المقدّمة
ظاهرة الظلم ووجود ظالم ومظلوم ليست من الظواهر المُستحدثة، بل هي ظاهرة تمتدُّ جذورها إلى أعماق التاريخ، من أوّل الخلق إلى يومنا هذا، بل هي مستمرة إلى أن يظهر الإمام الحجّة المنتظر ـ أروحنا له الفداء ـ فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً، كما مُلئت ظُلماً وجوراً.
يدور البحث في هذه الدراسة حول الظالميّة والمظلوميّة من ناحية فقهيّة، بمعنى بيان حكم الظالميّة والمظلوميّة، وموقف الناس، ووظيفتهم تجاه الظالم والمظلوم.
تُعدّ مسألة الظالميّة والمظلوميّة من المسائل الحساسة، التي ترتبط بواقع المجتمع الإنساني ارتباطاً مباشراً ومصيريّاً؛ فإنّ وجود الظالم يُمثِّل خطراً يُهدّد حياة كلّ إنسان، وربّما يتحوّل المجتمع بسبب الظالم إلى جحيم لا يُطاق، فالظاهرة التي لها هذا التأثير المباشر على المجتمع الإنساني، جديرة بالبحث والدراسة، لا سيّما عند ملاحظة أنّ هذا الموضوع وإن تعرَّض الفقهاء لبعض فروعاته، كمعونة الظالمين وتظلّم المظلوم، إلّا أنّهم لم يجمعوا تلك المسائل تحت عنوان مستقل كما في هذا المقال، بل يجد الباحث أنّهم تعرَّضوا لذلك تحت عناوين أُخرى لا صلة لها بالظالميّة والمظلوميّة، كعنوان ما يحرم التكسّب به، وعنوان الغِيبة ـ مثلاً ـ وعليه فقد دعت الضرورة إلى تفصيل الكلام في ذلك فقهيّاً، وتحت عنوان مستقل، وضمن ضوابط ومنهجية معيّنة.
واستيعاب جميع جوانب هذه الدراسة يحتاج إلى الخوض في غمار البحث، حول أسباب وعوامل إيجاد الظالميّة والمظلوميّة من ناحية فقهيّة؛ حتى يتسنّى لنا التعريج بعد ذلك على دراسة الموقف الفقهي تجاه الظالم، مع بيان وظيفة الناس تجاهه، ثمّ بيان النظرة الفقهيّة تجاه المظلوم، والوظائف والتكاليف التي يقرّرها الفقه، ويجعلها على عاتق الناس تجاهه.
ونحن إذ نبحث هذه الأُمور نأخذ بعين الاعتبار واقعة كربلاء أُنموذجاً، وبما جرى فيها من ظالميّة ومظلوميّة، نستلهم منها وجهة نظر الفقه؛ كي يتيسر لنا اقتطاف ثمار هذه الدراسة من واقع كربلاء. فيقع البحث في جهات ثلاث:
الجهة الأُولى: الظالميّة والمظلوميّة معناهما وأسبابهما
لا شكّ في أنَّ دراسة معانى الكلمات ـ وما يتّصل بها من المفاهيم بصورةٍ صحيحةٍ ـ يُعطي القارئ تصوّراً واضحاً لها، وإعطاء الصورة الواضحة منذُ البدء يُساعد على الإلمام السريع بمقصود المتكلَّم. من هنا؛ نجد من الضروري تكريس هذه الجهة، لتسليط الضوء على مفهومي الظالميّة والمظلوميّة، وما يرتبط بهما من مفاهيم، مع التأكيد على بعض أسباب صناعة هذين المفهومين.
أوّلاً: معنى الظالميّة والمظلوميّة
الظالمية: هي الظُّلْم بضم حرف الظاء، وسكون اللام، اسم مصدر، والمصدر ظَلْمبفتح وسكون، وهو من المصادر المشتقة، وفعله متعدٍّ، فيقال: ظلمه.
ومعنى الظلم في اللغة: «وضع الشيء في غير موضعه، أَلا تراهم يقولون: مَن أشبه أباه فما ظلم. أي: ما وضع الشبه غير موضعه»[1]. والظلم: «الشرك، قال الله عزّ وجلّ: ﴿إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيم﴾[2]»[3]. والظُلامة: «ما تطلبه مظلمتك عند الظالم»[4].
وكلمة الظالم: صيغة لاسم الفاعل، تدلّ على الشخص الذي صدر منه الظلم، فإذا لحقتها ياء النسب والتاء، أفادت معنى المصدر؛ أي: مُطلق الحدث من دون انتساب إلى الفاعل أو المفعول. وهذا النوع من المصدر يُسمّى بالمصدر الصناعي، واستعماله قليل في اللغة العربية القديمة، كما في كلمة جاهلية[5].
ومحاربة الظالم ضدَّ السِّلم والاستسلام إليه، وهي على قسمين: الأوّل محاربة الظالم باللسان. الثاني: محاربة الظالم باليد والسلاح.
والمظلوميّة أيضاً: هي مصدر صناعي، يدلّ على مُطلق الحدث الذي هو الظلم.
والمظلوم: صيغة لاسم المفعول، وهو الشخص الذي وقعت عليه عملية الظلم.
والتظلّم: هو أن يشتكي ظلمه ممّن ظلمه[6].
ومن المفاهيم ذات الصلة بمفهوم الظلم والمظلوميّة، مفهوم النُصرة ومشتقاتها، والنُصرة: «حسن المعونة»[7]، والاستنصار: استمداد النصر وطلب النُصرة[8]، قال الله تعالى: ﴿فَإِذَا الَّذِي اسْتَنصَرَهُ بِالأَمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ﴾[9]. والنصير: عون المظلوم. والأنصار: جماعة الناصر. وأنصار النبي صلى الله عليه وآله وسلم : أعوانه. وانتصر الرجل: انتقم من ظالمه.
والنُّصرة على قسمين:
الأوّل: النُّصرة باللسان: وهي أن يُنصر المظلوم بإظهار أحقيّته على الظالم؛ ولذا لمّا مدح حسّان بن ثابت أمير المؤمنين عليه السلام يوم الغدير، قال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم : «لا تزال ـ يا حسّان ـ مؤيَّداً بروح القُدس ما نصرتنا بلسانك»[10].
الثاني: النُّصرة باليد والسلاح، وهي أن يُدافع عن المظلوم بيده وسلاحه.
ويقابل النُّصرة الخذلان، والخَذْل: هو ترك الإِعانة والنُّصرة، وتَخَاذَل القومُ: تَدَابَروا[11]. والخذلان أيضاً على قسمين: الأوّل: الخذلان القولي، أي: ترك النُّصرة باللسان. والثاني: الخذلان العملي، أي: ترك النُّصرة بالسلاح.
