العنايات الإلهية بالإمام الحسين عليه السلام

مدخل

تتمحور هذه الدراسة حول ذكر بعض العنايات الإلهية بالإمام الحسين علیه السلام، والتي أضاءتها النصوص القرآنية والروائية بأروع بيان، وبروح برهانيّة وعناصر استدلالية؛ لتُبيِّن لنا أنّ الإمام الحسين علیه السلام من الذرِّية الطاهرة، ذرِّية الأنبياء والأوصياء، وإمام معصوم قد خصّه الله تعالى بالتشريف والتعظيم.

وسيتّضح من خلال ما سنبيِّنه في هذه الدراسة حقيقة وماهية هذه العنايات الإلهية، والاستدلال عليها بما ورد في النصوص القرآنية والروائية التي تبلغ حدّ الاستفاضة أو التواتر ـ ما يغنينا عن البحث السندي ـ مع الاستئناس بأقوال علماء الفريقين، وسنحاول ذكر بعض الشبهات والإشكاليات ونجيب عنها.

وعليه؛ ستكون منهجة البحث وتقسيمه بالنحو التالي:

تقسيم البحث

سيتم البحث في هذهِ الدراسة ـ إن شاء الله ـ عن ثلاث عنايات قد خصّ الله بها الإمام الحسين علیه السلام، سيد شباب أهل الجنة، وريحانة جدّه علیها السلام، وهي:

الأُولى: إنّ الحسين علیه السلام امتداد لذرّية الأنبياء عليهم السلام.

الثانية: طهارة أصلاب آباء الإمام الحسين علیه السلام وأرحام أُمهاته.

الثالثة: خلق الإمام الحسين علیه السلام من طينة طاهرة.

العناية الأُولى: الإمام الحسين علیه السلام امتداد لذرّية الأنبياء الطاهرة

إنّ كون الشخصية ـ أياً كانت ـ من ذرِّية الأنبياء والمرسلين هو من العنايات الربّانية التي تعكس المقام الشامخ لتلك الشخصية، والتي لا تتيسر لكلّ أحد، والاستدلال على أنّ الإمام الحسين علیه السلام امتداد للذرّية الطاهرة للأنبياء، يتوقّف على بيان عدّة مقدّمات تساهم في بناء إطار واضح للموضوع، وهي:

المقدمة الأُولى: إنّ الأنبياء من ذرّية واحدة.

المقدمة الثانية: إنّ النبي علیها السلام من ذرّية الأنبياء عليهم السلام.

المقدمة الثالثة: إنّ الإمام الحسين من ذرية النبي علیها السلام.

والنتيجة: إنّ الإمام الحسين علیه السلام من ذرّية الأنبياء عليهم السلام.

المقدّمة الأولى: الأنبياء عليهم السلام من ذرّية واحدة

من الحقائق التي أضاءها القرآن الكريم في نصوص وافرة هي كون الأنبياء من ذرّية واحدة، حيث استوفت النصوص المباركة جميع جوانب المسألة، وهي تغني عن إقامة أيّ دليل آخر، ومن هذه النصوص القرآنية:

1ـ قوله تعالى: ﴿وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ  كُلًّا هَدَيْنَا  وَنُوحًا هَدَيْنَا مِن قَبْلُ  وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَىٰ وَهَارُونَ  وَكَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَىٰ وَعِيسَىٰ وَإِلْيَاسَ  كُلٌّ مِّنَ الصَّالِحِينَ * وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا  وَكُلًّا فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ * وَمِنْ آبَائِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَإِخْوَانِهِمْ  وَاجْتَبَيْنَاهُمْ وَهَدَيْنَاهُمْ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ * ذَٰلِكَ هُدَى اللَّـهِ يَهْدِي بِهِ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُم مَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ * أُولَـٰئِكَ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ...َ﴾[1].

2ـ قوله تعالى: ﴿ هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ  قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ * فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّـهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَىٰ مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِّنَ اللَّـهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِّنَ الصَّالِحِينَ﴾[2].

3ـ قوله تعالى: ﴿ وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا  وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ ﴾[3].

4ـ قوله تعالى: ﴿ أُولَـٰئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّـهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ مِن ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِن ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا﴾[4].

ومن خلال هذه الآيات المباركات نفهم بوضوح أنّ الأنبياء من ذرّية واحدة، وأنّ مواريث النبوّة لا تخرج عن هذه الذرّية الطيِّبة، وأنّ هذا من الحقائق والسُّنن القرآنية التي لا غبار عليها؛ وممّا يؤيد ذلك أيضاً أقوال العلماء في هذا المجال، يقول الشيخ الطبرسي في تفسير قوله تعالى: ﴿ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ وَاللَّـهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾: «آل إبراهيم: إسماعيل وإسحاق وأولادهما. و(آل عمران): موسى وهارون ابنا عمران بن يصهر. (بعضها من بعض) يعني: أنّ الآلين ذرّية واحدة متسلسلة بعضها متشعِّب من بعض»[5]. ويقول الطباطبائي في تفسير قوله تعالى: ﴿ ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ ﴾: «الذرّية  في الأصل صغار الأولاد على ما ذكروا، ثمّ استُعملت في مطلق الأولاد، وهو المعنى المراد في الآية... وفي قوله: ﴿ ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ ﴾ دلالة على أنّ كلّ بعض فرض منها يبتدئ وينتهي من البعض الآخر وإليه، ولازمه كون المجموع متشابه الأجزاء، لا يفترق البعض من البعض في أوصافه وحالاته، وإذا كان الكلام في اصطفائهم أفاد ذلك أنّهم ذرّية لا يفترقون في صفات الفضيلة التي اصطفاهم الله لأجلها على العالمين»[6]. ويقول الزمخشري أيضاً في بيان قوله تعالى: ﴿ ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ ﴾: «يعني: أنّ الآلين ذرّية واحدة متسلسلة بعضها متشعِّب من بعض»[7]. فتبيَّن أنّ الأنبياء من ذرّية واحدة.

المقدّمة الثانية: النبي الأكرم صلى الله عليه وآله من ذرّية الأنبياء

من الحقائق المُسَلَّمة بين المسلمين ـ والتي تُبرَز إلى جوار ما تقدّم من كون الأنبياء من ذرّية واحدة ـ هي الحقيقة التي تشير إلى كون نبينا الأكرم محمّد صلى الله عليه وآله من ذرّية الأنبياء، فلم يشكك أحد في كونه من ذرّية إبراهيم علیه السلام والذرّية الطاهرة للأنبياء عليهم السلام. ورغم أنّ هذا الأمر واضح ومتّفق عليه، إلّا أنّنا نعزّز البحث بذكر بعض الشواهد وأقوال العلماء:

1ـ روى المحدِّث القمّي ـ في تفسير قوله تعالى: ﴿ رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ  إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ ـ قول رسول الله علیها السلام: «أنا دعوة أبي إبراهيم»[8].

