِّاً لا أنيسَ بهِ     حـتى بأنسِـــــــكَ يا مولايَ ألــتحفُ

إنـــــــــــــــــــي تركتُ بُنيَّاتي تؤبِّنُني     حـــــيَّاً وفي دمعهنَّ الروحُ تــنذرفُ

خلفتهنَّ كإبراهــــــــــــــــــــيمَ في بلدٍ     لا حــصنَ فيهِ ولكنْ وجــهَكَ الخلفُ

وجئتُ نفسيَ يا مولايَ أضـحـــــــــيةً     إن كان يرضيكَ هذا الـرأسُ يُقتطفُ

فخُذْ حـــــــــــبيبي لعلَّ البغـيَ مُغتسِلٌ     بفيضِ نحري وجونُ الظلمِ ينصرفُ

لعلَّ من نومِها الــــــــــــدنيا تفزُّ على     صـــــراخِ أطفاليَ الظمأى فتنتصفُ

لعلَّ قابيلَ ينجو من خطــــــــــــــيئتِهِ     فـيستحيــــــــــــــــلُ ملاكاً كلّه أسفُ

ويستحي الراكعونَ الدهرَ مِــن جلدي     فيــــــــــــؤمنونَ بنيلِ العزِّ إن وقفُوا

ويشربُ الظامئون الحبَّ أغنيـــــــتي     ومـــــــــــــــن نجيعِ ترانيمٍ ليغترفُوا

أنا الحسينُ وهذي زينبٌ شــــــــــفَتي     تظـــــــــلُّ تنطقُ وحياً كلّما عصفُوا

تظلُّ تشرحُ للدنيا عـــــــــــــــــباءتَها     وكبريــــــــــــــاءً بهِ يُستلهمُ الشرفُ

شرارةٌ كربلائي رحــــــتُ أوقــــدُها     بها حبـــــــــــــــائلُ أهلِ الغيمِ تلتقفُ

سارَ الزمانُ وطـــــــــــفِّي ماثلٌ ألقاً     عــــــــــــليهِ خارطةُ التاريخِ تنعطفُ

وتقول في قصيدتها (أنفاس الوحي) وهي في سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء (عليها السلام)

أفُقٌ أبيضُ رقراقٌ كأنفاسِ ابتسامة

ويدٌ تحملُ مصباحَ كرامة

وجبينٌ يرتقي فيه ابتهالُ العاشقين ..

وظلامة..

نطقتْ.. فانبجسَ الحقُ عيوناً ألقيّة

واستطالتْ عن هدىً يرسمُ للدنيا الجمال

فأشارتْ وهْي في المهدِ صبية

غضَّة العودِ يقويها اليقين

ابنةٌ ...

لا،

هيَ أمُّ المرسلين

تعِبَ الصبرُ على أعتابِها حتى انكسر

كيتيمٍ مضغَ الجوعُ قواهُ فانهمر

صاحَ من ينبتُ لي ريشَ جناحي ذا الكسير

ورفاقي.. بين مسكينٍ .. يتيمٍ .. وأسير

من يدليني مع الفاقةِ والحرمانِ كالنسرِ أطير

فتفرَّعتِ نداءً للوجود

إن عشقَ الله مفتوحُ الفضاءِ فتعلّم

لذّةَ التوحيدِ من قرصِ الشعير

إنّا نُفتّشُ عن فضاءٍ حالمٍ يعني الوطنْ

وطنٌ يمجّدُ لهوَنا بين الحقولْ

ويقدّسُ البسطاءَ لا الزعماءَ تقديسَ الرسولْ

فاطمٌ والطهرُ قنديلُ طريق

ترسمُ العفّة تاجاً من نقاءِ

تلهمُ الوردَ تراتيلَ الإباء

تفتحُ الشمسَ على كهفِ العقولِ الجاهلية

تغرسُ الجرأةَ في صوت الفداءاتِ التقية

تعلنُ الحربَ على كلِّ الرياء

كي يكون الحبُ في أعماقِنا

لبَّ القضية

آمنتُ بالشفقِ الخجولِ     ما بيــــنَ وجهِكِ والنحولِ

آمنتُ فــــــيكِ شرارةً     مــــــن عالمِ العدلِ الجميلِ

تتطاولين كــــــــثورةٍ     تأبى التهاونَ في الوصولِ

وتقول في قصيدتها (معراج الوجع) وهي في سيد الشهداء الإمام الحسين (عليه السلام):

إليكَ تمــــــــــــــوجُ أضلعُنا.. تُمدُّ     وفيكَ تهيـــــــمُ أفـــــــــئدةٌ وتشدو

وفيكَ مصائـبي ودموعُ عيـــــــني     وآلامـــــــــــــــي وحزني لا يُحدُّ

أيا عشقاً ذوتْ قطراتُ نفـــــــسي     عـــــليه وجــفَّ في الوجدانِ وردُ

أيا نزفاً سرى في النـــــــاسِ طرّاً     فأعلن ذاك حــرٌ ذاك عــــــــــــبدُ

أتقبلني وكلّــــــــــــي سيئـــــــاتي     أتقبــــــلُ خافـقي بــــــهواكَ يشدو

