نقل ممثل المرجع السيستاني عدداً من التوصيات الجديدة للمرجع الأعلى إلى أبنائه( رجال الحشد الشعبي والمقاتلين) داعياً إلى إغاثة عاجلة لسكان ناحية البغدادي التابعة لمحافظة الأنبار مؤكداً استعداد العتبات المقدسة للمساهمة في تقديم الإغاثة إذا وفرت أجهزة الدولة الآليات المناسبة لإيصال مواد الإغاثة والدواء إليهم.وقال الشيخ عبد المهدي الكربلائي خلال الخطبة الثانية لصلاة الجمعة في 30/ ربيع الآخر/1436 هـ الموافق0 2/2/ 2015م ما نصه:
نقرأ على حضراتكم توجيهات أخرى مما أوصى به المرجع الديني الأعلى سماحة السيد السيستاني – دام ظله الشريف- المقاتلين والمجاهدين في جبهات القتال:
فالله الله في النفوس، فلا يستحلّن التعرّض لها بغير ما أحلّه الله تعالى في حال من الأحوال، فما أعظم الخطيئة في قتل النفوس البريئة وما أعظم الحسنة بوقايتها وإحيائها- كما ذكر الله سبحانه وتعالى في كتابه- و إنّ لقتل النفس البريئة آثاراً خطيرة في هذه الحياة وما بعدها، وقد جاء في سيرة أمير المؤمنين (عليه السلام) شدّة احتياطه في حروبه في هذا الأمر، وقد قال في عهده لمالك الأشتر – وقد عُلِمت مكانتُه عنده ومنزلتهُ لديه – : (إيّاك والدماء وسفكها بغير حلّها فإنّه ليس شيء أدعى لنقمة وأعظم لتبعة ولا أحرى بزوال نعمة وانقطاع مدّة من سفك الدماء بغير حقّها والله سبحانه مبتدئ بالحكم بين العباد فيما تسافكوا من الدماء يوم القيامة، فلا تقويّن سلطانك بسفك دم حرام، فإنّ ذلك مما يضعفه ويوهنه، بل يزيله وينقله ولا عذر لك عند الله ولا عندي في قتل العمد لأنّ فيه قوة البدن).
وأضاف : لقد كان من سيرة أمير المؤمنين (عليه السلام) أنّه كان ينهى عن التعرّض لبيوت أهل حربه ونسائهم وذراريهم رغم إصرار بعض من كان معه – خاصّة من الخوارج- على استباحتها وكان يقول: (حارَبنا الرجال فحاربناهم، فأمّا النساء والذراري فلا سبيل لنا عليهم ؛لأنهن مسلمات وفي دار هجرة، فليس لكم عليهن سبيل، فأمّا ما أجلبوا عليكم واستعانوا به على حربكم وضمّه عسكرهم وحواه فهو لكم، وما كان في دورهم فهو ميراث على فرائض الله تعالى لذراريهم، وليس لكم عليهنّ ولا على الذراري من سبيل).
