الامام الصادق يدعو لزوار قبر الحسين عليه السلام

ان لزيارة الامام الحسين عليه السلام شأنا عظيما عند الله تعالى واهل البيت عليهم السلام وقد اكدت بعض الروايات انها من المودة لهم وطاعة لله تعالى وقد الفت نظري الى رواية امتازت في ذكر صفاة زائر الحسين عليه السلام وما ذكرته من الاجر له عند الله تعالى كما مبين في رواية الامام الصادق عليه السلام: عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن بعض أصحابنا ، عن إبراهيم بن عقبة ، عن معاوية بن وهب قال : استأذنت على أبي عبد الله عليه السلام فقيل لي : أدخل ، فدخلت فوجدته في مصلاه في بيته فجلست حتى قضى صلاته فسمعته وهو يناجي ربه ويقول : " يا من خصنا بالكرامة وخصنا بالوصية و وعدنا الشفاعة وأعطانا علم ما مضى وما بقي وجعل أفئدة من الناس تهوي إلينا اغفر لي ولإخواني ولزوار قبر أبي عبد الله الحسين ( عليه السلام ) الذي أنفقوا أموالهم و أشخصوا أبدانهم ، رغبة في برِّنا ، ورجاءً لما عندك في صلتنا ، وسروراً أدخلوه على نبيك صلواتك عليه وآله ، وإجابة منهم لأمرنا ، وغيظاً أدخلوه على عدونا أرادوا بذلك رضاك ، فكافهم عنا بالرضوان ، واكلأهم بالليل والنهار ، واخلف على أهاليهم وأولادهم الذي خلفوا بأحسن الخلف ، وأصحبهم واكفهم شر كل جبار عنيد ، وكل ضعيف من خلقك ، أو شديد ، وشر شياطين الإنس والجن ، وأعطهم أفضل من أملوا منك في غربتهم عن أوطانهم ، وما آثرونا به على أبنائهم وأهاليهم و قراباتهم ، اللهم إن أعدائنا عابوا عليهم خروجهم فلم ينههم ذلك عن الشخوص إلينا وخلافا منهم على من خالفنا ، فارحم تلك الوجوه التي قد غيَّرتها الشمس ، وارحم تلك الخدود التي تقلبت على حفرة أبي عبد الله ( عليه السلام ) ، وارحم تلك الأعين التي جرت دموعها رحمة لنا ، وارحم تلك القلوب التي جزعت واحترقت لنا ، وارحم الصرخة التي كانت لنا ، اللهم إني أستودعك تلك الأنفس ، وتلك الأبدان حتى نوافيهم على الحوض يوم العطش .فما زال يدعو وهو ساجد بهذا الدعاء ، فلما انصرف قلت :  جعلت فداك لو أن هذا الدعاء الذي سمعت منك كان لمن لا يعرف الله عز وجل لظننت ان النار لا تطعم منه شيئا أبداً ، والله لقد تمنيت أني كنت زرته ولم أحج ، فقال لي : ما أقربك منه فما الذي يمنعك من زيارته . ثم قال : يا معاوية ولم تدع ذلك ، قلت : جعلت فداك لم ادر أن الأمر يبلغ هذا كله ، فقال : يا معاوية من يدعو لزواره في السماء أكثر ممن يدعو لهم في الأرض . لا تدعه لخوف من أد فمن تركه لخوف رأى من الحسرة ما يتمنى ان قبره كان بيده . أما تحب ان يرى الله شخصك وسوادك ممن يدعو له رسول الله صلى الله عليه وآله، أما تحب أن تكون غدا ممن تصافحه الملائكة ؟(1) تناولت الرواية الشريفة عدة جوانب  خص بها الامام الصادق عليه السلام زوار الامام الحسين اهمها: اولا: ابتدأ  بطلب المغفرة لهم  وهذا اقل ما يناله زائر الامام الحسين بعد الشفاعة يوم القيامة ، وقد ورد عدد من الروايات الشريفة تنص على ان لزائر الحسين عليه السلام غفران الذنوب ومنها: (عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (سلام الله علیه) قَالَ: إِنَّ الْحُسَيْنَ (سلام الله علیه) صَاحِبَ كَرْبَلاءَ قُتِلَ مَظْلُوماً مَكْرُوباً عَطْشَاناً لَهْفَاناً فَآلَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى نَفْسِهِ أَنْ لا يَأْتِيَهُ لَهْفَانٌ ... ثُمَّ دَعَا عِنْدَهُ وَتَقَرَّبَ بِالْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ; إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إِلاّ نَفَّسَ اللَّهُ كُرْبَتَهُ وَأَعْطَاهُ مَسْأَلَتَهُ وَغَفَرَ ذَنْبَهُ وَمَدَّ فِي عُمُرِهِ وَبَسَطَ فِي رِزْقِهِ، فَاعْتَبِرُوا يَا أُوْلِي الأبْصَارِ) (2). ولكن الامام الصادق عليه السلام اعطى وصفاً في غاية الاهمية لزائر الامام الحسين الذي يغفر الله له كما جاء في كلامه عليه السلام:(الذي أنفقوا أموالهم و أشخصوا أبدانهم ، رغبة في برِّنا ، ورجاءً لما عندك في صلتنا ، وسروراً أدخلوه على نبيك صلواتك عليه وآله ، وإجابة منهم لأمرنا ، وغيظاً أدخلوه على عدونا أرادوا بذلك رضاك) وهذه المواصفات التي خص بها الامام الصادق عليه السلام زوار الامام الحسين تدل على معرفة الزائر بحق الامام وولائه له وبره لاهل البيت عليهم السلام الذي اقتضى الغفران له وجاء في كثير من الروايات ما طابق هذا المعنى منها: (عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ: قَالَ أَبُو الْحَسَنِ مُوسَى (سلام الله علیه): أَدْنَى مَا يُثَابُ بِهِ زَائِرُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (سلام الله علیه) بِشَطِّ الْفُرَاتِ إِذَا عَرَفَ حَقَّهُ وَحُرْمَتَهُ وَوَلايَتَهُ أَنْ يُغْفَرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ) (3). ثانيا: الدعاء لزوار الحسين عليه السلام. دعا الامام الصادق بكلمات عميقة المعنى لزوار ابي عبد الله الحسين عليه السلام في قوله: "فكافهم عنا بالرضوان ، واكلأهم بالليل والنهار ، واخلف على أهاليهم وأولادهم الذي خلفوا بأحسن الخلف ، وأصحبهم واكفهم شر كل جبار عنيد ، وكل ضعيف من خلقك ، أو شديد ، وشر شياطين الإنس والجن ، وأعطهم أفضل من أملوا منك في غربتهم عن أوطانهم ، وما آثرونا به على أبنائهم وأهاليهم و قراباتهم" فكان دعائه عليه السلام مقرونا بما يواجهه زائر الحسين عليه السلام من اتعاب وظروف تارة  تكون صعبة وتارة اخرى ميسورة لديه، فدعا لهم بالرضوان والذرية الصالحة وبالامن من الجبابرة والظلام وانسهم بالغربة وكل ما من شانه المساس في مآثرهم لاهل البيت عليهم السلام . ثالثا: اشار عليه السلام الى ما يتعرض له زائر الامام الحسين عليه السلام  من الاساءة  ووصف المسيئين لهم بالاعداء "اللهم إن أعدائنا عابوا عليهم خروجهم فلم ينههم ذلك عن الشخوص إلينا وخلافا منهم على من خالفنا" وقد تركزت مضايقة ومحاربة الزيارة الحسينية في حكومات وحكام الجور والظالمين  فقد مارست الحكومة الاموية والعباسية ومن نهج منهجهما اقصى درجات العدائية لمن يزور قبر الامام الحسين لدرجة قطع الايدي واباحة الدماء، وقد كان الائمة الاطهار عليهم السلام يتداولون الحديث مع رعيتهم حول خطورة زيارة قبر ابيهم وجدهم الامام الحسين عليه السلام ، الا انهم عليهم السلام لم يشجعوا على ترك الزيارة الحسينية كما جاء عن الامام الصادق عليه السلام: عن ابن بكير عن أبي عبد الله (سلام الله علیه) قال: قلت له: إني أنزل الأرجان وقلبي ينازعني إلى قبر أبيك، فإذا خرجت فقلبي وجل مشفق حتى أرجع، خوفاً من السلطان والسعاة وأصحاب المسالح. فقال: يا ابن بكير أما تحبّ أن يراك الله فينا خائفاً؟ أما تعلم أنه من خاف لخوفنا أظلّه الله في ظلّ عرشه، وكان محدّثه الحسين (سلام الله علیه) تحت العرش، وآمنه الله من أفزاع يوم القيامة، يفزع الناس ولا يفزع، فإن فزع وقّرته [قوّته] الملائكة، وسكّنت قلبه بالبشارة(4).   