استُخدم الحاسوب في مجالات عدة ، منها مجالات عسكرية واخرى مدنية مثل الاتصالات و الحسابات وحتى الفنون حسب متطلبات حاجة المجتمع ومواكبة لمراحل التقدم المتسارع للحضارة الإنسانية ، وبما ان الفنان دائم الشغف في استخدام أحدث الطرق والتقنيات لصناعة الفن ، فقد وظف هذا المجال لأطلاق العنان لمخيلته لتسير إلى الأمام و تعبِّر عن نفسها بمنطقية ،ان لم تنتج المستحيل .
ان الاعمال الفنية الرقمية هي نتاج لمجموعة تقنيات قد تقترب أو تبتعد أو تحاكي التقنيات الفنية التشكيلية الكلاسيكية ، فهي تحمل في طيات نتاجاتها خصوصيات و مميزات تنفرد بها و تجعل من العمل الفني المنتج من خلالها هوية لها ،ومثاراً لما تحمله من خصوصية في صياغة العمل ضمن سياقاتها ، ويتكون الفن الرقمي كغيره من انواع الفنون الاخرى من مجموعة تقنيات ضمنية ، ينتج عنها تغيير في النتاج النهائي لكل تقنية يميزها عن الأخرى ، تبعاً لتبدل آليات العمل و طرق التنفيذ لكل تقنية من تقنيات الفن الرقمي التشكيلي .
ركز كثير من الباحثين في هذا المجال رؤاهم الى إن التقنية كونها وضع التطبيق العملي فهي تبنعد إلى المستوى الثاني من التفكير - فلو افتراضنا ان الفكر البشري يعمل في العلوم و ان الباحثين يستخرجون من ذلك فلسفة ما ، فهم يمنحون العلم وضعاً نظرياً ، وتصبح الفلسفة المستنبطة من العلم النظري هي فكر الفكر أي إنها تكون في المقام الثاني - ، و بالتالي تعتبر التقنية نتاجاً فرعياً ، وهنالك من يرفض هذا التقسيم و التفريق بين العمل و التفكير، "ان العمل الإنساني الأولي يتضمن فكراً يومياً شاملاً، و في ذلك يمثل جذر الوحدة بين العقل و الممارسة.
وتتوفر في تقنيات الفن الرقمي إمكانية عالية في مشابهة المظهر للعديد من التقنيات التقليدية ، لذلك فمن الصعب القول إن هذا العمل أنجز رقمياً أو ماهي الدرجة التي لعبتها الادوات الرقمية في إنتاج العمل الفني
حيث يستند الفن إلى أساس انتقاء الفنان للموضوع و آلية طرحه بما يتوافق وذائقة المتلقي ، فالفن بهذا المعنى يعتمد على وجود اختبارات كثيرة في الموقف ، و يكون على المرء الاختيار بينها ،هذا على صعيد أفكار الفنان ، يقابل ذلك على الصعيد التقني نوع من الاختيارية التي قد تفرضها تقنية من التقنيات سواء اكانت تقنية تقليدية او الرقمية ، و يختلف هذا التأثير على الطرح من تقنية إلى أخرى ، كما يختلف تفعيل هذا التأثير من فنان إلى آخر، فالتقنية هي مجموعة الحلول التي يستخدمها الفنان في إنتاج عمله ، و هذا الاستخدام هو استخدام حر يعود إلى مدى استيعاب الفنان لفكرة العمل و للجانب التطبيقي في التقنية الرقمية الحاسوبية .
ومن الجدير بالذكر ان اول شهادة عليا منحت في مجال الرسم بالحاسوب هي شهادة الدكتوراه التي حصل عليها الاميركي (إيفان إي. سوذرلاند ) ، عن البرنامج الذي طوره للرسم التفاعلي بالحاسوب، في معهد ماسوشستس للتكنلوجيا عام 1963، والذي قام بتعديل لوحة التخطيط على جهاز الادخال الرقمي (الفأرة) ، لتكون هذه الدراسة والتطوير طريقاً لصناعة اللوحات المتحسسة للضغط التي يستخدمها الفنانون الرقميون اليوم بكثرة ، وقد أثبتت واجهة التفاعل التي ابتكرها ( د.سوذرلاند ) وجودها لتكون نموذجاً لما نراه اليوم من لوحات الرسم المتقدمة و اللوحات المتحسسة للضغط ،والتي تسمح بإدخال الخط المستمر فضلاً عن ، نقل حركة يد الفنان الحرة بشكل دقيق الى جهاز الحاسوب ، لنجد ابعاد هذا في النتاج الفني الرقمي اليوم بشكل كبير ومؤثر .
جمع وتحرير
سامر قحطان القيسي
الموقع الرسمي للعتبة الحسينية المقدسة
اترك تعليق