5 ــ إبراهيم الكفعمي: (840 ــ 900 هـ / 1436 ــ 1499 م)

إبراهيم الكفعمي: (840 ــ 900 هـ / 1436 ــ 1494 م)

قال من قصيدة في الإمام الحسين (عليه السلام):

سألتـــــــــــكمُ باللهِ هل تدفنوني    إذا متُّ في قبرٍ بأرضِ عقيرِ

فإنّي بهِ جارُ الشهيدِ بـ (كربلا)    سليــلِ رسولِ اللهِ خيرِ مجيرِ

فإنّي به في حفرتي غيرُ خائفٍ    بلا مـــريةٍ، من منكرٍ ونكيرِ (1)

الشاعر:

الشيخ تقي الدين إبراهيم بن علي بن حسن بن محمد بن صالح بن إسماعيل الحارثي الهمداني، الكفعمي اللويزي الجبعي. كما صرح هو بذلك عن نفسه في نهاية كتابه المصباح بقوله: (الكفعمي مولداً، اللويزي محتداً، الجبعي أباً، الحارثي نسباً، التقي لقباً، الإمامي مذهباً، وجاء لقبه (الحارثي) نسبة إلى جده الأعلى الحارث الهمداني، و(الكفعمي) نسبة إلى قرية (كفرعيما) في جبل عامل، وكذلك (اللويزي) و(الجبعي) نسبة إلى قريتي (اللويزة) و(جبع) في جبل عامل (2)

نشأ الكفعمي في أجواء علمية وتدرّج في ظل أسرة لها تاريخ عريق في العلم فهي تنحدر من سلالة الحارث الهمداني صاحب أمير المؤمنين وأحد ثقاته وتلاميذه المخلصين الذي كان من فقهاء وعلماء شيعته (عليه السلام)، قال عنه أبو بكر بن أبي داود: (الحارث كان أفقه الناس، وأفرض الناس، وأحسب الناس، تعلّم الفرائض من علي) (3)

وقد ورث أفراد هذه الأسرة حب العلم والتفقه كما ورثوا حب أمير المؤمنين (عليه السلام).

ويرجع أصل هذه الأسرة إلى قرية (اللويزة) حيث هاجر زين الدين علي ــ والد الكفعمي ــ منها إلى (جباع) ومنها إلى (كفرعيما) التي ولد فيها ولده إبراهيم وهذه القرى الثلاثة: (اللويزة وجباع وكفرعيما) هي من قرى جبل عامل، وكان الشيخ زين الدين من كبار علماء الجبل فحرص على أن يواصل أبناؤه الخمسة مسيرة آبائهم في طريق العلم فكانوا كما أراد حيث سطعت نجومهم في سماء هذه المدينة التي تعد من أهم المراكز العلمية في لبنان والعالم الإسلامي، أما أولاده فهم:

1 ــ الشيخ شمس الدين محمد: من كبار علماء الجبل والجدّ الأعلى للشيخ البهائي.

2 ــ الشيخ جمال الدين أحمد: صاحب كتاب (زبدة البيان في عمل شهر رمضان).

3 ــ الشيخ تقي الدين إبراهيم الكفعمي

4 ــ رضي الدين.

5 ــ شرف الدين.

كان والده هو الأستاذ الأول له، فنهل على يديه مبادئ العلوم الشرعية الأولية وتوسعت دائرة تعلمه فشملت مختلف العلوم الفقهية والعقائدية وتضلع في اللغة والأدب، ثم سافر إلى النجف الأشرف وفيها طالع الكتب في الخزانة الغروية فاستفاد منها كثيراً ومنها جاء إلى كربلاء، ولما وصلها ارتجل قصيدته التي أوصى فيها أن يدفن في مكان فيها أعده بنفسه اسمه (عقير) كما في مطلع القصيدة، وربما كان هذا المكان هو (العقر) فجاءت مصغرة والعقر هي عَقرُ بابل قرية قرب كربلاء من جهة الكوفة، وقيل إنه حفر قبراً له فيها، وذكر الشيخ محمد السماوي إنه دفن في كربلاء (4) غير أن السيد الأمين قال: (إنه دفن في قرية جبشيت في جبل عامل وله هناك مزار) (5)

