أشار ممثل المرجعية الدينية العليا، الجمعة، ان من جملة المقاصد المهمة للموالي الصادق والمحب الحقيقي للإمام الحسين عليه السلام في المسير والزيارة له، تجديد الولاء والعهد والبيعة معه عليه السلام. وقال الشيخ عبد المهدي الكربلائي في خطبة صلاة الجمعة التي أقيمت في الصحن الحسيني الشريف اليوم الجمعة (26 /10 /2018) ان تجديد العهد والبيعة تعني انني اخاطب الامام الحسين عليه السلام وأقول له "انني سأمضي على مسيرتك وسيرتك وموقفك واخلاقك وجهادك وسأحافظ على ثورتك وحركتك الإصلاحية مهما كلف هذا المسير من تضحيات ومشاق". واكد الكربلائي على ضرورة الوفاء بهذا العهد قائلا " ان من المهم الوفاء بالعهد للامام الحسين عليه السلام". وأوضح ان المقصود من هذه الفكرة ان هنالك جملة من الاحاديث ورد فيها (كم من صائم ليس له من صيامه الا الجوع والعطش)، و(كم من قائم ليس له من قيامه الا التعب والعناء)، مبينا ان الصيام كعبادة فيها الكثير من المعطيات والثمار العظيمة الدنيوية والاخروية فيكون الصائم غافلا عن أداء هذه العبادة بالصورة التي توصله الى قطف هذه الثمار، وكذلك الصلاة التي تعد الشعيرة التي فيها معراج المؤمن وقربان كل تقي، الا انه كل شخص يؤديها ولكن هل ان صلاته تعرج بروحه الى الملكوت الأعلى ام لا، وهل فعلا انها قربان للتقوى ام لا. وبين ان الكثير من المصلين يخسرون هذه الثمار والمعطيات العظيمة الدنيوية والاخروية لعدم التزامهم ببعض الشروط والمقومات التي توصلهم الى قطف الثمار العظيمة. واستدرك ان الزيارة كما ورد أعلاه فيها ثمار عظيمة يمكن قطفها في حال استطاع الشخص الوصول الى الصفات والمقومات الحقيقية المطلوبة التي توجب له الجنة ولكن شريطة ان يأتي بجوهره وروحه ليدخل الى الجنة وتكون الطرق امامه سهلة وسالكة. وبين ممثل المرجعية العليا ان المحطة الثانية من الزيارة والتي تتمثل بوصول الشخص الى مرقد الامام الحسين عليه السلام لغرض زيارته، لافتا الى وجود خمس مقامات مهمة لكيفية زيارة الامام الحسين عليه السلام لتحقيق الوصول الى مرتبة الدخول الى الجنة. واكد وجود حاجة الى وقفات حسينية ولائية عند زيارة الامام الحسين عليه السلام، مبينا ان المقصود بالوقفات الولائية الحسينية تحقق أربعة أمور يتجلى الأول بالفهم والوعي لمعاني والفاظ الزيارة، اما الثاني يكمن في التفاعل العاطفي والروحي والوجداني مع الزيارة حيث يقرأ الكثير من الأشخاص الفاظا لكنهم غافلين بقلوبهم وارواحهم ووجدانهم وعاطفتهم عن معاني الزيارة ولا يتفاعلون معها، مبينا ان الامر الثالث يكمن في الولاء الصادق والبراءة الحقيقية، واما الرابع فهو الوصول الى مقام الاتيان بمنهج الامام الحسين عليه السلام وان يكون الامام قدوة نسير بمنهجه ونسلك سلوكه ونتكلم باخلاقه ونقف مواقفه التي وقفها للحفاظ على نهج الإسلام". ودعا الى ضرورة الالتفات الى المقامات الخمس والوقوف عندها في زيارة الامام الحسين عليه السلام وبالخصوص في زيارة الاربعين، موضحا ان المقام الأول هو معرفة الامام، اما الثاني فهو مقام المحبة والاعتراف بالمقام والمنزلة للامام، اما الثالث فهو مقام الولاء والبراءة، في حين يتمثل المقام الرابع بمقام الاتباع والتسليم، والخامس فانه يتمثل بمقام النصرة والتضحية. وأوضح ان في مقام المعرفة بالإمام عليه السلام، توجد معرفة بالامام ومعرفة بحق الامام، مبينا ان معرفة حق الامام اوسع من معرفة الامام، مستشهدا بالحديث (ان من زاره عارفاً بحقه وجبت له الجنة)، لافتا الى ان الجمع والوفاء بمقام معرفة الامام والمقامات الأربعة التي تستتبعه