الخطبة الثانية لصلاة الجمعة بإمامة السيد احمد الصافي في 18/جمادي الاولى/1440هـ الموافق 25 /1 /2019م :

اخوتي اخواتي اتماماً لما بيّنا سابقاً من لابديّة الاهتمام بالأسرة وهذا الاهتمام سواء من الأب الكريم او من الام الكريمة او من الاخ الأكبر وقلنا انهُ لابد من الحفاظ على هذا الكيان وهو كيان الاسرة لما له من دخل كبير وانعكاسات ايجابية او سلبية على عموم المجتمع.

وايضاً لابد من الفات النظر الى ان الزاد المعنوي لا يقل أهمية إن لم أكثر من الزاد المادي ولذلك كانت مسألة التربية الصحيحة من المسائل التي ندبَ اليها الشارع من جهة وايضاً حثّ عليها المصلحون على ان لابد ان تتماسك الاُسر وفق قواعد سلوكية محددة.

ونُتم بعد الكلام اليوم وحسب ما ذكرنا وسنذكر ان المؤثرات وانا اتحدث الان عملياً في مجتمعنا القائم ان المؤثرات ثلاث حالات وقد يتفرع من هذه الحالات بعض الفروع:

الحالة الاولى : حالة الاُسرة بنفسها يعني مؤثرات على التربية.

الحالة الثانية: هي حالة المدرسة.

الحالة الثالثة: هي حالة الجو العام.

وطبعاً لا يخفى على حضراتكم ان كل واحدة من هذه الثلاثة تحتاج الى شرح مفصّل والى كلام طويل الذيل لكننا نشير الى ذلك ونحيط بها بشكل أشبه برؤوس مطالب.

أما بالنسبة للاسرة فقد تكلمنا سابقاً بأن المسؤولية حقيقة مُلقاة على ربّ الاسرة، هناك وظيفة هناك مسؤولية تكون على ربّ الاسرة، وهذه المسؤولية تحتّم عليه ان يُنتج اسرة سليمة.

اما بالنسبة للمدرسة لم نتكلم عنها بشكل مفصّل سابقاً وانما ذكرنا أهمية المعلم في تنشئة الجيل وهي عملية مشتركة ما بين المعلم بعنوانه العام وعندما نقول معلم لا نقصد التعبير الدارج المعلم في الابتدائية يسمى معلم في المتوسطة والثانوية يسمى مدرس..لا وإنما العملية التعليمية تبدأ من رياض الاطفال الى الجامعات..

الذي يُمارس العملية التعليمية عبرنا عنها بالمدرسة.. ولاشك هذه مسؤولية تشترك فيها الاسرة اضافة الى المعلم..

ولعلّ هذا الحديث يؤجل الى وقت آخر لأن فيه بعض التفاصيل الكثيرة.

الوضع الثالث او المؤثّر الثالث وهو الجو العام الذي يكون خارج إطار الأسرة وخارج اطار المدرسة..

لاشك ان الولد او البنت عندهم اوقات خارج هاتين المؤسستين لو صح ان نُطلق على الاسرة مؤسسة يعني خارج الاسرة عنده وخارج المدرسة ايضاً عندهُ وقت..

حقيقة ما يمر به مجتمعنا في الجو العام هو موضوع خطير جداً وانا سبق وان تكلمت مع حضراتكم ان الانسان عندما يرى مجتمعه ويرى اهله ويرى اولاده عليه ان يسعى بمقدار ما يستطيع ان يبيّن المشاكل ويبيّن الحلول وهذا اعتقد كلٌ في مسؤوليته.. الانسان في بعض الحالات ان وظيفته الكلام او الخطاب وهناك من يكون وظيفته القرار وهناك وظيفة عامة هي وظيفة مجتمعية يعني الناس فيما بينهم تتبانى وتتفق على سلوكيات محددة لا تسمح باختراق هذه السلوكيات وهذه مسؤولية مجتمعية عامة لا يُعفى منها أي احد..