وقال السيد حسن الصدر: (وحدثني بعض الأجلة الثقات أن قبره كان مخفياً وظفر به في المائة الحادية عشر، وله حكاية غريبة) (6)

أساتذته

درس الكفعمي ــ إضافة إلى والده ــ على يد كبار علماء جبل عامل وروى ونقل عنهم في كتبه فكان من أساتذته:

1 ــ السيد الحسين بن مساعد الحسيني الحائري

2 ــ السيد علي بن عبد الحسين بن سلطان الموسوي

3 ــ الشيخ زين الدين علي بن يونس النباطي العاملي

4 ــ أخوه الشيخ شمس الدين

7 ــ الشيخ شمس الدين المشغري.

مؤلفاته

أثرى الكفعمي المكتبة الإسلامية بنفائس الكتب وفي مختلف العلوم فهو العالم الموسوعي والفقيه المحدّث والشاعر الأديب فألف في العرفان وعلوم القرآن والأخلاق والسير والسلوك والتاريخ واللغة والأدب والشعر والدعاء وقد أحصي له أكثر من خمسين مؤلفاً منها:

1 ــ البلد الأمين والدرع الحصين: وهو من أهم مؤلفاته

2 ــ جنة الأمان الواقية وجنة الإيمان الباقية: المعروف بـ (مصباح الكفعمي)

3 ــ الفوائد الشريفة في شرح الصحيفة: (الصحيفة السجادية) للإمام زين العابدين (عليه السلام)

4 ــ القصد الأسنى في شرح الأسماء الحسنى.

5 ــ نهاية الأرب في أمثال العرب.

6 ــ قراضة النضير في التفسير فروق اللغة.

7 ــ المنتقى في العوذ والرقى.

8 ــ الحديقة الناضرة.

9 ــ نور حدقة البديع ونور حديقة الربيع في شرح بعض قصائد العرب.

10 ــ النحلة.

11 ــ فرج الكرب وفرح القلب.

12 ــ الرسالة الواضحة في شرح سورة الفاتحة.

13 ــ الكواكب الدرية.

14 ــ زهر الربيع في شواهد البديع.

15 ــ حياة الأرواح في اللطائف والأخبار والآثار.

16 ــ أرجوزة في مقتل الحسين وأصحابه.

17 ــ مقاليد الكنوز في اقفال اللغوز.

18 ــ رسالة في وفيات العلماء.

19 ــ ملحقات الدروع الواقية.

20 ــ اللفظ الوجيز في قراءة الكتاب العزيز.

21 ــ حديقة أنوار الجنان الفاخرة وحدقة أنوار الجنان الناضرة.

22 ــ مشكاة الانوار.

23 ــ التلخيص في مسائل العويص.

24 ــ فصول مسجعة في سور القرآن

25 ــ محاسبة النفس اللوامة وتنبيه الروح النوامة.

26 ــ مجموع الغرائب وموضوع الرغائب.

27 ــ صفط الصفات في شرح دعاء السمات.

28 ــ تأريخ وفيات العلماء

29 ــ تعليقات على كشف الغمة

30 ــ الجنة الواقية

31 ــ حجلة العروس

32 ــ حياة الأرواح ومشكاة المصباح.

