الخطبة الثانية لصلاة الجمعة بإمامة السيد احمد الصافي في 2/رجب/1438هـ الموافق 31 /3 /2017م

اخوتي اخواتي .. اعرض على مسامعكم الكريمة بعض المفاهيم القرآنية التي لها فوائد جمّة سواء كان على المستوى الشخصي او على المستوى الاجتماعي..

قبل ذلك لعل المجتمعات عندما تتكافل فيما بينها، ومجتمع يؤسس داخله حالة من التضامن على انه يحاول كل منهم ان يخفف الاعباء عن الاخر..هذه الحالة المجتمعية حالة رقي وحالة تمدن وحالة تحضر.. وعادة الحاجات التي يحتاجها المجتمع هناك حاجات ضرورية بحيث الانسان لا يستغني عنها وهناك حاجات كمالية.. لعل الحاجات الضرورية تتمثل في المسكن وفي المأكل والملبس..وتأمين هذه الحاجات الضرورية اما ان الانسان بنفسه يسعى لها او اذا لم يستطيع لسبب ما لمرض لقلة ذات اليد .. هل هناك مسؤولية امام المجتمع باتجاه هؤلاء؟!ونتكلم عن هذا المفهوم الاجتماعي..الانسان اذا اطمئن ان المجتمع لا يتركه ومقصودي من المجتمع الافراد التي تعيش في مكان او دولة او قضاء او قرية عندها نحو من انحاء العطاء ان الانسان لا يفكر بنفسه وانما يحاول ان يفكر بالاخرين.. اذا اراد ان يأكل يفكر بالاخرين واذا اراد ان يشرب يفكر بالاخرين واذا اراد ان يسكن يفكر بالاخرين .. ليس من الصحيح الانسان يعزل نفسه عن الاخرين.. تكون علاقته مع الاخرين علاقة استفادة شخصية فقط هو يستفيد منهم وعلاقته معهم ما دامت مصلحته الشخصية قائمة هو معهم بمجرد ان مصلحته الشخصية تتزعزع يحاول ان ينقم .. هذه ليست طريقة صحيحة..الضمان الاجتماعي والتكافل الاجتماعي من افضل موارد تأمينه هي حالة رفع البخل عن كل منا.. قطعاً البخل من الصفات المذمومة ان الانسان بخيل في ماله او ابتسامته او اخلاقه.. ان الانسان بخيل يهتم فقط بنفسه.. فاذا مر به ظرف قاهر سيحتاج الاخرين ولا يجد احد يساعده لأنه اسس لمفهوم خاطئ.. في مقابل البخل حالة من الانفاق وهذا الانفاق سواء على المستوى الشخصي او على المستوى المجتمعي له فوائد جمّة..انا انقل هذه الاية الشريفة في سورة ال عمران، هذه الاية تتحدث عن صفة ذميمة وتنهانا عنها نحن في المقابل نفهم الصفة المحبوبة، قال تعالى : (وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمْ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْراً لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (180)) يعني هذا الشيء الذي يبخلون به سيعود بنفسه لهم، ان هذا الاعتقاد هو اعتقاد خاطئ.. بل هو شر لهم.. القران الكريم يقول بل هو شر لهم، قال تعالى : (بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ).اتضح المطلب ان الانسان لماذا يبخل.. يعتقد انه اذا بخل واذا بقي يحافظ على المال هذا امر خير له .. القران لا يُقر هذا الاعتقاد يقول بل هو شر..اذن ما هو الخير الحقيقي ؟ الخير الحقيقي ليس في البخل وانما الخير هو في الانفاق والعطاء وتفقد الناس.. كل الذي تتصور انه لك هذا ليس لك واقعاً انت مؤتمن عليه كل رزق، مال، جاه، انت مؤتمن عليه فلابد ان تحافظ عليه وفق ما اراد صاحب المال، وصاحب المال ما ارادك ان تكنزه وتحافظ عليه في القاصة او الخزينة وانما اراد لك ان تنفق..لاحظوا اخواني الاثار الايجابية للإنفاق سواء الاثار الشخصية او الاثار الاجتماعية، ماذا تعتقدون اهم شيء في الانفاق؟! المال والانفس..عادة الانسان حريص على ماله وعلى نفسه فاذا تمكن الانسان من ان ينفق من ماله او ان يرخّص نفسه في موطن الذي يحتاج فيه بذل الانفس لاشك انه تجاوز اعلى مرحلة من مراحل الانفاق.. الانفاق الاجتماعي يحافظ على الاوطان..لعلّي الان لا اجد مصداقاً من مصاديق الانفاق والمحافظة على الاوطان مثلما يمر به الان موضع العراق ولا اتحدث عن مطلب سياسي اطلاقاً وانما اتحدث عن مطلب اجتماعي..الان هناك اناس ينفقون ويقدمون دمائهم وانفسهم هل يوجد انفاق اكثر من هذا؟! من اجل ماذا يفعل هؤلاء الاخوة ما يفعلون ؟!