المقصود من الجو العام هي حالة الفوضى التي نعيشها..، لاحظوا هناك فارق اخواني بين أمرين قد التبس احدهما بالآخر.. فارق بين الحرية وبين الفوضى.

الحرية حتى تكون حرية تحتاج الى انظمة وقوانين وهذه القوانين تحافظ على الحرية لا تعني الحرية ان الانسان يفعل كيفما يحلو له، لا يوجد هكذا منطق حتى في شريعة الغاب ان الانسان يفعل كما يحلو له أي شيء يأتي في مزاجه ان يفعله بدعوى الحرية!! هذه ليست حرية لا يوجد هذه الحال في جميع انظمة العالم انا مطلّع عندما اقول ذلك انا مطلّع بعض الدساتير وبعض القوانين العامة للدول لا يوجد فيها هكذا نص عندما يأتون الى تعريف الحرية لا يقولون ان الانسان يفعل كيف شاء وكما يحلو له لا يوجد هكذا نص وانما الحرية توجد هناك ضوابط هذه الضوابط تحدد المسموح به وغير المسموح به وتبقى هي في اطار الحرية..

ليس من حق احداً الان ان يوقف سيارته مثلا ً أمام باب داري ان يوقف سيارته في وسط الشارع العام ليس من حقه ذلك الكُل تعترض عليه لا يمكن ان يقول اني افعل ذلك بمقتضى الحرية.. الناس تسخر منهُ تقول له هذه ليست حريّة هذا تعدّي التفتوا للعبارة هذا تعدّي على المصالح العامة.. اذا صار تعدّي على المصالح العامة برزت عندنا حالة مقابلة للحرية وهي حالة الفوضى..

الفوضى هي عدم نظام وعدم قوانين وعدم رعاية أي شيء، نحن الآن مما يؤسف لهُ نعيش حالة فوضى ونتخيل اننا نعيش في حالة حرية والأمر بينهما بعيد وبون شاسع بين هذه وبين هذه..

طبعاً انا اتكلم اخواني عن قضية من المسؤول عنها يعرف تكليفه.. من الذي أوصل كمجتمع الى ما نحن فيه يعرف تكليفه..الشيء الذي يُخاف منهُ انه لابد ان تكون لنا كمجتمع حصانة مجتمعية تمنع الانزلاق وتقف حائلا ً أمام السلوكيات المنحرفة..اذا المجتمع فقدَ حصانتهُ وقعنا في محذوراً لا نخرج منهُ الا ان يشاء الله تعالى، وهذه الحصانة مسؤولية الجميع هناك حق لي ان امشي في الشارع لا يحق لك ان تعتدي عليَّ، لك حق ان تمشي في الشارع لا يحق لي ان اعتدي عليك، لك حق ان تسكن في مكان خاص لا يحق لي ان اعتدي عليك، انا كأُسرة كأب لي حق ان اُربي ولدي بطريقة لا أسمح ان يأتي احد يعاكس تربيتي لولدي انا كأب اريد الحرية وفق ضوابط انا لا اُريد الفوضى، كما انني احترم نفسي ولا اعتدي على الاخرين ايضاً لابد على الاخر ان يحترم نفسه ولا يعتدي عليَّ، ولذلك اخواني انما اكرر هذا الموضوع في اكثر من مناسبة لخطورة ما أرى..

نحن مجتمع له قيم وله حضارة وله ضوابط وله اعراف.. عندما تختلط احدهما بالآخر تتحول الى فوضى.. علينا ان نُنكر الفوضى نتمسك بالحرية وفق ضوابط لكن ان نُنكر الفوضى..

انسان اُسرة بكاملها تُهدد لأن فلان تجاوز على فلان تقوم الدنيا ولا تقعد تُهدد هذه الأُسرة وتُرحّل ومئة مرة كُتبت تعهدات ومُذكرات ويبقى الان التهديد قائم وتجد هذا خائف يلتفت خوفاً من ان احد يراه ويقتص منهُ ويقتله.. أي علاقة هذا بالحرية؟! هذه فوضى..