الله الله في اتهام الناس في دينهم نكاية بهم واستباحة لحرماتهم، كما وقع فيه الخوارج في العصر الأول وتبعه في هذا العصر قوم من غير أهل الفقه في الدين، تأثراً بمزاجياتهم وأهوائهم وبرّروه ببعض النصوص التي تشابهت عليهم، فعظم ابتلاء المسلمين بهم.واعلموا أنّ من شهد الشهادتين كان مسلماً يُعصم دمُه ومالُه وإن وقع في بعض الضلالة وارتكب بعض البدعة، فما كلّ ضلالة بالتي توجب الكفر، ولا كلّ بدعة تؤدي إلى نفي صفة الإسلام عن صاحبها، وربما استوجب المرء القتل بفساد أو قصاص وكان مسلماًوقد قال الله سبحانه مخاطباً المجاهدين : (يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبيّنوا، ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمناً تبتغون عرض الحياة الدنيا)، واستفاضت الآثار عن أمير المؤمنين (عليه السلام) نهيه عن تكفير عامّة أهل حربه – كما كان يميل إليه طلائع الخوارج في معسكره- بل كان يقول: إنهم قوم وقعوا في الشبهة، وإن لم يبرّر ذلك صنيعهم ولم يصح عُذراً لهم في قبيح فعالهم، ففي الأثر المعتبر عن الإمام الصادق عن أبيه (عليهما السلام): (أنّ علياً -عليه السلام- لم يكن ينسب أحداً من أهل حربه إلى الشرك ولا إلى النفاق ولكن يقول : هم إخواننا بغوا علينا)، (وكان يقول لأهل حربه : إنا لم نقاتلهم على التكفير لهم ولم نقاتلهم على التكفير لنا).وأضاف الكربلائي في قوله عن المرجع السيستاني : الله الله في أموال الناس، فإنه لا يحل مال امرئ مسلم لغيره إلاّ بطيب نفسه، فمن استولى على مال غيره غصباً فإنّما حاز قطعة من قطع النيران، وقد قال الله سبحانه: (إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلماً إنّما يأكلون في بطونهم ناراً وسيصلون سعيراً)، وفي الحديث عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إنه قال: (من اقتطع مال مؤمن غصباً بغير حقه لم يزل الله معرضاً عنه ماقتاً لأعماله التي يعملها من البرّ والخير لا يثبتها في حسناته حتى يتوب ويردّ المال الذي أخذه إلى صاحبه).وجاء في سيرة أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه نهى أن يُستحّل من أموال من حاربه إلاّ ما وجد معهم وفي عسكرهم، ومن أقام الحجّة على ان ما وجد معهم فهو من ماله أعطى المال إيّاه، ففي الحديث عن مروان بن الحكم قال: (لمّا هَزَمنا عليٌ بالبصرة ردّ على الناس أموالهم من أقام بيّنة أعطاه ومن لم يقم بنيّة أحلفه). الله الله في الحرمات كلّها، فإيّاكم والتعرّض لها أو انتهاك شيء منها بلسان أو يد، واحذروا أخذ امرئ بذنب غيره، فإنّ الله سبحانه وتعالى يقول: (ولا تزر وازرة وزر أخرى)، ولا تأخذوا بالظنّة وتشبهوه على أنفسكم بالحزم، فإنّ الحزم احتياط المرء في أمره، والظنة اعتداء على الغير بغير حجّة، ولا يحملنّكم بغض من تكرهونه على تجاوز حرماته كما قال الله سبحانه: (ولا يجرمنكم شنآن قوم على أن لا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى).وقد جاء عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنّه قال في خطبة له في وقعة صفين في جملة وصاياه : (ولا تمثّلوا بقتيل، وإذا وصلتم إلى رجال القوم فلا تهتكوا ستراً ولا تدخلوا داراً، ولا تأخذوا شيئاً من أموالهم إلاّ ما وجدتم في عسكرهم، ولا تهيجوا امرأة بأذىً وإن شتمن أعراضكم وسببن أمراءكم وصلحاءكم)، وقد ورد أنه (عليه السلام) في حرب الجمل – وقد انتهت- وصل إلى دار عظيمة فاستفتح ففُتحت له، فإذا هو بنساءٍ يبكين بفناء الدار، فلمّا نظرن إليه صحن صيحة واحدة وقلن هذا قاتل الأحبّة، فلم يقل شيئاً، وقال بعد ذلك لبعض من كان معه مشيراً إلى حجرات كان فيها بعض رؤوس من حاربه وحرّض عليه كمروان بن الحكم وعبدالله بن الزبير:(لو قتلت الأحبة لقتلت من في هذه الحجرة).