ضـريـحُ الـمـاء

 

إلـى سـاقـي عـطـاشـى كـربـلاء أبـي الـفـضـل الـعـبـاس (عـلـيـه الـسـلام)

 

الـمـــــــــاءُ جـــــــــاءكَ يـسـعـى ظــــامـئـاً سَـغِـبَـا   ***   مُـطـلّـقَ الـنـهـــــــــرِ لا جـرفـاً ولا صَـخَـــــــبــا

فـأذنْ لأنـهـــــــــــارِه تـجـري بــــــــــأعـــذبِــــــــه   ***   وأذنْ لـشـطـــــــــــآنِــهـا أن تـلـثـمَ الـسُّـحـــــــبــا

فـأنـتَ يـا جـودُ، قـلــــــــــــــــبُ الـمـــاءِ، مُـورِثُــه   ***   سـرَّ الـحـيـاةِ ونـبـــــضَ الأرضِ والـعـصـــــــبــا

أعـنْ قـصـيــــــــــدةَ رمـلٍ غــــــالــــهــــا ظـــــمــأٌ   ***   وامـطـرْ عـلـى بُـــــــركِ الـمـعـنـى لِـتـلـتـهــــبـــا

هـذي قــــــــلادةُ جــــــــــــــــرفٍ دون أشــــرعـــةٍ   ***   مـكـسـورةُ الـريـحِ لا ريـــشـــــــاً ولا زغــــــبـــا

جـــــــــــاءتـكَ تـسـعـى وشـمـرٌ حـزّ مـنـحـــــرَهـــا   ***   ولـيـسَ لـيـسَ ســـــــواكَ الـنـاصـرُ الـغُــــــرَبــــا

تـنـورُ جـودِكَ فـيـه الـمــــــــــــــــــــاءُ أرغـفــــــــةٌ   ***   لـلآنَ بـــــــــــــــــاســطُ كـفّـيـه ومـا نــــــضـبــــا

ووردةٌ لـم تـخـفْ نــــــــــامـتْ بـمـقـــــــــــلـتــــــــه   ***   لا جـمـرَ أيـقـظـهـا لا مـــــــــــاءَ لا حـــــــطـبــــا

ومـنـه سـالَ نـهـــــــــــارُ الـشـعـرِ قـــــــــــافـيـــــــةً   ***   يـجـري ومـا لـيـــــــــلُـه إلاّ أغــــــــانـي صِـبــــا

يـا واهـبَ الـمـــــــاءِ طـعـمَ الـمـــــــاءِ أضـرحـــــــةً   ***   حـتّـى إذا قـيـــل: مـا مــــاءٌ ؟ لــــــــه انـتـسـبــــا

فـالـجـــــــــودُ كـونُـك قـد وشّــــــــحـــتـه زمـنــــــي   ***   فـمـا بـقـــــــــــائـي لــشـيءٍ غـيـــــــــرُهُ سـبـبــــا

فـالـمـــــــــــاءُ عـنـد نـبـيِّ الـمــــــــــــــاءِ أسـئـلـــــةٌ   ***   عـلـى سـواحـلِـهـا ، إيـمــــــــــــــــانُـنـا صُـلِـبــــا

لـذا أتــــــــاكَ قـصـيــــــــــــــدُ الـشــــعـرِ فـي يــــدِهِ   ***   نـدى غـيـومِـكَ يـسـتـرضـيــــــــــــكَ أن تَـهِـبَــــا

يـا دمـعـــــــةَ اللهِ يــــــــــا حـزنـاً يـبــــــــاهِــــلــــنـا   ***   فـلـيـسَ لـلـشـعـرِ يـا عـبــــــــــــــاسُ مـا سَـلـبــــا

أعـطـيــــــــــتُـهُ لـونَـهُ، لــــونَ احـمـــــرارِ الـــردى   ***   فـصـار مُـذّاك بـيـن الـنــــــــــــــاسِ مـكـتـسـبـــــا

عـذبٌ بـقـــــــــــاؤكَ لا تـهـديـــــــــكَ ذاكــــــــــــرةٌ   ***   فـكـلُّ جـيــــــــــلٍ أرومــــــــــاتٌ لـكَ انـتـصـبــــا

