أكد ممثل المرجعية الدينية العليا الشيخ عبد المهدي الكربلائي، بأن حق الشهداء علينا يتجسد من خلال رعاية عوائلهم وتفقد ابنائهم وتخليد ذكراهم في ضمير الامة ووجدناها، لافتا الى أن من ضرورات تخليد البطولات للرجال والشهداء والجرحى هو تقديم قصص بطولاتهم القتالية وسلوكياتهم الانسانية لجيلنا الحاضر لكي لا ينسى ولجيلنا المستقبل لكي يقتدي بهذه البطولات، جاء ذلك خلال حفل انطلاق فعاليات المهرجان الجماهيري لفتوى الدفاع الكفائي الاول، والذي اقامته العتبة الحسينية المقدسة في الصحن الحسيني الشريف.
وقال ممثل المرجعية الدينية العليا، إنه "ورد في خطبة الجمعة الثانية، بتأريخ 6 ربيع الاول 1437 هجري الموافق 18 كانون الاول من عام 2015، ميلادي ما يلي لقد كان ومازال لدماء الشهداء الدور الاساس في الدفاع عن العراق وشعبه ومقدساته وحفظ وحدته وحماية اراضي مواطنيه ودرء شر العصابات الارهابية التي خططت لمسخ هويته الوطنية وتمزيق نسيجه الاجتماعي فللشهداء فضل على الشعب العراقي بجميع اطيافه وطبقاته ومكوناته".
واوضح "نعرج لذكر الاهداف المتوخاة وماهي توصياتنا بهذه المناسبة، وهي اولا: من اجل ان لانغفل ولاننسى مع مرور السنين والايام وتقادمها دور هؤلاء الابطال وما تستحقه تلك التضحيات من تخليد لسيرة اؤلئك الشهداء والتعريف بالاسس العقائدية والفكرية التي انطلقت منها تلك البطولات والتضحيات وما جسدته المعركة من مبادئ سامية وعظيمة ولتبقى هذه المبادئ شاخصة حاضرة في عقولنا وارواحنا وقلوبنا وربما نحتاج اليها مع قروب محنا وتحديات وابتلاءات جديدة".
وأضاف "ثانيا للتذكير بما يقتضيه الوفاء للدماء الزاكية للشهداء وارواحهم الطاهرة هنا يجب ان نذكر بما ورد في خطبة الجمعة التي اشرنا اليها سابقا وقد ورد فيها ما يلي: فللشهداء فضل على الشعب العراقي بجميع اطيافه وطبقاته ومكوناته واذا كان الشهيد في غنى عن الناس لانه في مقعد صدق عند مليك مقتدر، اذكر بهذه العبارة عوائل الشهداء وماهي المنزلة العظيمة لهم عند الله تعالى، فان رعاية ايتامه وعائلته واداء حقوقهم وتوفير العيش الكريم لهم هو اقل ما يقتضيه الوفاء لدمه الزاكي وروحه الطاهرة وهو مسؤولية كبيرة في اعناق الجميع سواء الحكومة بمؤسساتها المختلفة او غيرها من الجمعيات الخيرية والمنظمات الانسانية بل كل شخص قادر على القيام بهذه المهمة ولو من بعض جوانبها".
وتابع "كان لزاما على الجميع ان يفوا للشهيد حق الاستخلاف في اهله واولاده ويحفظوا لهم كرامتهم ويؤدوا اليهم حقوقهم المعنوية والمادية كما ورد في نفس الخطبة في المقطع الاخير منها مايلي: كما ندعو اقرباء وعشائر الشهداء ان يكونوا عونا وسندا لعوائلهم وايتامهم وزوجاتهم في تحصيل حقوقهم ورعايتهم ماديا ومعنويا بحيث لايشعروا بفقدان كافلهم ومعيلهم فان في ذلك مثوبة عظيمة وفوائد دنيوية لاتحصى، ونقول هنا ان لهؤلاء الشهداء والسعداء كامل الحق في ان نبجلهم ونذكرهم باجلال واعظام واكبار فمن اعطى دمه لنعيش بكرامة وعز لايجازا بشيء واداء هذا الحق يتجسد من خلال رعاية عوائلهم وتفقد ايتامهم وتدوين بطولاتهم وتخليد ذكراهم ليس في الكتب وحسب وان كان هذا مهما ومطلوبا بل في ذاكرة وضمير الامة ووجدانها".