2ـ وفي تفسير العياشي، عن أبي عمرو الزبيري عن أبي عبد الله علیه السلام، قال: «قلت له: أخبرني عن أُمّة محمد صلى الله عليه وآله مَن هم؟ قال: أمُّة محمد بنو هاشم خاصّة، قلت: فما الحجّة في أمُّة محمد أنّهم أهل بيته الذين ذُكرت دون غيرهم؟ قال: قول الله: ﴿ وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ * رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا  إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ﴾ فلمّا أجاب الله إبراهيم وإسماعيل، وجعل من ذريتهما أُمّةً مسلمة، وبعث فيها رسولاً منها، يعنى: من تلك الأُمّة، يتلو عليهم آياته ويزكِّيهم ويعلِّمهم الكتاب والحكمة، ردف إبراهيم دعوته الأُولى بدعوة أُخرى فسأل لهم تطهيراً من الشرك، ومن عبادة الأصنام؛ ليصحّ أمره فيهم، ولا يتّبعوا غيرهم، فقال: ﴿ وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الْأَصْنَامَ * رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ  فَمَن تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي  وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ  ﴾. فهذه دلالة على أنّه لا تكون الأئمّة والأُمّة المسلمة التي بعث فيها محمد علیها السلام إلّا من ذرّية إبراهيم لقوله: واجنبني وبنيّ أن نعبد الأصنام»[9].

3ـ وأخرج ابن المغازلي في المناقب، عن عبد الله بن مسعود، قال: «قال رسول الله علیها السلام: أنا دَعْوَةُ أبي إبراهيم. قلنا: يا رسول الله، وكيف صِرْتَ دعوة أبيك إبراهيم؟ قال: أوحى الله} إلى إبراهيم: ﴿ نِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا﴾ فاستَخَفَّ إبراهيم الفَرَحُ، قال: يا رَبِّ، ومِنْ ذُرِّيَّتِي أئمّة مِثْلي، فأوحى الله إليه أن يا إبراهيم إنّي لا أُعطيك عهداً لا أفي لك به. قال: يا ربّ، ما العهد الذي لا تفي لي به. قال: لا أعطيك لظالم من ذُرِّيَّتك. قال إبراهيم عندها: ﴿ وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الْأَصْنَامَ * رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ ﴾، قال النبيّ صلى الله عليه وآله: فَانْتَهَتِ الدَّعوةُ إلَيَّ وإلى عَلِيّ لم يَسْجُدْ أحدٌ منّا لِصَنَم قطُّ، فاتَّخَذني الله نَبيّاً واتَّخذ عَليّاً وَصِيّاً»[10].

4ـ وقال الطبري في تفسيره، عن قتادة في قوله تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّـهَ اصْطَفَىٰ آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ  ﴾: «ذكر اللهُ أهلَ بيتين صالحين ورجلين صالحين، ففضَّلهم على العالمين، فكان محمد من آل إبراهيم»[11].

5ـ وقال الطباطبائي في بيان قوله تعالى:﴿ إِنَّ اللَّـهَ اصْطَفَىٰ آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ ﴾: «آل إبراهيم: فظاهر لفظه أنّهم الطيِّبون من ذرّيته، كإسحاق وإسرائيل، والأنبياء من بني إسرائيل وإسماعيل والطاهرون من ذرّيته وسيدهم محمد صلى الله عليه وآله»[12].

المقدمة الثالثة: الإمام الحسين علیه السلام من ذرية النبي الأكرم صلى الله عليه وآله

إنّ كون الإمام الحسين من ذرّية النبي صلى الله عليه وآله من الحقائق المسلَّمة بين جميع المسلمين، حيث توفَّرت نصوص قرآنية دالّة على ذلك، كآية التطهير والمباهلة والمودّة وغيرها، مضافاً إلى ما احتشدت به الكتب والمجامع الروائية من الشواهد الدالّة على ذلك، مما لا يسع المقام لاستقصائه.

إشكال وجوابه:

قد يُطرح إشكال مفاده: إنّ كون الشخص من أولاد البنت، لا يصيّره من أبناء آبائها، باعتبار أنّ قانون الذراري والأجداد يؤخذ من جدّ الأب لا الأُمّ، فكيف يكون الإمام الحسين من ذرّية النبي صلى الله عليه وآله مع أنّه  علیه السلام من أبناء فاطمة عليها السلام بنت النبي صلى الله عليه وآله، وأبناء البنت ليسوا من الذراري والأبناء لآباء الأُم بالاصطلاح المعروف؟!

والجواب: إنّ القرآن الكريم قد جعل ابن البنت من ذرّية آباء البنت، كما في قوله تعالى: ﴿ وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ  كُلًّا هَدَيْنَا  وَنُوحًا هَدَيْنَا مِن قَبْلُ  وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَىٰ وَهَارُونَ  وَكَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ  * وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَىٰ وَعِيسَىٰ وَإِلْيَاسَ  كُلٌّ مِّنَ الصَّالِحِينَ  ﴾[13].

قال الشيخ الطوسي: «إذا وقف على أولاده، وأولاد أولاده، دخل أولاد البنات فيه، ويشتركون فيه مع أولاد البنين، الذكر والأنثى فيه سواء كلّهم. وبه قال الشافعي، دليلنا [أي دليل الإمامية]: إجماع المسلمين على أنّ عيسى بن مريم من وُلد آدم، وهو ولد بنته؛ لأنّه ولِد من غير أب»[14].

وقال القرطبي: «أي: ذرّية إبراهيم... وقال ابن عباس: هؤلاء الأنبياء جميعاً مضافون إلى ذرّية إبراهيم وإن كان فيهم مَن لم تلحقه ولادة من جهته من جهة أب ولا أمُّ؛ لأنّ لوطاً ابن أخي إبراهيم، والعرب تجعل العم أباً، كما أخبر الله عن ولد يعقوب أنّهم قالوا: ﴿ نَعْبُدُ إِلَـٰهَكَ وَإِلَـٰهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ﴾[15]. وإسماعيل عمّ يعقوب، وعدّ عيسى من ذرّية إبراهيم وإنّما هو ابن البنت، فأولاد فاطمة رضي الله عنها ذرّية النبي صلى الله عليه وآله»[16].