والظالم والمظلوم عموماً من المفاهيم الواسعة، والتي لها مراتب مختلفة، وحينما نُعبِّر بالظالم والمظلوم في هذا المقال، لا نقصد بذلك بما للمفهوم من السعة والشمول لجميع المراتب، بل نقصد بالظالم: الظالم المسلم، أو مَن يدَّعي الإسلام، الذي يُمارس عملية القتل وإراقة الدماء، وسلب حقوق المسلمين، ونهب أموالهم، والاعتداء على أعراضهم، سواء كان حاكماً أم لم يكن كذلك، وعليه؛ فمن أوضح مصاديقه المحاربون، وسلاطين الجور، الغاصبون للخلافة والحكومة الإلهيّة[12]. ونقصد بالمظلوم هو ذلك الإنسان الذي قد مارس الحاكم الظالم بحقه تلك الأُمور المتقدّمة.
ثانياً: أسباب صناعة الظالم والمظلوم
إنّ أيَّ ظاهرةٍ من الظواهر تتدخّل في تكوينها وإيجادها أسباب عدّة، ووجود ظالم ومظلوم كبقية الظواهر، لا تخرج عن هذا القانون، فهناك أسباب وعوامل مختلفة لها تأثير مباشر في ذلك، وكلامنا حول هذه الأسباب من ناحية فقهيّة، بمعنى أنّ الشارع قد جعل أحكاماً؛ الغاية منها القضاء على أسباب الظلم ومناشئه، فتكون مخالفة تلك الأحكام أو تركها سبباً واضحاً لتحقق الظالميّة وانتشار المظلوميّة. وهذه الأسباب والعوامل كالآتي:
1ـ نقض العهد
كلمة العهد من الكلمات القرآنيّة، والمراد بالعهد: هو العهد المأخوذ من الناس على الإيمان بالله تعالى، والإيمان برسوله صلى الله عليه وآله وسلم ، والولاية لعلي عليه السلام . جاء عن الإمام الصادق عليه السلام في تفسير قوله تعالى: ﴿الَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ الله مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ﴾[13]، قال: «المأخوذ عليهم لله بالربوبيّة، ولمحمّد صلى الله عليه وآله وسلم بالنبوة، ولعلي بالإمامة، ولشيعتهما بالمحبّة والكرامة»[14]. فإذا نقض الناس هذا العهد ـ ولم يعملوا به ـ فسوف يتسلّط عليهم الظالم، ويؤكّد هذا المعنى بعض الروايات، كما عن أبي جعفر عليه السلام إذ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :«...وَلَمْ يَنْقُضُوا عَهْدَ الله وعَهْدَ رَسُولِهِ إِلَّا سَلَّطَ الله عَلَيْهِمْ عَدُوَّهُمْ...»[15]. والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
وهذه الحقيقة هي أحد الأسباب التي خلقت يزيد الظالم؛ حيث إنّ من جملة وصايا رسول الله لهذه الأُمّة، أنّه قال: «الخلافة مُحرّمة على آل أبي سفيان... فإذا وجدتم معاوية على منبري فابقروا بطنه»[16].ولكن لم تعمل هذه الأُمّة بهذه الوصيّة، ورأوا معاوية على منبر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، ولم يعترضوا عليه بقولٍ ولا فعلٍ، فضيّعوا بذلك وصيّة رسول الله وعهده؛ فسلَّط الله عليهم يزيد الفاجر الفاسق، وقد أشار إلى هذه القضية الإمام الحسين عليه السلام ، حينما خاطب مروان بن الحكم[17].
2ـ ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
من أهمّ الوسائل التي تُمهِّد الأرضيّة لتسلّط الظالم على الناس هي ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ لأنّ من طبع الإنسان إذا تعدى تعدّياً بسيطاً، ولم يواجه نهياً صريحاً عن هذا التعدّي، ولم يتّضح له مدى شناعة فعله؛ عند ذلك سيستسيغ ذلك التعدّي ويستصغره، باعتبار أنَّ الناس لم تستنكر عليه فعله، وإذا استساغ ذلك، تعدّى تعدياً أعظم منه، حتى يتسلّط على الناس، وبذلك يشيع الظلم بينهم، بخلاف ما لو استنكر الناس عليه ذلك، ونهوه عن فعله؛ فسيكون هذا الاستنكار منهم رادعاً ومانعاً عن تكرار ذلك الفعل منه، وبذلك سينتهي عن التعدّي على الآخرين، وقد ورد هذا المعنى في بعض الروايات، منها: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَرَفَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الْحَسَنِ عليه السلام يَقُولُ: « لَتَأْمُرُنَّ بِالْمعْرُوفِ، وَلَتَنْهُنَّ عَنِ المُنْكَرِ، أَوْ لَيُسْتَعْمَلَنَّ عَلَيْكُمْ شِرَارُكُمْ، فَيَدْعُوا خِيَارُكُمْ، فَلَا يُسْتَجَابُ لَهُمْ»[18]
إذاً؛ فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من الوظائف التي إنْ تركها الناس تسلّط الظالم عليهم، فترك هذه الوظيفة العظيمة يُمهِّد السبيل، ويُوجد الأرضيّة المناسبة لصناعة الظالم، فيكون وجود ظالم ومظلوم من النتائج الطبيعيّة لترك هذه الوظيفة، والرواية تؤكّد على هذه النتيجة الطبيعيّة والمنطقيّة.
وهذا الأمر هو الآخر كان عاملاً مهمّاً في إيجاد الظالميّة والمظلوميّة في كربلاء؛ حيث ابتُليت الأُمّة في ذلك الوقت باللامبالاة في الدين، وترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ويُشير إلى هذه الحقيقة قول الإمام الحسين عليه السلام : «ألا ترون أنّ الحقّ لا يُعمل به، وأنّ الباطل لا يُتناهى عنه؟ ليرغب المؤمن في لقاء الله محقّاً؛ فإنّي لا أرى الموت إلّا شهادة، ولا الحياة مع الظالمين إلّا برماً»[19].
3ـ ترك إقامة حدّ القصاص
لو حصل العلم اليقيني للإنسان بأنّ عاقبة القتل هي القتل، وعاقبة السرقة قطع اليد، فسوف لن يقدم على القتل، والسرقة بكلّ تأكيد؛ لأنّه يعلم أنّ في ذلك هلاكه، كما أنّه لو أمِنَ الناس من القصاص، لقتل بعضهم بعضاً، وتفشّت جرائم القتل والظلم فيهم؛ لذا يُعدُّ تقنين القصاص من الأسباب التي تبثُّ الأمن والحياة للبشرية، فترك هذا القانون يستلزم الخوف والرعب، وتفشّي القتل والجرائم في المجتمع الإنساني، وقد أشار القرآن الكريم إلى هذه الحقيقة، في قوله تعالى: ﴿وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاأُولِي الأَلْبَابِ﴾[20]. فترك القصاص يساوي الحكم بالإعدام على الجميع، وتسليط الظالمين على الناس؛ وعليه فهو أحد الوسائل الممهّدة لإيجاد الظالمين، وتحكّمهم في البلاد، وقد ورد في الرواية عَنْ أَبِي عَبْدِ الله عليه السلام ، قالَ: قالَ أَمِيرُ المُؤْمِنِينَ عليه السلام : «مَنْ خَافَ الْقِصَاصَ، كَفَّ عَنْ ظُلْمِ النَّاسِ»[21].
