مما ورد في التاريخ الذي يحكي لنا عن اخلاقية الاقوام العربية و عاداتهم و تقاليدهم كثيرة جدا حيث يتخيل للمطلع انها مختصة بالعرب فقط و لذا فان هنالك مواقف و حكايات كثيرة للشخصية العربية الاصيلة التي شاعت صفاتها النادرة مثل الكرم و الشجاعة و الغيرة و الشهامة و حماية الدخيل الاجئ ... الخ، عند الشعوب الاخرى
و لكن ما جرى على اهل البيت عليهم السلام من قبل الذين يدعون العروبة كان منافي لهذه الصفات العربية حيث ارتكبت جرائم لم يقترفها اي شعب من الشعوب و اقلها لا يمثلون بالمقتول وانما يسلمونه الى اهله لاقامة المراسيم و دفنه بالطريقة الملائمة و تحديد قبر له...
و نجد انه قد حدث العكس من ذلك كله في قضية الامام الحسين عليه السلام حيث ترك جسد الامام الحسين الشهيد صلوات الله عليه ثلاثة ايام تحت الشمس المحرقة فوق صحراء نينوى مقطوع الراس من القفا، مقطعاً مرضوضا صدره من حوافر خيل العدى مسلوب العمامة و الرداء و حرائره من الكوفة الى الشام تسبى، لم يتركوا له حرمة و لم يبرد غليلهم عند معرفتهم انه ابن بنت رسول الله صلى الله عليه و آله، بل سلبو و نهبوا و ضربوا و سبوا و حرقوا بغية ارضاء اميرهم_ قال الإمام زين العابدين عليه السلام : (والله ما نظرت إلى عمّاتي وأخواتي إلاّ وخنقتني العبرة وتذكّرت فرارهن يوم الطف من خيمة إلى خيمة ومن خباء إلى خباء، ومنادي القوم ينادي: أحرقوا بيوت الظالمين!)_ و تركوا اخرتهم على حساب دنياهم مقابل سفك دماء اهل بيت رسول الله صلى الله عليه و آله.
و تستمر احداث الظلم والجور على الحسين و اهل بيته و اصحابه سلام الله عليهم و صولا الى منعهم حتى على ذرف الدموع عليهم ودفنهم !، الى اين يصل بغيكم و كم يبعد شفاء غليلكم حتى يرضى، ام كيف استساغت انفسكم بقطع الرؤوس و التمثيل بالاجسام و امرار السبايا على اهلهم المقتولين المضرجين بالدماء، وهل تركتم للشيطان شيئا يفعله ام سبقتموه في كل الجهل، هل من جريمة لم تقترفوها يا ال أمية ام جعلتم ظلمكم يسود طيات التاريخ وصولا الى وقتنا الحالي الذي يلمح لنا كانما الاحداث تتوارث من حيث كون محبين اهل البيت عليهم السلام في حالة صراع للبقاء وال امية هم اصحاب صك الغفران ما زالوا يتقهقرون في مسابقة (من هو الاجهل!!).
واليوم نرى الموالين و المحبين لاهل البيت عليهم السلام اخذهم عشقهم الحسيني الى تتبع كل مآثر ثورة عاشوراء المقدسة سواء المآثر التي فتحت آفاق الفكر الذي اقل ما ارتشفناه منه هو اصلاح مسيرة الدين الاسلامي وثبتت بقول الامام الحسين صلوات الله عليه «إني لم أخرج أشراً، ولا بطراً ولا مفسداً، ولا ظالماً، وإنما خرجت لطلب الاصلاح في أمة جدي، أريد أن آمر بالمعروف وأنهي عن المنكر فمن قبلني بقبول الحق فالله أولى بالحق، ومن رد علي هذا أصبر حتى يقضي الله بيني وبين القوم بالحق، وهو خير الحاكمين».
او الآثار المكانية التي تثبت مكان الفجيعة الذي يذكر الامة الاسلامية و الانسانية على ان الحسين أو اهل البيت عليهم السلام قتلوا وظلموا هنا مثل المراقد الشريفة للحسين و اصحابه سلام الله عليهم و جميع المعصومين عليهم السلام و المنازل التي نزل بها سبايا الحسين و انصاره عليهم السلام حين السبي، وكونهم موالين و محبين و لذا شيدت المقامات باحسن صورة ووضعت لها رايات السلام.
و كالعادة ياتي ورثة الجهل و النفاق الى الترصد و محاولاتهم في نشر الارهاب الذي يدفعهم الى تهديم المقدسات الاسلامية بحجج واهية توارثوها ممن لعنهم الله و رسوله و اهل بيته صلوات الله عليهم، ومن امثال ذلك تهديم قبور أئمة البقيع الغرقد سلام الله عليهم و تفجير قبة الامامين العسكريين عليهما السلام في سامراء، أما الان وصلت ايديهم الى قبور الانبياء عليهم السلام كما حدث في ضريح النبي يونس عليه السلام فنرى التهديم العلني المتبوع بالضغينة الى محبين اهل البيت عليهم السلام حيث اصبح الان وكانه مشرّع من قبل فئات مبغضة و متعصبة و تكفيرية و ارهابية، تعمل باسم العمالة التي تصب في مصب من لعنهم الله و رسولة، كانت وما زالت هذه العصابات التكفيرية الارهابية تعمل بالخفاء و العلن الى يومنا هذا و حين و يتلقفون الفرص في نشر ثقافة الدماء وعند الضنك لا تجد لهم اثرا غير الغدر المتوارث.... ويترقب منهم ما لا يخطر على الجاهل وليس هذا الامر بالصادم فقد اعتاد عليه اتباع اهل البيت عليهم السلام و لذا نرى محبين و اتباع اهل البيت عليهم السلام يواصلون ثباتهم في نشر الثقافة الرصينة لاهل البيت عليهم السلام غير مبالين بما يصنع مثل هؤلاء الاوباش .
فيستوجب علينا في مواجهة هكذا فئة باغية مواجهتها بما واجههم به رسول الله و أهل بيته صلوات الله عليهم بنشر الوعي و الثقافة الاسلامية الرصينة و{ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} _النحل 125_ فلا تجد طريقة لمواجهة الجهل افضل مما اتى به الاسلام.
قيس العامري
اترك تعليق