أتقبل زينبُ الكـــــــبـــرى عزائي     وثقلُ إســـــــــــــــاءتي بي تَستبدُّ

مجرَّدةٌ أتـــــــيتُ وليـــــس عندي     سوى دمـــــــعٍ تقاطــرَ فهوَ حشدُ

مجرّدةٌ خـــــــلاني كـلُّ شــــــيءٍ     عـــــــلى حـدي النياقِ أتيتُ أحدو

أقلِّبُ بالضياعِ رمـالَ خـــــــطوي     ألملمُ وحـــــــدتي فيفورُ وجــــــدُ

ألملمني ألملمُ كبــــــــــــــــــريائي     أرى نفسي بأشرعـــــــــــتي تهدُّ

أصيحُ على السرابِ أطيـحُ، عيني     بها بحــــــــــــــــرٌ ودوماً مستعدُّ

أذود حمائمي وفــــــراشَ شعري     عــــــــن الجمرِ الذي لصدايَ وقدُ

وأمسحُ جبهتي بغبارِ حُـــــــــزني     وخلفَ الركبِ عمراً صرتُ أعدو

أتمسحُ دمـــــعتي؟.. وتضمُّ رأسي     إلـــــــــــى صدرٍ له اللاشيء حدُّ

حسينُ السِّبط إنّ الحــــــــزنَ بابٌ     برزئكَ صـــــــــــــارَ باباً لا يُسدُّ

أراكَ الحزنَ في الأشياءِ طــــــرَّاً     أراكَ الآهُ فــــــــــــــيما ليسَ يبدو

أرى وجعاً على الآفاقِ يـــــسري     هشيمَ الضلعِ.. آهــــــــــكَ لا تُشدُّ

فلا تعجبْ إذا ســــــــــــلنا دموعاً     إليـــــــــكَ فكلُّ وجهِ الأرضِ خدُّ

خُذِ النّجوى.. خُذِ الكلمـــاتِ تبكي     خُذِ الأصــــــــــــواتَ تعلو أو تقدُّ

فأنتَ السِّبطُ يخشعُ كلُّ شــــــــيءٍ     لخنـــــــــــــــصرِكَ الذي للقيدِ ندُّ

أتــــــــــــينا تركضُ العبراتُ فينا     كــــــــــدمعِ طفولةٍ الأيتامِ ..يعدو

أتينا جرحــــــــــكَ الدامي جراحاً     نفتِّشُ عنــــــــــــــكَ فيكَ فلا نردُّ

فنبحرُ فيكَ أشرعــــــــــةً حيارى     ندورُ ندوخُ حيثُ لـــــــــقاكَ سعدُ

ونلقى وجهَكَ الدامي عبـــــــــيراً     يرفرفُ حيثُ غيمُ الكــــــونِ مهدُ

أيا برَّ الأمــــــانِ ..أتيتُ ..رعبي     يكهربُ خـــــــافقي فالنبضُ رعدُ

أتيتُكَ ركبَ نــــــــــوحٍ لا تدعني     وطوفانُ احتراقــــــــــــي بي يهدُّ

وتقول في قصيدتها (هاجسٌ في زحمة الانتظار) وهي في أبي الفضل العباس (عليه السلام)

خاطرٌ في مدى المســــافاتِ طفلُ     هاجسُ الوعدِ في خـلاياهُ كــــــــــهلُ

خاطرٌ ظلَّ في الطــــريقِ انتظاراً     يذرعُ الصبــــرَ والــــــــــــمنايا تهلُّ

حُمرةُ الأفقِ في الوجــوهِ اصفرارٌ     شَخَصَتْ لهفـــــــــــةً لــــــينزلَ طلُّ

علّهُ يرسمُ الحيــــــــــاةَ على المو     تِ ويــــــــــبقى مـن النبوَّةِ نـــــــسلُ

ها أنا جئتُ بيـــــن عينيْ قصيدي     ألفُ هل عادَ؟ كم مضى؟ كيفَ يسلو

وعدُهُ الـــــــــــــحرُّ لا يزالُ مديناً     للسكينــــــــــــــــــاتِ والبشارةُ وبلُ

هوَ من خطَ فوق كفِ المنــــــــايا     أنَّ أسطــــــــــــــــــورةَ الوفاءِ تظلُّ

هوَ من حـاكَ قربةً مـــــــن فراتٍ     ضـــــــــفتاهُ المدى، وفي العينِ نَبلُ

هوَ من شجَّ عيــــــــــنَ كلِّ قصيدٍ     تُنشدُ الحــــــــــــبَّ إذ بهِ الحبُ فعلُ