الحكمة في جعل الأوصياء والأنبياء عليهم السلام من ذرّية واحدة

بعد أن ثبت كون الإمام الحسين علیه السلام من ذرِّية الأنبياء، يأتي هذا السؤال: ما هي الحكمة في جعل الأوصياء والأنبياء من ذرية واحدة؟ وهل يُعدّ ارتباط الإمام الحسين علیه السلام بالنبي محمد صلى الله عليه وآله ـ باعتباره من ذرّيته ـ من جملة العنايات الإلهية لنفس الإمام علیه السلام، أم لا؟ ولماذا؟

وسنجيب عن هذا التساؤل بالوجهين التاليين:

الأول: لعل الحكمة في جعل الأنبياء من ذرّية واحدة هو: أنّ الذرّية عادة ما يكون لها من الاستعداد للإعداد الربّاني ولتحمّل مسؤولية الرسالة والولاية أكثر ممّا تكون خارج دائرة الذرّية؛ ومن هنا نجد أنّ إعداد الوصي  للرسالة من ذرّية الرسول أو النبي يكون له الدور الكبير والأثر البالغ في تحقيق أهداف الرسالة؛ وذلك لأنّ القرابة تُعَدّ عادة الإطار السليم للتربية والإعداد للقيام بالدور الربّاني، فالقرابة ليس لها أيّ أثر عند الباري تعالى، إلّا إذا كانت تصبُّ في تحقيق أهداف الرسالة من خلال الإعداد السليم للتربية وتحمّل المسؤولية.

لاسيما إذا لا حظنا أنّ الرسول الحامل للرسالة عادة ما يكون عمره أقصر من عمر الرسالة ومهمّاتها؛ وهذا ما نلمسه واضحاً في كثير من الرسالات السماوية، وبالذات الرسالة الإسلامية، حيث كان عمر النبي صلى الله عليه وآله ‌قصيراً نوعاً ما، وذلك لأنّه توفّي بعد مضي ثلاث وعشرين سنة من البعثة الشريفة، بالرغم من الجهود الكبيرة التي بذلها، ‌والإنجازات الواسعة التي حقَّقها في غضون هذه المدّة القصيرة، لكن بقيت أعباء الرسالة قائمة في جميع المجالات، سواء في مجال فهم وتوضيح الرسالة، أو مجال تطبيقها وتثبيتها، أو غير ذلك من المجالات التي تحتاج مَن يتحمّل أعباءها.

الثاني: إنّ القرابة والذرّية الواحدة وإن لم يكن لها أيّة مدخلية في الحساب يوم القيامة، كما في قوله تعالى: ﴿فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ﴾[17]، ولكنّه يُعدّ من العوامل المؤثِّرة في حركة المجتمع وتكامله وبناء علاقاته الإنسانية؛ وذلك لأنّ الناس يتفاعلون ويتأثرون بهذا العامل الاجتماعي، كما نلمسه واضحاً في تاريخ الأُمم والمجتمعات الإنسانية السابقة واللاحقة، فيتفاضلون ويفتخرون ويتأثرون به؛ لذلك نجد أنّ من شرائط النبي أو الإمام هو أن لا يكون فيه جنحة مخلّة بوضعه الاجتماعي، وأن لا يكون من عائلة وضيعة وغير شريفة، وغير ذلك من الشرائط التي يتناولها علماء الكلام في بحث مواصفات الأنبياء والأئمّة.

ومن الواضح أنّ هذه الأبعاد نجدها متوفِّرة في أهل البيت عليهم السلام، ومن العوامل التي تساهم في توفّر هذه الأبعاد في الأنبياء وأهل البيت عليهم السلام هو كونهم من ذرّية واحدة؛ إذ لو لم يكونوا من نسب واحد وبيت واحد، وكانوا متفرِّقين ومن قبائل شتّى، لم يكن للرسالة أن تحقِّق غرضها بقدر ما لو كانوا من ذرّية واحدة وبيت واحد.

وبهذا يتّضح أنّ الحكمة من جعل الإمام الحسين علیه السلام من ذرّية الأنبياء عليهم السلام هو أنّ الذرّية الواحدة المتسلسلة، تُعدّ من أهم آليات الإعداد الإلهي للأنبياء والأوصياء. وهذا الأمر نجده واضحاً في تاريخ الرسالات والأنبياء، فقد قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا وَإِبْرَاهِيمَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ...﴾[18]. وقال تعالى: ﴿وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَىٰ قَوْمِهِ  نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَّن نَّشَاءُ  إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ  كُلًّا هَدَيْنَا  وَنُوحًا هَدَيْنَا مِن قَبْلُ  وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَىٰ وَهَارُونَ  وَكَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَىٰ وَعِيسَىٰ وَإِلْيَاسَ  كُلٌّ مِّنَ الصَّالِحِينَ * وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا  وَكُلًّا فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ  * وَمِنْ آبَائِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَإِخْوَانِهِمْ  وَاجْتَبَيْنَاهُمْ وَهَدَيْنَاهُمْ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ﴾[19].

العناية الثانية: طهارة أصلاب آباء الإمام الحسين علیه السلام وأرحام أُمهاته

إنّ إثبات طهارة أصلاب آباء الإمام الحسين علیه السلام وأرحام أُمهاته يتطلّب منّا إثبات طهارة أصلاب آباء النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وأرحام أُمهاته؛ باعتبار أنّه ثبت في العناية الأُولى أنّ الإمام الحسين علیه السلام من ذرّية النبي صلى الله عليه وآله، وحينها سيثبت كونه علیه السلام من أصلاب وأرحام طاهرة.

نعم، يبقى إثبات طهارة أبوي الإمام الحسين علیه السلام المباشرَين، وهما: الإمام أمير المؤمنين علیه السلام وفاطمة الزهراء عليها السلام، وطهارتهما أوضح من أن تُذكَر أو يُستدَلّ عليها، كما نصّت على ذلك آية التطهير. وكذا الحال بالنسبة إلى جدّه أبي طالب فطهارته من الشرك والسفاح من ضروريات المذهب الإمامي الاثني عشري.

ولنتكلّم حول طهارة أصلاب وأرحام آباء وأُمهات النبي محمد صلى الله عليه وآله، فنقول: من الواضح أنّ المقصود من الطهارة ما يشمل جهتين:

 1ـ الطهارة من الشرك.

2ـ الطهارة من السفاح.

