كلُّ أملاكِكَ يا حسينُ يحتويْها النّورُ الإلهيُّ فكيفَ برايةِ قبّتِكَ فيْ زيارةِ الأربعينَ

دخل النور المحمدي إلى بيته ؛فلا مكان للشيطان بعد الآن فيه ، كان شعاع ضيائها كأنه ضوء ليزريّ ، حاد الإضاءة ، ملأ خزانتي نوراً لم تشاهده عيني من قبل ، ولا يوصف بوصف معين... بهذه الكلمات جلس صديقي يحدثني عن ليلة باتت فيها راية الإمام الحسين في بيته ، وعن الأحداث التي رافقت ذلك الضوء الذي بعث في نفس أهل بيته لأول وهلة خوفاً ورعباً، وبعدها اطمئنّا وآمنا أن الحسين موجود في كل أشياءه  وكل ما يحمل اسمه.

لم أستغرب من حديثه ؛ لكون أمي قد شفيت من مرض مميت في ضريح أخيه العباس، وأصبحت خادمة لزواره حتى رحلت إلى بيتها الدائم مبيضة الوجه ، ونور وجهها واضح لكل من جايلَها....رغبت أن أعرف تفاصيل تؤكد حديثه علماً أن شخصاً آخر قد شاركه هذا الواقع من ظهور كرامة للحسين في راية قبته الشريفة في قلب بيته ؛ فقال لي : منذ أن رأيتها للوهلة الأولى ملأت روحي ونفسي عشقاً لامتلاكها، وبدأت أبحث عن طريق لأخذها ولو ساعات أشمها أحضنها أتوسم من حامل اسمها الشفاعة والتقرب إلى الله، فهي راية تمثل وجيهاً عند الله.

فعلاً وافق مسؤولي أن آخذ الراية إلى بيتي يوماً واحداً، الفرحة تخللت نفسي، واتصلت بزوجتي أبشرها بامتلاكي راية الإمام الحسين (عليه السلام) ليوم واحد ؛ لنتبرك بها ، وطلبت منها دعوة أهلها ، ومن يروم التبرك براية إمامي الحسين،  فأنا قادم... وحملت الراية وأنا أشق طريقي بين زحام الزائرين القادمين من كل أصقاع العالم لزيارة أربعينيته الخالدة، وبحكم عملي علمت أن  إحصائية الزائرين بلغت تسعة عشر مليون زائر يضاف إلى هذا العدد مليونان من أجنبيّ الجنسية ومحبي السلام من الديانات الأخرى (المسيحية والصابئة والإيزيدية) وغيرها... دخلت البيت واستقبلتني زوجتي باكية ناحبة لم تصدق عيناها وهي تتكحل برؤية راية قبة الإمام الحسين فأخذتها بشوق وشمت عطرها وأجهشت بالبكاء ، وتنقلت الراية بين محبي الحسين من زائري بيتي من الأقارب والأحباب ... تذكرت أن راية الإمام أمانة في عنقي وعليّ إرجاعها غداً فطلبت من زوجتي أن تضعها في خزانة البيت وتحتفظ بها جيداً...فأشرفتُ على وضعها في مكان نظيف وآمن وذهبت إلى النوم لأستفيق على صوت زوجتي تكبر (الله كبر) ، النور يشع من الخزانة وكأنه ليزر، علمت أن كرامة من كرامات إمامي الحسين ظهرت في عقر داري ؛ فاطمأن قلبي أن الحسين موجود نوراً في ضمائرنا... فكانت ليلة طويلة حتى أشرق الصباح ولم ألمس الراية وأبقيتها بعد أن استأذنت مسؤولي في بقائها يوماً آخر.. ليعم النور على جميع أهل بيتي.

هذا ما تحدث به  خادم الحسين وهو يشعر بالزهو أن نور الحسين في بيته لا يزال ،وسيبقى يذكر هذه الحادثة للأجيال، ويتحدث إلى من لا يعرف الحسين؛ فأصبح نور الراية طريقاً جديداً استعمله في الوعي والتوعية إلى معرفة الشهيد الذي أعطى روحه فداء للإسلام.

وساد الصمت مدة من الزمن ليرفع خادم الحسين رأسه ليقول : أكيد أن راية قبة الإمام الحسين ( عليه السلام ) قد تبرك بها مائة وأربعة وعشرون ألف نبي ولامسها الملائكة و(الكروبيون)  ، ويقيني يقول: إن ملائكة السماء تعرج في أربعينيته الحزينة على سبايا  أهل بيته تتوسل بالله بحق الحسين للشفاعة والرضا، وأن الله أعطى للإمام الحسين (عليه السلام)  كرامات، وهذا ماورد في حديث الرسول- صلى الله عليه وآله وسلم- :" إن الله خصَّ ولدي الحسين -عليه السلام- بثلاث : الأئمة من ذريته ، والشفاء في تربته ، والدعاء مستجاب تحت قبته " .

حيدرعاشور

الموقع الرّسميّ للعتبة الحسينيّة المقدّسة