وتابع الكربلائي بتلاوة النص : كونوا لمن قِبَلكم من الناس حماة ناصحين حتى يأمنوا جانبكم ويعينوكم على عدوّكم، بل أعينوا ضعفاءهم ما استطعتم، فإنّهم إخوانكم وأهاليكم، وأشفقوا عليهم فيما تشفقون في مثله على ذويكم، واعلموا أنّكم بعين الله سبحانه، يحصي أفعالكم ويعلم نياتكم ويختبر أحوالكم . هذا وينبغي لمن قِبَلكم من الناس ممّن يتترس بهم عدوّكم أن يكونوا ناصحين لحماتهم يقدّرون تضحياتهم ويبعدون الأذى عنهم ولا يثيرون الظنة بأنفسهم، فإن الله سبحانه لم يجعل لأحدٍ على آخر حقّاً إلا وجعل لذاك عليه حقّاً مثله، فلكلٍّ مثل ما عليه بالمعروف.وجدد ممثل المرجعية مطالبته الحكومة العراقية بأن تبذل جهداً أكبر في تنظيم أمورالمتطوعين ومنع أي تصرف مسيء يمكن أن يصدر من بعض العناصر غير المنضبطة وهم قلة بكل تأكيد وقال: ما تزال القوات المسلحة ومن التحق بهم من المتطوعين يسطّرون صفحات مشرقة من ملاحم التضحية والفداء والبطولة حيث يقدمون أرواحهم قرابين في سبيل تخليص البلد من شر ودنس عصابات داعش الإرهابية.وأوضح الشيخ عبد المهدي الكربلائي أن المسؤولية الوطنية والشرعية والأخلاقية تقتضي من جميع الأطراف العراقية سواء أكانت كتلاً سياسية أو جهات دينية أو ثقافية أو إعلامية أو غير ذلك أن تقدر وتثمن عالياً تضحيات هؤلاء الأبطال لاسيما أن الكثير منهم تركوا عوائلهم وأطفالهم تحت ظروف قاسية وصعبة حيث لا يملكون – في كثير من الأحيان- ما يوفر لهم العيش الكريم ومنهم من ضحى بشهيدين وثلاثة من عائلة واحدة مع بقاء بقية رجال العائلة يشاركون في القتال وبعض آخر ترك تجارته وعمله ودراسته مضحياً بالدنيا وما فيها من أجل المشاركة في الدفاع عن شعب العراق ومقدساته، مشيراً إلى أن القراءة الواقعية والمنطقية لأحداث المنطقة وما يلاحظ من توسع لنفوذ عصابات (داعش) في بعض المناطق واستمرار جرائمها الوحشية المنافية لكل القيم الدينية والإنسانية – وآخرها ذبح المواطنين المصريين الأقباط الأبرياء – تدلنا بكل وضوح على ما كان يمكن أن يصل إليه وضع العراق والمنطقة برمتها لولا الفتوى التاريخية للمرجعية الدينية وما أعقبها من حضور كبير للمتطوعين في جبهات القتال ورفع معنويات الجيش وسائر القوى الأمنية والتضحيات العظيمة التي قدموها خلال الأشهر الماضية.
وأضاف لقد أشدنا كثيراً ولا زلنا نشيد بجهود وتضحيات هؤلاء الأعزة الأبطال وفي الوقت نفسه نؤكد على الحكومة العراقية بأن تبذل جهداً أكبر في تنظيم أمورهم وتمنع أي تصرف مسيء يمكن أن يصدر من بعض العناصر غير المنضبطة وهم قلة بكل تأكيد.وناشد ممثل المرجع السيستاني القيادة العامة للقوات المسلحة والوزارات الأمنية وبقية مؤسسات الدولة المعنية بتقديم جهد استثنائي لإغاثة سكان ناحية البغدادي التابعة لمحافظة الأنبار بقوله: يناشد الكثير من رجال الدين وشيوخ العشائر ووجهاء (ناحية البغدادي )الأجهزة الأمنية والوزارات المعنية للتدخل السريع وإنقاذ أهالي الناحية وخصوصاً المجمع السكني من كارثة إنسانية بسبب حصار عصابات (داعش) الإرهابية لها – وإمكان تعرض المئات من المواطنين الأبرياء للقتل والذبح إضافة إلى معاناة أهاليها من نقص الغذاء والدواء.
وقال الشيخ عبد المهدي الكربلائي : إن المطلوب من القيادة العامة للقوات المسلحة والوزارات الأمنية وبقية مؤسسات الدولة المعنية تقديم جهد استثنائي وعاجل لمنع حصول مأساة بحق أبناء هذه الناحية، ونؤكد استعدادنا في العتبات المقدسة للمساهمة في جهود الإغاثة إذا وفرت أجهزة الدولة الآليات المناسبة لإيصال مواد الإغاثة والدواء إليهم.
اترك تعليق