33 ــ الرسالة الواضحة في شرح سورة الفاتحة

34 ــ الكوكب الدري

35 ــ لمع البرق في معرفة الفرق ويعرف أيضاً بـ (فروق اللغة)

36 ــ النخبة

37ــ اختصارات لمجموعة كبيرة من أهم كتب أعلام الشيعة من مختلف العصور

38 ــ العين المبصرة

39 ــ كشف الريبة عن أحكام الغيبة

40 ــ الإسعاف والفضل، والإنصاف والعدل

42 ــ الغديرية: قصيدة في مدح الإمام أمير المؤمنين أنشدها عند قبره عليه السلام بمناسبة عيد الغدير الأغر، وتبلغ 190 بيتاً

43 ــ كشف الظلام في تاريخ النبي والأئمة الاثني عشر (عليهم السلام)

في سجل التاريخ

كان لسجل الكفعمي الحافل بالعطاء أثره على كبار العلماء فاقتبسوا منه وأشادوا بفضله وأثنوا على علمه وأدبه وقد نقل عنه المقري التلمساني خطبته التي ضمنها أسماء سور القرآن ما لفظه: (وقد وقفت للكفعمي رحمه الله تعالى في شرح بديعيته على خطبة وقصيدة ...) تم يقول المقري عنه: (ما رأيت مثله في سعة الحفظ والجمع) (7)

وقال الشيخ عبد الله الأصفهاني: (العالم الفاضل الكامل، الفقيه المعروف بالكفعمي، من أجلّة علماء الأصحاب وكان عصره متصلاً بزمن إسماعيل الصفوي، وله اليد الطولى في أنواع العلوم لا سيما العربية والأدب، جامع حافل كثير التتبع وكان عنده كتب كثيرة جداً وأكثرها من الكتب الغريبة اللطيفة المعتبرة، وسمعت أنه ورد المشهد الغروي، على مشرِّفه السلام، وأقام به مدة وطالع في كتب خزانة الحضرة الغروية، ومن تلك الكتب ألف كتبه الكثيرة في أنواع العلوم المشتملة على غرائب الأخبار، وبذلك صرح في بعض مجاميعه التي رأيتها بخطه، وأنه كان معاصراً للشيخ زين الدين البياضي العاملي صاحب كتاب ( الصراط المستقيم ) بل كان من تلامذته.

وكان واسع الاطلاع، طويل الباع في الأدب، سريع البديهة في الشعر والنثر، كما يظهر من مصنفاته خصوصاً من شرح بديعيته، حسن الخط، وجد بخطه كتاب دروس الشهيد قدس سره فرغ من كتابته سنة 850هـ وعليه قراءته وبعض الحواشي الدالة على فضله، ورأيت بعض الكتب بخطه في بعض خزائن الكتب في كربلاء سنة 1353هـ). (8)

وقال الشيخ المجلسي: (انه من مشاهير الفضلاء والمحدثين والصلحاء المتورعين. وكانت له مكتبة كبيرة ضمت كثيراً من الكتب الغريبة المعتبرة). (9)

وقال الشيخ الحر العاملي: (كان ثقة فاضلاً، شاعراً عابداً، زاهداً ورعاً). (10)

وقال السيد محمد باقر الخوانساري: (الشيخ العالم الباذل الورع الأمين، والأديب، الماهر المتقن المتين) (11)

وقال فيه الزركلي: (إبراهيم بن علي بن الحسن الحارثي العاملي الكفعمي، تقي الدين: أديب، من فضلاء الإمامية، نسبة إلى قرية كفرعيما بناحية الشقيف بجبل عامل، ومولده ووفاته فيها. أقام مدة في كربلاء، وله نظم ونثر، وصنف 49 كتاباً ورسالة). (12)

وقال فيه الشيخ عباس القمي: (كان ثقة فاضلاً أديباً شاعراً عابداً زاهداً ورعاً، له كتب منها: المصباح وهو الجُنّة الواقية والجَنّة الباقية، وهو كبير كثير الفوائد، تاريخ تصنيفه سنة 895 هـ.) (13)

وقال فيه الشيخ محمد السماوي: (كان عالماً فاضلاً ناسكاً أديباً شاعراً، له مصنفات كثيرة، جاء من جبل عامل لزيارة المشاهد المقدسة فسكن كربلاء. وذكره صاحب نفح الطيب وأثنى عليه وذكر شيئاً من شعره ومطارحاته أيام كان بجبل عامل) (14)

