عزا ممثل المرجعية العليا، السيد احمد الصافي، اندفاع الشباب لمقاتلة تنظيم داعش الإرهابي إلى ما أسماه بـ "شأنية دينية"، في إشارة إلى فتوى المرجع الديني الأعلى للشيعة بـ "الجهاد الكفائي" التي أفضت إلى تشكيل الحشد الشعبي.
وقال الصافي في خطبته الثانية من صلاة يوم الجمعة داخل الصحن الحسيني، إن "عندنا في هذه اللحظة شباب مؤمنون يسعون لأن يرجع العراق لما هو عليه فهؤلاء يقاتلون في سبيل الله لأن هذا الاندفاع انما جاء من جهة لها شأنية دينية كونها مرجع".
وأضاف المتولي الشرعي لحرم أبي الفضل العباس، عليه السلام، "هؤلاء دخلوا في خانة أن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله وهذا نوع من التوفيق".
وبشأن ترديد المرجعية العليا لعبارة "يا ليتنا كنا معكم" على لسان ممثليها في كربلاء، قال إن الإنسان يقاتل -في ظل فتوى الفقيه- وهو مطمئن بأن الله تبارك وتعالى يحبه ولذلك اكثر من مرة تكرر المرجعية (يا ليتنا كنّا معكم)".
وابتهل الصافي إلى الله بالقول: " هنيئاً لمقاتلينا.. واسأل الله سبحانه وتعالى ان يمدّهم دائماً بالنصر المؤزر والفتح القريب".
وقال أيضا "نسأل الله تبارك وتعالى ان نحصل على هذه البشارة في أقرب وقت انه سميع الدعاء".
إليكم النص الكامل:
الخطبة الثانية لصلاة الجمعة بإمامة السيد احمد الصافي في 9/ربيع الاول/1438هـ الموافق 9/12/2016م :
اخوتي اخواتي :
طبعاً لا يخفى على حضراتكم الكريمة ان القران الكريم يعرض من جملة ما يعرض آيات متنوعة وهذه الآيات فيها مطالب اجتماعية واقتصادية وفقهية ومطالب انسانية والقرآن الكريم عندما يتحدث في كليات ما يبين لاشك في مقام ان يلفت نظرنا الى ان الهداية تحت متناول ايدينا وهناك منازل للناس تختلف باختلاف ارتباطهم به تبارك وتعالى..
ونحن سنستعرض بعض الآيات بمقدار ما يسمح به الوقت من سورة الصف ونبين بعض الاشياء التي ذكرها الله تبارك وتعالى بمقدار ما نستفيد منها بشكل او بآخر:
قال الله تبارك وتعالى : (سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (1) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ (2) كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ (3) إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفّاً كَأَنَّهُمْ بُنيَانٌ مَرْصُوصٌ (4) ) – سورة الصف- .
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ)
طبعاً امام الله تبارك و تعالى نحن مسؤولون وكل فعل من افعالنا واقوالنا له اثر وهذه الاثار تختلف باختلاف الاقوال.. في بعض الحالات القران يريد ان ينبه.. الاثر الذي يترتب عليه الحالة التي نفعل او نعمل هذا شيء كبير وهذا الشيء الكبير بلحاظ اثره..
الآن في هذه الاية المباركة بدءاً الله تبارك وتعالى ينزه نفسه (سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (1)) حالة من التنزيه ثم يأتي الكلام لنا : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ (2))، ان الانسان لماذا يعطي كلاماً وهو لا يفعل ولا يستطيع ان يفي بهذا الكلام..ان الانسان الان يحب الصدقات ويأتي الى الناس يحثهم على الصدقات كلمة لطيفة وطيبة وجيدة لكن انت لا تفعلها.. حالة من حالات عدم المصداقية وعدم الواقعية،القرآن الكريم لا يرضى بهذا الكلام عادة لفظة (لِمَ) فيها نوع من العتب اواستنكار لهذا الفعل (لِمَ تفعل ذلك) والآية تبين يا ايها الذين آمنوا لا يناسبكم ان تقولوا ما لا تفعلون، لابد ان تكونوا عندما تتكلمون وهذه الكلمة لها مسؤولية والتفتوا اخواني الكلمة خصوصاً في هذه الاعصر باعتبار الذي يسمع الكلمة قد تصل الى ملايين من الناس الكلمة مسؤولية والكلمة تؤثر ان كانت حق تؤثر اثر حق وان كانت الكلمة استفزازية او فيها توهين تؤثر اثراً سلبياً ورُب كلمة تخرج لا يمكن تدارك هذه الكلمة وان تدوركت لكن بعد فوات الاوان ..
على الانسان ان يتحفظ..او يتكلم بمقدار ما يعني..
ثم قال الله تبارك وتعالى : (كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ (3)
المقت اشد البغض المقت حالة غير محببة.. يغضب اني لا اريد هذه الحالة قال هذا يمقت، الله تعالى يقول كبر مقتاً عند الله وليس عندكم فقط ، ما هو الذي كبر مقتاً عند الله ؟ ان تقولوا ما لا تفعلون..
هذا يخرج الانسان عن الصدق والثقة والموضوعية..