ولم يتجّرأ معاوية ويزيد على قتل خيار الصحابة وكبارهم إلّا لكونهما قد آمنا القصاص، فراحا يسفكان الدماء، ويعتدَيان على الأعراض من دون أن يخضعا إلى المحكمة العادلة، ولو قُدِّر للمحكمة العادلة إجراء حدّ القصاص على هؤلاء، لمَا تمكّن أحد من سفك الدماء، وقتل الأخيار، إذاً؛ ترك إجراء الحدود ـ وتنفيذ القصاص في ذلك الزمن ـ كان له أثر كبير وخطير في اتساع بقعة الظلم، وإيجاد المظلوميّة في كربلاء.
4ـ الركون إلى الظالمين ومعونتهم
المقصود من الركون: هو الميل إلى الظالمين، والاعتماد عليهم. فقد جاء في التنزيل: ﴿وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ﴾[22]؛ لأنَّ التودد لهم والاستناد إليهم والنصح لهم يؤدّي إلى تقوية الظالم، وتوليته على رقاب المسلمين. وحينئذٍ تُعدُّ ظاهرة الركون ـ والاعتماد والتودّد ـ والنصح للظالم من أسباب وجود الظالم، كما أنّ معونة الظالمين من أوضح الوسائل وأعظمها تاثيراً في وجود ظاهرة الظلم والجور؛ ومن هنا فإنّ الغاية من تأكيد الشريعة الإسلاميّة على حُرمة إعانة الظالم، هي المنع عن تسلّط الظالمين على الناس.
إنَّ أحد الأسباب الأساسيّة في إيجاد الظالميّة والمظلوميّة في كربلاء وجود جماعة من الناس قاموا بمعونة الظالمين؛ طمعاً بما في أيديهم، وكانت إعانة يزيد الظالم من قِبَل هذه الجماعة المنحرفة قائمة على قدم وساق، إلى درجة أنّهم كانوا يتناسون الخلافات فيما بينهم؛ لأجل القضاء على الثُلة المؤمنة. وعلى سبيل المثال: كان بين مروان بن الحكم والوليد بن عتبة خلاف وحزازة، ولكن مروان بن الحكم بمجرد أن سمع بموت معاوية، وطلب يزيد البيعة من الحسين، جعل يتردّد إلى الوليد بن عتبة وكأنَّه لم يكن بينهما عداوة؛ ولذا تعجَّب الامام الحسين عليه السلام منهما، فقال حينما رآهما جالسين: «الصلة خير من القطيعة، أصلح الله ذات بينكما»[23]؛ وهذا إن دلَّ على شيء، فإنّما يدلُّ على أنّ هؤلاء يتعاونون على الإثم والعدوان، وكلّ ذلك له دور كبير في إيجاد الظالميّة والمظلوميّة في كربلاء؛ ولذا كان أمير المؤمنين عليه السلام يتعجّب من اتفاق أهل الباطل على باطلهم، واختلاف أهل الحقّ في حقهم[24].
5ـ ظلم الناس بعضهم بعضاً
من جملة القوانين التي سنَّها الله تعالى في هذا العالم، هو انعكاس الأعمال ورجوعها على صاحبها، فكلّ إنسانٍ لا بدّ أن يرى نتيجة أعماله، فمَن زرع خيراً حصد خيراً، ومَن زرع شرّاً حصد شراً، فمَن قتل فليتهيّأ للقتل، ومَن ظلم فليستعد للظلم، ومَن يعتدّي على أعراض الناس فليتوقّع اعتداء الآخرين على عرضه، وفي القرآن الكريم إشارات إلى هذه الحقيقة، قال الله تعالى: ﴿وَلاَيَحِيقُ المَكْرُ السَّيِّئُ إِلاَّ بِأَهْلِهِ﴾[25]، وكلمة حاق: بمعنى نزل، والمعنى لا ينزل المَكر السيىء إلّا بمَن فعله. وأيضاً قوله تعالى: ﴿وليخشَ الذين لو تركوا من خلفهم ذريةً ضعافاً خافوا عليهم فليتقوا الله وليقولوا قولاً سديداً﴾[26]، والآية تُشير إلى أنّ مَن يأكل أموال يتامى غيره فليستعد إلى أكل غيره أموالَ يتاماه؛ حيث ورد في تفسير الآية المتقدّمة: مَن ظلم سلَّط الله عليه مَن يظلمه، أو على عقبه، أو على عقب عقبه. قال الراوي: يظلم هو، فيُسلَّط على عقبه؟ فقال: إنَّ الله تعالى يقول: ﴿وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُواْ مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافاً خَافُواْ عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا الله وَلْيَقُولُواْ قَوْلاً سَدِيدًا﴾. وقد دلّت بعض الروايات على هذه الحقيقة أيضاً، فجاء في خُطبة الوسيلة لأمير المؤمنين عليه السلام : «وَمَنْ سَلَّ سَيْفَ الْبَغْيِ قُتِلَ بِهِ، وَمَنْ حَفَرَ لِأَخِيهِ بِئْراً وَقَعَ فِيهَا، وَمَنْ هَتَكَ حِجَابَ غَيْرِهِ انْكَشَفَ عَوْرَاتُ بَيْتِهِ»[27].
وعَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عن أبي عبدالله عليه السلام ، قال: «مَنْ يَفْعَلِ الشَّرَّ بِالنَّاسِ فَلَا يُنْكِرِ الشَّرَّ إِذَا فُعِلَ بِهِ، أَمَا إِنَّهُ إِنَّمَا يَحْصُدُ ابْنُ آدَمَ مَا يَزْرَعُ، وَلَيْسَ يَحْصُدُ أَحَدٌ مِنَ المُرِّ حُلْواً، وَلَا مِنَ ْالحلو ِمُرّاً»[28]. الحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
وكانت كربلاء حافلةً بهذه القضية؛ فإنّ قصّة أولاد مسلم بن عقيل مع الحارث خير شاهدٍ على هذه الحقيقة؛ حيث إنّ الحارث لمّا قتل الطفلين، وأتى برأسيهما إلى ابن زياد، جعل ابن زياد يسأله عن سبب قتلهما وكيفيته، إلى أن قال له: فأيّ شيءٍ قالا في آخر صلاتهما؟ قال: رفعا طرفيهما إلى السماء، وقالا: يا حيّ يا حليم، يا أحكم الحاكمين، أُحكم بيننا وبينه بالحقّ. قال عبيد الله بن زياد: فإنّ أحكم الحاكمين قد حكم بينكم، مَن للفاسق؟ قال: فانتدب له رجل من أهل الشام، فقال: أنا له. قال: فانطلق به إلى الموضع الذي قتل فيه الغلامين، فاضرب عنقه، ولا تترك أن يختلط دمه بدمهما، وعجّل برأسه. ففعل الرجل ذلك، وجاء برأسه فنصبه على قناة، فجعل الصبيان يرمونه بالنبل والحجارة، وهم يقولون: هذا قاتل ذرية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم [29].
الجهة الثانية: النظرة الفقهيّة للظلم والظالم
إنّ الفقه الإسلامي ينظر تارةً إلى الشخص الظالم، ويفرض عليه بعض التكاليف، وأُخرى ينظر إلى موقف الناس تجاه الظالم، فيُقرّر لهم بعض الوظائف أيضاً.
