قال الشيخ أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه - الفقيه المصنف لهذا الكتاب إعلم أن اعتقادنا في التوحيد أن الله تعالى واحد أحد، ليس كمثله شي قديم(2) لم يزال سميع بصير عليم حكيم حي قيوم عزيز قدوس قادر غني.
لا يوصف بجوهر ولا جسم(3) ولا صورة ولا عرض ولا خط(4) ولاسطح ولا ثقل(5) ولا خفة ولا سكون ولا حركة ولا مكان ولا زمان.
وأنه تعالى متعال عن جميع صفات خلقه خارج من الحدين حد الإبطال وحد التشبيه.
وأنه تعالى شي لا كالأشياء أحد صمد لم يلد فيورث ولم يولد فيشارك ولم يكن له كف أحد(6) ولا ند(7) ولا ضد(8) ولا شبه ولا صاحبة ولا مثل ولا نظير ولا شريك لا تدركه الأبصار والأوهام وهو يدركها لا تأخذه سنة ولا نوم وهو اللطيف الخبير(9) خالق كل شيء لا إله إلا هو له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين.
ومن قال بالتشبيه فهو مشرك ومن نسب إلى الإمامية غير ما وصف في التوحيد فهو كاذب.
وكل خبر يخالف ما ذكرت في التوحيد فهو موضوع مخترع وكل حديث لا يوافق كتاب الله فهو باطل وإن وجد في كتاب علمائنا فهو مدلس.
والأخبار التي يتوهمها الجهال تشبيها لله تعالى بخلقه فمعانيها محمولة على ما في القرآن من نظائرها.
لأن في القرآن: (كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ)(10) ومعنى الوجه: الدين والدين هو الوجه الذي يؤتى الله منه ويتوجه به إليه.وفي القرآن: (يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ)(11) والساق: وجه الأمر وشدته.وفي القرآن: (أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ)(12) والجنب: الطاعة.وفي القرآن: (وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي)(13) والروح هي روح مخلوقة جعل الله منها في آدم وعيسى - عليها السلام - وإنما قال روحي كما قال بيتي وعبدي وجنتي وناري وسمائي وأرضي.وفي القرآن (بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ)(14) يعني نعمة الدنيا ونعمة الآخرة.وفي القرآن: (وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ)(15) والأيد: القوة ومنه قوله تعالى:(وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا الْأَيْدِ)(16) يعني ذا القوة.وفي القرآن: (يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ)(17) يعني بقدرتي وقوتي.وفي القرآن: (وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ)(18) يعني ملكه لا يملكها معه أحد.وفي القرآن: (وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ)(19) يعني بقدرته.وفي القرآن: (وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا)(20) يعني وجاء أمر ربك. وفي القرآن: (كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ)(21) يعني عن ثواب ربهم.وفي القرآن: (هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلَائِكَةُ)(22) أي عذاب الله(23).وفي القرآن: (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (*) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ)(24) يعني مشرفة تنظر(25)ثواب ربها.وفي القرآن: (وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَى)(26) وغضب الله عقابه، ورضاه ثوابه.وفي القرآن: (تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ)(27) أي تعلم غيبي ولا أعلم غيبك.وفي القرآن: (وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ)(28) يعني انتقامه.وفي القرآن: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ)(29).وفي القرآن: (هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ) (30) والصلاة من الله رحمة ومن الملائكة(31) تزكية ومن الناس دعاء.وفي القرآن: (وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ)(32).وفي القرآن: (يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ)(33).وفي القرآن: (اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ)(34).وفي القرآن: (سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ)(35).وفي القرآن: (نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ)(36)
ومعنى ذلك كله(37) أنه عز وجل يجازيهم جزاء المكر وجزاء المخادعة، وجزاء الاستهزاء وجزاء السخرية وجزاء النسيان وهو أن ينسيهم أنفسهم كما قال عز وجل: (وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ)(38) لأنه عز وجل في الحقيقة لا يمكر ولا يخادع ولا يستهزئ ولا يسخر ولا ينسى(39) تعالى الله عز وجل عن ذلك علوا كبيرا(40).