ان الانسان لو رجع الى نفسه ويسأل يقول ما الذي دعا هؤلاء الى ان ينفقوا من دمائهم وانفسهم وتكون اخر لحظات حياتهم على جبهات القتال، هل هناك انفاق وعطاء اكثر من هذا العطاء؟! من اجل ماذا ؟ من اجل ان يحفظوا البلاد ويحفظوا العباد ويحفظوا الاعراض ويحفظوا المقدسات لأن البلد عندما يستصرخ احداً لابد ان ينهض من يستطيع ان يرد هذه العادية وهؤلاء الاخوة لم يبخلوا بشيء.. انفقوا كل ما عندهم مع العلم ان اغلب هؤلاء الاخوة في ظرف مادي مدقع، ان اغلب هؤلاء الاخوة في وضع مادي متعب لكنهم ضربوا هذه الامور وجاءوا ..هذا جانب مشرّف اذا انا نقلت لك هذا ستعرف ان البخل رذيلة وان البخل صفة مذمومة لأنه ستعرف في مقابلها هذا العطاء ماذا انتج.. وهناك صورة ان الانسان انفاقه ليس من دمه وانما ينفق من ماله وهؤلاء الاخوة صور مشرقة والله وانا ادعوا الان الى كتابة وتوثيق هذه الصور المشرقة في مسألة الانفاق من اجل ان يبقى هذا البلد والحمد لله جاءت نتائج ما انفقوا على افضل ما يرام..ان شاء الله تعالى نرى البلد في مأمن دائماً..انا انقل صورة لعلها مكررة عادة واخواني صدقوني بعض الناس يتمتعون بالعفة والفقر والحرص على البلد ابداً لا ينقلون قصصهم هم لا يتحدثون لأنهم يرون ان الحديث مع ما يبذل هذا الحديث لا قيمة له لانه عوّد نفسه على ان يعطي بلا ثمن..انا اتذكر في الصيف الماضي او الذي قبله عائلة لا تملك الا مروحة سقفية احدهم حريص على ان لابد ان يبذل شيء يدافعاو يعطي بمال فباع هذه المروحة السقفية من اجل ان يؤمّن شيء يساهم في حفظ البلاد..انسان يعمل بكد يومه ويحاول ان يوفر بعض المال حتى يدعم قافلة للمساعدات سواء كانت للجبهات او النازحين او الجرحى حتى يؤمّن بعض المصروفات من هو لا يُعرف ولا يحب ان يُعرف ولا يتكلم وانما يعمل وينفق..لاحظوا اخواني عشرات من هذه الصور وماذا انتجت هذه الصور ؟ هذه الصور انتجت حالة من التلاحم والشعور بالمسؤولية.. الله وفق بعض الميسورين ممن عنده اموال ووجدها فرصة لا تعوّض بانه يدخل في ركب من ينفقون في سبيل الحفاظ على البلد.. وكان البعض ولا زال يخاطب نفسه انا لا استطيع ان اقاتل ولكن بما منّ الله تعالى عليّ من مال انا ساعطي بدل العشرة الف ..حالة البخل ان الانسان يكون بخيلا ً حالة مذمومة.. انا لا اتحدث عن الاثر الاخروي.. لكن انا اتحدث عن ايجابيات الانفاق والاثر الطيب.. هناك بعض الاخوة لا زالوا يومياً بلا ملل ولا كلل يذهبون ويطعمون من يحتاج الى الطعام.. لاحظوا هذه الصورة المقاتل الذي فقد بعض اطرافه او الذي لم يفقد يعتذر من الذين ينفقون يقول له لقد زاحمناكم واتعبناكم.. والذي ينفق يعتذر من المقاتل ويقول له لولا بقائك انت لما تمكنا من ان نكسب هذه القضية..حقيقة قمة في السخاء والعطاء هؤلاء الاخوة وهم جنود مجهولون في الخطوط الامامية، الانسان يتوفق ويذهب الى هناك ويرى جميع الحاجيات متوفرة.. من وفرّها؟! وفرها هؤلاء الاخوة الذين ما فتأوا ينفقون ويعطون ويسعون الى ان يوصلوا هذه الامور اولا ً بأول..ولقد رأينا بعض اهل المواكب يصلون الى الساتر قبل الاخوة المقاتلين حتى يؤمنوا جميع هذه الامور.. أليس هذه الصور صور مشرقة ومشرّفة من حقنا ان نفتخر بها و اليس البخيل بما الله مكنه اليس هذا البخيل يكون يتمتع بصفات هي في منتهى الرذائل في هذا الوقت..كيف يقارن هذا مع هذا.. هذا في السماء في الثريا وهذا في الثرى هناك اناس تحب دائماً ان تكون في الثريا وان لم يملك شيئاً كثيراً لكن هذه النفس نفس قوية نفس تحب العلا وهناك ناس تحب ان تبقى دائماً بالثرى بل تحت الثرى..اسأل الله سبحانه وتعالى ان يحفظ بلادنا وبلاد المسلمين جميعاً وان الله تعالى يزيد من توفيقات هؤلاء الاخوة الذين يبذلون الغالي والنفيس وهذه الاثار الطيبة التي تحققت بفضل هذا الدعم الكبير منهم..اللهم احفظنا واحفظهم واغفر لنا ولهم واخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين..

 

حيدر عدنان الموقع الرسمي للعتبة الحسينية المقدسة

المرفقات