أوّلاً: ما يلزم على الظالم شرعاً
1ـ تحريم الظلم والجور
الظلم بجميع أنواعه ومصاديقه من المُحرّمات الواضحة التي لا تحتاج إلى دليل، بل هي من المسائل البديهيّة التي يحكم العقل العملي بقُبحها، والظلم من المُحرّمات الكبيرة التي جاء الوعيد عليها في القرآن والسنّة، ولا يسعنا هنا إلّا أن نُشير إجمالاً إلى الأدلّة الدالّة على حُرمة الظلم.
أـ حكم العقل بقبح الظلم
قد أودع الله تبارك وتعالى في الإنسان جوهرة العقل، التي بها يستطيع أن يُميِّز الحقّ من الباطل، والقبيح من الحسن، وهذه الجوهرة ـ ما لم تتلّوث ـ تدرك بوضوح قبح الظلم، وحسن العدل، فإنّ العقل العملي يقول: إنّ الظلم قبيح، والعدل حسن. بل هو من البديهيات التي يعتقد بها حتى الظالم نفسه، فإنّه غالباً حينما يظلم إنساناً يعتقد ـ بحسب منطقه الخاطئ ـ أنّ ذلك الإنسان مستحقاً للعقاب، وأنّ ما يصنعه به هو مقتضى العدالة، وهذا إنْ دلّ على شيء، فإنمّا يدلّ على أنّه يعتقد بقبح الظلم.
ب ـ الآيات الدالّة على حُرمة الظلم
إنّ القرآن الكريم مشحون بالآيات التي تنبذ الظلم، نقتصر هنا على إيراد جملة منها، ونُحيل الباقي إلى القارئ المتدبّر، قال تعالى: ﴿إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُون﴾[30]، وقال أيضاً: ﴿إِنَّ الله لاَيَهْدِي الْقَوْم الظَّالِمِين﴾[31]، ﴿وَالله لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِين﴾[32]، ﴿إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيم﴾[33]، ﴿وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ مِن قَبْلِكُمْ لَمَّا ظَلَمُواْ﴾[34]،
وقال تعالى: ﴿وَلاَ تَحْسَبَنَّ الله غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَار﴾ [35]. فجميع هذه الآيات تُرشدك إلى أنّ الظلم بجميع أنواعه وأقسامه، من أشدِّ المُحرّمات، وأكبر الكبائر.
ج ـ الروايات الدالّة على تحريم الظلم
وأمّا الروايات فكثيرة جداً تبلغ حدَّ التواتر، وقد ذكر صاحب الوسائل باباً بعنوان باب تحريم الظلم، ونقتصر على خمس روايات من باب التيمُّن والتبرُّك.
1ـ عَنْ أَبِي عَبْدِ الله عليه السلام ، قال: قال رَسُولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم : «اتَّقُوا الظُّلْمَ؛ فَإِنَّهُ ظُلُمَاتٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ».
2ـ عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عليه السلام ، قَالَ: «مَا مِنْ أَحَدٍ يَظْلِمُ مَظْلِمَةً، إِلَّا أَخَذَهُ الله بِهَا فِي نَفْسِهِ وَمَالِهِ، فَأَمَّا الظُّلْمُ الَّذِي بَيْنَهُ وَبَيْنَ الله، فَإِذَا تَابَ غَفَرَ لَهُ».
3ـ عن هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله عليه السلام ، قَالَ: «مَنْ ظَلَمَ مَظْلِمَةً أُخِذَ بِهَا فِي نَفْسِهِ، أَوْ فِي مَالِهِ، أَوْ فِي وُلْدِه»ِ.
4ـ عَنْ أَبِي عَبْدِ الله عليه السلام فِي قَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصٰادِ﴾، قَالَ: «قَنْطَرَةٌ عَلَى الصِّرَاطِ لَا يَجُوزُهَا عَبْدٌ بِمَظْلِمَةٍ».
5ـ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ الثُّمَالِيِّ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عليه السلام ، قَالَ: «لَمَّا حَضَرَ عَلِيَّ بْنَ الحُسَيْنِ عليه السلام الْوَفَاةُ ضَمَّنِي إلى صَدْرِهِ، ثُمَّ قَالَ: يَا بُنَيَّ، أُوصِيكَ بِمَا أَوْصَانِي بِهِ أَبِي حِينَ حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ، وَبِمَا ذَكَرَ أَنَّ أَبَاهُ أَوْصَاهُ بِهِ، قَالَ: يَا بُنَيَّ، إِيَّاكَ وَظُلْمَ مَنْ لَا يَجِدُ عَلَيْكَ نَاصِراً إِلَّا الله»[36].
فالرواية الأُولى تأمر بترك الظلم بجميع أنواعه، كما أنّ الرواية الثانية تعرَّضت لبيان عقاب الظالم في الدنيا، وفيها إيماء إلى أنّ الظالم للعباد لا يغفر الله له إلّا أن يُرضى المظلوم، والرواية الثالثة تعرَّضت لعقاب الظالم في الدنيا أيضاً، والرواية الرابعة تعرَّضت لعقاب الظالم في الآخرة، والرواية الخامسة تنهى عن ظلم مَن لا ناصر له إلّا الله. فمجموع هذه الروايات يدلُّ على حرمة الظلم بجميع أنواعه.
2ـ واجبات الظالم
بناءً على ما تقدّم من أدلّة حُرمة الظلم، فيجب على الإنسان المسلم ترك الظلم بجميع أنواعه؛ فإنّه من أعظم الكبائر، وتترتّب عليه تلك الآثار العظيمة؛ وعليه فيكون ترك الظلم بجميع أنواعه من أكبر الواجبات، وكفى رادعاً للظالم عن ظلمه أن يعلم أنّ الله ينظر إليه وهو أقدر عليه، قال الله تعالى: ﴿وَلاَ تَحْسَبَنَّ الله غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَار﴾[37]. ولكن إذا تلبّس الإنسان المسلم بالظلم، فيجب عليه أُمور:
1ـ التوبة: فيجب على الظالم التوبة عن ظلمه، وأمّا قبول توبته، فيختلف ذلك بحسب نوع الظالم.
أولاً: السلطان الجائر أو المحارب الذي يَقتل الأولياء والصالحين والمؤمنين؛ بسبب دينهم، فلا تُقبل توبته؛ حيث يُستفاد من الروايات التي منها الصحيح[38]، أنّ مَن يَقتل مؤمناً متعمّداً لأجل دينه ـ كما يقع ذلك غالباً من الحكّام الظالمين الجائرين ـ لا تُقبل منه توبة.
ويُؤيّد ذلك ما جاء في القرآن الكريم: ﴿وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ الله عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً﴾[39]، وقد ذكر جملة من المفسّرين أنّ المقصود من الآية، هو مَن يقتل المؤمنين لأجل دينهم[40]، كما ذكر ذلك جملة من الفقهاء أيضاً[41].
