في هذه الحياة ثمة حقيقة واحدة على ان الانسان ان يعيها ويطبقها بشكل واقعي, ليصل الى السعادة, وهي الارتباط الحقيقي بالله سبحانه وتعالى, والتعامل مع هذه الحياة على أنها دار ممر, لاراحة فيها حيث أن الشقاء لا يأتى من الواقع الخارجي بل من نظرة الحياة الى الامور, حيث ان الانسان ينظر مثلا الى رغبة لم تتحق له على انه شقاء ولكن ربما كانت هذه الرغبة تحتوي على مضرة له, فتكون السعادة في الرضا بما يختاره الله له, لهذا نجد نبيّين من الانبياء يختلفان اختلافا كبيرا من حيث مفردات الحياة التي عاشها ولكنهم على درجة واحدة من الناحية النفسية وعدم الاهتمام لما عندهما, والنبيان هما ايوب وسليمان عليهما السلام, حيث ان نبي الله ايوب عليه السلام كان مريضا الى درجة كبيرة وقد فقد ماله وابناءه ونبي الله سليمان عليه السلام كان يملك الدنيا ومافيها ولكنهما كانا ينظران الى ماعندهما من انه ابتلاء من الله سبحانه وتعالى في هذه الحياة الفانية, وسيصير صبرهما وحمدهما لله وسيلة لكسب الاخرة.
وفي هذا الصدد نجد في حياة الائمة الاطهار عليهم السلام مالايحصى من القصص التي تعكس حقيقة اتصالهم بالله وتترك للناس دروسا ثمينة في احراز السعادة في الدارين, ومن تلك القصص ماكان عليه الامام الكاظم في سجنه الطويل المعتم, فاي انسان الان لو تعرض للسجن سيجد ذلك هما وسببا للشقاء, ويظن ان السعادة في ان يطلق سراحه, ولكن ربما كان هذا السجن فيه منفعة عظيمة حين انه خارج السجن يكون عرضة للمغريات التي ربما اطاعها فاكتسب الاثم الذي سيكون سببا في عقوبته في الاخرة, بينما السجن يمنع عنه هذه الاغراءات ويؤدي الى نجاته في الاخرة, لاسيما ان السجن مهما طال في الحياة الدنيا فلن يقاس بالعقوبة الاخروية التي يكون فيها اليوم الف سنة مما نعد, وهنا نجد الامام الكاظم عليه يضرب للناس اروع مثل في تحقيق السعادة والتعالي بالنفس على كل مافي هذه الحياة الفانية بارتباطه بالحق سبحانه وتعالى ويجعل من السجن نعمة كبيرة يشكر الله عليها فيقول مخاطبا الله تعالى عند دخوله السجن (اللهم أنك تعلم طالما سألتك أن تفرغني لعبادتك اللهم وقد فعلت ، فلك الحمد )
الكاتب / الشيخ صلاح الخاقاني
اترك تعليق