كيف بُني مرقد الإمام الحسين؟ ... الحلقة الثانية

يواصل الموقع الرسمي للعتبة الحسينية المقدسة نشر سلسلة حلقات "كيف بُني مرقد الإمام الحسين؟" والتي تتحدث عن "عمارات" المرقد الشريف، وفي ما يلي الحلقة الخاصة بالعمارة الثانية:

العمارة الثانية لمرقد الإمام الحسين، عليه السلام أقيمت في عهد المأمون العباسي سنة 198هـ  - 813 م . إذ أقيم بناء شامخ على القبر من الطابوق "الآجر" والجص لحين سنة 236 هـ  - 850 م.

لكن المتوكل قام بهدم المرقد الشريف ثلاث مرات في فترة حكمه وذلك في السنوات 236هـ  - 850م، 237هـ  - 851م،  و 247هـ - 861 م.

وتشير كتب التاريخ انه لأسباب سياسية تقرَّب المأمون العبَّاسي للعلويين، إذ عقد ولاية العهد للإمام علي بن موسى الرضا (عليه السلام) ، فتظاهر بالتقرُّب والميل إلى العلويين باعتبارهم أصحاب حق بالخلافة.

 وتذكر أن المأمون أسند ولاية العهد إلى الإمام الرضا (عليه السلام) واستبدل شعار العبَّاسيين بشعار العلويين وذلك (عام 193هـ)، وأمر ببناء قبر الامام الحسين (عليه السلام) وفسح المجال للعلويين وغيرهم بالتنقل وزيارة قبور الأئمة ، فتنفَّس الشيعة نسيم الحرية وعبير الكرامة وذاقوا طعم الاطمئنان .

ففي عهد المأمون أُعيد البناء على القبر الشريف ، وأقيم عليه بناء شامخ بقي على هذه الحال إلى سنة (232 هـ) ، حيث جاء دور المتوكِّل العبَّاسي الذي دفعه حقده وناصبـيته لأهل البيت (عليهم السلام) إلى تضييق الخناق على الشيعة وشدَّد عليهم الخناق .

وكان قد أمر بتتبُّع الشيعة ومنعهم من زيارة قبر الامام الحسين (عليه السلام) ، ولم يكتف بوضع المسالح ومراقبة الزائرين ومطاردتهم مطارده شديدة دامت طيلة خمس عشرة سنة من حكمه، بل أمر بهدم قبر الحسين (عليه السلام) خلال تلك الفترة أربع مرات ، وكربه وخرّبه وحرثه وأجرى الماء على القبور.

و أورد الطبري في حوادث (سنة 236 هـ) أنَّ المتوكّل أمر بهدم قبر الحسين (عليه السلام) وهدم ما حوله من المنازل والدور، ومنع الناس من إتيانه، فذكر أنَّ عامل الشرطة نادى في الناحية : من وجدناه عند قبره بعد ثلاثة أيِّام بعثناه إلى المطبق (وهو سجن تحت الأرض) . وهرب الناس وأقلعوا من المسير إليه، وحرث ذلك الموضع وزرع ما حواليه.

وفي رواية أوردها الطوسي في الأمالي عن عبد الله بن دانية الطوري، قال: حججتُ سنة 247هـ ، فلمَّا صدرتُ من الحج إلى العراق، زرتُ أمير المؤمنين علي بن أبي طالب على حال خفية من السلطان، ثمَّ توجَّهتُ إلى زيارة الحسين (عليه السلام) ، فإذا هو قد حَرَث أرضه وفجّر فيها الماء ، وأُرسلت الثيران والعوامل في الأرض ، فبعيني وبصري كنتُ أرى الثيران تساق إلى الأرض ، فتساق لهم ، حتى إذا حاذت القبر حادت عنه يميناً وشمالاً ، فتُضرب بالعصي الضرب الشديد ، فلا ينفع ذلك ، ولا تطأ القبر بوجه ، فما أمكنني الزيارة ، فتوجَّهت إلى بغداد وأنا أقول:

تالله إنْ كانت أُميَّة قد أتتْ   قتْلَ ابن بنتِ نبيِّها مظلوما

فلقد أتاه بنو أبيه بمثلِه      هذا لعَمرِك قبرُه مهدوما

أسفوا على أن لا يكونوا شاركوا      في قتله فتتبَّعوه رميما

ولمَّا وصلتُ بغداد ، سمعت الهائعة ، فقلت: ما الخبر ؟ قالوا سقط الطائر بقتل المتوكِّل ، فعجبت لذلك ! وقلت : إلهي ليلة بليلة.

يتبع...

ولاء الصفار

الموقع الرسمي للعتبة الحسينية المقدسة

---------------

المصادر: د. عبد الجواد الكليدار : تاريخ كربلاء وحائر الحسين ، ص : 162. نزهة أهل الحرمين في عمارة المشهدين ، ص : 34.

أبن جرير الطبري : تاريخ الرسل والملوك ، ج9/ ص : 185.