ثانياً: الظالم الذي يَقتل المؤمن لأمر من أُمور الدنيا، فإن عفا عنه أولياء الدم، فتوبته أن يُعطي الديّة لأولياء المقتول، ويعتق رقبة، ويصوم شهرين متتابعين، ويُطعم ستين مسكيناً ـ وهي كفّارة الجمع ـ[42]، وإن لم يعفو عنه، كان القصاص توبته.
2ـ ردّ المظالم: والمقصود من المظالم: هي تلك الأموال التي أخذها الظالم ظلماً وجوراً، فلا يكفي ترك الظلم، والتوبة إلى الله فحسب، بل يجب عليه إرجاع تلك الأموال إلى أصحابها، فإذا لم يُرجِع حقوقهم، لا تُقبل توبته [43].
3ـ الاستحلال من المظلوم: وهو أنْ يطلب الظالم براءة ذمّته من المظلوم، وتطيّيب خاطره حتى يرضى، وقد ورد في النبوي: «مَن كانت لأخيه عنده مظلمة في عرض، أو مال، فليستحللها...» [44].
4ـ الاستغفار للمظلوم: قد ورد في بعض الروايات الإشارة إلى أنَّه إذا لم يتمكن الظالم من الوصول إلى المظلوم؛ ليأخذ منه البراءة، ويُرجع إليه حقَّه، فكفّارة ذلك أن يستغفر للمظلوم، جاء عن السكوني، عن الصادق، عن آبائه عليهم السلام ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : «مَن ظلم أحداً ففاته فليستغفر الله عزَّ وجلَّ له؛ فإنَّه كفارة له»[45].
ولكن في وجوب الاستحلال والاستغفار خلاف بين الفقهاء؛ نظراً لضعف سند الروايات، فمنهم مَن أوجبهما، ومنهم مَن قال باستحبابهما دون الوجوب[46].
ومن الواضح أنَّ هذه الأحاديث ناظرة إلى مَن يظلم ظلما ًبسيطاً، ثمَّ يتوب، وأمَّا الظالمون الذين قتلوا أولاد الأئمة، وأولاد الأنبياء، ولا سيَّما جريمة التاريخ التي حصلت في كربلاء، فمن البعيد جداً أن يُوفّقوا إلى التوبة، بل تقدَّم في تفسير الآية أنَّ مَن يَقتل مؤمناً متعمداً لدينه، فلا تُقبل توبته، فما بالك بمَن يَقتل أبناء الأنبياء والأوصياء؟ ولذا؛ لم يوفَّق للتوبة كلّ مَن شارك في دم الحسين عليه السلام وأولاده وأصحابه، بل كانت عاقبتهم الخزي في الدنيا والآخرة.
3ـ عقوبات وجزاء الظالم
لم يكتفِ الإسلام بتحريم الظلم، والمنع من مساعدة الظالم، بل جعل العقوبات على مَن يمارس عملية الظلم، وبعد ملاحظة ما بأيدينا من الروايات المتعرّضة لعقاب الظالم، يمكن ترتيبها على ثلاث مراحل:
1ـ العقاب الدنيوي التشريعي:
إنّ أوّل عقوبة يوجّهها الإسلام للظالم، هي عبارة عن العقوبات التشريعية التي رسمتها له الشريعة الإسلاميّة، والحقيقة أنّ الشارع لم يجعل للظالم عقوبةً واحدةً، وإنّما جعل لكلّ جريمةٍ يرتكبها الظالم حدّاً خاصّاً، فجعل للقتل حدّاً، وللاعتداء على الأعراض حدّاً، وللسرقة حدّاً، إلى غير ذلك من الحدود المذكورة في الكتب الفقهيّة.
وهذا العقاب التشريعي ـ الاقتصاص ـ قد حصل بالنسبة إلى بعض الظالمين الذين قاموا بقتل ابن بنت رسول الله وأولاده وأصحابه؛ حيث حصل الاقتصاص منهم على يد المختار الثقفي رحمه الله ، فيما تذكر لنا المقاتل والسير[47] جانباً من العقوبات التشريعية التي حصلت بعد وقوع كربلاء؛ لتعطينا صوراً من العقوبات التي حلَّت بالظالمين، إذ لم تمضِ الأيّام حتى سلَّط الله تعالى على هؤلاء الظلمة وأولاد الظلمة المختار بن يوسف الثقفي، فاقتصّ منهم واحداً تِلو الآخر، وعجَّل الله تعالى لهم العقاب في الدنيا، وعقاب الآخرة أكبر، وهذا تطبيق واضح لقوله تعالى: ﴿وَلاَ يَحِيقُ المُكْرُ السَّيِّئُ إِلّا بِأَهْلِهِ﴾[48].
2ـ العقاب الدنيوي التكويني:
من السُّنن الموجودة في هذه الدنيا هي أنّ الظالم ينال جزاءه في الدينا قبل الآخرة، فالظلم من المسائل التي يتمّ تعجيل العقوبة عليها في الدنيا قبل الآخرة. والتاريخ خير شاهد على هذه الحقيقة، فما من ظالم إلّا وقد أنزل الله عليه العذاب في الدنيا، وهذا القرآن الكريم يُحدّثنا بما جرى على الظالمين الذين كانوا يقتلون الأنبياء، وكيف نزل العذاب عليهم في الدنيا قبل الآخرة، فإنّ الله تعالى بالمرصاد لكلّ ظالمٍ، وهذه الحقيقة لا ينكرها إلّا مكابر؛ إذ يستجيب الله دعوة المظلوم في حقّه[49]، ويُسلّط الله عليه مَن يظلمه أو على أبنائه أو على أمواله في الدنيا، ولا يرحمه [50].
وقد سلَّطت لنا السير والمقاتل أضواءً على بعض جوانب كربلاء، والتقطت لنا صوراً من العقوبات التي حلَّت بالظالمين في عرصة كربلاء؛ حيث إنّ العقاب الدنيوي كان يتربّص بأُولئك الظلمة، فمن جانب عرضت لنا ما جرى على ابن حوزة التميمي، إذ يسقط بسبب اضطراب فرسه، وتتعلّق رجله بالركاب، ثمَّ تجّول به الفرس، فتضرب به كلّ حجرٍ ومدرٍ، حتى يموت، ويُعجل بروحه إلى النار، وكان هذا بدعوة الإمام الحسين المظلوم؛ حيث قال: « اللهمَّ، حِزَّه إلى النار»[51].
وتعطينا صورةً أُخرى لمِا جرى على عبد الله بن الحصين، إذ جعل يشرب الماء، وينادي: اسقوني من الماء. إلى أن مات من العطش؛ وهذا أيضاً كان بدعوة الحسين عليه السلام بقوله: «اللهمَّ، اقتله عطشاً»[52].