فبطولاتُ حيـــــــــــــــدرٍ كنَّ فيهِ     ولهُ الفضــــــــــــــــلُ منّةٌ وهْوَ أهلُ

غيرَ أنَّ الــــــــــخيامَ تجمـعُ ثكلى      عــــــــــــاثَ فيها الظما وأينعَ مَحْلُ

فاضربِ الجودَ لم يكنْ قطُ صخراً     بل هــــــــــــــو الريُّ للقلوبِ ونهلُ

لـــــــــــضياعِ العراقِ يرسمُ درباً     بـــــــــــــــــهِ من حيرةِ العنا يستدلُّ

بذراعيكَ حينَ توقِدُ شـــــــــــمساً     مـــــــــــــــــن دماءٍ.. بغيرةٍ نستظلُّ

لو بَصُرنا أحــــــــــداقَ همِّك لمّا     جُـــــــــــــــدتَ بالنفسِ للكرامةِ حِلُّ

لعرفنا الإخـــــلاصَ والحبَ لحناً     وبــــــــــــــرجعِ الصدى يُلملمُ شملُ

يا أبـــــــا الجودِ جودُ كفيّكَ سيلٌ     ومــــــــــــــنَ العذبِ طالَ للعزِّ نخلُ

طالَ واشــتدَّ في الخطوبِ لظاها     وعــــــــــــلى قلبِ زينبٍ صُبَّ مُهلُ

وعلى قلبِ زينــــــــــبٍ بالرزايا     صـــــــــالَ دهرٌ .. ونخلُ كفّيكَ ظلُّ

أنتَ.. مــن أنتَ، حسرةٌ من فؤادٍ     أطلقتها أمُ البنينَ لتـــــــــــــــــــعلو؟

أنتَ حلمٌ يـــــعودُ صوبَ اليتامى     قمرٌ في ضيــــــــــــــــــاهُ يُبحرُ ليلُ

كلُ رمشٍ يلمُ دمـــــــــــعَ انتظارٍ     مغزلاً للسنين والدهرُ غــــــــــــزلُ

وتقول في قصيدتها (القمر المقدس) وهي إلى قمر بني هاشم وكفيل اليتامى أبي الفضل العباس (عليه السلام) أيضاً:

عطشٌ على جـرحِ الــــفــراتِ يحوِّمُ     ويداكَ شطآنٌ ووجــــــــــــهُكُ بلسمُ

فالنهرُ إذ يــــــســــعى إليــكَ يشوقُه     عطشُ الجروحِ وأنتَ وحـدك زمزمُ

فكأنّكَ الشـــــــمـسُ المضــيئةُ نفسُها     وكأنّكَ النبـــــــــــــعُ الغـزيرُ الأقدمُ

وكأنَّ عينَيْ زينبٍ أسطــــــــــــورةً     خلفَ انتظارِكَ لهفةً لا تـــــــــــــسأمُ

يا سيِّدَ الماءِ العظـــــــــــيمِ إلا ترى     لِسَنَا اخضرارِكَ كــــــــلُّ عينٍ تحلمُ

أيظلُّ وجهُ الماءِ بعدكَ مُــــــــــجدِباً     وترى بقربــــــــــــتِكَ الحياةُ تُبرعِمُ

كمْ زينبٍ تقفُ الخيــــــــامُ بصبرِها     وثبــــــــــاتُ هذا الصبرِ فيكَ مُحزَّمُ

تعدُّ اليتامى بــــــــــارتــواءِ عيونِها     من ضوئِكَ ال بالوعدِ ضوؤكَ مُلزَمُ

هيَ لا تخافُ على رضــيعِ حُسينِها     وبثغــــــــــــــرِها وعـدُ الكفيلِ يتمتمُ

سيجيءُ حاملاً الــفراتَ بــــــــــكفهِ     سيجيءُ تسمعـــــــــــني خُطاه فتقدمُ

فالنهرُ مفـــــــــــــتونُ الجوانحِ قلبُه     فـــــــــــــــي فيءِ قلبِكَ هادراً يتنعّمُ

يقضي من القمرِ الــمـــقدَّسِ عشقَه     فيعودُ منتشيـــــــــــــاً بضوئِكَ يُكرَمُ

يتوسَّلُ الشفتينِ فــي تعـــــــــــميدِهِ     ليــــــــــــــــــــــظلَّ كلَّ سنينِه يتبسَّمُ

أتذوقُ طـــعمَ المــاءِ؟ لا، يأبى وفا     أمِّ البنينَ وشيــــــــــــــــمةٌ بكَ تحرمُ

وشهامةٌ علـــــــــــــــــويةٌ وجلالةٌ     حسنيةُ الإيمــــــــــــــــــانِ فيكَ تُتَمَّمُ

لا والحسينُ به عيـونُ الموتِ محـ     ـدقةٌ وصبرُ فــــــــــــــــؤادِهِ يتضرَّمُ

يا آخرَ الأملِ المُـــدافِ بحسرةِ الـ     أيتـــــــــــــــــــامِ والثـكلى بأنّكَ تسلمُ

