أم المؤمنين (خديجة) شخصية أحزنت بفراقها النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)

(خديجة بنت خويلد ) هي المراة التي أجهش بفراقها النبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) بالبكاء في أيام كانت عصيبة عليه حيث سبقها عمه أبو طالب (صلوات الله عليه) بثلاث أيام و كان عمره نيفاً وثمانين عاماً وكانت له وقفات عظيمة في الدفاع عن النبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) مما أدى إلى أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) سمى هذا العام بعام الحزن ؛ لحزنه الشديد على فراق أعز ما يحب وكان ذلك في التاسع و العشرين من شهر رجب و في قول آخر في أوائل أيام شهر رمضان المبارك في السنة العاشرة من البعثة(1).

كانت خديجة (صلوات الله عليها) من أشرف و أتقى و أثرى نساء قريش و مكة و كان شرفها و تقواها مما يقع عليه كثير من أنظار وجهاء و سادات أهل مكة و كانت (صلوات الله عليها) أول النساء التي آمنت وصدقت برسالته (صلى الله عليه و آله وسلم)حيث كان النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)  بدأ بأهله الأقربين تبليغاً فأول من آمن و صدق به هو ابن عمه الإمام علي بن أبي طالب(عليه السلام) و من ثم خديجة أم البضعة الطاهرة فاطمة الزهراء(عليها السلام).

لخديجة (صلوات الله عليها) موقف لا ينسى في دعم الرسالة الإلهية من حيث وقوفها بجنب النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) و دفاعها عن الإسلام بكل وسيلة مكنها الله بها بنقلها الأحاديث النبوية و بذل كل أموالها في سبيل رفع راية الإسلام و كانت تواسي النبي محمداً (صلى الله عليه و آله وسلم) عندما لم يكن من يعينه على أذى الناس ، و كان هذا الموقف في الوقت الذي كان النبي(صلى الله عليه و آله وسلم) في ضيق و حرج و مع ذلك تحملت تلك الصعاب و الأعباء بقلب صبور و لم تظهر عليها علامات الملل.

تركت خديجة(صلوات الله عليها) ألماً في قلب النبي(صلى الله عليه و آله وسلم) حيث كان يبكي كلما مر ذكرها أمامه و من الجدير بالذكر أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يتزوج في حياة خديجة (صلوات الله عليها) و كان ذلك تكريماً لها.

كيف تعرف النبي محمد(صلى الله عليه وآله وسلم) على سيدة قريش؟ 

كان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يذيع صيته في الخلق الرفيع و الأمانة و الصدق في المجتمع المكي مما أدى إلى وقوع نظر السيدة خديجة عليه في إدارة تجارتها التي من الصعب أن تحضى برجل مثل رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) للائتمان على تجارتها فوجهت السيدة خديجة دعوتها للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قائلة فيها : «إني دعاني إلى البعثة إليك ما بلغني من صدق حديثك وعظم أمانتك وكرم أخلاقك ، وأنا أعطيك ضعف ما أُعطي رجلاً من قومك ، وأبعث معك غلامين يأتمران بأمرك في السَّفر»(2)

فوافق (صلى الله عليه وآله وسلم) على ما جاءت به و خرج لإدارة تجارتها و عاد في الأرباح غير المتوقعة ، فرأت السيدة خديجة ما أتاها النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) من أرباح و من صيانة الأمانة و رفعة الخلق مما أدى إلى تقديم طلبها للزواج بالنبي محمد(صلى الله عليه و آله وسلم) و كانت (صلوات الله عليها) لم تتزوج قبله قط فسمع النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) بطلبها فأبدى قبوله في الاقتران بها ، وأنجبت السيدة خديجة أم المؤمنين للنبي محمد(صلى الله عليه وآله وسلم) أعز النساء وأحبهم إلى قلبة ابنته الصديقة فاطمة الزهراء(عليها السلام) التي ولدت و عاشت في بيت النبوة الطاهرة و ثالث أصحاب الكساء و أم سيدي شباب أهل الجنة و ريحانتي رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) الإمام الحسن و الإمام الحسين(عليهما السلام).

الكاتب / قيس العامري

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1):الصحيح من السيرة ج3 ص164

(2):معرفة سيرة نبي الإسلام ج1 ص8