3ـ العقاب الأُخروي:
إنّ عقاب الدنيا يُصيب الظالم لا محالة، ولكن لو فرضنا أنّه لم يُصبه، فأين يفرّ الظالم من عذاب يوم القيامة؟! إذ أخبرنا الكتاب الكريم بقوله تعالى: ﴿إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيم﴾[53]، وكما أخبرنا تراجمة القرآن بقولهم: «إنّ الظالم يوم القيامة في ظلماتٍ»[54]، فمَن يكون في ظلمات كيف يتمكّن من جواز تلك القنطرة التي على الصراط؟![55]، وإنّ من أصعب العقبات على الظالم يوم القيامة حينما يتعلّق به المظلومون بين يدي الله تعالى[56]، حتى إنّه يأكل جذوات [57] من نار جهنّم؛ بسبب أكله أموال الناس ظلماً [58].
ولا شكّ في أنَّ ظلم الأنبياء والأوصياء أعظم من ظلم غيرهم، والعقاب الأُخروي عليه، يكون أشدّ وأعظم، ولا سيّما مَن ظلم الحسين عليه السلام وأهل بيته وأصحابه في يوم عاشوراء، حيث ﴿يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً﴾[59]، ورحم الله الشاعر حيث يقول:
ويلٌ لمَن شفعاؤه خصماؤه والصور في نشر الخلائق ينفخُ
لا بدَّ أن ترد القيامة فاطمُ وقميصها بدم الحسين مُلطَّخُ
ثانياً: وظائف الناس تجاه الحاكم الظالم
1ـ حُرمة إعانة الظالم
إعانة الظالم بجميع ألوانها يمكن أن تكون على ثلاثة أقسام:
القسم الأوّل: إعانة الظالم في ظلمه؛ بحيث يعدّه الناس من أعوان الظالمين في ظلمهم. وهذا النوع من الإعانة من المحرّمات الكبيرة أيضاً، كحُرمة الظلم نفسه.
القسم الثاني: إعانة الظالمين في غير ظلمهم، بمعنى أنّه يُعينهم في غير المُحرّمات؛ بحيث يعدّه العُرف من أعوانهم، ومن المنتسبين إليهم، كمَن يعمل عندهم في بناء مساجدهم أو خياطة ملابسهم، بحيث يراه العُرف منهم، فهذا النوع من الإعانة من المُحرّمات أيضاً.
القسم الثالث: إعانة الظالمين في غير ظلمهم، بحيث لا يعدّه العرف من أعوانهم المنتسبين إليهم، وهذا القسم الثالث من الإعانة ليس من المُحرّمات.
قال السيّد الخوئي رحمه الله : «معونة الظالمين في ظلمهم ـ بل في كلّ مُحرّم ـ حَرامٌ، أمّا معونتهم في غير المُحرّمات من المُباحات والطاعات، فلا بأس بها، إلّا أن يُعدّ الشخص من أعوانهم، والمنسوبين إليهم فتحرم»[60].
ويدلُّ على حُرمة إعانة الظالمين العقلُ والإجماع، وقوله تعالى: ﴿وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ﴾[61]، أوقوله تعالى: ﴿وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾[62]، أوالروايات المستفيضة، بل المتواترة، وقد عقد أصحاب الحديث رضوان الله عليهم لحرمة إعانة الظالمين، أبواباً كثيرةً، فالروايات أشهر من أن تُذكَر [63].
وعلى الرغم من وجود هذه الأدلّة الواضحة على حُرمة إعانة الظالمين وتقويتهم، نلاحظ وللأسف أنّ كربلاء حافلة بإعانة الظالمين، أو تجلّت إعانة الظالمين في كربلاء بأعلى صورها، فهذا الجيش قد ناهز ثلاثين ألف رجل، وهذا العدد الكبير، تجسيد واضح لإعانة الظالمين؛ ولذا كان الإمام الحسين عليه السلام ، يقول في خطاباته: «وأراكم قد اجتمعتم على أمرٍ أسخطتم الله فيه عليكم»[64].
2ـ وجوب محاربة الظالم
إنّ من أهمّ أهداف الإسلام نشر العدل بين بني الإنسان؛ ولذا قال الله تعالى: ﴿إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ﴾[65]، فيجب على الأُمّة الإسلاميّة ـ كفايةً ـ تحقيق العدل، ولا يتمّ تحقيق العدالة إلّا بمحاربة الظالمين الذين يسعون في الأرض فساداً، والإسلام يتدرّج في تحقيق هذا الهدف، ويُعطينا منظومةً كاملةً في سبيل التغلّب على الظلم والظالمين، ونُشير إلى هذه المنظومة بنحوٍ إجمالي:
أـ الدعوة السريّة والتعبئة لنبذ الظالم:
تبدأ مسيرة محاربة الظالم ـ والقضاء على الظلم ـ بدعوة المؤمنين إلى نبذ الظالمين، وتُعدّ هذه الخُطوة هي البذرة الأوّليّة لتكوين محاربة الظالمين. فهي مِن الخُطوات الحسّاسة التي تحتاج إلى الدقة في العمل، فإنَّها ستبوء بالفشل إذا ما أُعلنت، ولا يتحقق الهدف المطلوب؛ ولذا فإنّ موسى عليه السلام لمّا قتل القبطي وصف هذا العمل بأنّه من عمل الشيطان؛ لأنّه سابق لأوانه، قال الله تعالى: ﴿وَدَخَلَ المَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ منْ أَهْلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلاَنِ هَذَا مِن شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِن شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُّضِلٌّ مُّبِين﴾[66].
وهذا الأُسلوب نفسه قد طبّقه الإمام الحسين عليه السلام ، فلم يعمل عملاً سابقاً لأوانه، وكان الإمام الحسين عليه السلام ، يحرص على أن لا يسفك دماً، طالما لم يبدر منهم القتال، وكشاهد على ذلك: إنّه لمّا دخل على عتبة بن الوليد اصطحب بني هاشم معه، وقال لهم: إن سمعتم صوتي قد علا، فادخلوا ولا تشهروا سيفاً. فهذه الطريقة تُبيّن الدقة والحنكة السياسية التي يستخدمها الإمام الحسين عليه السلام . واستمر بالدعوة السريّة لنبذ الحاكم الجائر، عن طريق المكاتبات التي حصلت بينه وبين أهل الكوفة والبصرة، من دون أن يُشعر الجهاز الحاكم؛ ولذا لم يكن يعلم الحر بن يزيد الرياحي بهذه المكاتبات، مع أنّه كان آنذاك من قادة جيش يزيد. وكشاهد آخر: إنّ مسلم بن عقيل لم يَقتل عبيد الله بن زياد لنفس هذا السبب؛ فإنّه قد ورث هذه الحنكة السياسية من ابن عمّه الحسين عليه السلام ، وإلّا لو قَتل مسلمُ عبيدَ الله بن زياد لأحتجّ عليه القوم بأنّه أوّل مَن سفك الدماء، كما احتجّ فرعون على موسى حينما قال له: ﴿وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ﴾[67]، ولما استطاع الحسين عليه السلام أن يحتجّ على القوم بقوله: «ويحكم! أتطلبوني بقتيلٍ منكم قتلته، أو مالٍ لكم استهلكته، أو بقصاص جراحة»[68]. فاُنظر ـ أيّها اللبيب ـ إلى مدى عمق تفكير مسلم بن عقيل وحكمته.