تتحقق من خلال معرفة حق الامام واداء منازل حق الامام. واستعرض ممثل المرجعية العليا مقاطع من زيارة الاربعين منها (السلام على ولي الله وحبيبه، السلام على خليل الله ونجيبه، السلام على صفي الله وابن صفيه)، مبينا ان المقصود بالعبارات التي وردت في المقطع أعلاه التعريف بالزيارة ودلالة قدر الامام عند الله تعالى وعظيم مقامه وسمو منزلته عند الله تعالى. وبين ان النبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) اختاره الله لأن يكون نبياً والحسين بن علي اختاره الله تعالى لهذا المقام والحسن (عليه السلام) وبقية الائمة عليهم السلام بلغوا اعلى مراتب العبودية لله تعالى واعلى مراتب الاخلاص لله تعالى وبلغوا القمّة في سمو الصفات ومحامد الصفات، فذابت ذواتهم في حب الله تعالى حتى بلغوا من عظيم خشيتهم لله تعالى ان احدهم ينسى ذاته حينما يقف في ساحة العز والقدس والجلالة لله تعالى، حتى انهم قدموا اعظم التضحيات وتحملوا اقسى المعاناة والمآسي والالام في سبيل ان يحافظوا على رسالة السماء لأنهم ذابت ذواتهم في حب الله تعالى، مشيرا الى ان الامام امير المؤمنين في صلاته ينزعون النزل من قدمه. واستدرك ان هذه الصفات والمقومات جعلت لهم هذا المقام العظيم عند الله تعالى، كما ان هذا المقام الذي جعلهم يؤدون مهمتهم على أفضل وجه في تبليغ الرسالة وحمل الناس الى ما فيه صلاحهم وكمالهم، مستشهدا بما ورد في المقطع الثاني من الزيارة (وجعلته سيداً من السادة وقائداً من القادة وذائداً من الذادة واعطيته مواريث الانبياء وجعلته حجة على خلقك من الاوصياء فأعذر في الدعاء ومنح النصح وبذل مهجته فيك ليستنقذ عبادك من الجهالة وحيرة الضلالة). ودعا خطيب جمعة كربلاء الى ضرورة التأمل بما جرى على الامام الحسين (عليه السلام) واهل بيته ليتصور كل واحد انه يجري عليه ما جرى على الامام الحسين (عليه السلام) واشدّها رحلة السبي، ليتصور كيف ان امُّه او اخته او زوجته يُعرَضون في الشوارع امام انظار الناس ويُهانون ويُذلون في سبيل هذه الرسالة، وكيف سيتحمل هذا الأمر؟!!، مبينا ان المعصومين ادّوا هذه المهمة من اجلنا ومن اجل الحفاظ على ديننا وانقاذنا من حيرة الجهل والضلالة حتى بلغوا هذا المقام. وطالب الشيخ عبد المهدي الكربلائي بضرورة استذكار تلك المشاهد والمعاني عند قراءة عبارات الزيارة، مؤكدا ان المعرفة بمنزلة الامام المستندة الى الحجة والاحاديث والدليل لوحدها لا تكفي، بل لابد ان يتفاعل القلب والوجدان والروح مع هذه المعرفة للوصول بالقلب الى المحبة الخالصة للامام الحسين (عليه السلام) ولأوليائه وان لا يدع الشخص مساحة صغيرة في قلبه لمحبة اعدائه، مبينا ان البعض في نصف قلبه يحمل محبة الحسين (عليه السلام) وفي النصف الآخر يحمل محبة اعدائه او البعيدين عن منهجه. ونوه الى ان محبة الامام والسير على نهجه لابد ان تصل بنا الى مقام الولاية له ولأوليائه والبراءة من اعدائه. وركز الكربلائي على معنى هذه الولاية؟!، موضحا ان هنالك ثلاث مراتب للولاية كما في بعض الروايات، فهناك مُحِب، وموالي، وشيعي، مؤكدا على ضرورة الوصول الى مقامات الموالاة لهُ والاعتقاد بولايته في انها امتداد لولاية رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وولاية رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) امتداد لولاية الله تعالى، وان اعداءه في أي زمان هم امتداد لعداوة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وامتداد لعداوة الله تعالى. وأشار الى ان بعد مقام الموالاة لابد ان يكون هناك اعتراف صادق، مستشهدا