رابعا: الدعاء لهم بالرحمة في قوله: "فارحم تلك الوجوه التي قد غيَّرتها الشمس ، وارحم تلك الخدود التي تقلبت على حفرة أبي عبد الله ( عليه السلام ) ، وارحم تلك الأعين التي جرت دموعها رحمة لنا ، وارحم تلك القلوب التي جزعت واحترقت لنا ، وارحم الصرخة التي كانت لنا ، اللهم إني أستودعك تلك الأنفس ، وتلك الأبدان حتى نوافيهم على الحوض يوم العطش ". قد دعا سلام الله عليه بالرحمة لزائر الحسين عليه السلام واقترن دعائه بالرحمة على سياق ما ويواجه الزائر من قساوة الطريق الى القبر الشريف المصحوب بالم الحزن على سيد الشهداء لان الحزن على مصائب اهل البيت عليهم السلام ورقة الدمعة عليهم هي نتاجات للرحمة والانسانية المودعة في قلب زائر الحسين عليه السلام فكان دعاء الامام الصادق عليه السلام هو تعضيما لاجر الزائر ومقابلة الرحمة بالرحمة وما جزاء الاحسان الا الاحسان ، وجاء في كثير من الروايات ان الرحمة تكتب لزائر الحسين عليه السلام منها: (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَيْمُونٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (سلام الله علیه) قَالَ: قُلْتُ لَهُ: مَا لِمَنْ زَارَ قَبْرَ الْحُسَيْنِ (سلام الله علیه) عَارِفاً بِحَقِّهِ غَيْرَ مُسْتَكْبِرٍ وَلا مُسْتَنْكِفٍ؟ قَالَ: يُكْتَبُ لَهُ أَلْفُ حَجَّةٍ مَقْبُولَةٍ، وَأَلْفُ عُمْرَةٍ مَقْبُولَةٍ، وَإِنْ كَانَ شَقِيّاً كُتِبَ سَعِيداً، وَلَمْ يَزَلْ يَخُوضُ فِي رَحْمَةِ اللَّهِ (5). خامساً: الندامة لمن ترك زيارة الحسين قبر الحسين عليه السلام: بعد ان كمل الامام عليه السلام دعائه شعر معاوية بن وهب بالندم الذي يظهر من خلال كلماته للامام عليه السلام في قوله : "جعلت فداك لو أن هذا الدعاء الذي سمعت منك كان لمن لا يعرف الله عز وجل لظننت ان النار لا تطعم منه شيئا أبداً ، والله لقد تمنيت أني كنت زرته ولم أحج .  فقال لي-عليه السلام- : ما أقربك منه فما الذي يمنعك من زيارته؟ فكان كلام الامام عليه السلام باسلوب العتاب له –لمعاوية بن وهب- والترغيب بالتمسك بزيارة قبر الحسين عليه السلام ومقابل ذلك ذكرت العديد من الروايات ان الذي يترك زيارته متعمدا في حال كونه عارفا بحق الحسين عليه السلام يعد منتقص الايمان (فعن محمد بن مسلم عن أبي جعفر (سلام الله علیه) قال: من لم يأت قبر الحسين (سلام الله علیه) من شيعتنا كان منتقص الإيمان منتقص الدين، وإن دخل الجنة كان دون المؤمنين في الجنة) (6).   قيس العامري ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1): ( ثواب الأعمال :94-96 , المزار ((لابن المشهدي )):334-336ح14, كامل الزيارات:227-228ح1,تهذيب الأحكام 6:47-48,بحار الأنوار 98:9+-10ح30عن كامل الزيارات و98: 52-53 عنه أيضاً (2): مستدرك الوسائل/ ج10/ باب 26 تأكد استحباب زيارة الحسين (سلام الله علیه)/ ص239/ ح17. (3): فروع الكافي/ ج4/ باب فضل زيارة أبي عبد الله الحسين (سلام الله علیه)/ ص582/ ح9. (4): كامل الزيارات/ الباب 45 ثواب من زار الحسين (سلام الله علیه) وعليه خوف/ ص125/ ح2 (5): وسائل الشيعة/ ج14/ باب 45 استحباب اختيار زيارة الحسين (سلام الله علیه)/ ص454/ ح19588. (6): كامل الزيارات/ الباب 78 فيمن ترك زيارة الحسين (سلام الله علیه)/ ص193/ ح1.

المرفقات