وقال فيه الشيخ عبد الحسين الأميني: (أحد أعيان القرن التاسع الجامعين بين العلم والأدب، الناشرين لألوية الحديث والمستخرجين كنوز الفوائد والنوادر، وقد استفاد الناس بمؤلفاته الجمة، وأحاديثه المخرجة، وفضله الكثير، كل ذلك مشفوع منه بورع موصوف، وتقوى في ذات الله، إلى ملكات فاضلة، ونفسيات كريمة، حلى جيد زمنه بقلائدها الذهبية، وزين معصمه بأسورتها، وجلل هيكله بأبرادها القشيبة، وقبل ذلك كله نسبه الزاهي بأنوار الولاية المنتهي إلى التابعي العظيم: الحارث بن عبد الله الأعور الهمداني، ذلك العلوي المذهب، العلي شأنه، الجلي برهانه، الذي هو من فقهاء الشيعة) (15)

شعره

وصفت المصادر بأن للكفعمي شعر كثير وقصائد طويلة ولكن للأسف لم تحفظ من هذا الكثير سوى النزر اليسير أما ما بقي من شعره فمنه قصيدته التي يقول فيها:

سألتــــــــــــــــــــــــــكمُ باللهِ هل تدفنونني    إذا متُّ في قبــــرٍ بـأرضِ عقيرِ

فإنّي بهِ جـــــــــــــــارُ الشهيدِ بـ (كربلا)    سليــلِ رســـــولِ اللهِ خـيرِ مجيرِ

فإنّي به في حفـــــــــــــــرتي غيرُ خائفٍ    بلا مــــــــريةٍ، مـن مُنكرٍ ونكيرِ

أمنتُ به في مـــــــــوقــــــــــفي وقيامتي    إذا الناسُ خافوا من لظىً وسعيرِ

فإنّي رأيـــــــــتُ العــــربَ تحمي نزيلَها    وتمنعه مـن أن يصـــــابَ بضيرِ

فكيـــــــــفَ بسبطِ المصطفى أن يردّ مَن    بحـــــــــــــــائرِهِ ثاوٍ بغيرِ نصيرِ

وعارٌ على حامي الحمى وهو في الحمى    إذا ضلَّ في البيــــــدا عقالُ بعيرِ

وله قصيدة غديرية كتبها في حضرة الإمام الحسين (عليه السلام)، قال عنها السيد جواد شبر: (لما قدم الى كربلاء ووقف أمام الحائر الحسيني وهزّه الشوق ارتجل قصيدة تربو على مائة وثلاثين بيتاً) ذكر منها شبر ثلاثة أبيات (16) ونقل بعضها الشيخ عبد الحسين الأميني (17) يقول الكفعمي منها:

هينئاً هينئاً ليـــــــــــــــومِ الغديرِ    ويومِ الحبورِ ويـــــــــومِ السرورِ

ويومِ الكمالِ لديـــــــــــــــنِ الإلهِ    وإتمامِ نعمــــــــــــــةِ ربٍّ غفورِ

ويومِ العقـــــــــــودِ ويومِ الشهودِ    ويومِ المــــــــدودِ لصــنوِ البشيرِ

ويومِ الفلاحِ ويــــــــــــومِ النجاحِ    ويومِ الصــــــــلاحِ لكـلِّ الأمورِ

ويومِ الإمــــــــــــــارةِ للمرتضى    أبـــي الحسنيـــــنِ الإمــامِ الأميرِ

وأينَ الضبابُ وأينَ السحـــــــابُ    وليــــسَ الكــواكبَ مثــلَ البدورِ

عليُّ الوصيُّ وصـــــــــــيُّ النبيِّ    وغـوثُ الــوليِّ وحتــفُ الكفورِ

وغيثُ المحــــــولِ وزوجُ البتولِ    وصنوُ الــرسولِ السـراجِ المنيرِ

أمانُ البلادِ وســــــــــــاقي العبادِ    بيومِ المعــــــــــــادِ بعــذبٍ نميرِ

