معرفة القرآن تحليليا

 من الطبيعي اننا لو اردنا تناول موضوعات القران الكريم موضوعا موضوعا لاقتضانا ذلك أمنانا من الورق. وعليه فسوف نعالج الكليات اولا، ومن ثم نعود على بعض من الجزئيات.

يتناول القرآن كثيرا من المطالب بالبحث، وفي غضون ذلك يؤكد بعضها توكيدا أكبر دون بعض. ومن جملة الأمور التي جرى بحثها في القرآن إله الكون والكون. علينا أن نرى كيف ينظر القرآن إلى الله. هل يعرفه معرفة فلسفية، أم معرفة تعبدية؟ هل يذهب، مثل التوراة والانجيل، مذهبا دينيا، أم أنه يسير كما تسير الديانات الهندية، أم إن له مذهبه الخاص والمستقل في معرفة الله؟

والموضوع الآخر هو الكون. لا بد لنا أن ندرك النظرة التي ينظر بها القرآن إلى الكون.

فهل ينظر إلى الخليقة والكون نظرة عبث ولهو؟ أم إنها نظرة الصدق والحق؟ فهل يرى جريان العالم يسير على وفق سنن ونواميس، أم يراه يجري على غير هدى أو قاعدة، بحيث لا يبدو أي شيء سببا لأي شي آخر؟

ومن جملة المسائل الكلية المطروحة في القرآن مسألة الإنسان. فلا بد من تحليل نظرة القرآن إلى الإنسان. أتراه يتحدث عن الإنسان متفائلا، أم إن نظرته إليه سلبية ومتشائمة؟ أيرى الإنسان حقيرا، أم يرى أن له كرامة وعزة؟

ومسألة أخرى هي مسألة المجتمع الانساني. أفهل يرى القرآن للمجتمع الإنساني أية اصالة، أم يرى الفرد هو الاصيل؟ وهل للمجتمع الإنساني في نظر القران حياة وموت ورفعة وانحطاط، أم إن هذه الصفات تختص بالفرد فحسب؟ وهنا تدخل مسألة التاريخ، وكيف ينظر القرآن إليه. ترى ما هي القوى المحركة للتاريخ، وما هو مقدار تأثير الفرد في التاريخ؟

هنالك مسائل كثيرة أخرى يطرحها القرآن، ونحن نورد هنا سردا لبعض منها: نظرة القرآن إلى القرآن، ثم مسألة الرسول في القرآن، وكيف يعرف القرآن الرسول، وكيف يحادثه...ثم مسألة تعريف المؤمن في القرآن، وماهية صفات المؤمنين، وغيرها.

ولا شك ان لكل واحدة من هذه المسائل الكلية مسائل فرعية، فمثلا عند الكلام على الإنسان، لا بد لنا أيضا أن نتكلم على الاخلاق، أو إذا تحدثنا عن المجتمع، لا بد أن نتحدث عن روابط الأفراد، وعن مسألة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وعن مسائل الطبقات الاجتماعية...وغير ذلك كثير.

كيف يعرف القرآن نفسه؟

من الأفضل في تحليل القرآن أن نبدأ من ملاحظة رأيه في نفسه، وكيف يعرف نفسه. إن أول ما يطالعنا بهذا الشأن هو قوله إن هذه الكلمات والعبارات هي كلام الله.إنه يعلن صراحة إن الرسول ليس هو منشيء القرآن، بل إنه إنما يبين ما ينزل به روح القدس أو جبرائيل باذن الله.

والأمر الآخر الذي يوضحه القرآن هو تعريف رسالته. وهي إنها هداية أبناء البشر وقيادتهم للخروج بهم من الظلمة إلى النور:

(كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور)(1)

ولا شك إن من مصاديق هذه الظلمات الجهالة. فالقرآن يقود البشر من ظلمة الجهل الى نور العلم. ولكن لو كانت هذه الظلمات تنحصر بالجهل فحسب، فقد كان بامكان الفلاسفة أن يقوموا بتلك المهمة، غير أن هناك ظلمات أخرى أخطر بكثير من ظلمة الجهل، ولا يستطيع العلم أن يعالجها. فهناك مثلا حب المال، والأنانية، واتباع الشهوات، وغيرها…مما يعتبر من الظلمات الفردية الأخلاقية. وثمة ظلمات اجتماعية كالظلم، والتمييز، وغيرهما…والظلم من مشتقات الظلام، مما يوحي بنوع من الظلام الاجتماعي المعنوي ، وإن مكافحة هذه الظلمات من شأن القرآن والكتب السماوية الأخرى.

