9 ـــ إبراهيم قفطان (1199 ــ 1279 هـ / 1785 ــ 1862 م)

إبراهيم قفطان (1199 ــ 1279 هـ / 1785 ــ 1863 م)

قال من قصيدة في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام) تبلغ (29) بيتاً:

أنيــــــــخت لهم يوم الطفوفِ ركابُ      وناداهمُ داعي القضا فأجابوا

ولمَّا استطابوا من سما الحربِ نقعَها      أثــــارته شيبٌ منهمُ وشبابُ

يقودونَ للــــــــحربِ العوانِ شوازباً      لها بينَ أرجاءِ الفضاءِ هبابُ (1)

ومنها

بنفسي بدوراً بـ(النواويسِ) أشرقتْ    علاها وحاشاها الأفولُ فغــــــــابوا

وجاءت بنو حــربٍ تـخوِّفُ أصيداً    من الموتِ ضلّوا في السبيلِ فخابوا

رأوا أنه يعطي الدنيَّــــــةَ خشيةَ الـ    ــمنيَّةِ كلا إن ذاكَ ســـــــــــــــرابُ

قال من قصيدة في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام):

هيَ (كربلا) فاسفحْ دموعَك فيها    إن لمْ يكن ودقُ الحيا يسقيها (2)

الشاعر:

الشيخ إبراهيم بن حسن بن علي بن عبد الحسين بن نجم السعدي الرباحي المعروف بـ (قفطان) (3) عالم وشاعر ولد في النجف الأشرف

وآل قفطان من الأسر العلمية الجليلة ومن أشهر بيوتات النجف التي شاركت في خدمة العلم والأدب، وعرف فيها كثير من العلماء الشعراء الذين ساهموا على لغة الضاد يوم كادت أن تحتضر على عهد الحكومة التركية، فقد احتفظ لهم سجل الأدب العراقي والنجفي بآثار ومآثر بارزة لا تتلاشى (4)

وقد لقبت الأسرة بقفطان نسبة إلى لباس يعرف به جدهم الأعلى يلبسه فقيل له أبو قفطان وهو اسم أعجمي (5)

نشأ الشيخ إبراهيم في ظلال مجالس النجف وحلقاتها العلمية والأدبية فدرس أوليات العلوم عند والده ثم حضر دروس كبار علماء النجف أمثال: الشيخ علي والشيخ حسن آل كاشف الغطاء، ومحمد حسن النجفي، والشيخ عبد الحسين الطريحي، والشيخ مرتضى الأنصاري (6)

قالوا فيه:

قال فيه السيّد حسن الصدر: (كان عالماً عاملاً فاضلاً كاملاً شاعراً فقيهاً ماهراً، من كبار تلامذة الشيخ جعفر كاشف الغطاء، معاصراً للشيخ صاحب الجواهر، مرجعاً للفحول في القضايا المشكلة والمسائل المعضلة، لم يُساعده الزمان، ولم تحصل له رئاسة مع غزارة علمه، غير أنّ فضله لا يُنكر) (5)

وقال الشيخ عباس القمّي: (من الفضلاء المعروفين) (8)

وقال الشيخ محمد حرز الدين: (عالم أُصولي ماهر، وأديب كامل شاعر) (9)

وقال الشيخ محمد السماوي: (كان أديباً حسن الخطّ شاعراً، له إلمام بالعلوم الدينية، وله مراجعات ومطارحات مع شعراء عصره كعبد الباقي العمري وغيره، ومدائح لأشراف وقته ومراث فيهم) (10)

قال السيّد الأمين: (عالم فاضل، أديب شاعر، من مشاهير شعراء عصره) (11)

وقال الشيخ آل محبوبة: (كان أحد العلماء والشعراء الآخذين بنصيب وافر من العلم والأدب، كان عالماً فاضلاً أديباً، وشاعراً ناثراً مجيداً، حاز الشهرة الطائرة في النظم) (12)

وقال الشيخ آقا بزرك الطهراني: (عالم فقيه، وأديب معروف… كانت له مكانة سامية عند فقهاء عصره ومشاهيرهم، نظراً لعلمه الجم) (13)

وقال علي الخاقاني: (عالم جليل، وأديب مشهور، وشاعر في الطليعة من شعراء عصره) (14)

وقال الشيخ محمّد هادي الأميني: (كان عالماً فاضلاً أديباً شاعراً ناثراً مجيداً، ويُعدّ من العلماء والشعراء الآخذين بنصيب وافر من العلم والأدب) (15)

وقال السيد جواد شبر: (عالم عامل فاضل كامل أديب شاعر من مشاهير شعراء عصره) (16)

وقال الشيخ علي كاشف الغطاء: (كان عالماً فاضلاً ورعاً عابداً أديباً كاتباً له مهارة في كل علم..) (17)

ونقل السيد الأمين عن الشبيبي قوله في قفطان: (كان من أشهر أدباء هذه الأسرة وفقهائها وهو كأبيه يعول في كسب رزقه على نسخ كتب الفقه والأدب اي أنه يحترف الوراقة ويوجد عدد غير قليل من آثاره المخطوطة في خزائن النجف ويفهم من مؤلفاته انه من علماء عصره الملمين بالفقه والأصولين) (18)

مؤلفاته

له في ميدان العلم عدة مؤلفات في الفقه والأحكام الشرعية وهي:

1 ــ أقل الواجبات في حجّ التمتع

2 ــ رسالة في المتعة

3 ــ كتاب في الرهن

4 ــ قاطعة النزاع في أحكام الرضاع

5 ــ مؤلف في الرهن.