أيظلُّ بدرُكَ غائبـــــــــاً عن أفقِهم     والرعبُ في أفــــــــــــقِ الخيامِ يُخيَّمُ

عباسُ ما تهوي عقيــــــــلةُ حيدرٍ     عمرُ انتظــــــــــــارِكَ أذ يطولُ تُهدِّمُ

أيطولُ عندَ النهرِ مــدحُكَ والدمو     عُ رقيةٌ وسكينةٌ تتــــــــــــــــــــــــألّمُ

فارجعْ بقربتِكَ المليئة بـــــــالمُنى     فالعادياتُ على العيـــــــــــالِ تجهَّموا

ويثورُ صوتُ النهرِ ملؤكَ هـادراً     خُذْ فالخلودُ بكبريائِكَ مُــــــــــــــغرمُ

قمرُ العشيرةِ ليس يحملُ نــورَها     حتى لأشرعةِ الظـــــــــــــــلامِ يُحطّمُ

حتى يــدورَ و(كربلاءُ) تدورُ في     يــــــــــــــدِهِ رحى حتى تغصَّ جهَّنمُ

حتى يُســــــــــلّمَ للسحابِ شمالَه     وينيخُ للأرضِــــــــــــــــينَ منها تنعمُ

حتى يوزِّعَ عيــــــــــــنَه لعيونِنا     ألقاً وبســــــــــــــــــــــــمتُه لنا تتبسَّمُ

حتى يرشَّ الماءَ فــــــوقَ قلوبِنا     كي لا يظلَّ بنا يتيـــــــــــــــــمٌ يُهضمُ

حتى يعرِّفُنا الشهامةَ مـــــــوقِفاً     من جرحِها نسمــــــــــــــــو فلا نتقزَّمُ

حتى تعيشَ الزينبــــاتُ بحزنِها     قِمماً تُطأطئ من عُلاها الأنـــــــــــجمُ

حتى نعيشَ المظلمـــــاتِ هويةً     عــــــــــــــــــــلويَّةَ القسماتِ لا تتعوَّمُ

وتقول في قصيدة (يا غرسة الوحي) وهي إلى السيدة العقيلة زينب (عليها السلام)

ما جئتُ مــــــادحةً بـل جِئتُ أعتذِرُ     يـا ربّةَ الخيـرِ منـــكِ الخيرُ ينهمرُ

يا غرسةَ الوحي.. يـا نبراسَ عزَّتِنا     كـلُّ النساءِ بــــــــــأمِّ الخِدرِ تفتخرُ

يا بنتَ فاطمــــــــةٍ... ذا سرُّ نشأتِنا     لولا الزكــــــيةَ لا أرضٌ ولا بَـشَرُ

قد رمتُ مدحَكِ، لكنْ حارَ بي قلمي     قال: العقيلةُ بـــــحراً ليسَ ينحصرُ

قصدتُ طوداً عظيماً.. لــستُ أبلغُهُ     ولجتُ بحراً عــلى الأزمانِ ينتشرُ

حتى غرقتُ. وفاضَ العقـلُ مُنبهراً     ماذا أقولُ عــن الــحورا وما أذرُ؟

إن قلتُ عالمةً..، فالعلمُ مــــــنبعُها     بنتُ الوصــيِّ ومن ذا يكتفي الخبرُ

أو قلتُ صابرةً، أني مُقصِّـــــــــرةٌ     فالصبرُ مــن زينبَ الحوراءِ يعتبرُ

أو إن يقالَ: حيـــــــاءٌ زانَ طلعتها     فمن حــياها الــــحَيَا خجلانُ يستترُ

يا بذرةَ اللهِ.. يا تلقيـــــــــنَ حيدرةٍ     سليلــــــــــــةَ العزِّ أني جئتُ أعتذرُ

ماذا أقولُ..؟ وأنتَ الطهرُ منتسبٌ     إلـــــــى الرسولِ ومنهُ يبتدي الفخرُ

إن انتسبتِ.. فعزٌّ بنـــــــتُ سيِّدِها     وإن نــطقتِ فنطقُ المرتضى الدررُ

فوقعةُ الطـفِّ يبقى سرُّ ســـرمدِها     أخــتُ الحسينِ بها قد صُورعَ القدرُ

وإذ وقفتِ كـما الزهراءِ واقــــــفةً     تــحاججَ البغيَ بالقـــــرآنِ إذ نكروا

وإذ وقفتِ وكــلُّ الأرضِ خائـــرةٌ     لــوقعةِ الطفِّ لم ينتابَــــــــكِ الخوَرُ

تقرّبينَ إلى الـــرحمنِ أضحــــــيةً     كــادتْ لتقديمِها الأفلاكُ تنـــــــفطرُ

وإذ عــــــــلى طلقاءِ الأسرِ داخلةً     مــأسورةً كسرتْ آنافَ من أَسَــروا

يستبشرونَ بـــــــــفتْحٍ كانَ فتحهمُ     لــلنارِ يأخذهم عُمياً وما بَصَـــــروا