ولدي اتعب عليه المدرس يتعب عليهِ يذهب الى الجو العام ويأتي بشيء مُرعب لماذا؟! بزعم الحرية! هذه ليست حرية.. فوضى هناك فوضى من المسؤول عنها يتحمل هذه المسؤولية ويكن شجاعاً ويقول انا من سعيت الى الفوضى.. ليس لها هذه علاقة بالحرية اصلا ً الحرية فيها ضوابط..

انظروا الان الى دول العالم المتحضّر لا تجدون شيئاً كما عندنا نحن ابناء حضارة وابناء قيم وابناء اصول وكل هذه الامور عندنا لماذا في بعض الحالات علينا ان نقبل بفوضى وهذه بدأت تؤثر على سلوكيات كبيرة، يشكو الاباء تشكو الامهات انقذوا اولادنا يقولون.. ماذا نفعل؟! نحن نتعب ونربي واذا كل شيء مُباح أمامه كل الوسائل الحديثة مبذولة أمامهُ وهذا مراهق أصبحنا لا نسيطر على اولادنا بدعوى الحرية!! بربّك هل هذه حريّة أم حالة فوضى؟!!

انا اؤكد هذا المعنى حتى لا يُفهم الكلام على غير ما نُلقيه.. الحرية نحن نُريد الحريّة، نحن خرجنا من وضع لم نرى الحرية نُريد الحرية لكن فرق بين ان تكون هناك فوضى عارمة ليس لها حدود وقوانين ونُظم بزعم هذه حرية..

بدأ الابناء ينفرون وبدأت الاُسر تتفكك وبدأت الأُسر تشتكي والعالم والناس تتفرج، لماذا؟! بعضهم يجد صعوبة ان يتكلم والبعض يرى اذا تكلم لا توجد آذان صاغية والبعض يرى انهيار في الأُسر وهو عليه ان يتحمّل.. هذا غير صحيح اخواني انا ارى المسائل على غير ما تظهر، هُناك فرق كبير بين الحرية وبين الفوضى هناك الكثير من الامور الان هي في فوضى تحتاج الى تقنين وتحتاج الى سن نُظم حتى تتحول الفوضى الى حرية، المجتمع كمجتمع عليه ان يمارس دورهُ أكبر حصانة وأفضل حصانة الحصانة المجتمعية، كُنا نسمع ونحن صِغار اذا تصرّف احدنا وهو صغير يُقال له هذا عيب هذا لا يمكن ان تتصرف به هذا غير مقبول وذكرنا قبل اشهر بعض المصطلحات بدأت تختفي اذا ظهرت تظهر خجلى لماذا؟!

لا يوجد احد اخواني لا يحب مجتمعه وناسهُ بل نفخر بشيبات هذا المجتمع المبارك ونفخر بشبابنا ونفخر بكل وجود هذا البلد فعلينا بمقتضى ذلك ان نسعى الى ان نحافظ على هذا المجتمع ونبيّن اننا نتحسس فوضى لا نتحسس حريّة والفارق بينهما كبير..

من المسؤول؟!

سأترك الاجابة على هذه الاسئلة.. من المسؤول عن ذلك؟! من يتحمل ما نحنُ فيه؟!

إنما اثرتُ هذا الموضوع وفيه ما فيه وتحت الرماد نار لصعوبة اخواني صعوبة الوضع عندما ينهار لا قدر الله البناء الاسري والبناء المجتمعي..

الرجاء ودعوة اخ لإخوانه اهتموا بهذا الموضوع المسؤولية لا تُعفى من أحد حافظوا على المجتمع وحافظوا على اصول المجتمع حافظوا على قِيم المجتمع لا تتركوا الأمر كيفما اتفق لا تعوّدوا اولادكم على الفوضى عودوهم على الحريّة ضمن ضوابط لابد ان تكون..

نسأل الله ان يأخذ بأيدينا وايديكم لِما فيه خير الدنيا والآخرة وان يحفظ بلدنا وشعبنا من كل سوء وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين..

حيدر عدنان

الموقع الرسمي للعتبة الحسينية المقدسة

gate.attachment