إضافة إلى ديوان شعر (19)

شعره

أما بالنسبة إلى شعره فقد غلب عليه طابع مراثي ومدائح أهل البيت وخاصة في رثاء سيد الشهداء (عليه السلام)

قال في قصيدته البائية التي تبلغ (29) بيتاً وقد قدمناها:

أنِيخت لهم عندَ الطـــــــــــفوفِ ركابُ    ونـــاداهمُ داعي القضـــــا فأجابوا

ولما استطابوا من سما الحـــربِ نقعها    أثــــارته شيبٌ منـــــــــهمُ وشبابُ

يقودون للحربِ العوانِ شـــــــــــوازباً    لهـا بيــن أرجـــــاءِ الفضـاءِ هبابُ

تقلُّ عليها من لـــــــــــــــــويِّ فوارساً    شِـــداداً على وقعِ النصالِ صِـلابِ

لقد شغفوا بالبيضِ وهي صــــــــوارمٌ    وفـــي نغمِ الشــــادينَ وهوَ ضرابُ

لهمْ حسبٌ زاكي الفخــــــــــارِ وهاشمٌ    لهـــم نسبٌ لا عــــــــــامرٌ وكلابُ

مواضِ مواضٍ قد تحلّوا بمــــــــــثلها    أســـودٌ لها زرقُ الأسنَّــــــــةِ غابُ

ينيلونَ من قد نــــــــالَ منهمْ فلا يرى    لهم بـــسوى الرقدِ العميمِ عــــــقابُ

وثابتْ إلى نصرِ ابنِ بنــــــــــتِ نبيِّها    ضـــراغمُ غيلٍ في الهياجِ غِضـابُ

هوى لثوابِ اللَهِ منهم وطـــــــــــــالما    إلــــى كلِّ ما فيه الإثــــــــــابةُ ثابوا

إذا ظمئ الخطي في حومـةِ الــــوغى    فليــــسَ سوى ماءِ القلــــوبِ شرابُ

وإن جانبَ الهنديِّ فـي الحــربِ غمدَه    فمــــا الغمدُ إلا هامَــــــــــةٌ ورقابُ

كأنَّ قناهمْ وهيَ تختـرقُ الكُـــــــــــلى    لهــــا بينَ أفلاذِ الضميرِ طـــــــلابُ

إلى أن هووا فوق الثـرى فتسنَّـــــمتْ    عليهمْ من المجدِ العريقِ قبــــــــــابُ

بنفسي بدوراً بالنواويــــــــسِ أشرقتْ    علاها وحاشاها الأفولُ فغــــــــــابوا

وجاءت بنو حـــــربٍ تـخوِّفُ أصيداً    من الموتِ ضلّوا في السبيــلِ فخابوا

رأوا أنه يعطي الدنيَّـــــــــةَ خشيةَ الـ    ــمنيَّةِ كلا إن ذاكَ ســـــــــــــــــرابُ

فديتُ الذي يستمـــــــــهل القومَ عتبه    وكيفَ وهل يثنــي العتـــــــــاةَ عتابُ

ويقرعُ بالوعظِ الجميــــــــلِ مسامعاً    وهلْ يـسمعُ العُـجمُ الرعـــــاعُ خطابُ

يناديهمُ هل من نصيـــــــــرٍ فلم يكن    سوى الـسمرِ والبيضِ الرقــاقِ جوابُ

فجرَّ عليهم من كتائبِ عزمِـــــــــــهِ    كتائبَ حـربٍ دونـــــــــــــــهنَّ حِرابُ

وأذكى لظى الهيـــجا عليهمْ وقد غدا    على الشمـسِ من نسجِ العجاجِ حجابُ

وسامهمُ عضبُ الشبـــــــــــا فكأنهمْ    فَراشٌ ومـصقولُ الفريدِ شهــــــــــــابُ

كأنَّ لعينيهِ المواضــــــــــــي خرائدٌ    لها من دمـــــــــــاءِ الدارعينَ خضابُ

إلى أن دنا ما حتَّمته يدُ القـــــــــضا    وما خطّه في العـــــــــــــــالمينَ كتابُ

فخرَّ على وجـــهِ الثرى علّةُ الورى    له خطبُ قدْرٍ قد عرا ومُصــــــــــــابُ

بنفسيَ عارٍ بالعــــــــــــراءِ وللعدِى    ذهابٌ على جثمـــــــــــــــــــانِه وإيابُ