يخاطب القرآن موسى بن عمران قائلا:

(أن أخرج قومك من الظلمات الى النور)(2)

انها ظلمات الظلم، ظلم فرعون والفراعنة، والنور هو نور الحرية والعدالة.

ان مما التفت إليه المفسرون هو إن القرآن لا يورد كلمة "الظلمات" إلا بصيغة الجمع، ومقرونة بالألف واللام، لتدل على الاستغراق، فتشمل كل ضروب الظلمات، ولكنه يورد النور بصيغة المفرد. وهذا يعني إن الطريق الصحيح واحد لا أكثر، بينما سبل الانحراف والضلال عديدة. من ذلك مثلا الآية التالية: (الله وليّ الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النّور والذين كفرو أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النّور إلى الظلمات)(3)

وهكذا يعين القرآن هدفه: تحطيم اغلال الجهل والضلال والظلم والتردي الأخلاقي والاجتماعي. وبكلمة واحدة: القضاء على الظلمات، والهداية نحو العدالة والخير والنور.

معرفة القرآن

المسألة الأخرى، مسألة معرفة لغة القرآن وتلاوته. يظن بعضهم إن القصد من تلاوة القرآن هو قراءته طمعا في الثواب دون إدراك شيء من معانيه. هؤلاء هم الذين "يختمون" القرآن مرات عديدة، ولكننا إذا سألنا أحدهم إن كان قد فهم معنى ما يقرأ فسوف يعجز عن الجواب، إن قراءة القرآن بقصد تفهم معانيه أمر لازم ومطلوب، لا بقصد الحصول على الثواب فقط.

إن لإدراك معاني القرآن مستلزمات لا بد من الإهتمام بها. إن ما يحصل عند القارئ الذي يريد تعلم كتاب ما، هو سلسلة من الافكار الجديدة لم تخطر له من قبل، فههنا يكون العقل وقوة فكر القارئ هما الفاعلان النشيطان. وفيما يتعلق بالقرآن يجب أن يكون التعلم والادراك هما القصد من قراءته. والقرآن هو نفسه يقول:

(كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدّبروا آياته وليتذكرّ أولوا الألباب)(4)

إن واحدة من وظائف القرآن التعليم. وهنا يخاطب القرآن عقل الإنسان بلغة المنطق والاستدلال. ولكن للقرآن لغة أخرى لا يخاطب بها العقل، بل القلب، ويطلق على هذه اللغة الثانية اسم الإحساس. فمن يريد أن يتعرف على القرآن وأن يأنس به، عليه أن يعرف هاتين اللغتين، وأن يستفيد منهما معا، إذ إن الفصل بينهما يؤدي إلى الخطأ، وسوء الفهم، وما هذا إلاّ خسران كبير.

إن ما نطلق عليه اسم القلب هو ذلك الإحساس العظيم والعميق الكامن في داخل الإنسان، وقد يطلقون عليه ايضا اسم الإحساس بالوجود، أي ذلك الإحساس الذي يرتبط بالوجود المطلق.إن من يعرف التكلم بلغة القلب ويخاطب به الإنسان، فانه يهزه من أعماق حياته وكنه وجوده، وعندئذ لا يكون العقل وحده تحت التأثير، بل الوجود بأكمله يكون متأثرا.

وإذا أردنا أن نضرب مثلا للغة الإحساس، فاننا نضرب بالموسيقى مثلا لذلك.فالموسيقى، على اختلاف انواعها، تشترك في امر واحد، وهو إنها تعالج إحساس الإنسان. إنها تهيج روح الإنسان وتغرقه في عالم خاص من المشاعر.وبالطبع تختلف انواع الهيجانات باختلاف انواع الموسيقى.

فقد يمتاز نوع باثارته مشاعر البطولة والحماس، فهو يخاطب الإنسان بهذه اللغة. انكم تعرفون انهم يعزفون الموسيقى العسكرية والاناشيد خلال الحروب. إن تأثير هذه الموسيقى يكون أحيانا من القوة بحيث إن الجندي المرتعد خوفا من العدو داخل خندقه، يندفع خارجا متحديا هجمات العدو ويقابله بالهجوم.

