العيد مظهر من مظاهر الشكر لله عز وجل , ولهذا تجده يأتي بعد عبادة عظيمة وهي الصوم , وإظهار الفرح بعد هذه الطاعة في يوم العيد هو شكر لله ان يسر هذه العبادة الجليلة, { قُلْ بِفَضْلِ اللهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا } (سورة يونس 58) , ففرحة الصائم في يوم العيد هي فرحة رجاء ان يكون من المقبولين والمعتوقين من النار .. فأيام العيد ايام عبادة وشكر , يتقلب المؤمنون في انواع هذه العبادة ولا يعرفون لها حد , ومن انواعها : صلة الارحام , والتزاور فيما بينهم , ونبذ التباغض والتحاسد ..
عن الامام الرضا عليه السلام قال : "إنما جعل يوم الفطر العيد ليكون للمسلمين مجتمعا يجتمعون فيه ويبرزون لله عز وجل فيمجدونه على ما من عليهم ، فيكون يوم عيد ويوم اجتماع ويوم فطر ويوم زكاة ويوم رغبة ، ويوم تضرع ، ولأنه أول يوم من السنة يحل فيه الأكل والشرب ، لأن أول شهور السنة عند أهل الحق شهر رمضان ، فأحب الله عز وجل أن يكون لهم في ذلك مجمع يحمدونه فيه ويقدسونه" .
ولا يذهبن بك الوهم بعيدا , فليس لختام شهر الصوم يحتفل الصائمون بيوم العيد , بل للتزود منه بخير الزاد , بغية تطبيق ما استلهموه طيلة شهر الصيام على قادم الايام والشهور حتى حلوله عليهم مرارا وتكرارا ..
ولا يذهبن بك الوهم بعيدا , فالذين افطروا في هذا الشهر المبارك وركبوا بهيمة العصيان وخالفوا تعاليم الرحمن , خارجون عن هذا العيد ؛ لان العيد هو لمن خاف الوعيد .. واتقى ربه ذا العرش المجيد .. وسكب الدمع تائبا رجاء يوم المزيد .. فالعيد مختص بمن ادى فريضة الصوم وحقق غايتها ..
فما بال اناس يحتفلون بيوم العيد وقد انتهكوا حرمة شهر كريم , فكانوا يتناولون الطعام والشراب ووو .. طيلة ايامه نهارا جهارا !! , فتراهم اليوم متزينين يضحكون ويمرحون , وهم يشعرون انهم منه خارجون , كما كانوا يشعرون وهم مفطرون خلال ايامه .. وقد اشار حليم آل البيت الامام الحسن المجتبى (عليه السلام) الى امثال هؤلاء..
فعن الفقيه : " نظر الحسن بن علي (عليهما السلام) الى ناس في يوم فطر يلعبون ويضحكون , فقال (عليه السلام) لأصحابه : ان الله عز وجل خلق شهر رمضان مضمارا لخلقه يستبقون فيه بطاعته الى رضوانه , فسبق فيه قوم ففازوا , وتخلف آخرون فخابوا , فالعجب كل العجب من الضاحك اللاعب في اليوم الذي يثاب فيه المسلمون ويخيب فيه المقصرون , وأيمُ الله لو كشف الغطاء لشغل كل محسن بإحسانه , ومسيء بإساءته ".
فالعيد لمن صام وصلى لا لمن عصى وارتكب الخطايا .. عيد يسعى فيه من صام الشهر الكريم لإحراز رضا الله ونوال جائزته .. وهاك ما روي عن ابي جعفر (عليه السلام) انه قال : " قال النبي (صلى الله عليه واله وسلم) اذا كان اول يوم من شوال , نادى مناد : ايها المؤمنون اغدوا الى جوائزكم , ثم قال : يا جابر, جوائز الله ليست كجوائز هؤلاء الملوك , ثم قال : هو يوم الجوائز" ..
ومن خطبة لأمير المؤمنين عليه السلام في اول ايام عيد الفطر المبارك , قال "أيها الناس إن يومكم هذا يوم يثاب فيه المحسنون ويخسر فيه المسيئون ، وهو أشبه يوم بقيامتكم ، فاذكروا الله بخروجكم من منازلكم إلى مصلاكم خروجكم من الأجداث إلى ربكم ، واذكروا بوقوفكم في مصلاكم وقوفكم بين يدي ربكم ، واذكروا برجوعكم إلى منازلكم رجوعكم إلى منازلكم في الجنة والنار " .
فالفرحة بهذا اليوم انما هي فرحة وعيد بعد طاعة , وكل يوم لا يعصى الله فيه فهو عيد سعيد يرجو العبد من ربه فيه المزيد .. واختم ما شرعت به بقول سيد الموحدين وأمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام حيث يقول : " اليوم لنا عيد , وغدا لنا عيد , وكل يوم لا نعصي الله فيه فهو لنا عيد " ..
ولا ننسى من حملوا ارواحهم على اكفهم وقدموها مهرا للإسلام والمسلمين وبالخصوص لهذا الوطن .. الشهداء من ابطال الحشد الشعبي .. فألف تحية وسلام .. وألف آية مرتلة تهدى الى ارواحكم من القران .. سنحرص على تخليد ذكراكم ما بقينا وبقيت الاجيال عبر الزمان , فألف تحية وسلام على الاحياء عند ربهم يرزقون
الكاتب السيد مهدي الجابري
اترك تعليق