ب ـ النصيحة والوعظ المناسب:
إنّ نصيحة الظالم ووعظه هي لون من ألوان مواجهة الظالم، وينبغي استخدام جميع الوسائل التي تُوجب ردع الظالم عن ظلمه، كاللّين، واللّطف، والعطف، والقول الحسن؛ ولذا كان دأب الأنبياء عليه السلام في مواجهتهم مع الظالمين هو النصيحة، والوعظ المناسب، وإليك بعض الآيات الدالّة على ذلك، قال تعالى: ﴿اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى* فَقُولاَ لَهُ قَوْلاً لَيِّناً لعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى﴾[69]، وقال تعالى:﴿ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْموعِظَةِ الحَسَنَةِ وَجَادِلْهم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالُمهْتَدِين﴾[70].
ونجد أنّ عرصة كربلاء كانت حافلةً بالوعظ البليغ، والقول اللّين، والحكمة، والموعضة الحسنة، ومن جملتها: خطبة ذلك الصحابي الجليل حنظلة بن سعد الشبامي وموعظته الحسنة التي لها وقع خاص في القلوب، حيث أخذ ينادي: «يا قوم، إنّي أخاف عليكم مثل يوم الأحزاب، مثل دأب قوم نوح وعاد، وثمود والذين من بعدهم، وما الله يُريد ظلماً للعباد. يا قوم، إنّي أخاف عليكم يوم التناد، يوم تُولّون مدبرين ما لكم من الله من عاصم، يا قوم، لا تقتلوا حسيناً، فيُسحتكم الله بعذاب، وقد خاب مَن افترى»[71].
ج ـ الإنذار والتخويف والترهيب:
فإذا لم ينفع النُصح والوعظ والقول اللّين والقول الحسن ننتقل إلى المرحلة الثالثة، وهي القول الشديد، والإنذار والتخويف والترهيب، وهذا اللون من المحاربة والمواجهة للظالمين استخدمه الأنبياء كوسيلة لردع الظالمين عن ظلمهم، فكان الأنبياء ينذرونهم ويخوفونهم بعذاب الله تعالى، الذي سيحلّ عليهم في الدنيا، والقرآن الكريم حافل بهذه التهديدات والإنذارات، والتخويفات والترهيبات. ويُستخدَم الترهيب قبل القتال عادةً، قال أبو المجد الحلبي: «وينبغي قبل وقوع الابتداء به تقديم الإعذار والإنذار، والتخويف والإرهاب، والاجتهاد في الدعاء إلى اتّباع الحقّ، والدخول فيه، والتحذير من الإصرار على مخالفته، والخروج عنه»[72].
وقد اجتازت كربلاء الحسين عليه السلام مرحلة النصح والموعظة ـ بعد أن لم ينفع هذا الأُسلوب بأُولئك العتاة الطغاة ـ إلى مرحلة أُخرى، وهي التهديد والترهيب، والتخويف ببأس شديدٍ وعذاب أليمٍ، وما أروع صور الشجاعة التي رسمتها كربلاء في يوم العاشر من المحرّم، لبني هشام من جانب، ولأصحاب الحسين من جانب آخر، وينبِئُك عن هذا قول الإمام الحسين عليه السلام : «أَلا وإنّ الدعي ابن الدعي قد تركني بين السلّة والذلّة، وهيهات له ذلك، هيهات منّي الذلّة، أبى الله ذلك ورسوله والمؤمنون ـ وجدود طهُرت وحجور طابت ـ أن نؤثر طاعة اللئام على مصارع الكرام»[73]
د ـ محاربة الحاكم الظالم بالسلاح
إنّ الخروج على الحاكم الجائر بالسلاح في عصر الحضور مشروط بإذن الإمام المعصوم عليه السلام ، فإن أذن وجب، وإلّا فلا، وأمّا مسالة الخروج على الظالم في عصر الغيبة، فهي من المسائل الخلافيّة؛ حيث وردت روايات تدلّ على حُرمة الخروج بالسيف على الظالم قبل قيام القائم عجل الله تعالى فرجه الشريف ، وقد عقد لها صاحب الوسائل باباً بعنوان حكم الخروج بالسيف قبل قيام القائم[74]، ولكن حاول بعض الفقهاء مناقشة هذه الروايات، وحملها على التقية، وقال: بجواز الخروج على الحاكم الظالم بالسلاح، ومحاربته إذا كانت الأرضيّة مناسبة لذلك[75]، وذكر بعضهم أيضاً ـ بعد مناقشة الروايات المتقدّمة ـ أنّه إذا لم تنفع تلك المراحل التي ذكرناها، فيجوز، بل يجب مع تهيئة أسباب الخروج، والقتال بالسلاح ضدّ الحاكم الظالم، المتهتك، الفاسق الفاجر، القاتل للنفس المُحترمة، المُعلن بالفسق، والذي يجعل مال الله دولاً، وعباده خولاً، ويسفك دماء المسلمين الأبرياء، ويعتدى على أعراضهم[76].
وقد جسّدت كربلاء هذا الجانب أيضاً، فإنّ الإمام الحسين عليه السلام هو الإمام المعصوم المفترض الطاعة، الذي يكون فعله وقوله حجةً شرعاً، وقد أعلن خروجه على يزيد الحاكم الجائر بقوله: «أيّها الناس، إنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: مَن رأى سلطاناً جائراً ـ مستحلاً لحُرم الله، ناكثاً لعهد الله، مخالفاً لسنّة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، يعمل في عباد الله بالإثم والعدوان ـ فلم يُغيّر عليه بفعل ولا قول كان حقيقاً على الله أن يُدخله مدخله. وقد علمتم أنّ هؤلاء قد لزموا طاعة الشيطان، وتولّوا عن طاعة الرحمان، وأظهروا الفساد، وعطّلوا الحدود، واستأثروا بالفيء، وأحلّوا حرام الله، وحرّموا حلاله، وإنّي أحقّ بهذا الأمر»[77].
الكاتب: الشيخ حبيب عبد الواحد الساعدي
مجلة الإصلاح الحسيني – العدد التاسع
مؤسسة وراث الأنبياء للدراسات التخصصية في النهضة الحسينية
________________________________________
[1] ابن فارس، أحمد، معجم مقاييس اللغة: ج3، ص 468.
[2] لقمان: آية 13.
[3] الفراهيدي، الخليل بن أحمد، العين: ج8، ص164.
[4] ابن فارس، أحمد، معجم مقاييس اللغة: ج3، ص469.
[5] اُنظر: رضي الدين الأسترابادي، محمد بن الحسن، شرح الرضي على الكافية: ج4، ص341.
[6] اُنظر: الزبيدي، محمد مرتضى، تاج العروس: ج17، ص447.
[7] الفراهيدي، الخليل بن أحمد، كتاب العين: ج7، ص108.
[8] اُنظر: الحميري، نشوان بن سعيد، شمس العلوم: ج10، ص6628.
[9] القصص: آية18.
[10] الشريف الرضي، محمد بن الحسين، خصائص الأئمة: ص42. وحسان لم يثبت على نصرة أهل البيت، وفي الحديث إشارة إلى ذلك.