آخـيـتَ جـودَك ، دون الـمــــــــــاءِ شـــــــــــاطــــؤه   ***   وعـنـدكَ الـمـاءُ أرخـى الـسـيــــــــــلَ مُـنـتـحـبــــا

غـافٍ بـه الـرمـلُ والأحـــــــــــــــــــــلامُ تـســــكـنُـه   ***   لـمّـا أتـيـتَ عـلـى أقـدامِــــــــــــــــك اضـطـربــــا

أتـى وعـنـد ضـفـــــــافِ الـجـــــــــــــــــودِ قـــــبّـلَـهُ   ***   ثـغـرُ الـخـلـودِ ، فـصـاحَ الـمـــــــــــاءُ واعـجـبــــا

أيـا أبـا الـفـضــــــــــلِ يـا جـرحـــــــاً ورايــــــتُـــــهُ   ***   فـوق الـمـــــــــــــــآذنِ آذانٌ لــهـا نُـصِــــــــــــبــــا

كـأنّـــــــــهـا نُـسـجـتْ مـن لــــــــــونِ طــــــــاعــتـهِ   ***   ومـن إبـاءٍ كـكـبـــــــــرِ الأرضِ مـا ارتـــــــعـبــــا

فـلـم يـزلْ فـيْـــــــــــئـهـا فـي كـربــــــــــــــلاءَ دمـــاً   ***   ولـم يـزلْ فـيْـئــــــــــــــــهـا فـي كـربــــــلاءَ إبــــا

كـأنّـهـا فـي فـيـــــــــافـي الـجـرحِ قــــــــــــافـــــلــــةٌ   ***   أسـرتْ بـهـا الـريـحُ حـتّـى طــــــــالـتِ الـحُـجُـبَـــا

وبـابُ غـيــــــبٍ، فـسـلْ بـلـقـيـــــــسَ تــــعـلــمـــــهـا   ***   وسـلْ سـلـيــــــــــمـانَ إذ فـيــــــــــهـا قـضـى أربـا

حـمـراءُ دمـعٍ ، جـنــــــــانُ الـخـــــلـدِ مــوطـــنُـــــهـا   ***   وغـيـمُـهـا الـجـودُ، طـوفـــــــــــــــــــــانٌ إذا نُـدِبـا

أيـا أخـــــاهـا، وكـم عـبــــــــاسَ مـذ طــــــرقـــــــتْ   ***   بـابَ الإخـاءِ ، فـصــــــــــــــرتَ الـكـفَّ مُـحـتـربـا

تـطـوي إلـى زيـنـبَ الأرضـيـنَ إنْ صـــــــرخــــــتْ   ***   وتـطـفـئُ الـشـمـسَ والأقـمـــــــــــــــــارَ والـشُـهـبـا

وتـنـحـنــــــــي رغـمَ جــــــــوعِ الـدمــعِ آنــــــيـــــــةً   ***   كـظـهـرِ حـزنٍ، ولـم تُـبـدِ الـبـكـــــــــــــــــــــا أدبـا

فـكـربــــــــــلاءُ الـتـي عــــــــانـقـتـهــا وطــــــــــــنـاً   ***   أمـسـتْ، بـهـا زيـنـبٌ تُـسـقـى بـهـا الـكَـــــــــــرَبَـا؟

وصــــــــــــارَ كـفّـــــــاكَ عـنـد الـصــوتِ مــشـرعـةً   ***   مـنـهـا نـهـلْـنـا وفـاءً ســـــــــــــــــــــــــائـغـاً عـذِبـا

صـلاةُ حـزنٍ عـلـى كـفّـــــــــــيـكَ قـد وجــــــــــــبـتْ   ***   والـقِـبـلـةُ الـجـــــــــــودُ إيـمـــــــــــــانٌ بـهـا وجـبـا

لـم يـكـفـرِ الـرمـلُ مـا صــــــــلّـى عـلـى وجـــــــــــعٍ   ***   صـارتْ بـه الأرضُ أرضـاً تـعـتـــــــــــلـي الـرتـبـا

وصـار حـرُّ رمـــــــــــــالِ الـطـــــــــــــــفِّ فـي يـده   ***   مـاءً فـراتـاً، ومـنـه الـكــــــــــــــــــــــونُ قـد شـربـا

 

أحـمـد الـخـيـال الـجـنـابـي

المرفقات

: أحمد الخيال