وليس يرد في الأخبار التي يشنع بها أهل الخلاف والالحاد إلا مثل هذه الألفاظ ومعانيها معاني ألفاظ القرآن(41).
الاعتقادات / تأليف: الشيخ محمد بن علي بن بابويه القمي (الصدوق).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ(1) انفردت ق بذكر سند لرواية الكتاب وهو:حدثني أبو محمد الحسن بن أحمد بن محمد بن الهيثم العجلي المجاور قال حدثنا محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه الفقيه.وحدثني أبو عبد الله الحسين بن علي بن موسى بن بابويه الفقيه القمي عن أخيه أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه الفقيه مصنف هذا الكتاب قال الشيخ أبو جعفر محمد بن علي رضي الله عنه اعتقادنا في التوحيد.وأبو محمد الحسن بن أحمد العجلي ثقة من وجوه الأصحاب وأبوه وجده ثقتان وهم من أهل الري جاور في آخر عمره بالكوفة وله كتب منها كتاب الجامع وكتاب المثاني راجع: رجال النجاشي / الترجمة 151 ورجال ابن داود / الترجمة 397 ورجال العلامة / الترجمة 46.وأما أبو عبد الله الحسين بن علي بن بابويه فهو ثقة أيضا كثير الرواية روى عن جماعة وأبيه إجازة وأخيه، له كتب منها كتاب التوحيد ونفي التشبيه راجع: رجال النجاشي / الترجمة 163.رجال الطوسي / فيمن لم يرو عن الأئمة - عليهم السلام / الترجمة 28 ورجال ابن داود / الترجمة 488.(2) قديم ليست في ق س.(3) في م ق س بجسم.(4) في ر زيادة ولا لون.(5) في م زيادة: له(6) أحد ليست في ق وعندئذ يكون ما بعدها منصوبا كما في النسخة.(7) في رس زيادة: له(8) ولا ضد أثبتناها من ج وفي ر: ولا ضد له وخلت باقي النسخ منها.(9) العبارة: وهو يدركها... اللطيف الخيبر ليست في ق س.(10) القصص 28: 88.(11) القلم 68: 42.(12) الزمر 39: 56.(13) الحجر: 15: 29.(14) المائدة 5: 64.(15) الذاريات 51: 47.(16) ص 38: 17.(17) ص 38: 75.(18)،(19) الزمر 39: 67.(20) الفجر: 89: 22.(21) المطففين 83: 15.(22) البقرة: 2: 210.(23) العبارة في ر: أي يأتيهم عذاب الله وفي ق: ومعناه هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله بالملائكة في ظل.من الغمام وفي س كما في ق بزيادة والملائكة قد نزلت في قطعة من الغمام كما نزلت لعيسى - عليه السلام - بالمائدة.(24) القيامة 75 - 22، 23.(25) في م س تنظر وفي هامش م منتظرة.(26) طه: 20: 81.(27) المائدة: 116.(28) آل عمران 3: 28.(29) الأحزاب 33: 56.(30) الأحزاب 33: 43.(31) في ر ج زيادة استغفار و.(32) آل عمران: 3: 54.(33) النساء 4: 142.(34) البقرة 2: 15.(35) التوبة 9: 79.(36) التوبة 9: 67.(37) ليست في ق س.(38) الحشر 59: 59.(39) في م: لا يمكر أو يخادع أو يستهزئ أو يسخر أو ينسى وفي ق: لا يمكر ويخادع ويستهزئ ويسخر وينسى.(40) الفقرة في م كما يلي: ومعنى ذلك كله أنه فعل مثل فعلهم من المكر والكيد والاستهزاء تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.(41) عبارة: وليس يرد... ألفاظ القرآن، ليست في ق، س.
اترك تعليق