الخطبة الثانية لصلاة الجمعة بإمامة الشيخ عبد المهدي الكربلائي في 23/رجب الأصب/1438هـ الموافق 21 /4 /2017م :

ايها الاخوة والاخوات اود ان ابين الامرين التاليين :

 

الأمر الاول: يصادف يوم الاحد القادم ذكرى استشهاد الامام الكاظم موسى بن جعفر (عليه السلام) حيث يتوجه مئات الالاف من المواطنين والوافدين من خارج العراق الى الكاظمية المقدسة لأداء مراسم العزاء والزيارة.. ونحن اذ نرفع التعازي الى امام العصر عجل الله فرجه الشريف والى المؤمنين كافة في هذه المناسبة الحزينة ندعو الزائرين الكرام الى التعاون مع الاجهزة الامنية المكلفة بحمايتهم وإتباع خططها وتعليماتها، كما ندعو الجميع الى ان يحرصوا على ان يتمثل في هذه الزيارة في هذا العام – كما في الاعوام السابقة- وحدةُ ابناء هذا الوطن وتآلفهم وانسجامهم وتعاونهم في الخيرات والابتعاد عن كل ما يثير الفرقة والاختلاف ويسيء الى تماسك نسيجهم الوطني..ونرجوا من الزوار الكرام ان لا ينسوا اخوانهم في جبهات القتال من الزيارة والدعاء بالنصر المؤزر القريب.. هؤلاء الاعزة الذين هم فخرنا وعزنا ولولا تضحياتهم الجسيمة لم يتسن حفظ الارض والعرض والمقدسات..

