العقيدة النبوية بعدم وصف الخالق تعالى

إن رسول الله صلى الله عليه واله إنطلاقا من كونه مبلغا لرسالات الله لم يترك شيئا الا وبلغ به الناس ، فقد  بلغهم بكل شيء أمر به الله تعالى، ومنها العقائد الحقة التي يحتاجها الانسان في حياته، وإن اهم تلك العقائد هي عقيدة التوحيد و نبراسها وجوهرها هو عدم وصف الخالق بأوصاف المخلوقين.

ولكن في الحقب التي تلت زمن رسول الله صلى الله عليه واله ولاسيما في العصر العباسي بدأ ظهور الكثير من العقائد المزيفة التي تخالف ما جاء به رسول الله صلى الله عليه واله ، وتخالف العقل السليم والمنطق القويم.

ولازالت تلك العقائد المنحرفة يروّج لها من قبل الدخلاء على الاسلام، فيتهاونون في وصف الخالق عز وجل ، فيصفونه بأوصاف المخلوقين !، وينعتونه بصفات المادة كالجسم والهيئة والحجم وما شاكل ذلك!، وتجد أن أحدهم يصفه بالشاب! وأحدهم يصفه بالتنقل من مكان الى آخر كأنه ينزل من السماء السابعة الى السفلى ويرجع اليها!.

وقطعا إن تلك الاعتقادات وبهذه الصفات إنما هي محض الجهل بعقيدة التوحيد الحقيقة التي بلغ بها النبي محمد صلى الله عليه واله، ومن هنا على جميع الاقلام  والصحف والمجلات والقنوات الحرة ان تنبه المجتمعات الاسلامية ولاسيما الشباب كي لا ينجرفوا الى هذه الاعتقادات المخالفة لروح العقيدة الاسلامية وجوهر الاسلام، وبحسب تتبع المفكرين فإن أغلب الاسباب التي تدعوا هؤلاء المضلين الى الترويج لهذه الافكار المنحرفة هي :

1- إحتواء الكثير من الكتب المعتبرة عند بعض المسلمين على هذه الافكار.

2- الاصرار على تحريف الاسلام وتشويه عقائده وحرفه عن المسار الذي اراده رسول الله صلى الله عليه واله.

3- اصرار البعض على مخالفة عقائد مدرسة أهل البيت عليهم السلام ، وهذا ما يجعلهم يطرحون أفكارا عقائدية مغلوطة ومزيفة في الساحة العقائدية الاسلامية لتهديم العقائد الاسلامية الأصيلة.

فهذا رسول الله صلى الله عليه واله يبين عقيدته بالله تعالى بأن" الخالق لا يوصف بأوصاف خلقه"

حيث روي عنه انه قال : (إنّ الخالق لا يوصف إلاّ بما وصف به نفسه، وكيف يوصف الخالق الذي تعجز الحواس أن تدركه، والأوهام أن تناله، والخطرات أن تحدّه، والأبصار عن الإحاطة به ؟ جلّ عمّا يصفه الواصفون، ناء في قربه، وقريب في نأيه، كيّف الكيفيَّة فلا يقال له كيف؟ وأيَّن الأين فلا يقال له أين؟ هو منقطع الكيفوفيَّة والأينونيَّة، فهو الأحد الصمد كما وصف نفسه، والواصفون لا يبلغون نعته، لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد) (١).

فإذن رسول الله صلى الله عليه واله يؤكد على قواعد أساسية في معرفة الله تعالى وهي :

1- إن الله تعالى لا يجوز وصفه الا بما وصف نفسه في القرآن الكريم .

2- لايصح ان يتقبل الانسان العاقل ان يصف الخالق الذي تعجز حواس الانسان الخمس عن إدراكه ، وتعجز الأوهام من ان تناله ،وتعجز الخطرات في الذهن من ان تحده بحد معين، وتعجز الابصار عن الاحاطة به.

3- لا يمكن ان يقول الانسان عن الله تعالى "كيف؟" لأنه سبحانه وتعالى هو الذي كيّف الكيف، ولايمكن للإنسان العاقل ان يقول عن الله تعالى "أين؟" لأنه تعالى هو الذي أيّن الأين ، فإذن الخالق  سبحانه منقطع عن الكيفوفية وعن الأينونية.

فالله تعالى كما وصف نفسه في القرآن الكريم "ليس كمثله شيء" أي لاشيء يشبهه من خلقه، تعالى عن صفات خلقه ، ولايستطيع الواصفون ان يبلغوا نعته ، فهو الله الواحد الاحد الفرد الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد.

الكاتب: مهند آل ياسين

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) بحار الأنوار : ٢ / ٩٤ ، الكفاية، أبو المفضل الشيباني عن أحمد بن مطوق بن سوار عن المغيرة بن محمد ابن المهلب عن عبد الغفار بن كثير عن إبراهيم بن حميد عن أبي هاشم عن مجاهد عن ابن عباس قال: قدم يهودي على رسول الله صلى‌ الله‌ عليه ‌وآله ‌وسلم ، يقال له: نعثل. فقال: يا محمد إني أسألك عن أشياء تلجلج في صدري منذ حين، فإن أنت أجبتني عنها، أسلمت على يدك. قال: سل يا أبا عمارة! فقال: يا محمد صف لي ربك. فقال:...

gate.attachment