أصحاب الإمام الحسين (ع) .. رجال الحقيقة

لو استقرأنا النصوص التاريخية لأحداث الطف لوجدنا أن أصحاب الحسين كانوا يمثلون طليعة فرسان الإسلام وأبطاله الأفذاذ ولوجدنا كذلك أن هذه الثلة النادرة والنخبة الواعية لا يمكن أن تتوفر في أي زمان وفي أي مكان, بل عقم عن إنجاب مثلها الزمان والمكان.

وصف رجل شهد يوم الطف مع عمر بن سعد عن مواقف أصحاب الحسين (ع) في ذلك اليوم فقال: (ثارت علينا عصابة أيديها في مقابض سيوفها كأسود ضارية تحطم الفرسان يميناً وشمالاً وتلقي أنفسها على الموت لا تقبل الأمان ولا ترغب في المال ولا يحول حائل بينها وبين الورود على حياض المنية) (1).

هذه شهادة شاهد عيان رأى بعينيه.

ومن النصوص الأخرى قول كعب بن جابر قاتل الشهيد برير بن خضير الهمداني فإنه لما رجع إلى بيته عتبت عليه امرأته بقولها: أعنت على ابن فاطمة وقتلت سيد القراء لقد أتيت عظيماً من الأمر والله لا أكلمك من رأسي كلمة أبداً, فقال لها من ضمن أبيات يصف الصولات البطولية لأصحاب الحسين:

ولمْ ترَ عيني مثلهمْ في زمـــــــــانِهمْ       ***   ولا قبلهم في النــــاسِ إذ أنا يافعُ

أشدَّ قراعاً بالسيــــــوفِ لدى الوغى       ***     ألا كلُّ من يـحمي الذمارَ مقارعُ

وقد صبروا للضربِ والطعنِ حُسَّراً   ***   وقد نـــــــــازلوا لو أن ذلكَ نافعُ (2)

هاتان شهادتان من رجلين حضرا يوم الطف مع جيش عمر بن سعد

وهناك شهادة ثالثة لو تأملها القارئ لاتضحت له الصورة أكثر بأن أصحاب الحسين (رضوان الله عليهم) كانوا الذروة في الفروسية والشجاعة حيث لا يمكن أن يقاس بأحدهم أي أحد آخر وهذه الشهادة هي من عمرو بن الحجاج الزبيدي قائد الميمنة في الجيش الأموي في كربلاء فإنه لما رأى أن أصحاب الحسين أكثروا القتل في أهل الكوفة ورأى افراد جيشه يفرون منهم صاح:

(أتدرون من تقاتلون ؟ تقاتلون فرسان المصر وأهل البصائر وقوماً مستميتين لا يبرز إليهم أحد منكم إلا قتلوه على قلتهم).

ومن يتأمل في هذه الكلمة يجد أن أصحاب الحسين كانوا هم طليعة فرسان المسلمين على الإطلاق فهو يقصد بالمصر الكوفة بلا شك والكوفة في ذلك الوقت كانت مجتمعاً محارباً كوّنته القبائل المقاتلة بعد رجوعها من معركة القادسية واختطت دورها فيها فكانت تمثل الجيش الإسلامي وإطلاق كلمة فرسان المصر على جماعة هم في الأساس من هذا المجتمع المحارب ماذا تعني ؟ إنها بلا شك تعني أن هذه الجماعة هم فرسان الجيش الإسلامي على الإطلاق.

وهناك شهادة أخرى بحق أصحاب الحسين هي في غنىً عن هذه الشهادات الثلاث وهي بطولاتهم وشجاعتهم التي أبدوها في ذلك اليوم فقد كان كل واحد منهم جيشاً بأكمله وهذا ما تجسد في مبارزاتهم فكل من استشهد من أصحاب الحسين اشتركت مجموعة من الجيش الأموي بقتله ومارست هذه الجماعة قتالاً جباناً في قتله كرميه بالحجارة ولم يجرؤ أحد على مبارزة أي أحد من أصحاب الحسين فرادى كما اعترف قادة الجيش الأموي بذلك فقد عقب عمرو بن الحجاج الزبيدي على مقولته التي ذكرناها بقوله:

(والله لو لم ترموهم إلا بالحجارة لقتلتموهم) فقال له عمر بن سعد: (صدقت الرأي ما رأيت أرسل في الناس من يعزم عليهم أن لا يبارزهم رجل منكم ولو خرجتم إليهم وحدانا لأتوا عليكم).