ونوع آخر من الموسيقى قد تثير أحاسيس الشهوة، فيرتخي الإنسان، ويرتمي في أحضان الشر. من الملاحظ أن هذا اللون من الموسيقى متفش وواسع الانتشار، ولعله أقدر من أي شيء آخر على هدم جدران العفة والاخلاق. وهكذا الأمر فيما يتعلق بالغرائز والمشاعر الأخرى، التي يمكن السيطرة عليها ووضعها تحت المراقبة، سواء عن طريق الموسيقى أو أية وسيلة أخرى.

إن من أرفع غرائز الإنسان واحساساته هي حسه الديني، وفطرته في البحث عن الله. فتوجه القرآن يكون نحو مخاطبة هذا الحس الشريف السامي(5)

القرآن نفسه يوصينا ان نقرأه بلحن لطيف وجميل. إن هذا اللحن السماوي، هو اللحن الذي يخاطب به القرآن فطرة الإنسان الإلهية ويجتذبها إليه(6)

عند وصف القرآن ذاته يقول إنه يتكلم بلغتين، فهو مرة كتاب الفكر والمنطق الاستدلالي، ومرة اخرى كتاب المشاعر والعشق. وبعبارة أخرى، ليس القرآن غذاء العقل والفكر بحسب، بل هو غذاء الروح ايضا.

والقرآن يؤكد موسيقاه الخاص توكيدا كبيرا. تلك الموسيقى التي يكون تأثيرها في استثارة مشاعر الإنسان العميقة والسامية أقوى من كل موسيقى.فالقرآن يطلب من المؤمنين أن يقضوا بعض ليلهم في تلاوته.وأن يقرأوه كذلك خلال الصلاة عند توجههم إلى الله.إنه يخاطب الرسول قائلا:

(يا أيها المزّمّل قم اللّيل إلاّ قليلا نصفه...)(7)

قم ناج ربك، ورتل القرآن في صلاتك. والترتيل يعني عدم الاسراع في القراءة لئلا تتداخل الكلمات فلا تفهم، وعدم الابطاء الى درجة فصم الرابط بين المعاني. يقول اقرأ القرآن بتأن وبتوجه إلى المعنى.ويضيف في آيات أخرى في السورة نفسها مخاطبا الناس: إذا ما ألجأتكم أعمالكم اليومية، كالتجارة والجهاد في سبيل الله. إلى فترة نوم اطول، فلا تنسوا خلوة العبادة.

ان السبب الوحيد الذي كان يزيد نشاط المسلمين، وقدرتهم الروحية، وخلوصهم، وصفاء بواطنهم، هو موسيقى القرآن. لقد أحال نداء القرآن، في فترة وجيزة، النفوس الخشنة الجافة في جزيرة العرب إلى مؤمنين ثابتة أقدامهم.تمكنوا من مصارعة أقوى سلطان زمانهم والقضاء عليهم.لم يكن المسلمون ينظرون إلى القرآن على أنه مجرد كتاب للدرس والتعليم فحسب، بل كانوا يرون فيه غذاء للروح، ومادة لكسب القوة وازدياد الايمان. كانوا يتلونه أثناء الليل بنية خالصة. يناجون ربهم، وفي النهار يهجمون على الاعداء كالأسود الضارية.ولقد كان القرآن يتوقع هذا من المؤمنين به. إذ يقول مخاطبا الرسول:

(فلا تطع الكافرين وجاهدهم به جهادا كبيرا)(8)

إن قصة حياة الرسول نفسها مصداق لهذا القول. فهو بمفرده، وبغير سند، يرفع القرآن، ويبدأ ثورته، فيكون القرآن له كل شيء، يعد له الجند، ويهئ السلاح والعدة، وأخيرا يجبر العدو على الخضوع والتسليم، ويجتذب افراد العدو لينحنوا أمام رسول الله، وهكذا يفي الله بما وعد(9)عندما يسمى القرآن لغته بلغة القلب، إنما يقصد ذلك القلب الذي يريد أن يصقله ويهذبه بآياته ويثيره.وهذه غير لغة الموسيقى التي تغذي أحيانا رغبات الإنسان الشهوانية.وهي كذلك غير لغة المارشات العسكرية والاناشيد الحربية التي يعزفونها في الجيش لاستثارة روح الحرب في الجنود، بل انها تلك اللغة التي تجعل من أعراب البادية مجاهدين قيل فيهم: "حملوا بصائرهم على اسيافهم".