وسنبحث في هاتين الجهتين بشيء من التفصيل:

الجهة الأُولى: الطهارة من الشرك

هناك مجموعة من النصوص القرآنية والروائية التي تدلّ على طهارة آباء وأُمّهات نبيّنا الأكرم محمد صلى الله عليه وآله من الشرك، من لدن آدم وحوّاء عليهما السلام، إلى أبيه عبد الله وأُمه آمنة عليهما السلام:

أمّا من القرآن الكريم: فقوله تعالى: ﴿ الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ * وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ﴾[20]، وهي واضحة الدلالة على أنّ النبي صلى الله عليه وآله كان يتقلّب في أصلاب الموحِّدين، وهذا هو الموافق للروايات المعتبرة وآراء العلماء في تفسير هذه الآية المبارك.

فقد روى القمّي في تفسيره عن الباقر علیه السلام في قوله تعالى: ﴿ وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ ﴾، قال: «في أصلاب النبيّين»[21]. وفي نصٍّ آخر يرويه المجلسي، عن أبي الجارود، قال: سألتُ أبا جعفر علیه السلام عن قوله: ﴿ وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ ﴾، قال: «تقلّبه في أصلاب الموحِّدين من نبيّ إلى نبيّ، حتى أخرجه من صُلب أبيه من نكاح غير سفاح من لدن آدم علیه السلام»[22]. وأخرج الطبراني بسنده عن ابن عباس، في قوله تعالى: ﴿ وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ ﴾، قال رسول الله صلى الله عليه وآله: «من صلب نبيّ إلى نبيّ حتى أُخرجتُ نبيّاً»[23].

وقال المفيد في ذيل هذه الآية المباركة: «يريد به: تنقّله في أصلاب الموحِّدين، وقال نبيّنا صلى الله عليه وآله: ما زلت أتنقّل من أصلاب الطاهرين إلى أرحام المطهَّرات، حتى أخرجني الله تعالى في عالمكم هذا. فدلّ على أنّ آباءه كلّهم كانوا مؤمنين؛ إذ لو كان فيهم كافرٌ لما استحقَّ الوصف بالطهارة؛ لقول الله تعالى: ﴿ إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ...﴾ [24]، فحكم على الكفّار بالنجاسة، فلمّا قضى رسول الله صلى الله عليه وآله بطهارة آبائه كلّهم ووصفهم بذلك، دلّ على أنّهم كانوا مؤمنين»[25].

وقال المارودي في تفسير هذه الآية: «أي: تقلّبك في أصلاب طاهرة من أبٍ بعد أبٍ إلى أن جعلتك نبيّاً، وقد كان نور النبوّة في آبائه ظاهراً»[26].

دفع توّهم

هناك توهُّم مفاده: إنّه لا يلزم ممّا ذُكِر أن يكون جميع آبائه النسبيِّين موحِّدين؛ وذلك لأنّ قوله تعالى: ﴿ وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ ﴾ يصدق حتى لو كان بعض آباء النبي صلى الله عليه وآله موحِّدين.

الجواب: إنّ هذا الإشكال غير تامّ من جهتين:

الأُولى: إنّ الآية المباركة وهي قوله تعالى: ﴿ وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ ﴾ كانت في مقام الامتنان والمدح للنبي صلى الله عليه وآله، ومن الواضح أنّ مقام الامتنان والمدح له صلى الله عليه وآله يقتضي شمول جميع  آبائه في العمود النّسَبي؛ وذلك لأنّ الآية لو كانت بصدد بيان أنّ بعض آبائه موحِّدون دون غيرهم، فلا يكون ذلك مدحاً وامتناناً للنبي صلى الله عليه وآله؛ لأنّه ممّا يشترك فيه جميع الناس؛ وحينئذٍ لا يكون ذلك من مزاياه.

وعلى هذا؛ لا بدّ أن تُحمَل دلالة الآية على جميع آبائه بلا استثناء، مضافاً إلى ما ذكرنا من الروايات والنصوص التي تؤكّد على طهارة أجداد وآباء النبي صلى الله عليه وآله جميعاً.

الثانية: قوله تعالى: ﴿ وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ * رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ...[27]، وهي واضحة الدلالة على استمرار الذرّية المسلمة وعدم انقطاعها.

وعلى هذا؛ فالقول بأنّ بعض آباء النبيّ غير موحِّدين؛ باطل؛ لأنّ إبراهيم علیه السلام قد طلب أن تكون من ذرّيته أُمّة مسلمة مستمرة، ومن الواضح أنّه قد استُجيبت هذه الدعوة، وكان من أبرز مصاديق ذرّية إبراهيم المسلمة المستمرّة هو النبيّ محمد صلى الله عليه وآله. وتختص هذه الجهة بالسلسلة النسبية بين إبراهيم ونبيّنا الأكرم.

وأما النصوص الروائية: فهناك عدد وافر من الروايات التي تتحدّث عن طهارة آباء النبي من الشرك، بَيْد أنّ الشيء الذي ينبغي التذكير به هو أنّ هذه الروايات متواترة ومتضافرة عند الشيعة الإمامية، وكذلك عند  غيرهم الكثير من الروايات التي تنزِّه آباء النبي صلى الله عليه وآله من الكفر والشرك.

ورد في البحار ما نصّه: «إنّ آباء النبيّ صلى الله عليه وآله كانوا من الصدّيقين، إمّا أنبياء أو أوصياء معصومين»[28]. وقد نقل إجماعَ الإمامية على ذلك كلٌّ من الشيخ المفيد[29]، والطبرسي في مجمع البيان[30].

وروي عن ابن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وآله، أنّه قال: «لم يزل الله ينقلني من صُلب نبيّ إلى صُلب نبيّ حتى صرت نبيّاً»[31]. ويدلّ على ذلك أيضاً ما سيأتي من الروايات المصرِّحة بطهارة آباء النبي صلى الله عليه وآله من السفاح، وهي شاملة بإطلاقها للطهارة من دنس الشرك. وقد صرّح بذلك كلٌّ من المسعودي[32]واليعقوبي[33] والماوردي في أعلام النبوَّة[34]، وغيرهم.

الجهة الثانية: طهارة آباء النبي علیها السلام من السفاح

لا يخفى أنّ طهارة آباء النبي من السفاح يُعدّ عند الشيعة الإمامية من البدهيات التي تعلو على البرهنة والاستدلال؛ حيث دلّت على ذلك الروايات المتضافرة، من قبيل ما رواه الشيخ الصدوق، عن النبيّ صلى الله عليه وآله أنّه قال: «خرجت من نكاح، ولم أخرج من سفاح، من لدن آدم علیه السلام»[35]. وما في كنز الفوائد عن رسول الله صلى الله عليه وآله، أنّه قال: «نُقلتُ من الأصلاب الطاهرة إلى الأرحام المطهَّرة نكاحاً لا سفاحاً»[36].