وقفتِ فيهم وأنتِ الـــطودُ شامخةً     لم يُرهِبُوكِ ولم يُعـجِزْكِ ما زَجَـروا

تستصغرينَ شؤونَ الــفاسقينَ وقدْ     أغواهُمُ المُلكُ واسـتهواهُمُ الـضَّـرَرُ

فكنتِ أنتِ وأيــمَ اللهِ ســـــــــيِّدتي     برقاً يثـــــــورُ فيـعمى دونـهُ البصرُ

زِدْ يا يزيدُ من الفحشاءِ ما قدرتْ     كفُّ المقيّدِ لـــــــــــــــــلآثامِ تستطرُ

واستدعِ جـــــندَكَ جندَ الغيَّ كلهمُ     لا يستطيعونَ طمسَ الحقِّ ما كثروا

نحنُ الهـــداةُ ونــــــورُ اللهَ قائـدُنا     إلى النعيمِ، هــــــــناكَ الكسرُ ينجبرُ

إذ إنَّ حزبكَ يا إبليـــــسَ في بـددٍ     وانَّ جيشكَ يا مختـــــــــــالُ مُنْدَحِرُ

ما تسْعَ سعْيكَ لا يلغي شــريعـتَنا     مهما تَكُدْ إنَّ وحيَ اللهِ مُنْـــــــــتَصِرُ

فكانَ صوتُكَ ناقوساً يذكرهــــــمْ      في غفــــــــــلةِ السكرِ إنَّ اللهَ مُقتدرُ

وكانَ صوتُكَ لحْنُ الــــدهرِ ردَّدهُ     ما إن تكلَّمتَ حـــــتى استلهمَ الدَهَرُ

وكانَ صوتكَ زلزالاً يُــــحطَّمهمْ      يُدكدكُ القصرَ حتى انهارَ مَاعَمروا

عدا تهاوَوا وأنتِ الآنَ واقـــــــفةٌ     نالوا الجحيمَ.. بَلى واخـتاركِ الظفرُ

وتقول في قصيدة (ركبُ السَّبايا):

من قالَ عادْ..؟

ولم يَعدْ..

لا لم يَعدْ..

ركبُ السبايا لم يَعدْ

قد ظلَّ مسبيّاً على طولِ المدى..

تسعى بهِ الإبلُ الهزيلةُ من بلادِ.. إلى بلادْ

وتطوفُ في سككِ المدائنْ

ركبٌ علاهُ الحزنُ من يوم الحسينِ

إلى هنا..

ما زالَ يحملُ حزنَهُ ويطوفُ أرجاءَ المدائنْ..

في الركبِ ألفُ (حميدةٍ)

كبرتْ تعدُّ أصابعَ الأيام..

يرجعُ والدي...؟

في كلِّ يومٍ يستفيقُ الصبحُ وهْي تقول:

يا رباهُ..

أرجعْ والدي

ورجاؤها.. ذاك المسمَّى مسلماً

بالغدرِ يسقطُ في (حفيرهْ)

فبلادُنا حفرٌ كثيرهْ

تغتالُ صوتَ الثائرينْ

تجبي ألوف المسلمينَ..

بلا جريرهْ..

من قالَ عادْ..؟

ولم يعدْ ركبُ الأنينِ

وزينبٌ.. لمّا تزلْ مسبيّةً

تنعى حِماها والحسين..

في كلِّ يومٍ زينبٌ

تنعى حِماها والحسينَ..

وكلُّ يومٍ أسودٍ

تلدُ الحوادثَ (رملةً)

أخرى..

تنوءُ بهمِّها

تمشي تجرجرُ حزنها

تبكي حشاشةَ روحِها

وجنينَ

ظلتْ ترتجيهِ..

هو المُنى..

أخذتهُ أيدي الظالمين

هيَ لمْ تزلْ مسبيّةً

تبكي ابنَها

والسوطُ يُدمي المنكبين

من قالَ عادْ..؟

ولم يعدْ

ركبُ السبايا لم يزلْ يمضي وتتبعهُ السنين

يحيطُ أركانَ المدينة

وكلّ أركانِ الزمانِ اليوم

(زينُ العابدين)

يمشي ويثقلهُ الحديد

يمشي يُساقُ إلى يزيد

فكلّ يومٍ في بلاطِ الظلمِ

يحكمنا (يزيد)..

من قالَ عادْ..؟

ولم يعدْ ركب النحور..

ما زال رأسُ (محمدٍ) يحدو المسير

عذراً

رسول الله إن أخطأت في التعبيرِ.. لكنْ

أو ليسَ سيّد قلعةِ الأحرارِ

بعضٌ من سناك

وأنتَ أنتَ من الحسين

هذا الحسين

ما زال يُرفع رأسَهُ المقطوعُ

تتبعهُ رؤوسُ الثائرين..