اولئك الذين وضعوا معارفهم ونظراتهم وأفكارهم النيرة ومداركهم الإلهية والمعنوية على اسيافهم التي شهروها في سبيل تلك المعتقدات.لم تكن لديهم منافع شخصية ولا مسائل فردية. وعلى الرغم من أنهم لمي كونوا معصومين من الخطأ، وكانت تصدر عنهم أخطأ.إلا أنهم كانوا يمثلون مصداق القول: "قائم الليل وصائم النهار".كانوا دائما على ارتباط عميق بالوجود، فيقضون ليلهم بالعبادة ونهارهم بالجهاد(10)

فالقرآن بالنظر لخصوصيته في كونه كتابا للقلب والروح، يثير الاشجان، ويسيل الدموع، ويهز الافئدة. ويصدق هذا حتى على أصحاب الكتب الاخرى: (الّذين آتيناهم الكتاب من قبله هم به يؤمنون وإذا يتلى عليهم قالوا آمنا به إنه الحق من ربّنا)(11)

ويؤكد في آية أخرى إن النصارى من أهل الكتاب أقرب إلى المسلمين من اليهود والمشركين:

(لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى).(12)

ثم يصف النصارى الذين يؤمنون عند سماع القرآن فيقول:

(وإذا سمعوا ما انزل إلى الرّسول ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق يقولون ربنا آمنا فاكتبنا مع الشاهدين)(13)

وعند الاشارة إلى المؤمنين عموما. يصفهم هكذا:

(الله نزل الحديث أحسن كتابا متشابها مثاني تقشعر منه جلود الذين يحشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله)(14)

في هذه وفي كثير غيرها من الآيات (مثل الآية 58 من سورة مريم، والآيات الأول من سورة الصف) يشير القرآن صراحة إلى أنه ليس كتابا علميا وتحليليا فحسب. بل انه في الوقت الذي يستفيد فيه من منطق الإستدلال كذلك يتحدث مع مشاعر البشر وأذواقهم، ويضع أرواحهم تحت تأثيره.

من يخاطبهم القرآن

من النقاط الأخرى التي ينبغي استنباطها من معرفة القرآن هي معرفة الذين يخاطبهم. إننا نجد في القرآن تعابير مثل: "هدى للمتقين"، و"هدى وبشرى للمؤمنين".

و"ولينذر من كان حيا حي". وهنا نتساءل: إن الهداية لا لزوم لها للمتقين. لانهم متقون. ومن جهة أخرى نجد القرآن يعرف نفسه قائلا:

(إن و إلاّ ذكر للعالمين ولتعلمن نبأه بعد حين).(15)

اذن، هل نزل الكتاب لكل الناس أم للمؤمنين دون غيرهم؟ وفي آية أخرى يخاطب الله رسوله فيقول:

(وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين)(16)

إن الآيات التي تخاطب أهل العالم كلهم، يقصد منها القول في الواقع بأن القرآن لا يختص يقوم أو بجماعه بعينها، فمن يقترب صوب القرآن ينج.

أما الآيات التي تخاطب المؤمنين والمتقين، فالمقصود هو الاشارة إلى نوع الناس الذين سيجتذبهم القرآن إليه، والنوع الذي سيبتعد عنه في نهاية الأمر. والقرآن لا يشير إلى قبيلة بعينها أو قوم معينين على أنهم عن المرتبطين به والمؤيدين له.وهو لا يقول إنه يختص بقوم دون قوم، ولا هو يضع اصبعه على منافع طبقة معينة كما تفعل باقي المذاهب، فلا يقول إنه جاء لحماية مصالح الطبقة الفلانية فحسب. إنه لا يقول مثلا إنه جاء ليحمي مصالح الطبقة العاملة دون غيرها، أو لتأييد طبقة الفلاحين فقط.بل إنه يؤكد كونه كتابا جاء ليبسط العدل.

ويقول بشأن الرسل: (وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط)(17)

يريد القرآن القسط والعدالة لكل المجتمعات الانسانية لا لهذه الطبقة أو لتلك، أو لقوم دون قوم. يريد القرآن، بخلاف بعض المذاهب، كالنازية، أن يجتذب الناس، فيضع اصبعه على مواطن عصبيتهم. وكذلك هو، بخلاف الماركسية مثلا، لا يستند إلى ما في الإنسان من روح النفعية والمصلحية، ولا يحركه عن طريق منفعته(18).

وكما إن القرآن يقول باصالة الإنسان العقلية. يقول ايضا باصالته الوجدانية والفطرية. وإن فطرة البحث عن الحق والعدالة هي التي تحمل الإنسان على السير والحركة.

