السيد الصافي : يدعو الى عدم الضغط على الناخبين خلاف إرادتهم... ووجه باختيار الشخصيات المهمة التي تتمتع بروح الأبوة التي تمارسها وفق الدستور والصلاحيات... ناقدا بعض المؤسسات التي تضغط على الناخب

تناول ممثل المرجعية الدينية العليا في كربلاء المقدسة سماحة السيد أحمد الصافي في خطبته الثانية من صلاة الجمعة والتي أقيمت في الصحن الحسيني الشريف في 11جمادي الآخرة 1435هـ  الموافق 11/4/2014م  أمرين استهلها بما يلي: 

الأمر الاول :

حول موضوع الانتخابات ..

طبعاً هذا التنافس على خدمة البلد لا شك انه امر صحي، ولو استعرضنا الان جميع الاخوة الذين رشّحوا للانتخابات، ونسائل كل واحد منهم وهو حجّة على نفسه، نقول له لماذا رشّحت؟ فإذا كانت الغاية والنيّة الذي هو يعرفها قبل غيره خدمة البلد لاشك ان هذا أمر صحي .. معنى ذلك ان هناك كمية كبيرة من الناس تريد ان تخدم البلد، الذي يفوز او الذي لم يفز باعتبار هؤلاء سعوا فعلا ً لخدمة البلد.. وسبق وأن ذكرنا في اكثر من خطبة ضوابط الترشيح للإخوة المرشحين وهم يعرفونها .. ونحن الذين سنقوم بعملية الاقتراع وسننتخب ..

كثير من الاخوة حقيقة يسألون .. من ننتخب ؟

هذا السؤال ينشأ من حرص الناس على أداء هذه المسؤولية الوطنية وممارسة هذا الحق وأحب أن أعرّج على أشياء:

اولا ً: اُنبئنا ان هناك بعض المؤسسات والدوائر تحاول ان تضغط على بعض الناخبين على خلاف ارادتهم.. انت عليك ان تنتخب كذا وكذا..

انا هنا لا أتحدث عن قناعة الناخب بل بالعكس نحن نريد قناعة الناخب، لكن على ان لا يمارس عليه ضغط .. باتجاه الجهة الفلانية والشخص الفلاني.

والناخب الذي يتعرض الى هكذا ضغط واقعاً عليه ان يعرف شيئاً انه لابد ان يمارس حقاً سيفتخر به غداً وان لا يقول اني اخترت لأن فلان قد ضغط عليَّ ، عندما يقول انا اخترت بملء ارادتي ، فإن أي التزام خلاف ذلك فهو التزام باطل.

المهم إن الحرية في الاختيار لا تُسلب منكَ تحت أي طائلة كانت ..

ثانياً : نحن الان نريد ان ننتخب .. لاحظوا اخواني وإن هؤلاء الذين جاؤوا الى الترشيح لابد ان لكل منهم ماضي، ويكون معروفاً بخلفية معينة .. ماضي الانسان مهم جداً في الاطمئنان للقادم من سلوكه.. عندما ارى ان هناك انسانا بحسب ماضيه مثلا ًعنده حرص على استثمار الوقت في خدمة البلد، وإنه ليس انساناً لعوباً او مشاغباً، بل انساناً مفكراً يعطي لعقله مساحة من التفكير، ولا يستسلم للجمود الذي قد يحصل، وانما يبقى يحرك العجلة ما دام هناك عمل ينتظره.. لا يقبل بحالة الركون والجمود وحالة السكون، وانما هو حريص فعلا ً على استثمار هذا الوقت بشكل جيد.. من الصفات الاخرى ان يكون متفانياً في خدمة بلده والتفاني له علامات ان الانسان ليلا و نهارا يفكر من اجل البلد يحمل همومه، وان يكون مستثمراً لوقته بشكل جيد ولا يكون مقرّباً لعشيرته واقربائه واصدقائه على حساب غيره..

نحن عندما نتعنصر .. لمدينتنا ولعشيرتنا ولأقربائنا،  وان ارى هؤلاء الذين اتعنصر لهم افضل من الآخرين.. هذا خطأ كبير وفاحش! وان لا ارى للآخرين كفاءة ونزاهة وقدرة.

اخواني بعض المسؤولين يحاول ان يعطي اخاه مثلا ً مسؤولية في دائرته او ابن عمه او اقربائه مسؤولية .. ماذا سيحصل لو اساء هذا الاخ او ابن العم لا يجرأ على محاسبته لأنه ستكون مشكلة عائلية، وبالنتيجة سيغض النظر، واذا غض النظر ستكبر الحالة ولا يمكن ان يسيطر عليها..