لاحظوا التمهيد.. الان مقام الاقوال كثير تراه يقول : انا اقاتل انا اجاهد انا اتحمل .. دعوات .. عندما يحمى الوطيس يكون في الهزيمة كالغزال..
لاحظوا القرآن الكريم ماذا يقول مباشرة بعد الاية : (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفّاً كَأَنَّهُمْ بُنيَانٌ مَرْصُوصٌ (4).
واقعاً هذه الاية الشريفة على وجازتها فيها ما فيها الله تبارك وتعالى بمقتضى الرحمة الله تعالى رحيم بالمؤمنين وان رحمته وسعت كل شيء لكن الله تعالى يصرح ويقول اني احب ..هذا شيء آخر.. الله تعالى هنا يقول ان الله وهذا الفعل المحبة تصدر من الله تعالى..نعم تارة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول ان الله يحبك او الامام يقول ان الله يحبك وتارة الله تعالى يخاطبنا يقول: ان الله يحب وفعل المضارع يدل على التجديد والاستمرارية.. ان الله يحب.. من الذين يحبهم الله ؟
في هذه الآية الله تبارك وتعالى يبين .. اذا الله تعالى احب احداً فلتغضب عليه جميع الكائنات فلا قيمة لها لأن الله يحبه والله بيده جميع الاسباب واولياء الله تعالى يحبون ما احب الله فاذا الله احبه يعني احبه جميع الانبياء والاولياء وجميع المعصومين لأن هؤلاء يبحثون عن محبة الله تعالى.. الله اذا احب احداً لا قيمة لمن لا يحبه ولو غضب عليك جميع الكائنات ليس لها قيمة فالله بيده كل شيء ..
لاحظوا الاية (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفّاً كَأَنَّهُمْ بُنيَانٌ مَرْصُوصٌ (4)
ان الله يحب الذين يقاتلون يندفعون للقتال لا يقاتلون لأجل شيء آخر عنده مشكلة مع فلان يقتله مشكلة ما بين هذه الجهة وهذه الجهة يقتله..هذا ليس علاقة بمحبة الله تعالى.. الله تعالى يحب شيء مرتبط به والشيء غير المرتبط به لا قيمة له ..
الله يحب الذين يقاتلون في سبيله يعني ليس لهم مصلحة الا لأن الله تعالى اراد (هؤلاء يقاتلون في سبيل الله) كيف يقاتلون ؟ يقاتلون صفاً أي اصطفوا وتهيئوا كأنهم بنيان مرصوص وهذا البنيان المرصوص حالة من الاحكام ولا يمكن ان يخترق وهو بنيان لا يهتز لا يمكن ان يُعبث به..
هؤلاء يقاتلون في سبيل الله لا يقاتلون في سبيل جهة اخرى يقاتلون ايضاً صفاً متهيئين للقتال وايضاً كأنهم بنيان مرصوص وهذه الكتلة تقاتل في سبيل الله تعالى..
هذا الشيء كيف يحصل..وحقيقة هذا سؤال مهم فالنفس واحدة والانسان يبذلها لابد ان يبذلها في شيء عظيم، مسؤول الانسان عن نفسه، قطعاً من اوضح السبيل في سبيل الله ما هو؟ في النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول قاتلوا والنبي لا يصدر منه شيء عن من عند الله تعالى (ان هو الا وحي يوحى)،الامام (عليه السلام) ايضاً.. ثم الفقيه بما يأمر.. وعندنا في هذه اللحظة شباب مؤمنون يسعون لأن يرجع العراق لما هو عليه فهؤلاء يقاتلون في سبيل الله لأن هذا الاندفاع انما جاء من جهة لها شأنية دينية كونها مرجع، فهؤلاء دخلوا في خانة ان الله يحب الذين يقاتلون في سبيله وهذا نوع من التوفيق ان الانسان يقاتل وهو مطمئن ان الله تبارك وتعالى يحبه ولذلك اكثر من مرة تكرر المرجعية (يا ليتنا كنّا معكم)..
واقعاً الموقع الذي فيه الاخوة الان موقع يغبطون عليه هنيئاً لهم واسأل الله سبحانه وتعالى ان يمدّهم دائماً بالنصر المؤزر..
وفي اية اخرى من نفس السورة (وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرْ الْمُؤْمِنِينَ (13).
قطعاً الانسان المؤمن ما دام يقاتل في سبيل الله لا يهم ما داموا على الحق فهؤلاء الان فقدوا احبة وفقدوا اطرافاً واستشهدوا وهم على الحق..
نَعم العزيز يُفقد الناس تتألم لكن الموت حق، فرق بين ميت نقول له مت الى جهنم وبئس المصير وبين ميت نقول هذا قد احبه الله تعالى لأنه قاتل وجاهد في سبيل الله تعالى ..
نسأل الله تعالى بأن يكون النصر قريب وفتح من الله تبارك وتعالى سائلين الله تعالى ان يمن على اخوتنا بالنصر والفتح القريب ثم يقول تبارك وتعالى (وبشر المؤمنين)..نسأل الله تبارك وتعالى ان نحصل على هذه البشارة في أقرب وقت انه سميع الدعاء وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين وصلى الله تعالى على محمد وآله الطيبين الطاهرين..
الموقع الرسمي للعتبة الحسينية المقدسة
اترك تعليق