رافقت هذه السيدة خطوات الحق خطوة خطوة وسارت على النهج الذي رسمه لها دينها في اتباع أهله ومعاداة الباطل وأهله ولم تحد عن سُبُل الله القويمة في أشد الظروف فتمسكت بباب مدينة علم رسول الله واقتبست من هديه وارتشفت من نوره.
أم البراء بنت صفوان.. كانت من خيار نساء الشيعة وممن حضر مع أمير المؤمنين (ع) في صفين مع أخيها عمرو ولها في صفين أشعار تحضّ فيها الرجال على الدفاع عن الحق وتشجعهم على قتال جبهة البغي والضلال.
امتد بها العمر لتشهد تسلط معاوية على رقاب الناس وحكمه لهم بسلطة الجور والبغي والظلم فوقفت بوجهه في مجلسه غير آبهة ببطشه وجبروته كما وقفت بوجهه في صفين بتلك الشجاعة والصلابة.
وفدت أمّ البراء على معاوية فقال لها: كيف أنتِ يا بنت صفوان ؟.
قالت: بخير.
قال كيف حالك؟.
قالت: ضعفت بعد جلد، وكسلت بعد نشاط.
قال: شتان بينك اليوم وحين تقولين:
يا عمرو دونكَ صارماً ذا رونقٍ عضباً المهزةِ ليس بالخوّارِ
أسرجْ جوادكَ مســرعاً ومشمّراً للحربِ غيـر مـعـرّدٍ لـفرارِ
أجبِ الإمـامَ ودبَّ تـحـت لـوائـهِ وأغـرِ الـعـدوَ بـصـارمٍ بتّارِ
يا ليتني أصبـحتُ لـيـسَ بـعـورةٍ فـأذبَّ عـنـه عـساكرَ الفجّارِ
وكأن معاوية كان يريد منها أن تعتذر أو تطلب منه العفو على موقفها ذاك وقد أصبحت الدنيا له، لكنه فوجئ بقولها:
أجل قد كان ذلك وإني على بينة من ربي وهدى من أمري !!.
فقال لها فكيف قولك حين قتل ـ يعني أمير المؤمنين ـ ؟.
فقال بعض جلسائه: هي والله حين تقول:
يا للرجـالِ لـعـظـمِ هـولِ مـصـيـبـةٍ فدحتْ فليس مصابها بالهازلِ
الشـمـسُ كـاسـفـةٌ لـفــقــدِ إمـامِــنــا خيرُ الخـلائقِ والإمـامِ العادلِ
يا خيرَ من ركبَ المطيَّ ومن مشى فوق الترابِ لمحتفٍ أو ناعلِ
حـاشـا الـنـبـيّ لـقـد هــدّدَتَ قـواءنـا فالحقُ أصبحَ خاضعاً للباطلِ
فقال معاوية: قاتلك الله يا بنت صفوان، ما تركت لقائل مقالاً !
إنَّ حسان بن ثابت لا يحسن مثل هذا.
لم تأبه أم البراء لكلامه وتجاهلته ثم قامت فعثرت فقالت: تعس شانئ علي.
فتعجب معاوية من صلابتها وإيمانها وولائها لعلي، واستخفافها به وسبّها له في مجلسه.
......................................................
أعلام النساء ــ عمر رضا كحالة ج 1 ص 122
بلاغات النساء ــ ابن طيفور ص 75
منتهى المقال ــ المامقاني ص 366
الأعلام من الصحابة والتابعين - الحاج حسين الشاكري ج ١٢ ص ٥٩
شاعرات العرب في الجاهلية والإسلام ــ بشير يموت ج 1 ص 184
الانتفاضات الشيعية عبر التاريخ ــ السيد هاشم معروف الحسني ص 336
اترك تعليق