وأمّا الروايات الواردة من طرق أهل السنّة فهي كثيرة أيضاً، منها:

1ـ ما رواه الطبراني عن النبي صلى الله عليه وآله، أنّه قال: «خرجت من نكاح، ولم أخرج من سفاح، من لدن آدم إلى أن ولدني أبي وأُمّي»[37].

2ـ ما ورد في السيرة الحلبية، عن رسول الله علیها السلام، أنّه قال: «لم يزل الله ينقلني من الأصلاب الحسنة إلى الأرحام المطهَّرة»[38]. وفيها أيضاً، قوله علیها السلام: «لم يزل الله ينقلني من أصلاب الطاهرين إلى أرحام المطهرات حتى أخرجني في عالمكم هذا، ولم يُدنِّسني بدنس الجاهلية»[39].

3ـ ما رواه ابن سعد في طبقاته، عن النبيّ الأكرم صلى الله عليه وآله أنّه قال: «قسَّم الله الأرض نصفين، فجعلني في خيرها، ثمّ قسّم النصف على ثلاثة، فكنتُ في خير ثلث منها، ثمَّ اختار العرب من الناس، ثمَّ اختار قريشاً من العرب، ثمَّ اختار بني هاشم من قريش، ثمَّ اختار بني عبد المطلب من بني هاشم، ثمَّ اختارني من بني عبد المطلب»[40].

 4ـ ما أخرجه أحمد والترمذي ـ واللفظ للثاني ـ عن رسول الله صلى الله عليه وآله، أنّه قال: «أنا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب، إنّ الله خلق الخلق، فجعلني في خيرهم فرقة، ثمَّ جعلهم فرقتين، فجعلني في خيرهم فرقة، ثمَّ جعلهم قبائل، فجعلني في خيرهم قبيلة، ثمَّ جعلهم بيوتاً، فجعلني في خيرهم بيتاً وخيرهم نسباً. قال أبو عيسى: هذا حديث حسن»[41].

5ـ ما أخرجه ابن عساكر، عن ابن عباس، قال: «سألت رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم)، قلت: فداك أبي وأُمّي! أين كنتَ وآدم في الجنّة؟ قال: فتبسّم حتى بدت ثناياه، ثمَّ قال: كنتُ في صُلبه ورُكب بي السفينة في صُلب أبي نوح، وقُذف بي في صُلب إبراهيم، لم يلتقِ أبواي قطّ على سفاح، لم يزل الله تعالى ينقلني من الأصلاب الحسنة إلى الأرحام الطاهرة، صفيّ مهديّ، لا يتشعّب شعبتان إلّا كنتُ في خيرهما، قد أخذ الله تعالى بالنبوّة ميثاقي وبالإسلام عهدي، وبشّر في التوراة والإنجيل ذكري، وبيَّن كل نبيّ صفتي، تشرق الأرض بنوري والغمام لوجهي»[42].

وممّا بينّاه اتضح أنّ نسَب النبي صلى الله عليه وآله طاهر مطهَّر من الشرك ودنس السفاح.

إشكالية أنّ أبا إبراهيم علیه السلام لم يكن موحِّداً

حاصل هذه الإشكالية: أنّ بعض الوسائط في العمود النّسَبي لرسول الله صلى الله عليه وآله لم تكن وسائط مؤمنة كما ذكر ذلك القرآن الكريم في قصّة أبي النبي إبراهيم علیه السلام، الذي يظهر من بعض الآيات الشريفة كونه مشركاً، كما في قوله تعالى: ﴿ وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَن مَّوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِّلَّـهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ ...﴾([43])، وهذه الآيات وما يقع في سياقها تدلّ بوضوح على أنّ أبا النبي إبراهيم علیه السلام كان مشركاً، فينتقض الاستدلال المتقدّم.

الجواب: المراد في الآية هو عمّ إبراهيم، فإنّ إجماع الإمامية قائم على أنّ الذي استغفر له إبراهيم في الآية آنفة الذكر هو (آزر) وهو عمّ إبراهيم علیه السلام؛ وعلى هذا لا يصحّ النقض به؛ لأنّ محل الكلام في  العمود النسبي لرسول الله صلى الله عليه وآله.

فقد روي عن أبي عبد الله علیه السلام، أنّه قال: «كان آزر عمّ إبراهيم علیه السلام منجِّماً لنمرود، وكان لا يصدر إلّا عن رأيه...»[44].

وهذا النصّ يؤكّده قوله تعالى: ﴿ مْ كُنتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَـٰهَكَ وَإِلَـٰهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَـٰهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ﴾[45]، حيث جعلت الآية المباركة إسماعيل أباً ليعقوب، والحال أنّه عمّه، كما هو واضح. وقد كان هذا متعارفاً عند العرب، حيث يطلقون لفظ الأب على العمّ، فيسمّون العمّ أباً، وكذا ابن الأخ ابناً.

والنتيجة المتحصِّلة في المقام: ثبوت طهارة أرحام وأصلاب آباء الإمام الحسين علیه السلام، لما ثبت آنفاً من أنّ الحسين ابن النبيّ صلى الله عليه وآله، وبينه وبين النبيّ واسطة واحدة وهي فاطمة الزهراء عليها  السلام، وطهارتها من الواضحات كما نصَّ عليه القرآن الكريم، كما في آية التطهير، وغيرها من النصوص القرآنية والروائية، وكذلك يُثبِت طهارةَ أرحام وأصلاب آباء الإمام الحسين علیه السلام ما ورد في زيارته بشكل واسع لا يسع المقام لذكره.

العناية الثالثة: خلق الإمام الحسين علیه السلام من طينة طاهرة

لا يخفى أنّ بحث الطينة هو من الغيب المختصّ بالله تعالى، فلا بدّ أن يكون طريق العلم به من قبله}، أو من طريق أنبيائه وأوليائه، وقد وردت روايات متضافرة تدلّ على أنّ الله تعالى قد خلق أهل البيت عليهم السلام من طينة طاهرة، وهذه الروايات شاملة للإمام الحسين علیه السلام كما هو واضح، وسيأتي إن شاء الله.

