سادسة الحواس

وعليه سادسةُ الحـواسِ نـزولُ *** إذ بالحـواسِ الخمسِ فـهوَ قـتـيلُ

عبّاسُ .. ربُّ الحسِّ أصلُ وجودِهِ الإحساس وهـو بـدونِهِ المَـخْـذُولُ

الفارعُ الجسمِ الـمـدرِّعُ سـطوةً *** شاكي السلاحِ جـمـيعُها تـفـصيلُ

فالكلُّ خُلِّقَ في الدنـا مـن نطفةٍ *** إلاهُ مـن قــطـرٍ هــمى مَجْـعُـولُ

الكلُّ في الأحـسـاسِ ربُّ تـدرُّجٍ *** ويـريـدُ مـنـهُ بـأنْ إلـيـهِ يُــقِـيلُ

إلاَّهُ ذو وجـدٍ بـفـيـضٍ غـامـرٍ *** إن فـاضَ يـومـاً لا يـفـيهِ هُـطُولُ

خلتُ السما مـن تَـتَّـقـيهِ بغيثها *** مـا قـامَ يــســقي فالسماءُ مُـحُولُ

وتقول عنهُ: يكونُ من صَدَرٍ هـو الإصـدارُ غــيـمـي دائــمــاً تـأويلُ

سبحان عبَّاسٍ وسـحـرَ فعـالِهِ *** فـي الـمـاءِ وهــو لـوجـدِهِ مـبذُولِ

إذ صارَ يَخْزِنُ فيضَهُ في قُربةٍ *** غـيـثُ الــسـمـاءِ بجنبِها مـغـلولُ

وتظلُّ تسقي حيث تُثقَبُ هكـذا *** في الـثـقـبِ حبلُ دلائها مـجـدولُ

لتعاكسَ الأنهارَ فهي مـصبُّها *** ومـصـبُّــهــا قــد صابَهُ التـعـطيلُ

وتقولُ: أبدأ من سـقـايـةِ كربلا *** والـسـقـيُ ما كرَّ الزمانُ يـطـولُ

لِمَ قربةٌ طـالـتْ سـقـايـةُ حبِّـها *** وفـراتـهمْ في جـنـبِـها مـشـلولُ ؟

عبَّاسُ صنَّعَ ماءه لـيـكــون ســادســة الـحـواسِ لـه الـحــيــاةُ تـؤولُ

فالوافدون على الـطـفـوفِ تلهُّفاً *** كـثـرٌ وكـلٌّ بـالــرِّوا مـشــمـولُ

والعاطشونَ من الـزمـانِ وجـورِهِ *** كثرٌ .. لهم لن يبـردنَّ غـلـيلُ

والظـامـئـونَ كما الرضيعِ وجمرةٌ *** بـلسانهم بدلَ الـرواءِ مُـثُـولُ

والظامئاتُ على سـبـيـلِ سكينةٍ ** وسؤالها صرختْ أنـا الـمـسؤولُ

سأقيلهم مـنِّـي حــواســاً خـمسةً *** هـيَ بـعـدَ قَـتْـلي شـاهداً تذيـيـلُ

وأقــيــلـهــمْ مـن أنـهـرٍ مـلـعـونةٍ *** الـمــاءُ فـيـهـا وافــرٌ وبـخـيـلُ

وأقول: سادسة الحواس تجيركم *** مـاءٌ بـثـقبِ قرابِكـم موصــولُ

الماءُ في القُرَبِ التي تـسـتـافـكم *** فـبـعـطـرِكم هذا الـرواءُ دلـيـلُ

إنْ كان فيكم من مـلامـحِ كـربلاءَ وأهـلـهـا يـسـقـيـكـمُ الـتــفــضـيـلُ

إن لم تكونوا مـن مـلامحِ أهـلِها *** مـرجـونَ أنتـمْ والـسقـا مـأمولُ

أنْ تـعـرفـوا العباسَ شرطٌ واجـبٌ *** لـسـقـايـةٍ بــحـواسِـهِ سيـميلُ

سـيقـولُ عـيني أطفئتْ من أجلـكمْ *** وبقي بها مـاءُ الـعيونِ يسيـلُ

فانسلَّ ماءُ العينِ سادسُ حاسَّةِ *** فصـوابُ عينـي أجل ذاكَ جميـلُ

أبقى عـطـاءَ الـماءِ من إهراقِهِ *** وبـحاسةِ البـصرِ الخسوفُ نبـيلُ

وأصابعي إذ خـلـلّـتْ نـهراً لهم *** بـتـلامـسٍ قــد غـرَّهُ الــتـخـلـيلُ

لم يدرِ تخليل الأصابعِ كـيفَ قد * أجرى الفرات وقـبلُ فـهو وُحُـولُ

قد ظنَّ عباساً هو المعزول إذ * فـي النهر ألقى الكفَّ لـيسَ يصـولُ

وبـأنَّــه أصــلُ الـرواءِ أتـاهُ عـبَّـاسٌ ووغــدٌ فـــي الـــوراءِ يــحـولُ

لم يدرِ مذ رَفَعَ العـطـيـشُ كفوفَهُ *** الـمـاءُ غـــارَ وصابهُ التعزيلُ

لم يدر أن الـثـغـرَ عطـلَّ ذوقَـهُ *** فــالمـاءُ بــاردُ والمذاقُ نصولُ

ليكونَ مغروم الحواس جميعها * ولو الفراتُ أغـيـضَ يجري النيلُ

هذي ملامسة الأصابع عُطِّلتْ * واللمسُ من قــطـعِ الكفوفِ طلولُ

لكنَّ مـاءً مـن خـلالِ كـفــوفِـهِ *** مـازال يـجــري والـرواءُ سيولُ

فالكفُّ من قبل الفرات روت لنا ** فهي الأصيلُ وما الفراتُ وكيلُ

نبقى على ريٍّ الأصـيـلِ مـنـاهلاً *** فإليـه فـي سيرِ الحياةِ فصولُ

وإليه عباسُ الحواسِ الـخـمـسِ قـد حـدســتْ لــسـادسـة فـعـزَّ مـثيلُ

عـبَّـاسُ مـلـتـقـطُ إلـيــهــا كُــلِّــهـا *** وجــمـيـعها لو شاءها تفعيلُ

قد كانَ آخرها بـجـنـبِ أخيهِ إذ ***خـارتْ قواه وفي الترابِ جديلُ

قد شاءَ تعـطـيـلَ السماعِ للحظةٍ * فـي الـسمعِ أصبحَ ماؤُهُ المنحُولُ

في السمع أصبح وعدهُ يسقي إلى الـخـيـمـاتِ ماءَ الشمعِ وهو ثقيلُ

في السمعِ كانَ الماءُ يثقلُ صدغَهُ * عن قول سبطٍ: هيتَ يا محمولُ

آخـذْكَ لـلـخـيـماتِ .. نادى عافرٌ *** عـن عـافرٍ لا يـنـفع التحميلُ

وحصادنا والماءُ يـروي تـربنا *** فـلـنـا كـلانـا يـثـمرُ المحصولُ

سأشمُّ موتك من تضاوعِ مصرعي خمسُ الحواسِ عليكَ لهيَ قليلُ

بالماءِ سـادسـة الـحـواسِ تقودُنا *** لـلـكـوثـرِ الـساقي ومنه نقولُ

لم يقتلونا يا أخي .. بل أركسوا *** فـي قـتـلـنا زالوا وليس نزولُ

سلمان عبدالحسين

pièces jointes

: سلمان عبد الحسين