لم تكن واقعة الطف مجرد معركة تغلبت بها فئة على فئة خلال سويعات من الزمن، ومن غير المنطقي ان ننظر لها على أنها حدث تاريخي او منعطف شهدته البشرية في حقبة زمنية معينة. فالطف حدث أرخته سرمدية الأحرف الوضاءة كونه قلب معادلة التاريخ وكشف بان للدم لغة ترتفع وتنتصر على لغة السيف، وان سحابة الدم التي اريقت على رمضاء كربلاء انبتت اجيال من الثائرين على مر الدهور، وان الامام الحسين عليه السلام لم يستشهد ليعيش حيا في جنة ربه بل انه حي في ضمير ووجدان كل حي، وانه حي في قلب كل مؤمن، ولازال صدى صوته يقظ مضاجع الظالمين والفاسدين ويزلزل عروشهم الخاوية ويرسم للحياة صورا تتكامل عندها معالم التعايش السلمي. فلو استعرضنا كلماته ومواقفه واستوقفنا عند عبارة (مثلي لايبايع مثلك) نجدها دستور حياة رسمت للحق طريق واضح بعيدا عن المهادنة والضعف والمراوغة بعد ان كشفت طريق الباطل المتمثل بيزيد واسلافه ومن سار على نهجه حتى قيام الساعة. ولعل الكثير من المؤرخين حينما يمرون بهذه العبارة يؤكدون بان الامام الحسين عليه السلام كان بامكانه ان يقول ليزيد (اني لا ابايعك) الا ان استخدامه لعبارة (مثلي لايبايع مثلك) دليل ورسالة واضحة للاجيال المتعاقبة بان كل من يسير على خطى او يتبع منهج الامام الحسين عليه السلام يجب عليه ان لايهادن او يتنازل عن عقيدته او مبادئه مهما كلفه الامر كون البشرية ستشهد في كل عصر حسين ثائر ويزيد فاسد. كما ان العبارة كشفت عن وجود مساران لاثالث لهما وبعبارة اخرى ليس هنالك وسطية في المعادلة فضلا عن عدم سماحها بالمجاملة او المهادنة على حساب العقيدة والتنازل باي شكل من الاشكال ولاي هدف. وبالتالي فان دعاة التحضر والانفتاح على الاخرين مقابل التنازل عن العقيدة بمسميات التقارب وكسب الود او اي مسمى اخر يعد خروجا عن ولاء الصفار الموقع الرسمي للعتبة الحسينية المقدسة
اترك تعليق