ان من اللطف الالهي على العباد اذ جعل لهم دستور يسيرون امورهم من خلاله ويكون لهم الغلبة والنصر اذ ما احازوا عنه ألا وهو كتابه الكريم القرآن المجيد كما انه تعالى جعل اسس للتعامل مع ذلك الدستور الالهي العظيم بينت هذه الاسس تارة من خلال نفس اياته وأخرى من خلال روايات اهل البيت (عليه السلام) حيث هم الركن الثاني لذلك الدستور الالهي والمفسرين الذي لا ينفك كلامهم عن كلام الله تعالى المتمثل بكتابه المجيد فبين لنا من تلك الاسس ما قاله جل اسمه : فقد قال الله تعالى: ﴿ أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا ﴾ سورة محمد/ 24. ان في قوله تعالى اشارة عل لزوم التدبر بالقرآن واخذ من مضانه الحقة لانه هو الدستور الوثيق لبناء الحياة للشخصية الصالحة .
وقد امرنا الله العمل على مقدمات تجعل الدخول للقرآن دخول روح خالية من الزيغ تعمل على الاستشعار بكنه القرآن والأبعاد التي يحلق بها ذلك الكتاب المجيد فقال: ﴿ فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآَنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ﴾ (النحل/ 98).
ومن امره تعالى لنا ان نقرأ القرآن بصيغة الترتيل: لكونها طريقة توجب تحسين الصوت عند قراءة القرآن ليبلغ أثره في النفوس. وذلك قوله تعالى: ﴿ وَرَتِّلِ الْقُرْآَنَ تَرْتِيلًا ﴾ (المزمل/ 4)[1]، والترتيل يعتمد على إيقاع أجمل من التلاوة، ولذلك قال النبيّ (صلى الله عليه وآله): «لكلّ شيء حلية وحلية القرآن الصوت الحسن».
وأما من جهة اهل البيت فالحث على الاعتناء بالقرآن ورد لنا عنهم في الاحاديث منها: عن النبي (صلى الله عليه وآله): «فضل العالم على الشهيد درجة، وفضل الشهيد على العابد درجة، وفضل النبي على العالم درجة، وفضل القرآن على سائر الكلام كفضل الله على خلقه». مجمع البيان: 9 / 380.
وعنه(صلى الله عليه وآله): «إذا أحب أحدكم أن يحدث ربه فليقرأ القرآن» كنز العمال: 2257.
عن الامام علي(عليه السلام): «وينطق بعضُه ببعض، ويشهد بعضه على بعض، ولا يختلف في اللّه، ولا يُخالِفُ صاحبه عن اللّه».
وعنه(عليه السلام): «واعلموا أن هذا القرآن هو الناصح الذي لا يغش والهادي الذي لا يضل والمحدث الذي لا يكذب وما جالس هذا القرآن أحد إلا قام عنه بزيادة أو نقصان زيادة في هدى أو نقصان من عمى واعلموا أنه ليس على أحد بعد القرآن من فاقة ولا لأحد قبل القرآن من غنى فاستشفوه من أدوائكم واستعينوا به على لأوائكم فإن فيه شفاء من أكبر الداء وهو الكفر والنفاق والغي والضلال فاسألوا الله به وتوجهوا إليه بحبه ولا تسألوا به خلقه إنه ما توجه العباد إلى الله تعالى بمثله واعلموا أنه شافع مشفع وقائل مصدق وأنه من شفع له القرآن يوم القيامة شفع فيه ومن محل به القرآن يوم القيامة صدق عليه فإنه ينادي مناد يوم القيامة ألا إن كل حارث مبتلى في حرثه وعاقبة عمله غير حرثة القرآن فكونوا من حرثته وأتباعه واستدلوه على ربكم واستنصحوه على أنفسكم واتهموا عليه آرائكم واستغشوا فيه أهواءكم». نهج البلاغة الخطبة 176.
عن الخشاب رفعه قال: قال أبو عبد الله ع قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : «القرآن هدى من الضلالة وتبيان من العمى، إلى ان قال: وفيه كمال دينكم» الفصول المهمة في أصول الأئمة ص499.
وسائل الشيعة ج ٢٧ - الصفحة ٢٠١: عن الحسن بن علي العسكري ( عليه السلام ) في ( تفسيره ) بعد كلام طويل في فضل القرآن قال : «أتدرون من المتمسك به ، الذي له بتمسكه هذا الشرف العظيم ؟ هو الذي أخذ القرآن وتأويله عنا أهل البيت ، عن وسائطنا السفراء عنا إلى شيعتنا ، لا عن آراء المجادلين وقياس الفاسقين، فأما من قال في القرآن برأيه ، فان اتفق له مصادفة صواب فقد جهل في أخذه عن غير أهله ، وكان كمن سلك طريقا مسبعا من غير حفاظ يحفظونه ، فان اتفقت له السلامة ، فهو لا يعدم من العقلاء الذم والتوبيخ, وإن اتفق له افتراس السبع ، فقد جمع إلى هلاكه سقوطه عند الخيرين الفاضلين ، وعند العوام الجاهلين ، وإن أخطأ القائل في القرآن برأيه فقد تبوأ مقعده من النار ، وكان مثله مثل من ركب بحرا هائجا بلا ملاح ، ولا سفينة صحيحة ، لا يسمع بهلاكه أحد إلا قال : هو أهل لما لحقه ، ومستحق لما أصابه ».
اترك تعليق