تنتشر في العديد من مدن العراق خلال زيارة الاربعين ظاهرة فنية تراثية تستحضر في تجسدها مواقف تاريخية مرت بسبايا معركة الطف المؤلمة وما اعقبها من احداث ألمت برعايا الامام الحسين عليه السلام واصحابه الذين استشهدوا بين يديه.
هذه الظاهرة الفنية تسمى لدى العراقيين بالتشابيه، تبادر الى اقامتها المواكب الحسينية المشاركة في مراسيم العاشر من المحرم الحرام وزيارة العشرين من صفر الخير (الاربعينية).
وتعد التشابيه أحد اقدم المراثي الدرامية في العالم الإسلامي التي يمكن استخدام بعض تكتيكها الفني والملحمي في العرض المسرحي المعاصر، وقد تعرضت هذه الشعيرة للمنع من قبل الكثير من السلطات لأسباب عدة منها الدينية وأخرى سياسية.
وتبدأ التشابيه كطقس درامي مميز بقافلة الحسين وعائلته ومعها الجمهور الذي سيشاهد هذا الطقس وهم يتجهون الى المكان الذي سيقام فيه والذي يكون عادة في ساحات خاصة للعرض او في الطريق المؤدي الى كربلاء المقدسة اثناء المسير اليها لإحياء زيارة الاربعين تعبيرا عن مسيرة الحسين من المدينة الى كربلاء او مسير السبايا من كربلاء الى الشام ". عندها يقف الجمهور على جانبي مكان التمثيل او السير معه بدون الاعتماد على خشبة مسرح.
وينقسم الممثلون او المشاركون عادة الى مجموعتين، جيش الحسين قرب خيامهم او السبايا في ادوار اخرى والتي تميزها الرايات الخضراء والسوداء وفي الضد منهم جيش ابن زياد بأسلحتهم واسواطهم وراياتهم وازياءهم الملونة التي تتميز بسيادة اللون الاحمر عليها الحمراء.
وقد كانت التشابيه في بداية نشوئها تقليدا حيا لمأساة الأمام الحسين وما تبعها من مآسي وحتى قتله والتمثيل بجثته وسبي عائلته، ولكن بمرور الزمن فان التعزية امتزجت بالحياة السياسية والاجتماعية، فمن خلال إعادة عرض هذه المأساة كل عام كطقوس تقام في الأول من شهري محرم وصفر، تتحول ساحات المدن وطرقاتها إلى تظاهرة حاشدة من الموالين للمساهمة في هذه الشعائر الدينية ـ الدرامية، و تتضمن المسيرات المليونية والتظاهرات فصولا من المأساة تروى في كل يوم من مأساة الحسين وآله عليهم السلام أو تُمثل كطقوس تراجيدية ذات طابع درامي لمذبحة الامام وأنصاره.
سامر قحطان القيسي
الموقع الرسمي للعتبة الحسينية المقدسة
اترك تعليق