همامُ الصفوفِ ومُقري الضيوفِ    وعندَ الــزحـوفِ كليـثٍ هـصورِ

ومن قد هوى النجــــــمُ في داره    ومَن قــاتلَ الــجنَّ فــي قـعرِ بيرِ

وسلْ عنه بدراً وأحــــــــداً ترى    له سطــواتُ شجـــــــــاعٍ جسورِ

وسلْ عنه عَمرواً وسلْ مـــرحباً    وفي يــــــومِ صفيــنَ ليلَ الهريرِ

وكمْ نصـــــــرَ الـدينَ في معركٍ    بسيفٍ صـقيــــــــلٍ وعزمٍ مريرِ

وستاً وعشـــــــــرينَ حرباً رأى    مع الهاشـميِّ البشيــــــرِ النــذيرِ

أميرُ الســــــــــــرايا بأمرِ النبيِّ    وليس علـيهِ بها مـن أميـــــــــــرِ

ورُدّتْ له الشمــــــــسُ في بابلٍ    وآثرَ بالقُـرصِ قبلَ الفـــــــــطورِ

ترى ألفَ عبدٍ له معـــــــــــــتقاً    ويختارُ في القوتِ قرصَ الشعيرِ

وفي مدحِـــــــهِ نـزلتْ هل أتى    وفي ابنيــــــهِ والأمِّ ذاتِ الطهورِ

جزاهمْ بما صبـــــــــــروا جنةً    وملكاً كبيراً ولبـــــــــسَ الحريرِ

وحلّوا أســـــــــــاورَ من فضةٍ    ويسقيـــــــــهمُ من شرابٍ طهورِ

وآيُ التبــــــــــــاهلِ دلّت على    مقامٍ عظيمٍ ومـــــــــــــــجدٍ كبيرِ

وأولادُه الغرُّ سفـــــــــنُ النجاةِ    هداةُ الأنــــــــــــــامِ إلى كلِّ نورِ

ومَنْ كتبَ اللهُ أسمــــــــــــاءَهم    على عـرشِهِ قبل خلــــقِ الدهورِ

هُمُ الطيبونَ هُمُ الطـــــــاهرونَ    هُمُ الأكــرمون ورفدُ الفقيــــــــرِ

هُمُ العـــــــــالمونَ هُمُ العاملونَ    هُمُ الصــــــــائمونَ نهارَ الهجيرِ

هُمُ الحـــــــــافظونَ حدودَ الإلهِ    وكهفُ الأرامــــــــلِ والمستجيرِ

لهمْ رُتَبٌ عــــــــــــلتِ النيرينِ    وفضلهمُ كسحــــــــــــــابٍ مطيرِ

مناقبهمْ كنجــــــــــــــومِ السماءِ    فكيفَ يترجمُـــــــــها عن ظهيرِ

ترى البحــرَ يقصرُ عن جودِهمْ    وليسَ لهم في الـورى من نظيرِ

فدونكها يا إمــــــــــــــامَ الورى    من الكفعــــــــــمي العبيدِ الفقيرِ

ومنها:

بحقّـك مولايَ فاشــــــــــــفع لِمَن    أَتاكَ بـمدحِ شـــــــفاءِ الصـدورِ

هوَ الجَبَــــــــــعيُّ المسيءُ الفقيرُ    إلى رحَمَــــــاتِ الرحيمِ الغفورِ

من الحـسناتِ خــــــــــــلا قـدحُهُ    فـمــــــــا من فتيلٍ ولا من نقيرِ

خطاياهُ تحكي رمالَ الفــــــــــلاة    ووزن اللــــــــــكامِ واُحْدٍ وثَورِ

وشيخٌ كبيــــــــــــــــــــــرٌ له لمَّةٌ    كســـــــــاها التعمّرُ ثوبَ القتيرِ

