الخطبة الثانية لصلاة الجمعة بإمامة السيد احمد الصافي في 19/ذي الحجة/1439هـ الموافق 31 /8 /2018 م :

اخوتي اخواتي تكلمنا في الجمعة السابقة والأسبق حول موضوع يتعلق بالتعلّم وبالثقافة..

هذا الموضوع كما ذكرت في محله هناك من المواضيع المهمة التي تستوجب منّا ان نقف ونتأمل لنرى ما هي الحدود الدنيا التي يمكن للإنسان ان يحصّن نفسه فيها..

طبعاً سبق وتكلمنا في مطلب سابق ما يتعلق بموضوع عبرّنا عنه بموضوع البصيرة..

البصيرة غير التعلّم الانسان يمكن ان يكون متعلماً لكنه قد لا يتمتع ببصيرة وحتى لا يختلط كلامنا، موضوع البصيرة تكلمنا عنه سابقاً ولعلّنا نحتاجه فيما يأتي قد ايضاً نتكلم عليه في حينهِ، لكن ما يتعلق الآن بمستوى الثقافة وسأتكلم مع الاخوة بشيء شفاف كما يقال.

طبعاً من الواضح ان هناك تدني في مستوى الثقافة عندنا واقصد بمستوى الثقافة عندنا هي حالة التحضّر.. الانسان عندما يكون مثقف ومتحضّر يتعاطى مع الامور بطريقة تحفظ فيها حق الطرفين وهذه القراءة ليست قراءة شخصية وانما ناشئة من اطلالة على كثير من مواردنا حتى مواطن التعلّم التي عندنا..

طبعاً البعض يقول هناك اسباب كثيرة، نعم أنا اوافق، هناك اسباب كثيرة أودت بحالة التعلّم وحالة الثقافة ان يهبط مستواها مع ان العراق ليس كذلك وهذا ذكرناه سابقاً..

يعني العراق ليس بلداً متطفلاً على الحضارة او العراق ليس بلداً حديثاً جذور البلد حضارة البلد قديمة، نحن ايضاً لا نريد ان نصاب بغرور بالاتكاء على حضارة سابقة هذا ايضاً امر غير صحيح وانما عندما نذكر ذلك نريد ان نحمل الجميع مسؤولية الحفاظ على هذه الثقافة بالحد الأدنى..

ولعلّ بعض -اقول بعض- الامور قد يُراد لها ان تبقى في خانة الجهل، لماذا؟!! تعلمون ان هناك نُفرة بين العلم وبين الجهل.. اهل المنطق تارة يقولون علاقة تضادّ او غير ذلك باصطلاحاتنا الخاصة لكن بشكل واضح للجميع ان هناك نُفرة..

العلم يأبى ويرفض الجهل..والجهل كذلك يرفض العلم، ولذلك في المناقشة اذا ناقشت جاهلا ً سيغلبكَ،  تصبح حالة العناد وحالة عدم وجود مشتركات بين الطرفين..الجاهل يغلب العالم في المناقشة لأنه لا يريد ان يتعلّم! وتارة جاهل بسيط هو يسأل يقول نعم اني لا أعلم علمنّي أُريد ان اتعلّم..نعم هذا يستفيد وتتحول حالة النقاش الى حالة ايجابية..

ولاحظوا اخواني كلما زاد الوعي ضَعُفَ الدجل وضَعُفَ الدجالون.. الدجال اينَ يجد سوقهُ؟! الدجال يجد سوقهُ عند الجهلة تكون سوقه رائجة في مواطن الجهل.. والدجل بحسبه وانا اتكلم عن أصل الفكرة.. فكلما زاد الوعي قلّ هؤلاء الدجّالون وكلما جاء العلم ذَهبَ الجهل.. الجهل يتوطن في موارد ليس فيها علم وليس فيها ثقافة رصينة.. البعض يسأل ما حاجة هذا الكلام الآن؟!

أقول حاجة هذا الكلام الآن أكثر من حاجتنا الى الأكل والشرب..

طبعاً في بعض الحالات انا اعتمد على شخص مثلاً خريج جامعة، انا يُفترض في ذهني عندما اقابل خريج الجامعة ان اجده يتمتع بثقافة جيدة حتى استطيع ان اخذ واعطي معه واذا هو من الصعوبة بمكان ان يستطيع ان يكتب اسمهُ !! وانا لا أتكلّم مبالغات! من الصعوبة بمكان ان يكتب قطعة نثرية اذا لم تكن مملوءة من الأخطاء الاملائية والنحوية!!

 اذا كان هذا بهذا المستوى كيف يكون في مستويات اخرى هو بعيد عنها فمن الطبيعي ان يصدّق أي فكرة تتسرب اليه تربوية اجتماعية سياسية اقتصادية أي فكرة لأنه غير محصّن..