 لقد كان من العار على هؤلاء الحثالة الجبناء أن يطلق عليهم كلمة جيش حتى, لأن مهمة الجيش وواجباته نبيلة كالدفاع عن الدين والوطن والعرض ويجب أن يتمتع كل فرد منه بصفات منها الشجاعة, وهؤلاء يفتقرون إلى أدنى الصفات التي يجب أن تتوفر في الجندي الشريف, فأيّ جيش هذا الذي يجبن كل أفراده عن مواجهة رجل واحد لكي يواجهه الجميع بالحجارة ويعطي قائده عمر بن سعد بن أبي وقاص أوامره إلى جنوده بعدم مواجهة أصحاب الحسين فرادى واستخدام أساليب جبانة مثل الرمي بالحجارة والفرار.

وسنستعرض بعض الصور من تلك الممارسات الجبانة التي تدل على خسّة عمر بن سعد وابن زياد ويزيد وأتباعهم وستبقى شاهداً على العار الذي لحق بهم كما ستبقى شاهداً على بطولة أصحاب الحسين وشجاعتهم:

1 ــــ الحر بن يزيد الرياحي: قتل نيفا وأربعين رجلا ... ثم حملت الرجالة على الحر وتكاثروا عليه حتى قتلوه.

2 ـــــ نافع بن هلال الجملي: قتل اثني عشر رجلا سوى من جرح ... وأحاطوا به يرمونه بالحجارة والنصال حتى كسروا عضديه وأخذوه أسيرا وقتله الشمر

3 ـــــ عابس بن أبي شبيب الشاكري: تحاماه الناس لشجاعته ... أحاطوا به من كل جانب فقتلوه.

4 ـــــ حبيب بن مظاهر الأسدي: قتل اثنين وستين رجلا ... اشترك ثلاثة في قتله هم بديل بن صريم ورجل من تميم (لم تسمه المصادر) والحصين بن نمير.

5 ــــ جون بن حوي: قتل خمسة وعشرين رجلا ... فأحاطوا به من كل جانب ومكان فقتلوه.

6 ــــ مسلم بن عوسجة: قاتل قتالاً شديداً ... اشترك اثنان في قتله هما مسلم بن عبد الله الضبابي وعبد الله بن خشكارة.

7 ــــ أبو الشعثاء الكندي: قتل أربعة عشر رجلاً .... تكاثروا عليه وقتلوه.

8 ــــ زهير بن القين: قتل مائة وعشرين رجلاً ... ثم عطف عليه كثير بن عبد الله والمهاجر بن أوس فقتلاه.

9 ــــ برير بن خضير: قاتله ثلاثة رجال هم يزيد بن معقل, ورضى بن منقذ العبدي, وكعب بن جابر, فقتل برير يزيد, وجرح رضى, فقتله كعب.

10 ــــ الصحابي أنس بن الحارث الكاهلي: قتل ثمانية عشر رجلاً ... أحاطوا به وقتلوه

11 ــــ سويد بن عمرو بن أبي المطاع:  تعطفوا عليه وقتلوه.

12 ــــ عبد الله بن عمير الكلبي: قتل تسعة عشر رجلاً ... اشترك رجلان في قتله هما بكر بن حي, وهانئ بن ثبيت الحضرمي.

13 ــــ حنظلة بن أسعد الشبامي: قاتل قتالاً شديداً ... فحملوا عليه فقتلوه.

14 ــــ عمير بن عبد الله المذحجي: قاتل قتالاً شديداً ... اشترك في قتله مسلم الضبابي, وعبد الله البجلي.

هذه بعض الصور اقتطفناها من المصادر عن مبارزات أصحاب الحسين وهم يسجلون بدمائهم الطاهرة أروع صفحات الجهاد والتضحية والفداء في سبيل الحق والعقيدة.

................................................................

1 ــ شرح نهج البلاغة / ابن أبي الحديد ج 3 ص 267

2 ــ مقتل الحسين / عبد الرزاق المقرم ص 286

المرفقات

: محمد طاهر الصفار