تناول ممثل المرجعية الدينية العليا سماحة السيد أحمد الصافي خطيب وإمام الجمعة في كربلاء المقدسة في خطبته الثانية من صلاة الجمعة التي أقيمت في الصحن الحسيني الشريف في(12/صفر/1436هـ)الموافق(5 /12 /2014م) أربعة أمور :الأمر الأول :إن التقدم الذي أحرزته القوات المسلحة ومن التحق بهم من الإخوة المتطوعين في العديد من المناطق يجب أن يكون مقروناً بالحيطة والحذر فإن الغفلة قد تسبب مشاكل كثيرة لأن العدو يستغل أي فرصة لإعادة الكرّة، بل على الجيش العراقي الباسل أن يمسك جميع الأراضي المحررة ومن هنا نهيب بالإخوة الأعزاء أن لا يتركوا مواقعهم بعد تحريرها ولو كان الترك لأمر مشروع بل مستحب، كما تعوّد الإخوة أن يكونوا حاضرين في زيارة الأربعين من كل عام.إذ إن مرابطتهم في مواقعهم مع شوقهم لزيارة السبط الشهيد (عليه السلام) يجعلهم أعظم أجراً وثواباًوأيضاً نوصي المواطنين في المدن التي تواجه خطر العدوان أن لا يخلوا مدنهم في موسم الزيارة بل يتواجدوا بقدر الكفاية فيها ولو على سبيل التناوب.الأمر الثاني :لا يخفى على أحد أنّ أي بلد عندما تفرض عليه حالة الحرب ويدخلها سيصاحب ذلك بعض المشاكل التي لابد من تلافيها قدر المستطاع، وإن بلدنا الحبيب ليس بمعزل عن هذه الحالة ولعلّ بعض المشاكل يكون تأثيرها كبيراً إذا لم تعالج معالجة جادة ومن هذه المشاكل ما نسمع به من استيلاء البعض على أراضي واسعة هنا وهناك وهي عائدة للدولة ومخصصة لإنشاء بعض المشاريع المهمة عليها كالمدارس والمستوصفات وبعض الأمور الخدمية الأخرى .إن تأخر تنفيذ ذلك من قبل الدولة لا يسوّغ أن تضع بعض الجهات يدها عليها مستغلة الحالة التي يمر بها البلد بل لابد من أي جهة مهما كانت أن تراعي الضوابط والموافقات القانونية إذا أرادت أن تحصل على هذه الأراضي وإلا فلا يجوز التعدي على هذه الممتلكات العامة والمساس بها أصلاً ، وعلى الدولة أن تفرض هيبتها وسلطتها في ذلك فلا تسمح لأي تجاوز على الأراضي بالطريقة غير القانونية وتسترد ما أُخذ بغير وجه حق.الأمر الثالث :إن التغيير الذي حصل وقد يحصل في مختلف المؤسسات العسكرية والأمنية من أجل تحسين الأداء وتطويره والنهوض بالواقع الأمني والعسكري إلى أفضل حالة ممكنة لهو من الأمور الصحية والجيدة وينبغي مراعاة الدقة فيه وحصره بالمعايير العلمية والمهنية والوطنية سواء في الأشخاص الذين يراد استبدالهم أم الأشخاص الذين يراد لهم أن يشغلوا مواقع مهمة ولابد من التمييز بين من كان في المواقع الميدانية في وقت الأزمة وبذل كل طاقته وإمكاناته من أجل إيقاف الانهيار الأمني والحفاظ على أرض البلد في وقت شحّ فيه الرجال والسلاح وبين من لم يكترث أصلاً إلا للمال والمنصب ،إن آفة الفساد لابد أن تجتث من جذورها في كل مؤسسات الدولة لكن لابد أيضاً أن لا تكون مدخلا ً لإقصاء الشرفاء والوطنيين والمهنيين .الأمر الرابع :
أود أن أبين بعض الأمور التي تتعلق بالزيارة والزائرين :1- تكلمنا في الخطبة الأولى عن ما يتعلق بالمسافة الزمنية الطويلة التي يقضيها الإخوة الزائرون وهم يحثون الخطى إلى كربلاءطبعاً نعم التفكّر والتأمل ما كان واعظاً للإنسان ،وهنا كلامي إلى الإخوة الزائرين وغير الزائرين ،إن هذه المسافة الطويلة هناك هدف أثناء المسير هذا الهدف هو أن يصل إلى سيد الشهداء (عليه السلام) .في هذا الطريق هناك جزئيات كثيرة يواجهها الزائر عليه أن يستغلها استغلالاً يطوّر فيها نفسه ،ونِعمَ التفكّر والتأمل ما كان معيناً لصاحبه على بلوغ مدارج الكمال ،على الإخوة الزائرين أن يستفيدوا من بركات هذه المسيرة للاستزادة من المنافع والخيرات والبركات التي يجنونها في هذه الرحلة الموفقة.2- في الطرقات مجموعة من الأفاضل السادة والمشايخ والفضلاء الذين بذلوا جلّ وقتهم من أجل إرشاد الزائرين لمسألة فقهية أو أخلاقية وهؤلاء الإخوة منتشرون في المواكب والحسينيات على الطرق ، والالتزام أيضاً بالصلوات اليومية في وقتها إذ الالتزام بصلوات الجماعة فإنها سنّة مباركة .على الإخوة الزائرين عندما يأتون أن يستفيدوا من وجود هؤلاء الإخوة بالسؤال أو الاستفسار عن أي مطلب فقهي أو أخلاقي أو عقائدي وهذا نِعمَ الاستغلال للوقت ولا شك أن هذه العملية فيها رضا الله تبارك وتعالى أولاً ورضا الأئمة الأطهار (عليهم السلام).3- هناك حقوق وهذه الحقوق تحتاج إلى مقدمة بسيطة.