أتاهُ النذيرُ فأضحـــــــــــى يقولُ:    أعيذُ نذيــــــــــري بسبطِ النذيرِ

أتيتُ الإمامَ الحسيـــــــــنِ الشهيدِ    بقلبٍ حزيــــــــــنٍ ودمعٍ غزيرِ

أتيتُ ضريحــــــــــــــاً شريفاً به    يعودُ الضـــــريرُ كمثلِ البصيرِ

أتيتُ إمامَ الهدى سيــــــــــــــدي    إلى الحـــــــائرِ الجارِ للمستجيرِ

أرجّي الممـــــــاتَ ودفنَ العظامِ    بأرضِ الطفـــــوفِ بتلكَ القبورِ

لعلّي أفوزُ بسكنــــــــــى الجِنانِ    وحورٍ محجّــــــــلةٍ في القصورِ

أتيتُ إلى صــــاحبِ الـمعجزاتِ    قتيــــــــلَ الطغاةِ ودامي النحورِ

أتيتُ استقيلَ ذنوبــــــــــاً مضتْ    من المستقـــــــــالِ الإلهِ الغفورِ

فإنّي رأيتُ عُريـــــــــــبَ الفلاة    يوفّوا الإجــــــــــــارةَ للمستجيرِ

فكيفَ بسبـــــــــطِ النبيِّ الشـهيدِ    يضلّ لديهِ عقــــــــــــــالُ البعيرِ

ففطرس سُمِّـــيْ عتيقَ الحــسين    لردِّ الجنـــــــاحينِ بعدَ الحصورِ

أتى لزيارتهِ قـــــــــــــــــــاصداً    فأضحى صحيحاً لفضلِ المزورِ

أقامَ بحضـــــــــــــــــــرتِهِ دائماً    بمرِّ السنيـــــــــــنِ ومرِّ الشهورِ

وإنّي بحـــــــــــــائرِكمْ قد نزلتُ    وما لي ســــــــواءكمُ من نصيرِ

مقامي عندكَ أهـــــــــــــنى مقامٍ    وسيــــري وتـرككَ أشقى مسيرِ

وإن ودادي لــــــــــــــكمْ خالصٌ    مقيمٌ وحقِّــــــــكَ وسطَ الضميرِ

نشأتُ عليه من الـــــــــــــوالدين    فكــــــــــان غـذاءً لطفلٍ صغيرِ

وصلّى الإلهُ عــــــلى المصطفى    وعترتهِ الأطهـــــــــرينَ البدورِ

بكلِّ أوانٍ وفـــــــــــــي كلِّ حينٍ    ووقتِ العشــــــاءِ ووقتِ البكورِ

ومن شعره قوله من قصيدة تبلغ (60) بيتاً ذكرها في كتابه المصباح (18)

إلهي لكَ الـــــحمـدُ الذي لا نهايةً    له ويـرى كلّ الأحايــــــيــنِ باقيـا

على أن رَزقـتَ العبدَ منكَ هدايةً    أتاحته تخليصاً مــــــن الكفرِ واقيا

إلهيَ فاجعلنـــــي مطيعا أَجَرْتَــه   وإن لم أكن فارحمْ لمن جاء عاصيا

بعثتُ الأماني نحو جودك سيِّدي    فرُدَّ الأماني العــــــاطلات حواليــا

وله قصيدة في مدح النبي صلى الله عليه وآله وسلم تجمع أسماء سور القرآن تبلغ (40) بيتاً يقول منها (19):