لذلك فرسالة الرسول ليست موجهة إلى العمال أو الفلاحين أو المحرومين أو المستضعفين.

إن القرآن يخاطب كلا الظالم والمظلوم، يدعوهما إلى طريق الحق.

موسى يبلغ رسالته لبني إسرائيل ولفرعون كليهما، ويطلب منهما الإيمان بالله والمسير في طريقه.كذلك عرض محمد (ص) رسالته ودعوته على سراة قريش، وعلى امثال أبي ذر وعمّار. يورد القرآن نماذج عديدة لتحريض الفرد على التمرد على ذاته، والرجوع عن طريق الضلال والفساد إلى طريق التوبة.لا شك إن القرآن ذاته يعلم أن توبة الذين كانوا يعيشون في رفاه ونعيم أصعب بكثير من توبة المحرومين والمظلومين، فهؤلاء يسيرون بمقتضى الطبع في طريق العدالة.

أما الاولون فعليهم أن يتنازلوا عن مصالحهم الشخصية وامتيازاتهم القبلية وأهوائهم.

يقول القرآن إن اتباعه هم ذووا الارواح الطاهرة النقية.وإن تبعية هؤلاء للقرآن متأتية من حبهم الفطري للبحث عن الحقيقة والعدالة، وليس لميولهم الدنيوية ومنافعهم المادية وأهوائهم الخاصة.

 

الشيخ مرتضى مطهري

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1)سورة إبراهيم: 1.

(2)سورة إبراهيم: 5.

(3)سورة البقرة: 257.

(4)سورة ص: 29.

(5)لقد قيل الكثير في شرق العالم وغربة عن هذا الحس الديني. إننا هنا سوف نوجز أقوال عالمين من علماء العالم.

أوّلهما هو أنشتاين. ففي إحدى مقالاته يتطرق إلى الدين ويقول إته يعتقد بأن في العالم عموما ثلاثة أنواع من الأديان:

(6)كان الأئمة (ع) يقرأون القرآن بكثير من الانفعال والنهيج بحيث كان المستطرقون المستمعون إليهم يتوقفون عنوة وتنقلب احوالهم ويجهشون في البكاء.

(7)سورة المزمل:

(8)سورة الفرقان

(9)يتحقق وعد اله الحق هذا في زماننا ايضا، فيظهر رجل من ذرية الرسول، يؤمن، كجده، بالقرآن وحده، فينزل بجند الكفر وجيش الباطل هزيمة مهلكة ـ الناشر .

(10)في الخطبة رقم 193 من خطب نهج البلاغة المعروفة باسم "المتقون" يعدد امير المؤمنين (ع) صفات المتقين. وبعد أن يذكر كيف هم قولا وفعلا، يصف حالهم في الليل، أو كما يقول سعدى: يصف ليالي رجال الله قائلا: " أما الليل فصافون أقدامهم، تالين أجزاء القرآن، يرتلونها ترتيلا، يحزنون به أنفسهم" أي إنهم يقرأون القرآن قراءة تفهم وتأمل، لا كما يقرأ بعضنا القرآن اليوم، بغير أن نفهم شيئا من معناه. وهم يقرأونه بلحن محزون خاص، ينبعث من قلوبهم، وإذا ما بلغوا آية فيها إشارة إلى رحمة الله، نظروا بشوق، وإذا ما بلغوا آية تشير إلى غضب الله. هلعت قلوبهم، وكأنهم يسمعون صراخ أهل النار .

(11)سورة القصص:53.

(12)سورة المائدة: 82.

(13)سورة المائدة: 83.

(14)سورة الزمر: 23.

(15)سورة ص: 87.

هذه واحدة من آيات القرآن العجيبة. فعند نزولها كان الرسول (ص) في مكة، وكان يحادث أهل إحدى القرى. لقد كان مما يثير ضحك الناس أن يسمعوا شخصا وحيدا يقول بكل اطمئنان: إن خبر هذه الآية سيأتيهم فيما بعد، أي سيعرفون ما فعل هذا الكتاب بالعالمين في مدة وجيزة.

(16)السورة الانبياء: 107.

(17)سورة: الحديد: 25.

(18)حيث في هذه الحالة لا تكون العدالة والحق من اهداف أتباعه، بل سيكون هدفهم الوصول إلى منافعهم واتباع رغباتهم.

المرفقات