للعام السادس على التوالي يحرص السيد علي شبر، راعي موكب أهالي النجف الاشرف على إقامة المشاركة في مراسيم احياء ذكرى استشهاد السيدة زينب عليها السلام، ليحط برحال موكبه الحسيني ومن هو بمعيته في منطقة السيدة زينب جنوب غرب العاصمة السورية دمشق.
ويحيي المسلمون من اتباع مدرسة أهل البيت عليهم السلام في مختلف بلدان العالم مناسبة استشهاد السيدة زينب في الخامس عشر من رجب من كل عام، فيما يصر الكثير منهم على احياء هذه المناسبة بالقرب من مقام السيدة زينب عليها السلام من خلال إقامة مواكب العزاء التي تقيم مجالس الذكر وإقامة الولائم لتفريقها على المشاركين في احياء المناسبة من الوافدين الى المرقد، فضلا عن سكنة المدينة التي تحتضن المقام المقدس.
فالسيد شبر قدم مع أكثر من مائة رجل وامرأة الى بلدة السيدة لإقامة موكبهم الخاص، فيقول، "قدمت مع عائلتي كاملة والعديد من العوائل من مدينة النجف الاشرف للمشاركة في هذه المناسبة الأليمة كتعبير عن ولاءنا المطلق لأئمة الهدى من ذرية رسولنا الكريم محمد صلوات الله وسلامه عليهم اجمعين".
ويضيف، "لم تمنعنا المخاطر الأمنية التي كانت محاطة بالمقام المقدس عن الحضور على مدى السنوات الماضية". لافتا، "نحمد الله على نعمة الامن في بلدة السيدة زينب عليها السلام بعد ان أبعدت الجهات المعادية عن محيطها".
ويؤكد شبر، "هذا العام نقيم موكبنا في ظل أجواء آمنة ومستقرة بلا خوف او خشية من أي خرق أمني".
وعلى الرغم من الاضطراب الأمني الذي تشهده الدولة السورية، الا ان ذلك لم يحد من استمرار المحبين والموالين من زيارة المرقد المقدس الذي كان حتى وقت قريب من المناطق الخطرة جدا في سوريا، نظرا لإحاطة الجماعات التكفيرية المسلحة بالبلدة من عدة جهات، ومحاولتها الفاشلة في اختراق البلدة او الوصول الى المرقد الشريف.
ويقع مرقد السيدة زينب في البلدة التي اتخذت اسمها من عقيلة الهاشميين السيدة زينب عليها السلام، والتي تقع في منطقة الغوطة الغربية في محافظة ريف دمشق، ويئمها على مدار العام آلاف الزوار الذين يقصدون الحرم المقدس للتبرك به.
فوسط أجواء امنية مستقرة، وانسيابية عالية التنظيم تنتشر هذا العام العشرات من المواكب الحسينية حول المقام المقدس وداخل الازقة المؤدية اليه للمشاركة في مراسيم احياء ليلة الاستشهاد، حيث تجري العادة على استبدال الراية الحمراء فوق القبة الشريفة بأخرى سوداء، إيذانا بالحداد وإشارة الى الدخول في أجواء الحزن والالم.
وتتباين جنسيات المواكب التي تحط في البلدة والتي تفد اليها من مختلف بلدان العالمين العربي والإسلامي، الا ان الملفت ان غالبيتها تفد من العراق ومن مختلف مدنه، سيما وسط وجنوب العراق، كالبصرة والناصرية والقادسية وبابل والنجف الاشرف وأخيرا وليس آخرا كربلاء المقدسة.
من جهته يشير فراس الجابري أحد خدمة موكب كربلاء المقدسة الى حرص أبناء مدينته على المشاركة في هذه المناسبة منذ عشرات السنوات، فيقول، "لم يتغير حال أهالي كربلاء منذ عقود فهم كانوا السباقين دوما الى زيارة واحياء ذكرى استشهاد السيدة زينب عليها السلام".