كرائمُه للظالمينَ غنيـــــــــــــــــمةٌ    وأموالُه للنـــــــــــــــــــــــــاهبينَ نِهابُ

ومن قصائده الحسينية قوله من قصيدة تبلغ (28) بيتاً:

سَفَهٌ وقوفُكَ بين تلــــــــــــكَ الأرسمِ    وسؤالُ رســــمٍ دارسٍ مستعجمِ

يا ربعُ مالكَ مــــــــوحشاً من بعدِ ما    قد كنـــــتَ للـوفّاد محشدَ موسمِ

أفكلّما بالغتَ في كتمِ الهـــــــــــــوى    غلبتـــــــكَ زفرةُ حسرةٍ لم تُكتمِ

هلّا وفيتَ بأن قضيـــــــتَ كما وفى    صحبُ ابن فـاطمةٍ بشهرِ محرَّمِ

من كلِّ وضَّاحِ الفخارِ لهـــــــــــاشمٍ    يُـــــعزى علاً ولآلِ غالبَ ينتمي

وإذا همُ سمعوا الصريخَ تواثبـــــــوا    ما بين ســـــــافعِ مهرِه أو ملجمِ

نفرٌ قضوا عطشاً ومن أيمـــــــــانِهم    ريُّ العطاشِ بجنبِ نهرِ العلقمي

أسفي على تلك الجســـــــومِ تقسَّمت    بيدِ الظبا وغـــــدتْ سهامَ الأسهمِ

قد جَلَّ بأسُ ابن النبيِّ لـــدى الوغى    عن أن يحيــــــــــطَ بهِ فمُ المتكلمِ

إذ هدَّ ركنهمُ بكـــــــــــــــــــلِّ مهنَّدٍ    وأقامَ مائلـهمْ بكـــــــــــــــلِّ مقوَّمِ

يغشى الوطيـــسَ ببأسِ أروعِ باسلٍ    مُتهلِّلٍ عنـد اللقا مـــــــــــــــــتبسِّمِ

ينحو العدى فتفرُّ عنه كــــــــــــأنهمْ    حمرٌ تنافـرُ من زئيرِ الضيــــــغمِ

ويسلُّ أبيضَ في الهيـــــــــاجِ تخاله    صبــــــــــحاً تبلّجَ تحتَ ليلٍ مظلمِ

وإذا العداةُ تنظّمتْ فرســــــــــــانُها    في كلِّ سطرٍ بالأســـــــــنةِ معجمِ

وافاهمُ فمحى صحــــــــائفَ خطهمْ    مسحـــــــــــــاً بكلِّ مقوَّمٍ ومصمَّمِ

قد كادَ يفني جمعَـــــــــهم لولا الذي    قد خُطّ في لـــوحِ القضاءِ المحكمِ

سهمٌ رمى أحشاكَ يا ابنَ المصطفى    سهمٌ به كبدُ الهـــــــــدايةِ قد رمي

لمْ أنسَ زينبَ وهــــــيَ تدعو بينهم    يا قومُ ما في جمعـــــكمْ من مسلمِ

إنّا بناتُ المصـــــــــــطفى ووصيِّه    ومخدراتُ بني الحطيــــمِ وزمزمِ

ما دارَ في خلدي مجـــــاذبة العدى    منّي رداي ولا جرى بتـــــــوهمي (20)

...........................................................................................

1 ــ شعراء الغري ج 1 ص 33 ــ 34 / موسوعة طبقات الفقهاء ج 12 ص 14

2 ــ أدب الطف ج 7 ص 124

3 ــ شعراء الغري ج 1 ص 27 / أعيان الشيعة ج ٢ ص ١٢٥

4 ــ شعراء الغري ج 1 ص 28

5 ــ أعيان الشيعة ج ٢ ص ١٢٥

6 ــ شعراء الغري ج 1 ص 28

7 ــ تكملة أمل الآمل ج 2 ص 16

8 ــ الكنى والألقاب ج 3 ص 79

9 ــ معارف الرجال ج 1 ص 21

10 ــ الطليعة من شعراء الشيعة ج 1 ص 67

11 ــ أعيان الشيعة ج 2 ص 125

12 ــ ماضي النجف وحاضرها ج 3 ص 96

13 ــ طبقات أعلام الشيعة ج 10 ص 12

14 ــ شعراء الغري ج 1 ص 27

15 ــ معجم رجال الفكر والأدب ص 353 رقم 1458

16 ــ أدب الطف ج 7 ص 123

17 ــ الحصون المنيعة ج 2 ص 467

18 ــ أعيان الشيعة ج ٢ ص ١٢٥

19 ــ نفس المصدر ص 126

20 ــ شعراء الغري ج 1 ص 57 ــ 58 / أعيان الشيعة ج ٢ ص ١٢6

المرفقات

: محمد طاهر الصفار