وهذه الروايات على وفرتها تُغنينا عن الدخول في غمرة البحث السندي لحصول الاطمئنان بصدور بعضها؛ لذا نستعرض البعض على سبيل المثال:

1ـ روى الصدوق بسنده، عن إسحاق القمّي، قال: «دخلت على أبي جعفر الباقر علیه السلام... فقال: يا إسحاق، ليس تدرون من أين أوتيتم؟ قلت: لا والله، جعلت فداك، إلّا أن تخبرني، فقال: يا إسحاق، إنّ الله تعالى لمّا كان متفرّداً بالوحدانية ابتدأ الأشياء لا من شيء، فأجرى الماء العذب على أرض طيبة طاهرة سبعة أيام بلياليها، ثمّ نضب الماء عنها، فقبض قبضة من صفوة ذلك الطين، وهي طينة أهل البيت، ثمَّ قبض قبضة من أسفل ذلك الطين وهي طينة شيعتنا، ثمَّ اصطفانا لنفسه، فلو أنّ طينة شيعتنا تُرِكَت كما تُرِكَت طينتنا، لما زنى أحد منهم، ولا سرق، ولا لاط، ولا شرب المسكر، ولا اكتسب شيئاً ممّا ذكرت، ولكن الله تعالى أجرى الماء المالح على أرض ملعونة سبعة أيام ولياليها، ثمَّ نضب الماء عنها، ثمَّ قبض قبضة، وهي طينة ملعونة من حمأٍ مسنون، وهي طينة خبال وهي طينة أعدائنا، فلو أنّ الله} ترك طينتهم، كما أخذها لم تروهم في خلق الآدميين، ولم يقرّوا بالشهادتين، ولم يصوموا، ولم يصلّوا، ولم يزكّوا، ولم يحجّوا البيت، ولم تروا أحداً منهم بحسن خلق، ولكن الله تبارك وتعالى جمع الطينتين: طينتكم وطينتهم، فخلطها وعركها عرك الأديم ومزجها بالمائين...»[46].

 2ـ في البحار، عن الإمام الصادق علیه السلام: «إنّ الله خلق محمداً وطينته من جوهرة تحت العرش، وأنّه كان لطينته نضح، فجبل طينة أمير المؤمنين علیه السلام من نضح طينة رسول الله صلى الله عليه وآله، وكان لطينة أمير المؤمنين نضح، فجبل طينتنا من فضل طينة أمير المؤمنين علیه السلام»[47].

3ـ روى القاضي النعمان، عن عمّار بن ياسر، قوله: «سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله، يقول: نوديت ليلة أُسري بي إلى السماء ـ إلى ربي ـ: يا محمد. قلتُ: لبيك وسعديك. قال: إنّي اصطفيتك لنفسي وانتجبتك لرسالتي، وأنت نبيي ورسولي وخير خلقي، ثمَّ الصدّيق الأكبر عليّ وصيك، خلقته من طينتك وجعلته وزيرك، وابناك الحسن والحسين. أنتم من شجرة، أنت ـ يا محمد ـ أصلها، وعليٌّ غصنها، والحسن والحسين ثمارها، خلقتكم من طينة علِّيين، وجعلتُ شيعتكم منكم، فقلوبهم تهوي إليكم. قلتُ: يا ربّ، هو الصدّيق الأكبر؟ قال: نعم، هو الصدّيق الأكبر»[48].

4ـ روى صاحب بصائر الدرجات، عن أبي الحجاج، قال: قال لي أبو جعفر علیه السلام: «يا أبا الحجاج، إنّ الله خلق محمداً وآل محمد من طينة علِّيين، وخلق قلوبهم من طينة فوق ذلك، وخلق شيعتنا من طينةٍ دون علِّيين، وخلق قلوبهم من طينة علِّيين، فقلوب شيعتنا من أبدان آل محمد، وإنّ الله خلق عدو آل محمد من طين سجين، وخلق قلوبهم من طين أخبث من ذلك، وخلق شيعتهم من طين دون طين سجين، وخلق قلوبهم من طين سجين، فقلوبهم من أبدان أولئك، وكلّ قلب يحنّ إلى بدنه»[49].

وغير ذلك من الروايات الوافرة المصرِّحة بأنّ طينة أهل البيت عليهم السلام طاهرة مطهَّرة[50].

إشكال الجبر وسلب الإرادة

حاصل الإشكال: إنّ أخبار الطينة ومسألة خلق الإنسان من طينات مختلفة، وأنّ الطينة إمّا من علِّيين أو من سجِّين، وأنّ لكلّ منها أثراً خاصاً في مصير الإنسان، كلّ هذا يتنافى مع اختيارية الإنسان.

الجواب: إنّ الطينة سواء كانت طاهرة أم لا، ليست علّة تامّة لفعل الإنسان؛ كي يقال: بأنّ الله تعالى إذا خلق عبداً من عباده من طينة طاهرة يلزم أن يكون مجبوراً على الطاعة؛ وذلك لأنّ الطينة الطاهرة جزء العلّة، وبنحو المقتضي؛ وعليه يبقى زمام الاختيار بيد الإنسان.

وللتوضيح أكثر نقول: إنّه لما ثبت في محلّه أنّ الله تعالى عالم بالأشياء قبل خلقها، وأنّه تعالى عادل حكيم، فعلى هذا يقتضي أن يعطي كلّ مستعدٍ لما استعدّ له، فلو فرضنا أنّ الله تعالى علم من شخص أنّه لا يريد إلّا الطاعة، وأنّه مستعدّ لأن يكون في مقام القرب الإلهي، فبمقتضى حكمته تعالى وعدله أن يوفّر له العوامل التي تساعده للوصول إلى هذا المقام، من دون أن يسلبه الاختيار، ونستطيع أن نقتبس ذلك من بعض الآيات والروايات:

منها: قوله: ﴿كُلًّا نُّمِدُّ هَـٰؤُلَاءِ وَهَـٰؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ  وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا﴾[51]، وهي واضحة الدلالة على أنّ الله هو الذي يمنح عطاءه الجزيل على أساس الحكمة الإلهية التي تقتضي أن يكون العطاء على وفق إرادة الإنسان، وأنّ إرادته هي التي تحدِّد ماهية وكمّية العطاء الإلهي.

ويؤكّد الطباطبائي& هذا المعنى في ذيل هذه الآية المباركة، حيث يقول: «وهذه الآية تفيد أنّ شأنه تعالى هو الإمداد بالعطاء، يمدُّ كلَّ مَن يحتاج إلى إمداده في طريق حياته ووجوده، ويعطيه ما يستحقّه، وأنَّ عطاءه غير محظور، ولا ممنوع من قبله تعالى، إلّا أن يمتنع ممتنع بسوء حظّ نفسه، من قِبَل نفسه لا من قِبَله تعالى»[52].

إذن؛ الناس بإرادتهم هم الذين قسّموا أنفسهم إلى هؤلاء وإلى هؤلاء، فالذين أرادوا لأنفسهم أن يكونوا من أهل الخير والصلاح، فإنّ الله تعالى يمدّهم؛ لكي يوفَّقوا إلى الطاعة، والذين أرادوا العناد والعصيان، فالله تعالى يمدّهم على حسب ما أرادوا. وعلى هذا؛ فالإنسان هو الذي يبني آخرته بنفسه، والله تعالى يزوّده بالإمكانيات على حسب استعداد ذلك الإنسان وإرادته.

