الخطبة الثانية لصلاة الجمعة بإمامة الشيخ عبد المهدي الكربلائي في 12/ذي الحجة/1439هـ الموافق 24 /8 /2018م :

ايها الاخوة والاخوات نعرض على مسامعكم الكريمة الأمرين التاليين : الأمر الاول:  لا تزال تتواصل شكاوى المواطنين الكرام في محافظة البصرة العزيزة حاملة شديد معاناتهم من النقص الحاد في المياه الصالحة للشرب وعدم صلاحية مياه الاسالة حتى للاستحمام ونحوه من الاستخدام البشري، وقد نتج عن استعمال بعض المواطنين للمياه الملوثة اصابة العديد منهم بالتسمم وبعض الامراض الجلدية، وعلى الرغم من المناشدات المكررة من المرجعية الدينية ومن جهات اخرى الا ان الجهود المبذولة لتحقيق حلٍّ لهذه المعضلة ولو بصورة مؤقتة لا تزال دون حدها الادنى. انه لمن المؤسف جداً ان لا تجد هذه الازمة الانسانية – الى اليوم- الاهتمام المناسب لها من قبل الجهات الحكومية المختصة، التي لا تُحسن الا توجيه بعضها اللوم الى البعض الآخر وتحميله مسؤولية التقصير في هذا الملف. ان الواجب الانساني والوطني والشرعي يحتّم على الجهات والدوائر المعنية ان تتعاون وتنسّق فيما بينها من اجل وضع حد لمعاناة أهلنا في مدينة البصرة الكريمة وايجاد حل مناسب وسريع لمشكلتهم وهو امر ممكن لو توفرت الارادة الجادة والنيّة الصادقة والاهتمام الكافي لدى المسؤولين في الحكومتين المركزية والمحلية وتحركوا بروح الفريق الواحد واتخذوا قرارات حازمة وعاجلة بعيداً عن الاجراءات الروتينية والتنازع في الصلاحيات بين الدوائر المختلفة. الأمر الثاني:  فيما يتعلق (بمنظومات التواصل الاجتماعي الالكترونية وآثارها الاجتماعية والاخلاقية على الفرد والمجتمع) فنذكر مقدمة في هذه الخطبة ونترك التفاصيل الى الخطبة القادمة ان شاء الله تعالى. فنقول:  من الظواهر المجتمعية التي سادت مجتمعاتنا في الأزمنة الأخيرة هو الادمان على استخدام مواقع التواصل الاجتماعي وسوء الاستخدام لها (أي الاستخدام المفرط وغير المنضبط بالضوابط الشرعية والاخلاقية) حتى أصبح عند الكثير من ضروريات الحياة التي لا ينفك عنها الصغير والكبير والرجل والمرأة وأصبح ملازماً للإنسان في كل مفاصل حياته ولها دور أساسي في صياغة الكثير من المواقف العقائدية والثقافية والآراء السياسية وتلقّي العادات والتقاليد وتكوين الآراء والانطباعات الاجتماعية وتمتلك تأثيراً قوياً على الجوانب النفسية والعاطفية والاخلاقية. وتُعدّ من العوامل الأساسية في حياتنا بصناعة القرار واتخاذ المواقف وتبني الآراء المختلفة.. وباتت هذه الأجهزة متاحة للجميع حتى الاطفال مما تشكل عاملا ً خطيراً في التنشئة الاجتماعية والثقافية والنفسية وصياغة الآراء والأفكار والعادات والتقاليد وأصبحت تهدّد الامن الاجتماعي والاخلاقي والسياسي للفرد والمجتمع اذا لم يتم ترشيد استخدامها. ولاشك ان لهذه المنظومة دوراً ايجابياً كبيراً – لو أحسن استخدامها ووظفت لمصالح الفرد والمجتمع في مختلف جوانب حياته- حيث انها سهّلت التواصل الاجتماعي البنّاء وازالة الحواجز الزمانية والمكانية بين افراد الاسرة وبين ابناء المجتمع الواحد والمجتمعات المختلفة والاطلاع على المعارف الانسانية المختلفة وثقافات الشعوب الاخرى وتبادل الآراء والأفكار بسهولة وبسرعة بالغة.. وكذلك نقل المعلومات والاخبار.. ولكن الملاحظ – أيضاً- كثرة وشيوع استخدامها وتوظيفها السلبي في الكثير من مجالات الحياة و منها نشر الأفكار المنحرفة وترويجها والتواصل الاجتماعي السلبي بإقامة العلاقات غير المشروعة دينياً واخلاقياً وهتك الحرمات وتضليل الاخرين وهدم العلاقات الاجتماعية الواقعية بسبب كثرة استخدام العالم الافتراضي وابعاد الفرد عن جوه الاجتماعي العام والاسري واقامة علاقات خارج اطر العلاقات الاجتماعية التي شرعها الشرع والقانون والعرف الاجتماعي مما ادى الى تفكك الكثير من الاسر وانفصال الازواج عن بعضهم وتعرض الفرد الى حالات من العزلة عن واقعه الاجتماعي والاكتئاب والقلق والاضطراب النفسي حتى أصبح استعمال وتوظيف هذه المنظومة سلاحاً ذو حدين خطيرين..  ونجد للأسف ان الرائج في استعمالها هو التوظيف السلبي لهذه المنظومة.. ولذلك لابد من توعية الفرد والمجتمع للآثار السلبية الاجتماعية والاخلاقية والسياسية للتوظيف غير الصحيح لهذه المنظومة وتقديم التوصيات اللازمة والتي تصب في محاولة تغليب الاستخدام الايجابي والبناء وهي كثيرة.. والذي يعنينا بصورة اساسية هو توضيح الآثار السلبية للاستخدام غير المنضبط لهذه المنظومات من باب التحذير والتنبيه للمخاطر الكبيرة ان لم يكن هناك حدود وضوابط يلتزم بها لهذا الاستخدام.. وسنبين ان شاء الله تعالى في الخطبة القادمة ما هي هذه الضوابط وما هي هذه الحلول.. نسأل الله تعالى ان يوفقنا لمراضيه وان يجعل ان شاء الله ايامنا ايام طاعة واخلاص لله تعالى وان يجنبنا معاصيه وان يمنّ على بلدنا وبلدان المسلمين جميعاً بالأمن والاستقرار انه سميع مجيب والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين. حيدر عدنان الموقع الرسمي للعتبة الحسينية المقدسة

المرفقات