وبين "ثالثا ان كل امة تفتخر وتتشرف بالمفاصل المهمة من تاريخها حينما تجسد الامة بطولات رجالها وتضحياتهم في سبيل الدفاع عنها وعن مقدساتها واوطانها ومبادئها وتقوم بتوثيق ذلك التاريخ البطولي وتحتفل به بشكل يذكر الامة دائما بتلك التضحيات ولكي لاتنسى او تغفل الاجيال القادمة او الجيل الحاضر الذي لم يواكب او يعش تلك البطولات والملاحم بل تقوم تلك الامم بتدريس تلك الملحمة الوطنية الخالدة في مدارسها وجامعاتها وبما فيها من مبادئ وقيم اصيلة حافظت عليها تلك الامة وهذا ما تقتضيه ملحمة الدفاع الكفائي للشعب العراقي بكل مكوناته واطيافه، ومن اجل ان لا تتراخى الامة ولا تتماهل في هذه التذكرة المهمة والاحياء الدائم كان لزاما على جميع المعنيين بهذا التاريخ ان ينهض الجميع للحفاظ على حيويته وتأثيره المستمر والفاعل".
ولفت "رابعا ان ما جرى عليه سيرة العقلاء والامم والشعوب المختلفة هو توظيف جميع الامكانات والطاقات والوسائل الحديثة لاحياء ذكرى المفاصل التاريخية المهمة في حياة تلك الشعوب فنراها توظف الطاقات التأليفية والقصصية والروائية والانتاج الفني والمسرحي وما شاكل ذلك للتذكير بتلك البطولات، وهذا ما ينبغي ان تعمل عليه مؤسسات الدولة والمنظمات الجماهيرية والفعاليات الفنية والادبية المختلفة".
وأشار "خامسا لكي نذكر بالمنبع الحقيقي العقدي والفكري والوطني والارشادي الذي كان هو المنبع الوحيد الذي اثبت قدرته على تحريك الجماهير واندفاعها بشكل لامثيل له على مر التاريخ وبعقيدة ثابته وراسخة وهمة وطنية خالصة وارادة صلبة لاتراجع فيها وعزيمة ايمانية لاتهاون ولاتخاذل فيها للدفاع عن العراق وشعبه ومقدساته ببطولات نادرة حسمت المعركة في زمن لم يكن يتوقعه احد لاداخل العراق ولا خارجه، ان هذا المنبع تمثل في فتوى الدفاع الكفائي الذي كان له اسس وجذور تمثلت بالاساس الشرعي والعقدي الصحيح للفتوى وللسيرة الالهية الخالصة لصاحب الفتوى سماحة اية الله العظمى السيد علي الحسيني السيستاني، ثم بعد ذلك الانقياد والطاعة والامتثال الذي جسده الرجال الابطال اللذين لم يترددوا لحظة واحدة للاندفاع كالسيل الجارف في ساحات المعركة فان هذه البطولات النادرة تمثل الركن الثاني لحسم المعركة بمدة قصيرة لن تتجاوز السنوات الاربع".
ونوه "سادسا أن من ضرورات تخليد البطولات للرجال والشهداء والجرحى والمقاتلين هو تقديم قصص بطولاتهم القتالية وسلوكياتهم الانسانية في ميادين المعركة لجيلنا الحاضر لكي لاينسى ولجيلنا المستقبلي لكي يقتدي بهذه البطولات اذا ما داهمته النوائب واظلمت عليه الفتن بان يتخذ من صمود هؤلاء الابطال وتضحياتهم نبراسا للتغلب على تلك المحن، فلابد من توجيه الامكانات وتقديم نتاجات ادبية وفنية متعددة الجوانب وتكون مؤثرة على مستوى عامة الجماهير من الامة".
واستطرد قائلا: إن "مسؤوليتنا تجاه الشهداء تتمثل بالسير على نهجهم لتحقيق العزة والكرامة والاباء والرفض للباطل والظلم والاستبداد والرذيلة والتخلف والفساد والانحراف بكل انواعه، بالاضافة الى الحضور الفاعل والمؤثر في ساحات العمل والخدمة لعامة الناس والامر بالمعروف والنهي عن المنكر واصلاح النفس وتطهيرها من الرذائل ومذام الصفات".
وزاد "يجيب صيانة مكتسبات الشهداء واهدافهم العظيمة بالحفاظ على قيمهم ومبادئهم وتجسيدها حية في الواقع وعدم تضييع تراثهم ومكتسباتهم واهدافهم العظيمة التي استشهدوا من اجلها ونعظم ونجل ونرفع هذه المبادئ والقيم السامية اضافة الى ما ذكرناه تفصيلا في بداية هذه الكلمة من الرعاية والعناية بعوائلهم وايتامهم ومختلف شؤونهم".
اترك تعليق