وينوه، "العشرات من المواكب الكربلائية دائمة الحضور في هذه المناسبة لعدة أسباب منها مكانة السيدة زينب عليها السلام وارتباطها بكفالة اخيها أبا الفضل العباس عليه السلام".
ويضيف، "نحن أبناء مدينة الامام الحسين وأخيه أبا الفضل العباس وهذه الميزة تجعلنا دائما في صدارة من يحيي مناسبة استشهاد اختهم العقيلة زينب عليه السلام".
وتسجل المواكب القادمة من إيران والبحرين ولبنان أيضا حضورا مميزا في احياء مناسبة الاستشهاد في منطقة السيدة زينب أيضا، والاعم الأكبر من تلك المواكب تحبذ القدوم الى البلدة جوا عبر العاصمة دمشق اختصارا للوقت، الى جانب كون بعض الطرق البرية لا تزال محفوفة بالمخاطر حتى الان.
فيروي محسن حرب مدير إدارة مقام السيدة عليها السلام لموقع العتبة الحسينية المقدسة كيف يقطع بعض الزوار الاف الكيلو مترات للوصول الى البلدة، فيقول، "بعض قوافل الزوار القادمة من خارج سوريا خصوصا من بلدان الخليج يضطرون الى السفر الى لبنان جوا قبل القدوم برا الى السيدة زينب عبرها".
ويضيف، "اما الزوار والمواكب التي تقدم من العراق وإيران فهي تستخدم وسائل النقل الجوية عن طريق مطار دمشق الدولي الذي لا يبعد سوى 20 كيلو متر عن البلدة".
ويشير، "هذا العام يشهد تنامي كبير في اعداد الزوار والمواكب الوافدة خصوصا بعد تأمين محيط بلدة السيدة زينب عليها السلام من الجماعات المسلحة". مرجحا، "تزايد اعداد الزوار الى أكثر من مليون خلال الأعوام المقبلة".
وبحسب احصائيات تقريبية يؤكد حرب على مشاركة ما يناهز "مائة ألف زائر في احياء ذكرى الاستشهاد هذا العام".
وتحتضن البلدة مئات الفنادق السياحية التي تؤمن إقامة الوافدين المشاركين في المناسبات الدينية التي تقام في المرقد المقدس، في الوقت الذي يلاحظ وجود حركة عمرانية لتشييد فنادق ضخمة أيضا، في إشارة الى ازدياد عدد الزوار.
فيما يوضح حرب ان المرقد سيشهد أيضا يخضع للتعمير والتوسعة في قادم الأيام.
قاسم أكبر أحد خدمة موكب الولاء الوافد على بلدة السيدة زينب من مدينة تبريز الإيرانية أكد على مشاركته في مراسيم العزاء الخاصة بهذه المناسبة للعام الثالث على التوالي، مبينا، "نقدم كل عام الى البلدة قبل أسبوع من ذكرى الاستشهاد حيث نهيئ كافة المستلزمات".
ويضيف، "نقيم خلال المناسبة مجالس العزاء والذكر بالإضافة الى تفريق الطعام والمشروبات كالشاي والقهوة على المشاركين في المراسيم وسكنة أهالي البلدة قربة الى الله تعالى". موضحا، "يبلغ عدد موكبنا أكثر من ثلاث مائة شخص مقسم بين من يحضر الى الشام ومن يبقى لإحياء المناسبة في مدينة تبريز".
ويختتم أكبر حديثه، "الأجواء الايمانية في حرم السيدة زينب عليها السلام لا توصف اذ يعبق المرقد المقدس بشذى هدى ذرية الرسول محمد وعلي وفاطمة واولادهم صلوات الله وسلامه عليهم اجمعين".
محمد حميد الصواف
تصوير: رسول العوادي
الموقع الرسمي للعتبة الحسينية المقدسة
اترك تعليق