مولىً له الأنعامُ والأعــــرافُ والـ    أنفالُ والحِـــــــكمُ التي لا تجهلُ

يا نورُ يا فـرقانُ ويـــــا من مدحه    نطقتْ به الشعراءُ وهو المرسلُ

ودنا له القمــرُ الــــمـنيرُ وشقّه الـ    ـرحمنُ واقعـــــــــةً له لا تجهلُ

وله لدى الــــحشرِ العظيمِ شـفاعةٌ    في أمّةٍ بالإمتحانِ تــــــــسربلوا

يا مَن به شُرعَ الطلاقُ ومن له الـ    ـتحريمُ والملكُ العظيــمُ الأجملُ

يا مَن تزولُ المـــــــرسلاتُ ببعثهِ    يا أيُّها النبأ العظيــــــــمُ الأكملُ

يا مَن ليـــــــــــــالي القدرِ بيِّنةٌ له    وعـداهُ بالزلزالِ منه تـــــزلزلوا

هو صاحبُ الإيلافِ والدينِ الذي    يسقي غداً من كـــــوثرٍ يتسلسلُ

يا خاتماً فلقَ الصبــــــاحَ كوجهِهِ    والنـــــــــــاسُ منه مكبُّرٌ ومُهللٌ

أبياتُها ميقـــــــــــاتُ موسى عدّة    والكفعــميُّ بمــــــــــدحِهِ يتعجَّلُ

وقال السيد جواد شبر: لما قدم الى كربلاء ووقف أمام الحائر الحسيني وهزّه الشوق ارتجل قصيدة تربو على مائة وثلاثين بيتاً منها:

أتيتُ الإمامَ الحسينَ الشهيدْ     بقلبٍ حــزينٍ ودمـعٍ غـزيرِ

اتيــــتُ ضـريحاً شريفاً به     يعودُ الضريرُ كمثلِ البصيرِ

أتيتُ إمــــامَ الهـدى سيدي     بشوقٍ هـو الكهفُ للمستجيرِ (20)

......................................................................................

1 ــ روضات الجنات في أحوال العلماء والسادات ج 1 ص 23 / المقام الاسنى في تفسير الأسماء الحُسنى للكفعمي ص 11 / الطليعة من شعراء الشيعة ج 1 ص 5 / أدب الطف ج 4 ص 321 / تاريخ الحركة العلمية في كربلاء ص 45 / الغدير ج 11 ص 215 / أدب الطف ج 4 ص 321

2 ــ أعيان الشيعة للسيد محسن الأمين ج 2 ص 185 / 186

3 ــ تهذيب الكمال المزي لجمال الدين المزي ج 5 ص 252 / ميزان الاعتدال للذهبي ج ١ ص ٤٣٧

4 ــ الطليعة إلى شعراء الشيعة ج 1 ص 5

5 ــ أعيان الشيعة ج 2 ص 185

6 ــ تكملة أمل الأمل ص 76

7 ــ نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب ج 7 ص 344

8 ــ رياض العلماء ج 1 ص 21

9 ــ أدب الطف للسيد جواد شبر ج 4 ص 323 عن المجلسي

10 ــ أمل الآمل ج 1 ص 28

11 ــ روضات الجنات، ج 1 ص 21

12 ــ الأعلام ج 1 ص 53

13 ــ الكنى والألقاب ص 119

14 ــ الطليعة من شعراء الشيعة ج 1 ص 5

15 ــ الغدير ج 11 ص 213

16 ـ أدب الطف ج 4 ص 321

17 ــ الغدير ج 11 ص 212

18 ــ ص ٣٧٩

19 ــ معجم اعلام شعراء المدح النبوي المؤلف لمحمد أحمد درنيقة ج 1 ص 41 / أعيان الشيعة ج 2 ص 187

20 ــ أدب الطف ج 4 ص 321

كما ترجم له:

الشيخ أغا بزرك الطهراني / مصفى المقال في مصنفي علم الرجال ج 9 ص 10

السيد حسن الصدر / تأسيس الشيعة ص 175

الشيخ عباس القمي / سفينة البحار ج 1 ص 77

عمر رضا كحالة / معجم المؤلفين ج 1 ص 6

المرفقات

: محمد طاهر الصفار