ومنها: قوله}: ﴿ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَدًا رَّابِيًا. . .﴾[53]. ففي هذه الآية المباركة يضرب الله تعالى مثلاً، فيقول: كما أنّ الأودية الكبيرة والأنهار الصغيرة تأخذ قدرها من المياه بحسب ما استعدّت له، كذلك الأمر فيما يأخذه الإنسان من العطاء الإلهي، فيأخذ كلٌّ بحسب إرادته وعلى قدر ما استعدّ له. فالله تعالى يمدّ الإنسان بالعطاء، لمن أراد العاجلة أو الآخرة، فالإناء هو الذي يلوّن العطاء الإلهي.

وهذا المعنى يمكن أن نلمسه بوضوح، في حديث الإمام الباقر علیه السلام في ذيل الآية المباركة، حيث يقول: «أنزل الحق من السماء، فاحتملته القلوب بأهوائها، ذو اليقين على قدر يقينه، وذو الشكّ على قدر شكّه، فاحتمل الهوى باطلاً كثيراً وجفاءً، فالماء هو الحقّ، والأودية هي القلوب، والسيل هو الهوى، والزبد هو الباطل»[54].

ومنها: قوله}: ﴿ وَلَوْ عَلِمَ اللَّـهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَّأَسْمَعَهُمْ  وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوا وَّهُم مُّعْرِضُونَ﴾[55]، أي: إنّ الله تعالى لم يجعلهم سمّاعين للخير؛ لأنّه تعالى علم منهم الإصرار على الهروب من الحقيقة، وأنّهم لا يريدون الخير والطاعة، ولو علم منهم أنّهم يطيعون لفتح قلوبهم وأسماعهم، ولو أعطاهم البصيرة، وفتح قلوبهم، فإنّهم لا يستفيدون منها.

ومنها: قوله}: ﴿وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَن يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا﴾[56]. حيث بعث الله تعالى عبداً من عباده كي يقتل الغلام؛ لأنّه سيكون سبباً في كفر والديه؛ لطغيانه وسوء معاملته لهما والتضييق عليهما ومحاصرتهما في النشاط الروحي ﴿ فَأَرَدْنَا أَن يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِّنْهُ ...﴾، أي: أشدّ وصلاً للقرابة والرحمة، فلا يرهقهما بشيء، ومحلّ الشاهد في هذه الآية المباركة هو أنّ الله تعالى هيّأ للأبوين أسباب الطاعة لما علم بأنّهما يريدان الطاعة، وأنّهما مستعدّان لها؛ ولذا يكون سبب قتل الابن كونه مانعاً في وصول الأبوين لكمالهما.

ومنها: قوله تعالى: ﴿ وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرَىٰ﴾[57]، فالظاهر من الآية أنّ الله تعالى يرسم لنا قاعدة قرآنية مهمّة مفادها: أنّ مَن علمنا أنّه يريد الطاعة، فنحن نهيِّئ له مقدماتها، ومتى علمنا أنّه يريد الشرك ويريد العصيان والعناد، فالحكمة الإلهية اقتضت ﴿فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَىٰ﴾ أي: نهيئ له تلك المقدمات التي من خلالها يستطيع أن يأتي بفعله على وفق ما أراد؛ فـ«كلٌّ ميسّر لما خلق له»[58]، أي: كلٌّ ميسّر لما أراد واستعدّ له.

وفي الرواية عن أبي بصير، قال: سمعت أبا عبد الله علیه السلام يقول: «إنّ الله} اختار من وُلد آدم أُناساً طهَّر ميلادهم، وطيَّب أبدانهم، وحفظهم في أصلاب الرجال وأرحام النساء، أخرج منهم الأنبياء والرسل، فهم أزكى فروع آدم، فعل ذلك لأمر استحقوه من الله}. ولكن علم الله منهم حين ذرأهم أنّهم يطيعونه ويعبدونه ولا يشركون به شيئاً، فهؤلاء بالطاعة نالوا من الله الكرامة والمنزلة الرفيعة عنده، وهؤلاء الذين لهم الشرف والفضل والحسب، وساير الناس سواء، ألا مَن اتّقى الله أكرمه، ومَن أطاعه أحبّه، ومَن أحبّه لم يعذِّبه بالنار...»[59].

ويُشير إلى هذا المعنى الآلوسي في تفسيره، حيث يقول: «ما ورد في الصحيح: اعملوا فكلّ ميسّر لما خلق له، أمّا مَن كان ـ أي: في علم الله ـ من أهل السعادة المستعدّة لها ذاته، فسيُيسَّر بمقتضى الرحمة لعمل أهل السعادة؛ لأنّ شأنه تعالى الإفاضة على القوابل بحسب القابليات، وأمّا مَن كان في الأزل والعلم القديم من أهل الشقاوة التي ثبتت لماهيته الغير المجعولة أزلاً، فسيُيَسّر بمقتضى القهر لعمل أهل الشقاوة... فيؤول الأمر إلى أنّ سبب نفي إيجاد الهداية انتفاؤها في نفس الأمر، وعدم تقررها في العلم الأزلي، ولو علم الله فيهم خيراً لأسمعهم»[60].

النتيجة: إنّ الله تعالى إذا علم بأنّ عبداً من عباده لا يريد إلّا القرب منه تعالى والطاعة والعبادة والصلاح، فبمقتضى حكمته وعنايته بخلقه أن يوفِّر لهم أسباب الوصول إلى مقام القرب الإلهي والطاعة، ومن جملة  هذه الأسباب هي أن يخلقه من طينة طاهرة طيِّبة.

ومن ذلك يتّضح أنّ الطينة الطاهرة ليست علّة تامّة لكون الإنسان مطيعاً لله تعالى، سائراً في رضاه، كي يقال بأنّ الله تعالى إذا خلق عبداً من عباده من طينة طاهرة يلزم أن يكون ذلك العبد مجبوراً على الطاعة؛ وذلك لأنّ الطينة الطاهرة هي جزء العلّة، فالله تعالى خلق الإنسان ووهب له القوّة والقدرة على الفعل وعلى الترك، وهيَّأ له الأسباب، وجعله حرّاً مختاراً.

ويبدو هذا الأمر واضحاً في عصمة الأنبياء والأوصياء؛ فإنّ المعصوم ـ سواء فُسِّرت العصمة بالدرجة العليا من التقوى، أو أنّها نتيجة العلم القطعي بعواقب الأعمال والمعاصي، أو أنّها نتيجة الاستشعار بعظمة الباري تعالى ـ على جميع التقادير يكون مختاراً في فعله، وغير مسلوب الإرادة.