يطوفُ أرجاءَ المدينةِ

يمضي وتتبعهُ الرؤوس..

زُمراً تلاحقهُ الرؤوس

رأسُ الحسين يدورُ.. تتبعه الرؤوس

يطوفُ في سككِ المدينة.. لا يزال

يسيرُ ركبُ المنحرِ المرفوع

تتبعهُ النحور

يدقُّ أبوابَ المنازلِ.. داعياً

هل من مزيد؟

والناسُ أنظاراً تجودْ

ترنو إلى ركبِ الحسين

يسيرُ منتصراً..

فيتبعهُ الخلود...

وتقول في قصيدة (على رمال السبي):

لا ترفعْ السوطَ.. قــــــــلبُ العرشِ ينفطرُ     كزينبٍ في يدِ الأغـلالِ تنصـــــــــــهرُ

لا ترفعِ الصوتَ، غُضَّ الطرفَ عن جبلٍ     من الضياءِ.. عليهِ الـقـــــــــدسُ ينتشرُ

لا تهززِ الرمحَ.. هذا الـــــــــرأس جبهتهُ     مشكاةُ نورٍ لوجــــــــــــــــهِ اللهِ يا شَمِرُ

يا حاديَ الركبِ.. لا تـــــــسرعْ.. فناقتُها     لا تملكُ الـــــــــــــــعذرَ.. كي للهِ تعتذرُ

فذي القواريرُ كان البدرُ كافـــــــــــــــلَها     والـــــــــــيومَ غابَ.. فلا خدرٌ ولا قمرُ

ولا لعينيكِ يا أختـــــــــــــــــاهُ وابتشري     أو اسعدي بل يسبُّ الرجسُ من طهروا

وذي الرياحينُ.. يكويـــها النداءُ ..(أبي)     أيا حسينُ أجــــــــــــب من دمعها مطرُ

فلا مجيبَ سوى رأسٍ يــــــــــدورُ على     رمحٍ ترتّله الآياتُ والـــــــــــــــــــسورُ

لا ترفع السوطَ.. أطفالُ الحسيــــــنِ بلا      حولٍ.. ولا عمّــــــــــهمْ عباسُ ينتصرُ

تكبّرون؟! وما التكبيرُ غيـــــــــــــــرُهمُ     الله أكبرُ منكم .. قالها الحــــــــــــــــجرُ

يا أدعياء تُرى هل في نســــــــــــــائكمُ     من صانها البرُّ أو مــــــــن زانها الخفَرُ

هل في نساءِ الدنى ظـــــــــــــلٌّ لفاطمةٍ     كي تفخروا بانتسابٍ مــــــــــــنه ينحدرُ

ليست سوى زينب الحوراءِ تشــــــبهها     لذا سعيتم لها بالنــــــــــــــــــــارِ تستعرُ

لذا سعيتم لها بالســـــــــــــــــوطِ يلهبها     لذا كسرتم لها أضلاعَ من نُـــــــــحِروا

(رقيةٌ).. من جمالِ اللهِ سحنتُــــــــــــها     براءة الفطرةِ الأولــــــــــــى بها زَهروا

لا تقطفوا الزهرَ قلبُ الزهرِ من رهفٍ     على دماءِ حسينٍ ســـــــــــــــوف ينهمرُ

لا تقتلوا الوردَ في أحــــــــداقِ مبسمِها     (سكينةُ) الطفِّ يغزو روحَــــــها الخطرُ

أتسلبُ القرطَ ؟ ما الأقـــــــراطُ تؤلمها     لقد سلبتـــــــــــــــمْ حِماها وهْي تحتضرُ

والأمّهاتُ فدت للــــــــــــــحقِّ فرحتَها     ولوعةً حملــــــــــــــت من بعدها الشجَرُ

أم الشهيدِ التي لم تقــــــــــــــــفُ زفَّتَهُ     سارتْ إلــــى السبيِّ.. والأحشاءُ تُعتصرُ

سارت إلى السبي يا للشامِ مــا فعلت!!     بخدرِ مَـــــــــــن ليس يرقى خدرَها نظَرُ

لكنها الشمسُ تبقى دون مسطــــــــعِها     أنظـــــــــــــــارُ كلِّ عيونِ الخلقِ تنحسرُ

يا سادةَ اللؤمِ يا مَن قصّـــــــرتْ لغتي     في نعتِهم.. واشمــــــــــــأزتْ فعلَهم سقرُ

هذي النساءُ كسيراتُ الجنــــــــاحِ فلا     توسّعوا الـــــــــــجرحَ حتى القلبَ ينكسرُ

إن النســـــــــــــاءَ وديعاتُ الإلهِ ومَن     يخونُ ربَّ العلا.. قــــــــل: كيف يعتذرُ؟

وتقول في قصيدة (مدادٌ لخارطةِ الوجود)       

