ان ازمة الانسان المعاصر ترجع اساسا الى افتقار الانسان الى الدين والقيم الروحية , وقد اشار المؤرخ ارنولد توينبي الى ان الازمة التي يعاني منها الاوروبيون في العصر الحديث انما ترجع اساسا الى الفقر الروحي وان العلاج الوحيد لهذا التمزق الذي يعانون منه هو الرجوع الى الدين .
ومن استقراء الاوضاع العالمية وارتفاع نسبة الانتحار والامراض النفسية وجرائم السرقة والاغتصاب , نشعر بأهمية الايمان بالله في حياة الفرد , فالايمان بالله يعمل على انتشال الفرد من الكثير من العقد النفسية , ومن حالات القلق والاهتزاز النفسي وتجعله يتقبل ذاته بواقعية ويشعر بمعية الله التي تمنحه الاحساس بالقوة ,وهذه من عوامل اكتساب الصحة النفسية التي هي اهم عوامل النجاح .
كما انه من اهم عوامل تربية الضمير الانساني والذي هو الرقيب على الفرد والذي يحول بينه وبين اقتراف المعاصي والانحراف , ولهذا عجزت القوانين والمبادئ الوضعية عن اصلاح حياة البشر مما اعطى صورة واضحة عن الحضارة المعاصرة التي تتآكل من الداخل وليس من الخارج عكس الحضارات الاخرى !! والايمان بالله يعرف الانسان بقيمته, وبمعنى الحياة منتزعا هذا الفهم من ايمانه بعدل الله وحكمته الذي يوصل الانسان الى الاعتقاد بانه لا ظلم ولا عبث ولا ضياع في هذه الحياة .
ولهذا يعزز الشعور بالمسؤولية والاندفاع الى العمل ويتعزز هذا الاحساس عبر تعزيز معاني حياتية كثيرة كمعنى الحياة الاخرة والوقت وقدرات الفرد . كما ان الايمان بالله يمد صاحبه بطاقة روحية عظمى تعنيه على تحمل مشاكل الحياة وصعوباتها وعموم العقائد (تساعد على الاستفاده من الطاقات الداخلية وتعين على تقوية الآمال ).
يروي ديل كارنيجي قصة امه حيث يقول : كان ابي يئن تحت ثقل الديون والفقر والتعاسة والشقاء بحيث فقد صحته وسلامته لذلك , وقال الطبيب لامه : لم يبق من عمر ابي سوى ستة اشهر وحاول ابي تكرارا ينهي حياته بتعليق نفسه بالحبال او يغرق نفسه في الانهار , ثم قص ابي علي بعد سنين يقول : ان العامل الوحيد الذي منعني اذ ذاك من الانتحار انما هو الايمان الثابت والراسخ لامك , فأنها كانت ترى اننا لو احببنا ربنا واتبعنا اوامره واطعناه صلحت جميع امورنا , وكان الحق معها فقد صلحت جميع امورنا وعاش ابي بعد اثنتين واربعين عاما عيشة هانئة وطوال تلك السنين المليئة بالآلام والمشاكل لم تقلق امي , كانت ترجع شكواها عن المشاكل والمصائب الى ربها وتدعو ربها في بيتها الصغير في القرية كي لا يحرمنا من حبه وعونه لنا .
ان العقيدة الدينية وعبر زرع الافكار الايجابية تخلص الفرد من الوساوس والافكار السلبية التي تحطم راحته واطمئنانه النفسي ولهذا نرى ان علماء الدين يكونون اعظم صبرا وشكرا وتطول اعمارهم لانهم يوكلون امورهم الى الله تعالى ويرضون بقضائه وقدره ويعيشون الثقة الكبرى به تعالى انهم بعينه وانه رازقهم وراحمهم والايمان يهدف الى بعث تلك الطاقات الكامنة في الانسان حيث يمزج بين الروح والعقل والجسد في وحدة رائعة تحقق الهدف الاسمى من خلق ذلك الانسان وهو الخلافة في الارض حيث مطلوب من المؤمن استخدام الطاقة التي تصل اليه في العبير الايجابي الخلاق .
وعبر تحرير العقل ظهرت حضارة المسلمين زاخرة بعلمائها وعباقرتها بحيث عجز التاريخ الانساني عن اعادة تلك الصور الزاخرات للمسلمين والمسلمات , ونرى ان علماء المسلمين رغم كل علومهم كانوا دائما في حضرة الله تبارك وتعالى وينظرون بعينه ويلجاؤن اليه فهذا ابن سينا كلما اشكل عليه امر كان يقوم الى الصلاة فيصلي ركعتين وبعدها يجد علاج حالته التي كان يفكر بها .. ومما ينقل عن العالم البيروني انه كان يبحث عن حل لمسالة ما وهو على فراش الموت اذ غشيه ذهول ...ثم استفاق ليعطي جواب المسالة وهو في تلك الحالة .
ومن الطريف الذي يذكر ان صحيفة البيان الاماراتية كانت قد نشرت في 1 يناير 1999 عن استطلاع كانت قد نشرته صحيفة التايمز البريطانية حول اكثر الشخصيات تأثير في القرن العشرين فكانت الام تيرايزا الراهبة الالبانية في المقدمة حيث كانت نسبة ترشيحها 25% في حين جاء القس مارتن لوثر كنج في المرتبة الثالثة بنسبة 17% .
ومعنى هذا ان انعكاس العقيدة الدينية تجعل المؤمنين بهذه العقيدة يتفاعلون مع اصحابه ويكنون لهم كل احترام ويعبرونهم من الشخصيات الناجحة والمؤثرة .
الكاتبة / كفاح الحداد.
اترك تعليق