الانسان لا يكون ضيّق النظر ازاء هذه المهمات.. هذا المنصب ليس لك بعنوانك الشخصي ، هذا المنصب امانة في عنقك بالأصوات التي أوصلتك، والاصوات لا تقول لك جئ بقريبك او ابن عمك .. الاصوات التي جاءت تقول لك نحن لا زلنا ننتظر اين التفاني في خدمة البلد؟ من الصفات الاخرى ان يكون قليل السفر الا للضرورات..

اخواني يجب ان يكون هناك تمحيص في الاختيار اذ لابد ان نكون نحن جديين في قضية الاختيار.. استشير من تثق به بحيث يعطيك المشورة.. ولا يؤثر على القرار، على الانسان أن يكون جدّيا، وهذا المشروع مشروع مهم من اجل ان نغيّر .. يقول لا اعرف كيف اغيّر.. الانسان مثلا ً يريد ان يبني بيتاً يقول لا اعرف .. أتبقى بدون بيت او تستشير شخصاً او اثنين او اكثر يحاولوا ان يساعدوك في بناء البيت ..

لابد ان نحسن الاختيار، فإنه يقلل من المشاكل وهو لا يأتي الا بالجدّية والفحص الدقيق.. انا امارس خياري بإرادتي .. هذه مهمة مقدّسة ونبيلة وفيها امانة، والامانة من الامور التي لا تعطى لكل احد وانما هذه الامانة تعطى لمن له ماض وخبرة وله مشاركات واضحة في الحفاظ على المصالح التي اريد ان اجعلها في رقبته..

هناك شخصيات مهمة تحافظ على مصلحة البلد اذا حدثت هناك مشكلة يحاول ان يطفيء هذه المشكلة، واذا حدث هناك تشنّجا.. عنده هذه الابوة التي يمارسها وفق الدستور والصلاحيات في سبيل ان لا يوسع شرخاً بل يحاول ان يلملم ويضمّد الجراح.. الناس تحتاج شخصيات بهذا المستوى وهؤلاء موجودون..

نعم نحتاج دقة في الاختيار والتشخيص وان شاء الله تكون خياراتنا ونأمل من الله تعالى ان تكون خياراتنا بمستوى المسؤولية والذين نختارهم ان شاء الله سيكونون بمستوى تحمل هذه المسؤولية الملقاة على عاتقهم..

 الأمر الثاني :

فيما يتعلق بأخلاقية المهنة ومقصودي من اخلاقية المهنة اخواني نحن بخلاء في الاخلاق، وحقيقة هذه مشكلة بل يريد البعض منّا ان يحمل الاخرين مشاكله الخاصة..

مثلا ً الموظف في الدائرة في اثناء وقت دوامه هذا الوقت ليس لك شخصاً بل هذا الوقت هو حق الناس وحق الدولة .. اذا فرّطت فيه تكون خائن للوقت وتؤثر على الاخرين، فاذا انت تأتي في التاسعة ولم تتناول الافطار في البيت وقد يكون عندك مشكلة ولا تجعل احد يدخل اليك الا ان تستقر ويستقر مزاجك، ثم بعد ذلك اذا دخل عليك المراجع تنهره بكلام قاسٍ وهذا انسان ضعيف وتطرده ..

اقول حذاري، لا تنزلق الى هذه الهاوية هاوية انعدام اخلاق المهنة .. الخلق محبب وهو الذي يعطيك الرفعة.. لا اموالك ولا شكلك ولا هذه العنجهية .. اخلاقك هي التي تعطيك الرفعة، وقد تكون انت غداً تحتاج ان تراجع الدوائر ..

نرجو من الاخوة ان يراجعوا انفسهم عندما يمارسوا هذا العمل رفقاً بالمراجعين، والناس التي تفد اليك لتنجز هذه المهمة .. ليس ذنب الاخرين ان مزاجك غير جيد.. انت لابد ان تترك المشاكل الخاصة بك وعند وقت الدوام تنزع كل المشاكل، وتفرّغ نفسك لخدمة الناس، فانت تأخذ أجرا مقابل هذا وستكون سارقاً للمال اذا لم تفِ بهذا الوقت عرفاً وشرعاً وقانوناً ..

وايضاً الكلام للدوائر المعنية الرجاء ان هؤلاء الموظفين يدخلون دائماً في دورات لتلقين كيفية السلوك.. اذ لابد ان اعرف الوظيفة وتعلّمني ماذا سأفعل في هذه الدائرة من المبدأ الى المنتهى.. فهذا على عهدة الدوائر المعنية ..ويا حبذا لو يلتفت لذلك، لأن هناك مشاكل كثيرة يقع فيها الانسان الذي ليس عنده احد تجده يدخل الى الدائرة يستلمه هذا بالصياح وذاك بالزعيق وهو لا حول ولا قوة الا ان يدعو الله تعالى ان يقضي حاجته حتى لا يرى هذه النماذج امامه.. مساعدة الناس والخلق الطيب هذا امر مستحسن وغاية في النُبل ..

المرفقات