شبابنا هذا الشاب الذي هو الأمل واقعاً انا عندما اذكر ابنائنا اخواننا عندما أقول هؤلاء الأمل واقعاً نقصد لكن والله نتأذى عندما نرى هذا الشاب يسهر ليلهُ على مواقع لا تُسمن ولا تُغني من جوع ويكون انسان كسول..

انا اقول له يا ابني الشمس لا تَشرُق الا على الكُسالى.. غير الكسول يجلس قبل الشمس عندهُ عمل ورائه بيت ورائه معمل ورائه بلد ورائه ورائه..، لا تتعمد ان تكون كسولا ً.. هذه الفتوّة أنت مسؤول عنها، لا اتكلم اخواني دينياً فقط، البلد يحتاج هذه الطاقة الاسرة تحتاج هذه الطاقة، اينما تكون في أي محل تحتاج هذه الطاقة وقديماً قيل (العقل السليم في الجسم السليم)..

اذا كان هذا الجسم عبارة عن حالة من التراخي وحالة من الهُزال خِلاف الطبيعة انتم ابنائنا تتعاملون خلاف الطبيعة، الليل للسكن للراحة والنهار للعمل لا تقلبوا الحالة تجعلون الليل للسهر وعلى أي شيء تسهَر والله ستندم طوال عمرك لأن هذا الوقت انت تقول اقتل الوقت وانا اقول ان الوقت قتلك..!!

 انت لم تقتل الوقت بل الوقت قتلك..!!

 أي ثقافة تحصل أي رؤية ستكون عندك، أنا حريص بيني وبين الله  حاسبني على هذا الكلام يوم القيامة، أنا حريص عليك يا ولدي انت تكون في ذروة النشاط وانت لا تفقه شيئاً، لا تجلس الاّ في نهاية النهار انت اشد من الكُسالى، هذه الطيور وهذه المخلوقات تعلّم منها، النهار لشيء والليل لشيء ومن يقول لك عكس ذلك والله ضَحِكَ عليك.. يُراد لشبابك ان يتدمّر وان ينتهي، العُمر يا ابني عُمر لا يتحمّل، والانسان سُرعان ما يجد نفسهُ في المرآة قد شاب من الشيبة وابيض شعره ولحيتهُ..

الاسرة تُريد منكَ والمُجتمع يريد منك والبلد يريد منكَ.. انت ستتثقف بثقافة هجينة وثقافة غير اصيلة ستكون وبال، التفت الى مصدر ثقافتك، اجمل شيء عندَ الانسان عَقلَه، اختر المعلومة التي تنضّج العقل.

انتَ حريص على الاكل النظيف لابد ان تكون احرص على الثقافة النظيفة!!

لا تشوّش عقلك !!

مجتمعنا ابائنا أتكلّم مع المدرسين ومع الاباء والاخوة والكبار وأتكلم مع كل له هم على أبنائنا.. أنتَ كُنتَ شاب أيها الاب فتُحس بِما يحس به الشاب، الشاب لم يكن أب فقد لا يحس يحتاج الى إيقاف..

ابنائناً رجاءاً اسمعوا وعُوا.. هذه الثقافة والله عندما اقرأ لبعضهم أنا اخجل شاب في عمر 24 او 25 عام وتعلمون هذا العمر كان عمراً يتحدى فيه الجبال..! الآن هذا الشاب هزيل وضعيف وعقلهُ في استراحة لا أعلم من أقنع هؤلاء الشباب على ان يتركوا عقولهم ويلجأوا الى هذه التفاهات..!!

انتم ابنائنا سواء في الجامعات وفي الاعداديات انتم ذخيرة والذخيرة لابد ان تفهموا ماذا يُراد منكم والتفتوا إلى ماذا يُراد بِكُم ؟!!!

هذا بلدنا فيه هذه الطبقات اطفال وشباب وشيوخ.. الشباب اليوم في خطر اخواني وهذا الخطر خطر ثقافي قد أدخُل في بعض المصاديق اذا الله سبحانه وتعالى أبقانا.. مُرعبة بعض التفاصيل بمعنى الكلمة مُرعبة..

هؤلاء الشباب عليهم ان الأيادي النظيفة تتلقف هؤلاء الشباب على أن يَعوا دورهم ومسؤوليتهم وقدراتهم والشاب عندهُ قدرات كبيرة فليُحسن استخدامها بالشكل الجيد..

اُعيد الشمس ابنائي لا تشرق الا على الكُسالى.. لا تكون كسول.. اشرق نفسك واصحَ قبل الشمس قطعاً ستجد الحياة أمامك في هذه الروحية والطمأنينة والقوة ستكون شيئاً آخر..

نسأل الله تعالى ان يُرينا في ابنائنا وفي الجميع كُلَّ خير وان يحفظكم جميعاً ويحفظ متعلقيكم ويُبارك لكل جهد..

اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات الاحياء منهم والاموات انك مجيب الدعاء وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين..

حيدر عدنان

الموقع الرسمي للعتبة الحسينية المقدسة

المرفقات