آلاف المواكب، بل عشرات الآلاف تتسابق بينها لكسب رضا المشاركين عبر تقديم ابلغ ما يمكن تقديمه ابتداء من حفاوة الاستقبال وانتهاء بالرعاية الطبية والصحية ومن يتخللها من خدمات توفر الذ ما جادت به انفسهم من طعام وشراب واماكن مبيت مريحة.
فتلك المواكب الممتدة على مسافة اكثر من 700 كيلو متر، وتحديدا من منطقة رأس البيشة اقصى نقطة في جنوب العراق، وحتى منطقة بين الحرمين في وسط مركز كربلاء، توفر على مدار الساعة خدماتها المجانية للمشاركين في مراسيم زيارة العشرين من صفر.
اذ يشهد العراق اشبه ما يكون بزلزال بشري تتدفق خلالها عشرات الملايين من البشر ومن كافة الاتجاهات صوب مدينة كربلاء المقدسة، بهدف زيارة الامام الحسين عليه السلام في الاربعين السنوية.
ويشارك في تلك الظاهرة البشرية النادرة اقوام مختلفة الالسن والاوطان، تفد من داخل وخارج العراق، ابتداء من اسيا وافريقيا واوروبا واستراليا والامريكيتين.
يقول ابو تحسين العارضي راعي موكب انصار الحسين، "نعمل على تقديم الخدمة سنويا لزائرين الاربعينية وبمختلف الاكلات من فطور وغداء وعشاء".
ويضيف، "كنا سابقا نعد وجبة الطعام الشهيرة (التمن والقيمة)، اما في السنوات الاخيرة بدأنا ننوع في وجبات الطعام التي نقدمها للزائرين، لا تقتصر فقط على الاكلات العراقية".
ويعزو ابو تحسين سبب هذا التغير في اصناف الطعام الى وجود رغبة لدى اغلب الزائرين بتناول الاكلات السريعة، مبينا، "الان نقدم الشطائر والفطائر والكعك المحلى".
بدوره علي كاظم ناصر راعي موكب بدر الهواشم بادر الى تغيير نمط المأكولات التي يقدمها للزائرين عقب اكثر من اربعة عشر عاما كانت الوجبة المعتادة هي الـ(تمن وقيمة) فقط.
فيقول، "موكبنا اختص الان بتقديم الاكلات السريعة مثل شطائر الشاورما والكباب المشوي الى جانب توزيع الفواكه والعصائر".
وبحسب ناصر فان القائمين على ادارة المواكب الحسينية اصبحوا ينسقون مسبقا فيما بينهم بخصوص الاطعمة التي سيتم توزيعها في كل وجبة، فيقول، "كل ثلاث او اربع مواكب متجاورة تتفق فيما بينها على اختلاف صنف الطعام الذي ستقدمه".
ويضيف، "ان كان الموكب المجاور يعد ويقدم الشطائر الخاصة بالشاورما يعد موكبا الكعك المحلى والشاي والعكس صحيح كيف نتيح للزائرين حرية الاختيار".
ويؤكد ناصر ان هذا الحرص على راحة الزائرين متأتي من التشرف بخدمة الامام الحسين عليه السلام".
ولم يختلف جواد الخالصي عما اردفه اقرانه من رعاة المواكب الحسينية حول الامر، مضيفا، "ابرز اسباب تغيير نوع الاطعمة واصنافها يعود الى ازدياد كبير في اعداد الزوار الوافدين من خارج العراق للمشاركة في زيارة الاربعين".
موضحا، "الكثير منهم لا يرغبون في الاكلات الدسمة مثل التمن والقيمة او يعانون من اعراض صحية فارتأينا ان نعد اطعمه مختلفة توافق رغبتهم".
ويختتم حديثه للموقع الرسمي للعتبة الحسينية المقدسة، "اننا نعتبر كل ما نقدمه الطعام جزءا من مائدة الامام الحسين عليه السلام، اذ نتقرب الى البارئ عز وجل من خلالها ليمدنا بالرزق والبركة والعافية".
ووجبة طعام التمن والقيمة المشهورة هي عبارة عن الرز وحساء ممزوج بالحمص واللحم والتوابل، ولا يعرف اصول هذه الوجبة وكيف اقترنت بالمواكب الحسينية.
من جهتهم اعتبر بعض المشاركين في الزيارة ان هذا التغيير يعكس عن ظاهرة ثقافية وحضارية تبين مدى تفاني اصحاب المواكب في رعاية وخدمة زوار الامام الحسين عليه السلام.
فيقول الزائر مصطفى حسين القادم من محافظة بغداد "من المستحسن عدم الاقتصار على الاكلات المشهورة في محرم وصفر(مثل القيمة والتمن) كما كان في السابق كون الكثيرين لا يرغبون بتناول نوع محدد من الطعام".
ويضيف، "هذه المبادرة تعكس ايضا مدى ايمان وتفاني اصحاب المواكب في خدمة زوار الامام الحسين الذي يتمتعون بأفضيلة كبيرة لدى الناس".
ويتابع، " فن الضيافة يشتهر بها العرب، ولكن ضيافة زوار الامام الحسين عليه السلام فاقت كل انواع الجود والكرم في العالم".
وفي سياق متصل سجلت احدى الموائد التي اقيمت في الطريق الى كربلاء رقما قياسيا من قبيل مساحتها وانواع الطعام التي احتوته، اذ امتدت على مسافة طول 80 كيلو متر وشارك في اعدادها اكثر من 1000 موكب حسيني.
ابراهيم العويني
الموقع الرسمي للعتبة الحسينية المقدسة
اترك تعليق