[11] اُنظر: ابن منظور، محمد بن مكرم، لسان العرب: ج11، ص202.
[12] اُنظر: اللنكراني، فاضل، تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة المكاسب المُحرّمة: ص197.
[13] البقرة: آية27.
[14] التفسير المنسوب للإمام الحسن العسكري عليه السلام : ص206.
[15] الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي: ج2، ص374.
[16] القرشي، باقر شريف، حياة الإمام الحسين عليه السلام : ج2، ص257.
[17] اُنظر: ابن أعثم، أحمد، الفتوح: ج5، ص17.
[18] الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي: ج5، ص56.
[19] اُنظر: أبو مخنف، لوط بن يحيى، مقتل الحسين: ص86. الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الأُمم والملوك: ج4، ص305. والمشهور على الألسن «ما أرى الموت إلّا سعادة». ابن شعبة الحرّاني، الحسن بن علي، تحف العقول: ص245. ابن شهر آشوب، محمد بن علي، مناقب آل أبي طالب: ج3، ص224.
[20] البقرة: آية179.
[21] الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي: ج2، ص331.
[22] هود: آية113.
[23] الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الأُمم والملوك: ج4، ص251.
[24] اُنظر: خطب أميرالمؤمنين عليه السلام ، نهج البلاغة: ص34.
[25] فاطر: آية43.
[26] النساء: آية9.
[27] الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي: ج8، ص 19.
[28] المصدر السابق: ج2، ص334.
[29] اُنظر: الصدوق، محمد بن علي، الأمالي: ص148.
[30] الأنعام: آية21.
[31] المائدة: آية51.
[32] آل عمران: آية57.
[33] إبراهيم: آية22.
[34] يونس: آية13.
[35] إبراهيم: آية42.
[36] الحر العاملي، محمد بن الحسن، وسائل الشيعة: ج16، ص48.
[37] إبراهيم: آية42.
[38] أحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، عَنْ عِدَّة مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَاد، وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّد جَمِيعاً، عَن ابْن مَحْبُوب، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ سِنَان، وَابْنِ بُكَيْر جَمِيعاً، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله عليه السلام ، قَالَ: «سُئِلَ عَنِ الْمُؤْمِنِ يَقْتُلُ الْمُؤْمِنَ مُتَعَمِّداً، هَلْ لَهُ تَوْبَةٌ؟ فَقَالَ: إِنْ كَانَ قَتَلَهُ لإيمَانهِ، فَلَا تَوْبَةَ لَهُ، وَإِنْ كَانَ قَتَلَهُ لِغَضَبٍ، أَوْ لِسَبَبٍ مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا، فَإِنَّ تَوْبَتَهُ أَنْ يُقَادَ مِنْهُ...». الحر العاملي، محمد بن الحسن، وسائل الشيعة: ج29، ص30 ـ 31.
[39] النساء: آية93.
[40] اُنظر: القمي، علي بن إبراهيم، تفسير القمي: ج1، ص 148. شبر، عبد الله، تفسير شبر: ص122.
[41] اُنظر: العلّامة الحلي، الحسن بن يوسف، تحرير الأحكام: ج5، ص418 ـ 419. التبريزي، جواد بن علي، تنقيح مباني الأحكام: ص340. اللنكراني، فاضل، تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة: ص338. وقد ذكروا أنَّ السبب في عدم قبول توبة مَن قَتل مؤمناً متعمّداً لدينه؛ هو أنَّ القتل لأجل الإيمان إنَّما يستبطن التكذيب، وحصول الارتداد عن فطرة.
[42] اُنظر: الخوئي، أبو القاسم، منهاج الصالحين: ج2، ص321.
[43] اُنظر: المصدر السابق: ج1، ص137. اللنكراني، فاضل، جامع المسائل: ج2، ص358.
[44] اُنظر: ابن إدريس، محمد بن منصور، السرائر: ج2، ص69.
[45] الحر العاملي، محمد بن الحسن، وسائل الشيعة: ج16، ص53.
[46] اُنظر: الحكيم، محسن، منهاج الصالحين: ج1، ص14. الخوئي، أبو القاسم، منهاج الصالحين: ج1، ص11.
[47] اُنظر: ابن طاووس، علي بن موسى، اللهوف في قتلى الطفوف: ص123. بيضون، لبيب، موسوعة كربلاء: ج2، ص678.
[48] فاطر: آية43.
[49] اُنظر: الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي: ج2، ص509.
[50] اُنظر: المصدر السابق: ج2، ص334. الحر العاملي، محمد بن الحسن، وسائل الشيعة: ج16، ص47.
[51] المفيد، محمد بن محمد، الإرشاد: ج2، ص102.
[52] ابن شهر آشوب، محمد بن علي، مناقب آل أبي طالب: ج3، ص214.
[53] إبراهيم: آية22.
[54] اُنظر: المصدر السابق: ج2، ص46
[55] اُنظر: الحر العاملي، محمد بن الحسن، وسائل الشيعة: ج16، ص47.
[56] اُنظر: الريشهري، محمد، ميزان الحكمة: ج2، ص1771.
[57] جذوات: مفردها جذوة، وهي القطعة من الجمر. اُنظر: الرازي، محمد، مختار الصحاح: ص60.
[58] اُنظر: الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي: ج2، ص333.
[59] الفرقان: آية69.
[60] الخوئي، أبو القاسم، منهاج الصالحين: ج2، ص7. الأنصاري، مرتضى، المكاسب: ج2، ص53.
[61] هود: آية113.
[62] المائدة: آية2.
[63] اُنظر: الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي: ج5، ص105. الطوسي، محمد بن الحسن، التهذيب: ج6، ص330. الحر العاملي، محمد بن الحسن، وسائل الشيعة: ج17، ص179.
[64] المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار: ج45، ص5.
[65] النحل: آية90.
[66] القصص: آية15.
[67] الشعراء: آية19.
[68] المفيد، محمد بن محمد، الإرشاد: ج2، ص98.
[69] طه: آية43ـ 44.
[70] النحل: آية125.
[71] المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار: ج13، ص157.
[72] أبو المجد الحلبي، علي بن الحسن، إشارة السبق: ص142.
[73] المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار: ج45، ص83.
[74] اُنظر: الحر العاملي، محمد بن الحسن، وسائل الشيعة: ج15، ص50.
[75] اُنظر: الحائري، كاظم، المرجعيّة والقيادة: ص113. المنتظري، حسين علي، دراسات في ولاية الفقيه: ج1، ص256ـ 257. وقد کتب الأُستاذ الشيخ عباس الكعبي فی ذلك مقالة. فمَن أراد التفصيل فليراجع مجلة فقه أهل البيت عليهم السلام : ج44، ص63.
[76] اُنظر: المنتظري، حسين علي، دراسات في ولاية الفقيّه، وفقه الدولة الإسلاميّة: ج1، ص593، وص619. السبحاني، جعفر، الملل والنحل: ج5، ص485. كاشف الغطاء، جعفر، كشف الغطاء: ج4، ص288.
[77] المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار: ج44، ص382.
اترك تعليق