إضاءات من واقع الفن ..

 

الفن " إن صح التعبير " شيء هلامي القوام متغيرالهيئة ، يرجع إلى وجهات النظر فينة ولثقافة العصور فينة اخرى ، وهناك أنواع عديدة للفن ، منها ما زال واندثرعبرالتاريخ ، ومنها ما ظهر حديثاً واخذ بالتطور مع مقتضيات المجتمع الحديثة ، فاليوم هنالك فنون جميلة مثل التصوير والنحت والحفر والعمارة والتصميم الداخلي والرسم وهو أبرزها بالتأكيد ، وهناك اخرى كالموسيقى والأدب والشعروالمسرح وغيرها من انواع الفنون الاخرى ، ويمكن ربط هذه الفنون بفنون وعلوم اخرى تتداخل معها لتكون عنصرا مكملا لها بل وقد تكون مكسبا لرصانتها ، كالفنون المسرحية وارتباطها بالادب على سبيل المثال ، فالفنون اليوم بصنوفها المختلفة اصبحت تشكل مرفقا توعويا ثقافيا مهما ومن شأنها نشر الثقافات المتنوعة بين افراد المجتمع الواحد بل وحتى المجتمعات الاخرى كفن الخط العربي وفنون العمارة الاسلامية وانتشارهما .                     

الفن هو الإبداع الحر تحت عنوان الجمال وهي لغة انسانية استخدمها بني البشرلترجمة التعابيرالتي ترد في ذاتهم الجوهرية وليس تعبيرا عن حاجة الإنسان لمتطلبات حياته على الرغم من أن البعض يعتبرون الفن ضرورة حياتية للإنسان كالماء والطعام ، فهو موهبة وهبها الخالق لكل إنسان لكن بدرجات متفاوتة تختلف بين فرد وآخر ، ولا نستطيع ان نطلق صفة فنان على احد إلا على الذين يتميزون بالقدرة الإبداعية الهائلة عن غيرهم ، فهو دلالة على المهارات المستخدمة لإنتاج أشياء تحمل قيمة جمالية اشتثنائية مؤثرة في نفوس المتلقين المتعرضين لها.

وبالامكان تقسيم الفنون بحسب ماتشغله من حيز في حياة الانسان الى فنون مرئية مكانية واخرى زمانية ، فالمرئية تمثل مجموعة الفنون التي يهم فنانوها بإنتاج أعمال فنية ملموسة تحتاج لتذوقها إلى التعرض اليها بالرؤية البصرية على اختلاف الوسائط المستخدمة في إنتاجها كالمنجزات الفنية التي تشغل حيزاً من الفراغ كالفنون التشكيلية من الرسم والتلوين والنحت ،والتي يمكن قياس أبعادها  طولا وعرضا وارتفاعا ، لتبتعد مختلفة عن الفنون الزمانية المحسوسة كالشعر والموسيقى والمسرح والتي تقاس اجزاءها وعناصرها بالوحدات الزمنية " طول المدة "، فضلا عن ان هنالك نوع من الفنون يجمع بين هاتين المجموعتين ليشغل حيزا زمكانيا بتكوينه الفني الخليط المتمثل بفن السينما او مايدعى حاليا بالفن السابع ، ومما لاشك فيه فان كل انواع الفنون المذكورة انفا تحمل في جنباتها سمة الانطباع والتي من شأنها اثارة وجدان  الانسان والتأثير بحواسه ، وتعتبر الفنون التشكيلية وفن الرسم بالتحديد اكثرها تأثيرا واعمقها سرا في هذا المجال ، ففيه لا بد ان تكون رؤية الفنان موغلة في صور الطبيعة وتعقيد الحياة البشرية والزمن المعاش ليعيش " الفنان "  لحظة الرؤية الانفصالية وصولا الى ما سينتجه من منجز ابداعي بتقنية فنية جمالية ينقل من خلاله القضايا التي تبناها اجتماعية كانت او دينية ، فالفن التشكيلي يعتبر احد اهم صلات الانسان بتذوق الجمال بكينونته وفلسفته التي ينشرها، وما الفنان المنفذ لتلك الاعمال إلا ناشرا مؤثرا لجزء من العلوم المختلفة في حياة الانسان لتكون اشتغالاته مسرحا متنقلا " بين افراد المجتمع وحتى الشعوب الاخرى " لمختلف الثقافات الدينية والاجتماعية وحتى السياسية منها ، فالفنون التشكيلية تعد بمثابة مرآة ناصعة تستنبط اساليب مختلفة وواسعة من عمق الواقع الانساني والتأثير والتأثر به .

ومن هنا ومن هذا المنبر الثقافي ، اصبح لزاما علينا ان نفي بحق القارئ المتابع في ان يطلع على بعض من مفاهيم الفن التشكيلي عالميا وعربيا ، فضلا عن صلاته مع العلوم الاخرى وارتباطاته المجتمعية ، فالفن بشكل عام يمثل انعكاس لوجه الحياة الاجمل والحياة تمثل حظورا مخايلا في الفن ... ومن الله التوفيق .

سامر قحطان القيسي

المرفقات