تناول مُمثِّل المرجعية الدينية العُليا وخطيب جُمعة كربلاء المُقدَّسة سماحة السيد أحمد الصافي في الخطبة الثانية من صلاة الجُمعة التي أقيمت في الصحن الحُسيني الشريف في 15 جمادي الثاني 1434 هـ الموافق 26 نيسان 2013 م ما يتعلق بالأحداث الأخيرة التي شهدها البلد ، مبيناً سماحته " في الوقت الذي إنتهت فيه الإنتخابات بشكلٍ جيد نأسف لعدم إكتمال الفرحة بنجاحها وبسلامة الناخبين في نفس الوقت بسبب بعض الأحداث التي حدثت في بعض المناطق من بلدنا العزيز ، منوهاً سماحته الى بعض النقاط التي تخص هذا الجانب : 1- إنَّ أية قطرة دمٍ بريئة سواء في الشارع أو في المقهى أو في حسينية أو في مسجد من مواطن مدني أو عسكري يكون الذي سفكها مُدان ويتحمل كامل المسؤولية عن ذلك . 2- إنَّ عقلاء القوم لابد أن يتحملوا في هذا الظرف الحساس والخطير مسؤوليتهم كاملة أزاء ما يجري ، ونحذر في الوقت نفسه أشد الحذر من عودة الأمور الى ماكانت عليه سابقا من فقدان الأمن والأمان لاقدر الله ، بل لابد أن تجتمع كلمة الأخوة على رأيٍ صائب تجنيباً للبلد من أي سوء ولتفادي جر البلد الى مزالق خطيرة لاسمح الله . 3- في الوقت الذي تُقسّم فيه السلطات الى سلطة تشريعية وسلطة تنفيذية وسلطة قضائية نجد في هذا الوقت من المناسب جداً التأكيد والتركيز وتحميل المسؤولية الى مجلس النواب الموقّر ، فهذا المجلس يفترض أن يكون ممثلاً لجميع أطياف الشعب العراقي وان يكون ممثليه موجودون فعلاً تحت قبة هذا البرلمان ، فإذا كانت هنالك مشكلة في السلطة التنفيذية أو مشكلة في الجانب الأمني لابد أن يقوم هذا المجلس بأخذ دوره الرقابي والتشريعي ويشخّص المشكلة بشكلٍ دقيقٍ ويوجِد لها الحل ، ولاندري لماذا يتغيّب الأخوة أعضاء البرلمان عن جلسات المجلس في أوضاع أشد ماتكون على البلد خطورة ، وبعض الأخوة أما غائب لاوجود له أو حاضرٌ يقضي وقت الجلسة بالمساجلات الكلامية بين هذا وذاك والتي لاتُسمن ولا تغني من جوع ، عندما يكون الأخوة ممثلين في البرلمان لابد أن يتحملوا المسؤولية الحقيقية ولابد أن تكون لهم قدرة على قراءة الأحداث ومعالجة المشاكل بشكلٍ جيد ، وأن يقرّروا فهم مسؤولون عن أي قانونٍ وعن أي قرارٍ مهم في البلد ، فهذا الإنكفاء ومقاطعة البرلمان والإبتعاد عن الجلسات لانجد له مبرراً ، ولا يمكن أن يكون هذا الغياب مستمراً ،حيث الى الآن لم تعالج مسألة الغيابب بشكل جيد أ أما الحضور مشغولون في مساجلات كلامية بين هذا وذاك وتصريحٍ من هنا وتصريحٍ من هناك والمشاكل تتفاقم و تمضي بشكلٍ متسارع ، حقيقةً مجلس النواب يتحمل اليوم مسؤولية حقيقية كاملة بإزاء ما يجري في البلاد ولابد أن يتخذ إجراءات حقيقية واقعية وأن تكون قراءته للأحداث قراءة موزونة وموضوعية وأن يكون له حضوراً فاعلاً فنسألهم بخطابٍ صريح أين دوركم ؟ وهذا الكلام لكل فردٍ في البرلمان لانستثني أحداً منهم على الإطلاق الكل يتحمل المسؤولية في هذا الظرف العصيب " . كما تناول سماحته في المحور الثاني من الخطبة مايخص الإنتخابات المحلية موضحاً سماحته " بعد أن جرت الإنتخابات ولله الحمد بشكلٍ سلسٍ وجيد نحب أن ننبه الى نقطتين : 1- العمل على ترسيخ مبدأ التداول السلمي للسلطة ، التداول السلمي للسلطة لابد أن توضع له ضوابط وأفضل ضابطة له الآن هي عملية الإنتخابات ، فبالإنتخابات بعد أن تفرز الأصوات ستؤشر إنّ هذه الكتلة فائزة وهذه كتلة خاسرة وبالنتيجة التداول السلمي للسلطة أمرٌ مطلوب ، طبعاً بعض المناطق شهدت عزوفاً كبيراً عن الإنتخابات ولا سيما في بغداد مع إنَّ بغداد تعاني الأمرَّين من مشاكلٍ إرهابيةٍ ومن تفجيراتٍ ومن قطعٍ للطرق ومن وجود مشاكل إقتصاديةٍ وغيرها فلماذا هذا العزوف عن الإنتخابات ؟ واقعاً المسؤولون يتحملون مسؤولية كبيرة في هذا الجانب في تقصيرهم في مسألة التكريس والتثقيف لعملية التداول السلمي للسلطة ، فإذا كان المواطن يشعر إنّ صوته لايغير شيئاً فسيعزف وينكفئ ، نحن لانقول للمواطن أنت محق بل نقول كان تصرفك بالإبتعاد في غير محلّه لكن ندعو المسؤول أن لا يوصل المواطن الى الإحساس بهذا الشعور لأن بغير هذا التداول ستتكرّس الدكتاتورية وحكم الفرد وما يجرّه من ويلاتٍ كما شهدناها سابقاً ، فلابد من المشاركة الحقيقية والتغيير لا يأتي بالأماني التغيير لا يأتي بالجلوس في البيت التغيير يأتي بالمشاركة والحقوق تأخذ لا تُعطى " . 2- نقول للشخصيات التي فازت لا بد أن يتعلموا مسائل الإدارة ويطوّروا الجانب الإداري في شخصيتهم لأنّ هذه المسألة تحتاج الى القدرة وهذه القدرة ليس عيباً أن تكون مفقودة عند شخصٍ معين لكن العيب عندما يكون في موقع يحتاج الى القُدرة والقدرة في متناوله ولا يمارسها ، فلا بد للفائزين أن يشدوا حيازيمهم من الآن على أن يكونوا إداريين مقتدرين فإدارة المدينة ليست أمراً سهلاً لكنها في عين الوقت ليست أمراً مستحيلاً ،وندعوهم للإستفادة من التجارب السابقة إستفادة حقيقية سواء كانت التجارب الناجحة أوالتي لم يُكتب لها النجاح فالتي لم تنجح نسأل عن أسباب فشلها ونعالجها ، والتي نجحت نحذو حذوها ونطور من إمكانيات نجاحنا مستقبلاً " . 3- إذا كانت هنالك معارضة في المجلس فندعوها أن لاتكون معارضة معطّلة بل لتكن معارضة مقوّمة ، وفرقٌ هائلٌ بين الأمرين عندما نسمع بعض مجالس المحافظات أرجعت أموال كثيرة الى خزانة الدولة نسأل لماذا ؟ فيأتي الجواب لوجود معارضة تعارض إقامة المشاريع حتى لا تُحسب هذه المشاريع لصالح طرفٍ معين في المجلس ، هذه المعارضة يفترض أن تكون معارضة مقوّمة . 4- نرجو من الأخوة الفائزين أن يصدّقوا ظن الناس بهم لأنَّ الناس إنتخبوكم ووضعوا ثقتهم بكم فلا تخذلوهم . 5- العمل بروح الفريق الواحد ولا نقصد أن يكون الرأي واحداً بقدر ما نقصد أن يكون هنالك إنسجام في العمل وأن يضعوا محافظاتهم نُصب أعينهم . 6- الإهتمام بالطبيعة الخاصّة بكل محافظة ،فمحافظاتنا مختلفةٌ في الجانب الطبيعي فهنالك مدينة زراعية وأخرى صناعية وأخرى فيها محميّات طبيعية وهنالك مدينة مقدّسة ، فلابد أن نحافظ على هذه الطبيعة للمدينة لأنَّ هذه الطبيعة دخلت في تأريخ البلد وهذا التأريخ نعتزُ به ، فالمجالس لا بد أن تعِي الدور الذي إضطلعت به في هذه الدورة ، حقيقةً نريد أن نرى مجالساً من نوعٍ آخر - مع إعتزازنا بعمل المجالس السابقة وشخوصها - في التفكيروالقوة والإدارة . 7- تحسين العلاقة بين المحافظة والمركز ضمن القانون والدستور وضمن الضوابط المقرّرة كي يعرف كلٌّ منهما حقوقه وواجباته تفادياً للتقاطعات التي تحدث في المسؤوليات والصلاحيات بما ينعكس سلبا على خدمة المواطن وهي الهدف المنشود .
اترك تعليق