على ضفَّتَي جـــــــــرحٍ مــــــدادُكَ يعبرُ     يُسَطِّرُ مــــــــا عنهُ المَجازاتُ تقْصُرُ

يميطُ عـــــــــــن الدُنيا الـلِثـــــامَ، يهزُّها     فــــــــــــــتسقطُ أوهامٌ ويظهَرُ جوهَرُ

يُكحّـــــلُ في أقصى الـبــــــصيرةِ أعْيناً      ترى غامضَ الأشياءِ، مُذ فيكَ تُبصِرُ

مِــــــدادُكَ قالَ اللهُ، قــــــيثـارُك الصدى     تناثرَ، سدَّ الأُفْـــــــــــقَ، أورقَ منحَرُ

طرقْنا غبارَ الغيبِ.. نـــــــطلـبُ فُرصةً     سَمــــــــــــــــاويةَ الأبعادِ.. قد تتفسّرُ

فَرَشْنا عيونَ الـــــسُهْدِ قلنــــــــــــا لعلّهُ     سيأتي خيالاً.. يـــمسحُ الروحَ.. تُزهِرُ

بَصُرنا بــــــغيمِ الدمعِ رملَ مــــــــفازةٍ     من الناسِ في دربِ الــسرابِ تحيّروا

وجــــــوهاً من السَوءاتِ.. فاحَ ظلامُها     بأفواههــــــــــــم نارُ الــجحيمِ تُزمجرُ

فـــــعُدنا إلى أحلامِنا نزدري بـــــــــها     سؤالاً.. وبتنا حــــــــــــــــسرةً تتكسّرُ

أردنا حسيناً ســــــــالماً دونَ طــــــعنةٍ     وكفَّ كريمٍ لم تفارقه خــــــــــــــنصرُ

أردنا لعبدِ اللهِ عمراً مُــــــــــــــــــورَّداً     وقلباً كما الأطفالِ بالحُبِّ يــــــــــــكبُرُ

أردْنا.. أردْنا.. غـــــــيرَ أنَّ خـــــطيئةً     نواصلها سرّاً، وباللعنِ نــــــــــــــجهرُ

أذابـــــت كحبّاتِ الجليـــــــــدِ صـفاءَنا     وأفنتْ جناحَ الروحِ .. إذْ شَبَّ مــجمَرُ

فـــــلا تلعنوا العودَ الخبيثَ، بل العنوا     نفوساً تعاطى خمْرَهُ وهْوَ يـــــــــــسكَرُ

عن السبطِ أقصانا الزمانُ، فـــــهل إذا     تدانى شِراعانا، على النهجِ نبحــــــرُ؟

فليتَ ضجيجَ الحجِّ أرهَــــــفَ ســـمعَه     لآلائــــــــــــــــهِ لمّا تلا خلفيَ اعبروا

سأضربُ هذا البحرَ، فالـدربُ سجدتي     تعالَوا.. طـريقُ الـــــــحقِّ حيثُ أجَزَّرُ

فإنَّ حِمامَ الموتِ ما اخـــــــتارهُ الفتى     أنا اخترتُ يـاقوتَ الدِما يتــــــــــــحدّرُ

وسارَ.. يريــــــــــــــدُ اللهَ... ودّعَ بيتَهُ     وطــــــــــــــــــافَ يدلّيهِ الهيامُ المُنوَّرُ

يُصدِّقُ رؤيا الذبـــــحِ.. ما ارتدَّ طرفُهُ     يَتلُّ جبينَ القلــــــــــــبِ.. ينصاعُ أكبرُ

ويُشرعُ أحضــــــــــانَ اللقاءِ... حنينُهُ     كواكبُ أسـرارِ الوجــــــــــــــودِ تكوَّرُ

فيا رَعشةَ المذبوحِ مـــــن فرطِ عشقِهِ     لأجلِكَ كانَ الـكونُ.. أو يُتَصـــــــــــوّرُ

وأختٌ لهُ.. قصّت خطــــــــاهُ.. فكلّما     أفاءَ لنهرٍ روحُـــــــــــــــــــــــها تتبعثَرُ

تُربّي يدَيها بالتهجُّدِ والبُــــــــــــــــكا      تبوحهما سرَّ الـدمِ اللَيسَ يـــــــــــــقطُرُ

تقولُ: أيا كــــــــــــــفَّيَّ.. هلاّ علمتما     بــــــــــــــــأنْ قد خُلقْتـا للذي منه أحذرُ

تدلّى على الأرضِ الـسماءُ.. وتنحني     تكادُ ولولا أنـــــــــــــــــــــــــتما تتفطّرُ

وتختارُ أنْ تهوي إليـــــــــهِ.. تضمُّهُ      إلى كُلِّها المــــــــــــــــوتورِ فيهِ وتزفُرُ

فأُسنِدُها بالسبطِ شِلْواً.. فــــــــتستوي     وفي صدرها من حزنِ عــــــينيهِ خِنجَرُ

وقالت في قصيدتها (الهجير)

ألم الحديدِ علــــى يديَّ     يشــــــــــــلُّ غضبةَ كبريائي

وأظافرُ المــــوتى تخر     بشُ صرختي وصدى عنائي

جُدُرٌ تـلفُّ الـروح تحـ     ـبسها فتؤذِنُ بــــــــــانطوائي

فأضجُّ.. أخبـطُ منحنى      رمسي أعارضُ انتهـــــــائي

الريحُ تزأر بي تعالي..

