على ضفاف نهر الفرات في كربلاء يجلس عباس الجبوري (76عاما )على بقايا مزرعته التي كانت شامخة بنخيلها وخضرواتها قبل اكثر من 40 عاما لكنها اليوم باتت خاوية على عروشها مع بقايا اشجار قتلها الجفاف.
يسير عباس بين جذوع نخيله المحترقة ليحكي ما جرى على مزرعته عام 1991م ابان حكم النظام السابق وسياسته القمعية التي مارسها ضد ابناء الشعب العراقي واهماله المتعمد لثرواته.
يقول الجبوري انه "في صباح عام 1991م استيقظت على اصوات اخي الذي جاء مهرولا قادما من المزرعة ليصرخ وسط الدار (احتركت المزرعة سنموت جوعا)".
ليضيف ذهبت مسرعا احمل معي الادوات البسيطة الخاصة باطفاء الحرائق الا انني فوجئت عند وصولي للمزرعة بوجود رجال النظام السابق بصحبتهم مركبات خاصة لقطع النخيل وادوات للحرق".
عباس الجبوري خلال حديثه بانت ملامح الحزن على وجهه ولم يسيطر على مشاعره التي ترجمها من خلال الدموع، ويشير الى انه "يأتي يوميا للمزرعة لمواساة النخيل والاشجار لما حدث لها انذاك، متمنيا ان يعود نخيل العراق الى ماكان عليه ".
ارقام
تشير احصائيات الخبراء والمهتمين في زراعة النخيل والامن الغذائي الى ان العراق كان يمتلك اكثر من 30 مليون نخلة قبل الحرب العراقية الايرانية وصولا الى الانتفاضة الشعبانية 1991 اي مايعادل 25% من نخيل العالم الكلي .
ولكن سرعان ما بدأت هذه الاحصائيات بالتدهور والهبوط بسبب السياسة القمعية آنذاك والاهمال المتعمد والقصف العشوائي والمدروس على بساتين البصرة بالاضافة الى الحرق والتجريف المتعمدين لتشير الارقام ان عدد نخيل العراق تراجع الى 11 مليون نخلة .
أمنية عباس
بعد سقوط النظام بدأت البساتين تعود الى ما كانت عليه في السابق لاعادة الهيبة والشموخ للنخلة العراقية .
حيث ظهرت منظمات ومراكز تعنى بالنخيل بالإضافة الى تأسيس مزارع ضخمة للإعادة انتاج التمور وتصديره .
من هذه المزارع مزرعة فدك للنخيل التابعة للعتبة الحسينية المقدسة في كربلاء والتي تبلغ مساحتها (2000دونم) والمتخصصة بزراعة النخيل .
ويقول مدير المزرعة المهندس فائز ابو المعالي ان " العتبة الحسينة اتجهت في عام 2015 نحو تأسيس اول مزرعة نموذجية للنخيل في كربلاء باعتبار النخلة رمز الشموخ في العراق بالاضافة لتعويض ماتم تجريفه في السنوات الماضية ولاعادة العراق الى لائحة الدول المصدرة للتمور ".
ويوضح ان من ايجابيات المزرعة هي تقويض الاستيراد ومحاربة التصحر وزيادة الرقعة الخضراء وكذلك تنقية البيئة وايجاد بنك وراثي للحفاظ على الاصناف النادرة من التمور .
ويضيف، بدأ العمل من خلال المرحلة الاولى بزراعة 400 دونم و7000 فسيلة من الاصناف المميزة وذات الطلب المحلي والعالمي .
ويتابع ابو المعالي ان "المزرعة تسير وفق انظمة وتقنيات حديثة تساهم بتوفير افضل طرق العناية بالنخيل ".
ويؤكد على ان" المزرعة تستخدم المواد الطبيعية لتحفيز النخيل ونموها وتبتعد عن المواد الكيميائية بالإضافة الى اعتمادها على مياه الابار والانهر".
ويشير الى انه "بلغ حجم انتاج المزرعة العام الماضي اكثر من 2000 كغم من التمور ذات الانواع الجيدة وبجودة عالية ".
ويستطرد قائلا ان "الخطة الاستراتيجية للمزرعة هي زراعة 70 الف نخلة لتكون من ضمن اهم المزارع في العراق ".
ولاتقتصر مزرعة فدك على زراعة النخيل بل انها استثمرت المساحات البينية لزراعة اشجار الفواكه والحمضيات".
منع الاستيراد
في الشهر الماضي اعلن وزير الزراعة العراقي من ارض مزرعة فدك منع الاستيراد بشكل نهائي لاي نوع من انواع التمور سواء المعلبة او غير المعلبة ليكون القرار حافزا لجميع المزارع المتخصصة بالتمور بالاضافة الى دعم الانتاج المحلي والحفاظ على العملة الصعبة داخل البلد .
مصطفى احمد باهض تصوير: اعلام مزرعة فدك
الموقع الرسمي للعتبة الحسينية المقدسة
اترك تعليق