قطعاً نظم الأمور من الأشياء التي ندب إليها الشارع المقدس، أن الإنسان دائماً ينظّم أموره ،والإمام الحسين (عليه السلام) كان منظماً رائعاً في جميع تصرفاته وفي كل شؤونه كان يحسب للأمور حساباً خاصاً إلى أن حدثت واقعة الطف وجاءت بفتح كبير.كان منظماً في اختيار أصحابه وجلب العائلة واختيار الأرض وفي طبيعة المنازلة مع العدو وفي طريقة إلقاء الكلام والخطاب هو وأصحابه بل هو يعلمنا .هناك حقوق الطريق العام حق من الحقوق لا يجوز المساس به ولا يجوز التعدي عليه ،الطرقات العامة هي حق عام الإنسان يمارس الشعيرة ويعلّم الآخرين أن هذه الشعيرة هي تنظم أمورنا ومن جملة الأمور هي الحفاظ على هذه الممتلكات العامة.الزائر له حق ،عندما يأتي الزائر خاشعاً ويريد أن يزور الإمام الحسين (عليه السلام) يتفكّر في آداب وقدسية الإمام الحسين (عليه السلام) .أنا صاحب موكب وصاحب عزاء أسهر لخدمته بمقدار ما أستطيع وما أبذل له من أكل وطعام وشراب أيضاً أحافظ على هدوئه وسكينته التي توصله إلى المرقد فلا أستعمل مكبرات الصوت العالية جداً التي تسلبه هذا الخشوع.أنا أريد أن يكون عملي مباركاً ومأجوراً فلابد أن أوفر لهذا الزائر كل ما من شأنه أن يحقق له هذا الخشوع حتى أشرك معه في الأجر .
أنا أتعب في الطريق وأطبخ وأبذل حتى أشرك مع هذا الزائر قد أنا لا أوفق في المجئ للزيارة بسبب التعب وكثرة المشاغل لكن سلواي أن هذا الزائر التي قدمت له هذه الخدمة أن يشركني في الدعاء .فلابد أن أحافظ على هذا الزائر وعلى هذه النفسية وعلى خشوعه إلى أن يصل إلى المرقد الشريف فأحاول أن لا أجعل المراثي بصوت عال تسلب الزائر هذا الخشوع أو لا أجعل المراثي بطريقة قد تفقد هذه القدسية .أنا أتكلم عن خادم الإمام الحسين (عليه السلام) أن يسعى جاهداً لتوفير هذه القضية .وانتبهوا أن كلاً منا مشروع لصاحبه في الآخرين فإن حفظت غيبتك فهذا لي وإن سهلت أمرك فهذا لي فأنت مشروعي للآخرة فكيف إذا كان هذا الزائر الذي ندب إليه الشارع المقدس وبينت التعاليم الكثيرة أهميته أن يكون مشروعي للآخرة. وأن أحافظ على نفسيته وخشوعه ما استطعت إلى ذلك سبيلا ً.لابد أن أتحمل في سبيل أن أشرك مع هذا الزائر حتى تكون هذه الأعمال منظمّة كالحسين (عليه السلام) فالحسين (عليه السلام) اختار أصحابه واحداً واحداً لأن عنده مشروعاً كبيراً ونحن نتشرف أن نكون ضمن مشروع الحسين (عليه السلام) والذي يكون ضمن مشروع الحسين (عليه السلام) لابد يومياً أن يتعلم من الإمام الحسين (عليه السلام) .يصعب علينا إذا جاء الزائر وقال أنت خدمتني لأنك آذيتني لماذا ؟لأنك أزعجتني وآذيتني وتكلمت بكلام فيه قسوة ،أنا جئت للحسين (عليه السلام)الإخوة مع ما يبذلون نقبّل أياديهم جميعاً على هذه الخدمة الرائعة التي يبذلها الإخوة حيث إنه واقعاً هناك نفير عام من الإخوة على الرغم من أن بعضهم إمكاناته المادية ضعيفة لكنه يبذل كل شيء للإمام الحسين (عليه السلام) إكمالا لذلك هذه الراحة التي يحصل عليها الزائر من خلال هذا المسير المبارك.4- الدولة .واقعاً في كل زيارة نعاني من بعض المشاكل وهذه المشاكل قد تكون نتيجة كثرة الزائرين والأعداد الغفيرة لكن هذا غير معبّرلأننا قلنا قبل سنين إن هذا موسم وعلى الدولة أن تسعى أن توفر النقل بمقدار ما يقع على مسؤوليتهم وأن توفر الأمن لأن العدو عدو جبان يستغل التجمعات وكل ظرف وأن يحافظوا على أمن الزائرين وأن يسهلوا دخول الزائرين خصوصاً الإخوة الذين يفدون من خارج العراق حيث لدينا معلومات بأن في بعض المنافذ الحدودية هناك عرقلة كثيرة والزائرون يتجمعون في العراء لساعات وقد يبيتون بسبب تلكؤ بعض الإجراءاتالرجاء من كل أحد يكون عند الحدود أن يعكس وجه العراق الحقيقي وأن يسعى جاهداً من أجل أن يبذل جهده من أجل راحة الأخ الزائر الوافد الكريمهذه المسؤولية تقع على عاتق الدولة والمسؤول عندما يكون ميداني سيشخص بعضاً من هذه الأشياء .
اترك تعليق