الأمر الثاني: سبق ان بيّنا في خطبة سابقة نظام العشائر ودورها في العراق، وذكرنا ان العشائر في العراق تمثل مدرسة لمجموعة كبيرة من القيم النبيلة والمبادئ السامية والاخلاق الرفيعة، ولكن في نفس الوقت برزت في الفترة الاخيرة مجموعة من الممارسات والاعراف والتقاليد التي تتنافى مع الشريعة الاسلامية والقوانين النافذة وهذه الاعراف والتقاليد السلبية لو استمرت وتجذرت في المجتمع فانها ستكون لها مخاطر وتداعيات خطيرة على المجتمع وتعايشه السلمي وغير ذلك من الامور..وقد ذكرنا الدور الايجابي ودورهم التاريخي للعشائر في العراق وخصوصاً مشاركتها في الاستجابة لفتوى الدفاع الكفائي الذي اصدرته المرجعية الدينية العليا ومشاركة الكثير من ابناء العشائر في الدفاع عن العراق ومقدساته واعراض مواطنيه..ونحن في هذه الخطبة نذكر المحور الاخير من هذا الامر..وقصدنا من هذا الذكر الممارسات السلبية ما هي الاعراف والتقاليد التي تتنافى مع الشريعة الاسلامية والقوانين النافذة انما هو اصلاح هذه التقاليد والاعراف، اصلاح نظام العشائر وتهذيبها وتجنيبها من هذه الامور الضارة وغير الصحيحة.. ونذكر هنا مجموعة من الامور والممارسات الخارجة عن دائرة الشرع والقانون..وقبل ان اذكر هذه الامور.. ما هو دورنا ودوركم ؟الدور الاول انما هو التعريف والتوضيح لهذه الممارسات الضارة.. قد البعض يجهل هذه الممارسات الضارة والسلبية قد البعض يتأثر بالاجواء العامة ويمارس هذه الاعراف والتقاليد الضارة.. علينا ان نرصد هذه الممارسات ونفرزها عن الممارسات الصحيحة.. نفرز هذه الممارسات السلبية من اجل ان يتنبه الى هذه الامور..انتم ايها الاخوة والاخوات واجبكم التنبيه لهذه الممارسات السلبية حتى لا يكون الاخرون في غفلة عنها ولا يلتفتوا اليها..ايضاً التحذير من مخاطر استمرار هذه الممارسات السلبية والاعراف والتقاليد الضارة لانها ان استمرت من دون ردع ومعالجة ستتجذر في المجتمع وتتحول الى ظاهرة يصعب معالجتها ولها تداعيات خطيرة على التعايش السلمي في المجتمع وكذلك ذهاب هيبة واحترام القانون في المجتمع..ولايمكن لأي مجتمع ان يتطور ويتربى من دون ان يكون هناك هيبة واحترام للقوانين التي شُرّعت لمصلحة المجتمع..وهذه الامور لها اسباب منها قلة الوعي وتدني المستوى الثقافي لدى البعض من جهة وايضاً غياب سلطة القانون بدرجة معينة من جهة اخرى..فهذه بعض الاسباب التي ادت الى بروز مجموعة من الممارسات الضارة والاعراف والتقاليد الضارة..وسنذكر بعض الممارسات لكي يتم الالتفات اليها :1- الخروج عن الضوابط الشرعية فيما يسمى بـ (الفصل) :فقد حددت الشريعة الاسلامية مقادير معينة للديات في مختلف مواردها من قتل خطأ او جرح او كسر او غير ذلك، ولكن نجد ان بعض العشائر تفرض احياناً مقداراً اعلى بكثير من المقدار المقرر شرعاً من دون وجه حق ويلزم به الجاني واهله ولا يجدون محيصاً من دفعه..تجد بعض العشائر تفرض مقدار اعلى بكثير من المقدار الذي قرره الله تعالى.. فهذا مثلاً قُتل خطأ في حادث دهس او غير ذلك.. الله تعالى يقول حكم الدية بمقدار كذا.. تأتي بعض العشائر تفرض اعلى من ذلك بكثير.. مثلا ً مثلاً الدية 15 مليون دينار تأتي العشيرة تفرض 60 مليون دينار من دون وجه حق وتلزم به الجاني وتفرضه عليه..لذلك من هنا اخاطب جميع الاخوة رؤساء العشائر وجميع الاخوة في العشائر وجميع الاخوة الذين يدخلون في تحديد مقدار الديات انتبهوا الى ما قرره الله وقررته الشريعة الاسلامية.. فالله تعالى قرر شيء فلا تأتي انت وتقرر شيء آخر..2- تجاوز الشرع والقانون في التصدي للقصاص وايقاع العقوبة بالقتل في جرائم ليست عقوبتها ذلك:فقد يقوم شخص من العشيرة بالقصاص من متهم بالقتل العمد دون ان تثبت جريمته في محكمة صالحة، او يقوم فرد من العشيرة او من العائلة بقتل شخص من عائلته او من عشيرته معتبراً ذلك تنفيذاً لما يستحقه من العقوبة على جريمته.. في حين ان ذلك ليس من صلاحيته ولا يجوز له التصدي له..3- ايضاً من الممارسات السلبية والضارة ما يعبّر عنه بـ (النهوة) وهي ان يقوم ابن العم بمنع زواج ابنة عمه من خاطب آخر ثم تجبر على الزواج منه.. وهذا ظلم بيّن وعلى خلاف الشرع الحنيف فليس لأحد ان يجبر الفتاة على الزواج ممن لا تريده وليس لأحد ان يمنعها من الزواج ممن ترغب فيه ويوافق عليه اهلها.. ومن المعيب حقاً ان نجد في عشائرنا الى اليوم حالات من هذا القبيل.. لقد آن الاوان للقضاء نهائياً على هذه التصرفات اللااسلامية واللاانسانية..اخاطب العشائر كافة هذه البنت خطبها رجل ورضي اهلها وهي رضيت يأتي ابن العم يمنع هذا الزواج، بأي حق يمنع هذا الزواج؟ ويجبرون البنت على ان تتزوج ابن عمها، البنت اذا جاءها خاطب ورضيت به ورضي اهلها ليس لأحد ان يمنعها..وايضاً هناك حالات اخرى حيث وردت لنا شكوى قبل فترة مجموعة من البنات المؤمنات المستعدات للزواج الاب يمنعهن للزواج لأنه اما هن بنات علويات فلابد ان يأتي الخاطب أي الزوج سيد، او انه يأتي الخاطب الزوج من العشيرة الفلانية..بأي حق هذه السلطة من اين جاءت ان يمنع تزويج هؤلاء البنات وهن يرغبن في الزواج.. وبعض البنات كبرن وبلغن 40 او 50 من العمر ولم يتزوجن وقد جاءهن الخاطب عندما كن شابات ومنع الاب او غير ذلك من الزواج.. بأي جواب سيجيب يوم القيامة.. يوم القيامة هذه البنت ستشكو ظلامتها الى الله تعالى بانها مُنعت من الزواج بسبب غير مقبول شرعاً ولا قانوناً..4- (الجلوة) وهو ان يحكم على شخص او مجموعة عوائل بالنفي من منطقة سكناهم لمدة مؤقتة او طويلة لكون احد الاشخاص من عائلتهم او عشيرتهم قد ارتكب جريمة معينة، وهذا ايضاً مما لا أساس له عقلا ً ولا شرعاً، نعم قد تقتضي المصلحة العامة ان لا تسكن بعض العوائل منطقة معينة مدة محدودة درءاً للفتنة ولكن يلزم ان يكون ذلك وفق الاجراءات القانونية.5- القصاص من البريء بجرم شخص من عشيرته :فقد يقتل شخص من عشيرة شخصاً من عشيرة اخرى فيقوم الطرف الاول بقتل احد اخوة او احد افراد عائلة الجاني او مجموعة من الابرياء من العشيرة الثانية، هذا من اعظم الظلم واشده عقاباً عند الشارع المقدس.6- التفريط بالحق الشرعي لورثة المجني عليه:حيث يتصدى بعض الاشخاص لوجاهته الاجتماعية او لغير ذلك بالضغط على اولياء المقتول لاسقاط جزء من الدية المستحقة شرعاً لورثته من دون رضا اصحاب الحق وفي حالات كثيرة يكون فيهم قصر ليس لأي شخص اسقاط شيء من حقهم حتى جدهم واعمامهم واخوالهم.7- الاسراف والتبذير في الاطعام في مجالس الفاتحة وغيرها: وهذا بالاضافة الى عدم المسوغ له شرعاً مما قد يتسبب في تحميل العائلة او العشيرة اعباء مالية محرجة.8- اطلاق العيارات النارية في المناسبات الاجتماعية من الاحزان والافراح: وهذا ايضاً لا مبرر له شرعاً ولا قانوناً حيث يسبب في ارعاب الناس وربما اصابة البعض بالجراح وقد يؤدي الى القتل.ولتفادي السلبيات المتقدمة وغيرها لابد من الرجوع الى الشرع الشريف ورعاية القوانين النافذة، بالإضافة الى العمل على زيادة الوعي العام حتى تتسع دائرة رفض هذه الممارسات الضارة وعدم الاستجابة من قبل ابناء العشائر قبل غيرهم لمن يصر على الاستمرار عليها، ان ذلك سيقلل ويحد من تلك الظواهر السلبية وبه سيتحقق ما يأمله الجميع من اصلاح الاعراف العشائرية وتخليصها مما هو غير صحيح.

حيدر عدنانالموقع الرسمي للعتبة الحسينية المقدسة

المرفقات