صدقُ الانتماء

ليستِ المسميات بذاتها ذات قيمة حقيقية دون اقترانها بالأسماء.. ليكون اسما على مسمى كما يقال، وأعني بذلك ادعاء وتبجح البعض بأنهم (شيعة)، وكأن في هذا بلوغا للغاية، وحصولا للاطمئنان، وشرفا في الوصول، وقد يفوت  مثل هذا البعض بأن القيمة الحقيقية في هذا الانتساب للأئمة الأطهار عليهم السلام، إنما هو في صدق الانتماء لمذهب أهل البيت عليهم السلام، وهو مذهب التشيع .. قولاً وعملاً.

وأما صدق الانتماء، فجوهره يكمن في عمل صالح، واتباع صادق، وطاعة خالصة، لأوامرهم ونواهيهم عليهم السلام، لأنها أوامر الله تعالى وأوامر النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم ونواهيه أولا وأخيراً، ولأن رسالة الأئمة الأطهار عليهم السلام هي الامتداد الطبيعي لتلك الرسالة السماوية.  

خطورة على المذهب

لعل من الشيعة من يسيء لمذهب التشيع في بعض تصرفاته وأعماله وأخلاقه دون قصد، أو دون دراية.. أي يقول بلسانه بأنه شيعي، لكن سلوكه يعكس خلاف هذا الادعاء.. نتيجة قلة الوعي، وعدم الفهم، واختلاط الكثير من المفاهيم والأفكار عليه، وهو خطر يتهدد المذهب.. إذ يعكس صورة ليست ناصعة البياض عن مفاهيم المذهب، ويعد هذا كمن ينخر في البنيان من الداخل.

أو من خلال قيام هذا النفر ممن يحسب على الشيعة مثلاً بأمور ليست صحيحة وليست من التشيع.. بل تنافي تعاليم أهل البيت عليهم السلام، لكنها تحسب دون وجه حق على المذهب.. بل لعلها أعمال وأفكار وتصرفات دخيلة على التشيع.. سواء في العقيدة أو العبادة أو الشعائر او العمل أو الأخلاق وغيرها.

تفقه في الدين

ومعنى التفقه في الدين هو الفهم العميق له، أي محاولة الوصول الى المرامي البعيدة لما يريده الله تعالى من خير لنا في عاجل الحياة وآجل الآخرة.. بما ينقل لنا من تعاليم أهل البيت وأحاديثهم ورواياتهم عليهم السلام، ومحاولة استيعاب مضامينها العالية بفهم واستيعاب معمقين.

فمن دواعي الخير الكثير على ( الشيعة) من أتباع أهل البيت.. أن يكون فهم الشيعي لمذهبه فهماً عميقاً، لافهماً سطحياً يتعامل مع ظاهر الأمور فقط دون التعمق في بواطنها، والتفقه في الدين أكيد يجنّب الشيعي الغفلة، وينقذه من الوقوع في المحذور بأخذ التعاليم الشرعية من بعض مدعيي الدين والعلم، والدين والعلم منهم براء. 

التعمق في فهم الدين دليله هو أخذ التعاليم الدينية من مصادرها الموثوقة،  ومصادرها الصحيحة، وهذا التفقه في الدين لاشك يعطي للإنسان.. حصانة ذهنية، وثباتا في العقيدة، واطمئنانا في القلب.

موافقة القلب واللسان

هناك الكثير ممن لا يتوافق عمله مع قوله في بعض الجزئيات ربما الصغيرة وربما الكبيرة، أي إن ادعاءاته أحياناً تتعارض مع تصرفاته، بينما الشيعي الحق هو من يتوافق قوله مع قلبه، وظاهره مع باطنه، وسريرته مع علانيته.

والتشيع هو التلازم ما بين شعار( شيعي) وبين التقوى والورع في دين الله تعالى،  وهنا تبرز محاذير من الاعتداد الزائد، والغرور المبطن.. لمجرد الانتساب لأهل البيت عليهم السلام، أو أداء الزيارات، وإقامة الشعائر وغيرها، مقابل التهاون في الطاعات والعبادات.. وعدم التزام أوامر الله تعالى ونواهيه بشكل كامل، وهو ما يعني التهاون في الواجب مقابل التمسك بالمستحب!.

التعايش السلمي

إن سيرة أهل البيت عليهم السلام المعطرة بالسلام والرحمة حتى مع المبغضين لهم، والمخالفين لهم.. بل والناصبين لهم العداء، وهي طبعاً أقصد سيرتهم العطرة، إنما تمثل الامتداد لسيرة السلم والرحمة والرأفة بالعباد في منهجية وتعاليم النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم من قبل.

أقول، إن المنهجية السلمية لأهل البيت عليهم السلام، تدعو أتباعهم من الشيعة إذا ما كانوا فعلاً أتباعاً حقيقيين، ودعاة صادقين، وشيعة مخلصين، الى أن يقتدوا بهذا المنهج السلمي في بسط مفاهيم المذهب، وطرحها بالحجة الدامغة، والبرهان الواضح.   

هذه السيرة العطرة للأئمة أهل البيت عليهم السلام تدعو الشيعة لأن يكونوا أشخاصا ايجابيين في تعاملهم مع الناس، وفاعلين في اختلاطهم بالآخرين، هذه السيرة تدعوهم لأن يكونوا نزيهين في أخلاقهم وسلوكهم ومعاملاتهم، ليكونوا خير دعاة للمذهب الشيعي بالأقوال والشعارات، وكذلك  بالأعمال والتصرفات.

 

طالب عباس الظاهر

الموقع الرسمي للعتبة الحسينية المقدسة