بما ورد في الزيارة (اللهم اني اُشهدك اني وليٌّ لمن والاه وعدوٌ لمن عاداه)، أي ان الشخص يعترف بالمقام والمنزلة للامام (عليه السلام) ثم يأتي بعد الاعتراف (وليٌّ لمن والاه) بمعنى الموالاة الحقيقية وهو الانتماء في جميع مجالات الحياة بمنهج الامام الحسين (عليه السلام)، أي الاعتماد عليه بالعلوم والسلوك والاخلاق والمواقف والعادات والمشاعر والوجدان وكل شيء، وتجنب كل شيء من اعداءه. وبخصوص ما ورد في مقطع الزيارة (وأشهد اني بكم مؤمن وبإيابكم موقن بشرايع ديني وخواتيم عملي)، بين الكربلائي ان العبارة تشير الى "انني يا ابا عبدالله مصدّقٌ وخاضعٌ لهذا المقام لكم، هذا الخضوع الذي يستتبع الخضوع لمبادئكم ومنهجكم في الحياة والاتباع لها، شرائع الدين هذه الطرق الذي وضعتها رسالة السماء في جميع مجالات الحياة انا آخذها باجمعها ولا اترك شيئاً منها". واكد ان ما ورد في المقطع (وقلبي لقلبكم سلم وأمري لأمركم متبع)، يتطلب من الانسان الذي يأتي للزيارة ان يكون قلبه طاهرا من كل شيء يُبغض قلب الامام الحسين (عليه السلام) وان يكون قلبه سالما من الحقد والحسد والغل والعجب وغير ذلك من الصفات الذميمة. واستدرك لبيان مقام النصرة كما ورد في مقطع الزيارة (ونصرتي لكم معدّة حتى يأذن الله لكم فمعكم معكم)، موضحا ان المقصود بمقام النصرة هو مقام التضحية الذي بلغهُ اصحاب الامام الحسين (عليه السلام)، مبينا انه متى اعترف الانسان بانه حقق المقامات الاربع حينها لابد عليه ان يوطّن نفسه للاستعداد بالتضحية بالنفس والمال والاهل والولد، والتضحية بالدنيا ومناصبها ومكاسبها في سبيل نصرة القضية الحسينية، وعليه ان يكون في مقام النصرة للمظلومين والمستضعفين وان يحمل همَّ دِينه وهم تبليغ الرسالة والدعوة وهمّوم الامة والناس والشعب والفقراء، ليكون على استعداد للوصول الى مقام النصرة والتضحية الذي هو المقام الاعلى الذي وصله اصحاب الامام الحسين (عليه السلام). واكد ممثل المرجعية الدينية العليا، على ضرورة ان لا يكون رجوع الشخص بعد أداء مراسيم زيارة الامام الحسين عليه السلام في زيارة الأربعين كيوم بدء المسير من موطنه. وقال الشيخ عبد المهدي الكربلائي ان على من يخرج من مرقد الامام الحسين عليه السلام بعد أداء مراسيم زيارة الأربعين ويعود الى بيته يجب ان يكون انسانا اخر يحمل مبادئ الامام الحسين عليه السلام، ويعرف حق الامام عليه، ليكون حينئذ قد وفى للامام الحسين عليه السلام واصبح مصداقا حقيقيا للحديث (من زار الحسين عارفا بحقه وجبت له الجنة). واوضح ان هنالك مراحل مهمة في المسير الى كربلاء من الضروري ان يوطن الانسان بها نفسه ويحافظ عليها، مبينا ان تلك المراحل تتمثل بمرحلة المسير الى كربلاء كمرحلة أولى ومرحلة الزيارة ومرحلة العودة. ولفت الى انه ليس من الولاء للامام الحسين عليه السلام ان يقوم الشخص بعد العودة من المسير الى كربلاء سواء بعد يوم او بعد شهر او شهرين، ويتعامل مع أخيه المؤمن الحسيني بان يكن له الحقد والعداء ويحسده ويحمل في صدره الغل له، او يقوم بتهجيره من مدينته لاسباب تافهة. وتساءل الشيخ الكربلائي عن العطاء الذي حصل عليه الشخص اذا كان بهذا المستوى من الخلق والتعامل. ودعا ممثل المرجعية الدينية العليا من يعود الى مدينته وأهله من زيارة الامام الحسين في الأربعين بضرورة المحافظة على المبادئ وان تكون تصرفاته وصفاته كالصفات التي جمعها في رحلة الشوق والزيارة الى الامام الحسين عليه السلام وخصوصا في تعامله مع أخيه المؤمن. ولاء الصفار الموقع الرسمي للعتبة الحسينية المقدسة
اترك تعليق