إشكالية صعوبة تعقّل أحاديث الطينة

الإشكالية تقول: إنّ أحاديث الطينة من الأحاديث الغريبة التي يصعب تعقّلها وإدراكها، فلا يمكن الاستدلال بها أساساً.

الجواب: إنّ أحاديث الطينة مستفيضة عند الفريقين؛ ولذا لا يمكن لأحد التشكيك في صدورها. وأمّا مجرّد الاستبعاد وصعوبة الفهم والتعقّل والإدراك، فإنّه ليس دليلاً على البطلان، وإلّا فإنّ أخبار الجنّة والنار بما لهما من الخصوصيات الغريبة والعجيبة أو أخبار السماء والملائكة، وكذلك أخبار نور النبي صلى الله عليه وآله الذي خُلق قبل ألفي عام كما في الروايات المتواترة من الفريقين، كلّها من الأحاديث التي يصعب إدراكها وفهمها، فهل يصحّ ردّها والحكم ببطلان مضامينها؟!

وبهذا ننتهي إلى أنّ الله تعالى أولى الإمامَ الحسين علیه السلام عنايات متعدّدة، من قبيل: جعله من ذرّية الأنبياء، وجعله وآبائه في أرحام وأصلاب طاهرة، وخلقه من طينة طاهرة.

 

 

 الكاتب: د. الشيخ علي حمود العبادي

مجلة الإصلاح الحسيني - العدد السادس

 مؤسسة وارث الأنبياء للدراسات التخصصية في النهضة الحسينية

_______________________________

[1]     الأنعام: آية 84 ـ 89.

[2]     آل عمران: آية 38 ـ 39.

[3]     العنكبوت: آية 27.

[4]     مريم: آية 58.

[5]     الطبرسي، الفضل بن الحسن، تفسير جوامع الجامع: ج1، ص279.

[6]     اُنظر: الطباطبائي، محمد حسين، تفسير الميزان: ج3، ص167 ـ 169.

[7]     اُنظر: الزمخشري، محمود بن عمر، الكشاف: ج1، ص424.

[8]     اُنظر: القمي، علي بن إبراهيم، تفسير القمي: ج1، ص62.

[9]     اُنظر: العياشي، محمد بن مسعود، تفسير العياشي: ج1، ص60 ـ 61.

[10]    ابن المغازلي الشافعي، علي بن محمد، مناقب علي بن أبي طالب عليه السلام: ص 224.

[11]    اُنظر: الطبري، محمد بن جرير، جامع البيان عن تأويل آي القرآن: ج3، ص317.

[12]    اُنظر: الطباطبائي، محمد حسين، تفسير الميزان: ج3، ص165ـ 166.

[13]    الأنعام: آية84 ـ 85.

[14]    اُنظر: الطوسي، محمد بن الحسن، الخلاف: ج3، ص546ـ 547.

[15]    البقرة: آية 133.

[16]    اُنظر: القرطبي، محمد بن أحمد، الجامع لأحكام القرآن: ج7، ص31.

[17]    المؤمنون: آية101.

[18]    الحديد: آية26.

[19]    الأنعام: آية83 ـ 87.

[20]    الشعراء: آية218ـ 219.

[21]    اُنظر: القمّي، علي بن إبراهيم، تفسير القمّي: ج2، ص125.

[22]    المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار: ج15، ص3، ح2.

[23]    الطبراني، سليمان بن أحمد، المعجم الكبير: ج11، ص287.

[24]    التوبة: آية28.

[25]    المفيد، محمد بن محمد، تصحيح اعتقادات الإمامية: ص139.

[26]    اُنظر: الماوردي، علي بن محمد، أعلام النبوة: ص233.

[27]    البقرة: آية127ـ 128.

[28]    اُنظر: المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار: ج15، ص117.

[29]    اُنظر: المفيد، محمد بن محمد، تصحيح اعتقادات الإمامية: ص139.

[30]    اُنظر: الطبرسي، الفضل بن الحسن، مجمع البيان: ج4، ص90.

[31]    اُنظر: الهيثمي، نور الدين، مجمع الزوائد: ج7، ص86.

[32]    اُنظر: المسعودي، علي بن الحسين، مروج الذهب: ج2، ص 108.

[33]    اُنظر: اليعقوبي، حمد بن أبي يعقوب، تاريخ اليعقوبي: ج2، ص14.

[34]    اُنظر: الماوردي، علي بن محمد، أعلام النبوّة: ص233.

[35]    الصدوق، محمد بن علي، الاعتقادات: ص111.

[36]    اُنظر: الكراجكي، محمد بن علي، كنز الفوائد: ص70.

[37] الطبراني، سليمان بن أحمد، المعجم الأوسط:  ج5، ص80.

[38]    اُنظر: الحلبي، علي بن إبراهيم، السيرة الحلبية: ج1، ص49.

[39]    اُنظر: المصدر السابق.

[40]    ابن سعد، الطبقات الكبرى: ج1، ص20.

[41]    اُنظر: الترمذي، محمد بن عيسى، سنن الترمذي: ج5، ص244. أحمد بن حنبل، فضائل الصحابة: ج2، ص937.

[42]    اُنظر: ابن عساكر، علي بن الحسن، تاريخ دمشق: ج3، ص408.

[43]    التوبة: آية 114.

[44]    المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار: ج12، ص42.

[45]    البقرة: آية 133.

[46]    اُنظر: الصدوق، محمد بن علي، علل الشرائع: ج2، ص490.

[47]    المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار: ج15، ص22.

[48]    المغربي، النعمان بن محمد، شرح الأخبار: ج3، ص468ـ 469.

[49]    الصفار، محمد بن الحسن، بصائر الدرجات: ص38.

[50]    اُنظر: الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي: ج2، ص2، باب طينة المؤمن والكافر.

[51]    الإسراء: آية20.

[52]    الطباطبائي، محمد حسين، تفسير الميزان: ج2، ص130ـ 131.

[53]    الرعد: آية17.

[54]    اُنظر: القمّي، علي بن إبراهيم، تفسير القمي: ج1، ص362 ـ 364.

[55]    الأنفال: آية23.

[56]    الكهف: آية80.

[57]    الأعلى: آية8.

[58]    المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار: ج4، ص282.

[59]    الطبرسي، أحمد بن علي، الاحتجاج: ج2، ص83 ـ84.

[60]    الآلوسي، أبو الفضل محمود، روح المعاني: ج1، ص139.