وغدي وأمسي يعدوانِ وراءَ صبري وانفعالي

الموتُ.. يفغرُ كفهُ ويشيرُ

 (بلْ نحوي تعالي)

 أسرارُ ترفض أن تموتْ..

سأخطُّ في عصبِ الوجودِ خطاي

ترفضُ أن تعود

وأصبُّ من غيضي الحميم

 ليذيبَ من حولي الجليد

فأنا المدافةُ بالجراحِ وبالأسى والكبرياء

الهمَّ تطعمني السنين وتلبسُ الروحَ اللغوب

ودمايَ ترفضُ أن أتوبَ

هذي الحياةُ لساعدي والشمسُ تطلعُ من نهاري..

وغدي الذي سترونهُ يبنيهِ عزمي واصطباري ...

هي ساعةٌ ويحسُّ عينيهِ الوليد

هي ساعةٌ والكونُ يُبعثُ من جديدْ

هي ساعةٌ ...

تمضي عيونُ الطفلِ تنتهلُ السماء

الشمسُ تلفحُ في الهجيرِ يدَ الرمال

والأرضُ أكبرُ من خيال

في مقلتي طفلٌ صغير

الريحُ تصهلُ بالخيول

والدربُ قافلةُ النياق ,,

 وكلّ موسمِها رحيل

أركانُ خيمتهِ عويل

والمهدُ...أرجحهُ الأنين

وعيونُ أمٍ جفَّ فيها الدمعُ تحتضنُ الرضيع

الصدرُ جفَّ سوى الحنان

والرعبُ يعصفُ بالأمان

والحزنُ أكبرُ ما يكون

هي ساعةٌ ويحسُّ عينيهِ الوليد

عينا أبيهِ السبطِ ملأى بالشجون

دارتْ عليها (كربلاء)

فكلُّ ما في الأرضِ جور

وكلُّ ما في الأرضِ زورٌ وادعاء

يا سيّدي ... انزلْ عن المهدِ الرضيع

فالحربُ مازالتْ تدور

والحربُ تقبلُ بالفداء

انزلْ عن المهدِ الرضيعِ, وقل لهُ:

اركضْ برجلكَ (كربلاء)

سينزُّ زمزمُ من دموع

اركضْ برجلك (كربلاء)

اركضْ ... فلست سوى الذبيح

بين شوق زينب والفرات

وتقول من قصيدة في أمير المؤمنين (عليه السلام):

أيُّ شوقٍ يعتري منكَ الوجود؟ ثم لا ينثالُ من غيمِ المبالاةِ مطر ..!

ثم لا يرسمُ شبّاكي سوى .. خيطِ سدى ثم لا يبزغُ في الفجرِ سوى صمتِ الظلام..

يا إمام..

أيّ أحلامِ المجاهيلِ احتوتْ منك العيون

واستشفتْ في ضبابِ اليأسِ.. قنديلَ الحياة

أيّ غاب..

ذابَ في معنى أمانيكَ لديهِ الاغتراب؟

أيّ طفلٍ..

لم تكن من فيضِ أحداقهِ.. دمعةً

غسلتْ عينيهِ حتى فيكَ شاب؟!

وتقول من قصية في حق أمير المؤمنين (عليه السلام):

يا سيَّدَ النخلِ المطلِّ علــــــى الفضا     كسّرْ بعشقكَ قســــــوةَ الأطواقِ

مازالَ بين الـــــــــــــمسلـمين جهالةٌ     وملوكنا جـــــــــمعٌ من السرّاقِ

مــــــــــــــا زالَ اطفالٌ جياعٌ يا أبي     يــــــــــتوسَّلونَ برحمةِ الإملاقِ

ســــقطوا على الطينِ المبلَّلِ بالأسى     كي يكبروا والطينُ في الأعماقِ

كي يصعدوا والطينُ طيَّ صدورِهم     أو يُقبروا والطينُ طــــــيَّ عناقِ

إني طويتُ الـــــــــدربَ حلماً متعباً     كم لا أُفيق؟ وكم يُلِحُّ فــــــواقي؟

وأخذتُ من ذهبِ المنـــــائرِ موعداً     لكَ بالشموخِ وآنَ حينُ تـــــــلاقِ

..................................................................

زودتني الشاعرة بسيرتها وقصائدها عبر الانترنيت

ترجم لها:

عبد الرحيم الغراوي / معجم شعراء الشيعة ج 38 ص 122 ــ 125

المرفقات

: محمد طاهر الصفار