958 ــ محمد الصحّاف: (كان حياً سنة ١٢٧٠ هـ / 1853 م)

السيد محمد بن علي المعروف بـ (الصحّاف)، قال عنه الشيخ أغا بزرك الطهراني: (نزيل سوق الشيوخ، كان أديباً فاضلاً شاعراً، رأيت تقريضه اللطيف البليغ نظماً ونثراً على أرجوزة (تحفة النساك) من نظم الشيخ طاهر الحجامي المتوفى بسوق الشيوخ سنة ١٢٧٩ هـ وأولاده إلى اليوم في سوق الشيوخ) (1)

محمد الصحّاف: (كان حياً سنة ١٢٧٠ هـ / 1853 م)

قال من قصيدة في الإمام الحسين (عليه السلام) تبلغ (61) بيتاً:

فما الشهدُ عيشي عندَ ذكرِ صفاتِهمْ     وعـــندَ شهيدِ (الطفِّ) مِن مرِّهِ الصبرُ

فلا نجلُ سعدٍ نــــــــــالَ سعداً بقتلِهِ     حسيــناً ولا في ذبحِـــهِ أنصفَ الشمرُ

ولا ابنُ زيادٍ زادَ مُلكاً بمــــــا جَنى     وفي عمرِهِ قد صارَ مِــــن أمرِهِ قصرُ (1)

ومنها:

مِن الشامِ أردتْ ظاميَ (الطفِّ) نبلةٌ     أســـــــــــاعدُ راميها أساعدكَ الدهرُ؟

أنـــــــــبلتُه هلّا أصبتِ سوى الهدى     قــد استنكرَ المعروفُ واعترفَ النكرُ

بنفسي جـــــواداً إذ هوى عن جوادِهِ     على الأرضِ شلواً دابُه الحمدُ والشكرُ

ومنها:

لهنَّ بأرضِ (الطفِّ) هــالةَ مأتمٍ     كشهبِ السما بالليلِ إذ خسفَ البدرُ

وزينبُ مـــــا بينَ النساءِ حزينةٌ     وقـد شربتْ صبراً وليسَ لها صبرُ

وقد ملأتْ منها المدامعُ حجرَها     وقــد ألِّمَتْ مِن سوطِ مَن لا لهُ أجرُ

الشاعر

السيد محمد بن علي المعروف بـ (الصحّاف)، قال عنه الشيخ أغا بزرك الطهراني: (نزيل سوق الشيوخ، كان أديباً فاضلاً شاعراً، رأيت تقريضه اللطيف البليغ نظماً ونثراً على أرجوزة (تحفة النساك) من نظم الشيخ طاهر الحجامي المتوفى بسوق الشيوخ سنة ١٢٧٩ هـ وأولاده إلى اليوم في سوق الشيوخ) (2)

وقال علي الخاقاني: (والغريب أني لم أقف له إلّا على هذه القصيدة، وقد تكرر ذكرها في مجاميع الخطباء وسجل في أولها الاسم مرة باسم السيد ومرة باسم الشيخ وفي آخرها تصريح بسيادته، ولا أدري هل هناك من يشاركه بالاسم واللقب من غير العلويين...) (3)

والتصريح الذي عناه الخاقاني بالسيادة هو قول الصحاف من قصيدته التي قدمناها:

أنا القنُّ يا آلَ الرسولِ محمدٍ     سليلُ حسينٍ زانَه منكمُ النجرُ

وهو يدل على أنه سيد حسيني

وقال بسيادته السيد جواد شبر وقال عن قصيدته: (والقصيدة طويلة وكلها في رثاء سيد الشهداء أبي عبد الله الحسين وقد جارى بها رائية الشيخ صالح العرندس..) (4)

والظاهر من استغراب الخاقاني أن آل الصَّحّاف يعود نسبهم إلى (ربيعة) وموطنهم الأحساء وهم من الأسر العلمية ــ الأدبية، ولهم مكانة رفيعة في الأحساء والكويت وامتداد في البحرين والقطيف والبصرة وسوق الشيوخ، وقد برز منها العديد من الأعلام من العلماء والأدباء والشعراء وكل أعلامهم أطلق عليه لقب شيخ، ومن أعلامهم:

الشيخ محمد بن حسين بن ناصر بن موسى بن حسين بن محمد الصحاف الأحسائي، وابنه الشيخ علي بن محمد، وأحفاده: الشيخ أحمد بن علي بن محمد، الشيخ حسين بن علي بن محمد، والشيخ كاظم بن علي بن محمد. (5)

شعره

قال في قصيدته الحسينية:

بمدحِــــــــــــــــــكمُ الأقلامُ تفرحُ والحبرُ      وطرسٌ بهِ مِن حُسنِ أوصافِكمْ سطرُ

يفوزُ ســــــــــــــــــــواكمْ بالقوافي وإنَّها      تــــــــــفوزُ بكمْ إذ كانَ منكمْ لها فخرُ

فليلةُ قدرٍ لـيـلتي بمديحِــــــــــــــــــــــكمْ      لأنّي إذا أحـــــــــــــــييتَها يُرفعُ القدرُ

يضيعُ قـصـيدي حــــــالَ قصدي سواكمُ      وفيكمْ يضوعُ النظمُ بــلْ يُكسبُ الأجرُ

كسادٌ بـســــــــــوقِ الشعرِ في غيرِ أهلِهِ      وفي أهــــــــــــــلهِ نثرُ الكلامِ له سعرُ

بــــــــــــواقيهِ دمعي مَع ذراري تفكّري      لكمْ ذي لها نـــــــــــــظمٌ وتلكَ لها نثرُ

أمستظـهري عن سرِّ قلبٍ حـوى الجوى      يذيعُ بـديعَ النظمِ ما يـــــــــكتمُ الصدرُ

فلا كـانَ في غيرِ الـــــــرسـولِ ورهطِه      أولـــــي الأمرِ لي مدحٌ ولا قدَّرَ الأمرُ

ولـكنّه كنزٌ لفقري وفاقـــــــــــــــــــــتي      فهلْ غيــــــــــرهمْ عندَ المعادِ لنا ذخرُ

فحبُّهمُ الإيـــــــــــــمانُ والشهـدُ مدحـهمْ      وذمُّهمُ صبرٌ وبــــــــــــــــــغضُهمُ كفرُ

إذا ما ذراعٌ مُدَّ منـــــــــــــــــهمْ لـشانئٍ      يودُّ لــــــــــــــــــــه مخباً ولو أنّه شبرُ

همُ عشرةٌ مــــــــــــــــعَ أحـمدٍ ثـمَّ أربعٌ      تلتهمْ بليلِ التمِّ شـــــــــــــــــــوله البدرُ

فمَن كانتِ الزهراءُ فاطـــــــــــــــمُ أمُّه      فلا شــــــــــــــــكَّ فيهمْ أنَّهمْ أنجمٌ زهرُ

فما الشهدُ عيشي عندَ ذكـرِ صفــــــاتِهمْ      وعـــــــندَ شهيدِ الطفِّ مِن مرِّهِ الصبرُ

فلا نجلُ سعدٍ نـــــــــــــــالَ سـعداً بقتلِهِ      حسيناً ولا فـــــــي ذبحِهِ أنصفَ الشمرُ

ولا ابنُ زيادٍ زادَ مُلكـاً بمـــــــــــا جَنى      وفي عمرِهِ قد صـــــارَ مِن أمرِهِ قصرُ

أرادوا حـــــــــــــسيـناً أن يُـبايعَ فاجراً      ودعواهمُ مِن أصلِ مــــــــــــنشئها نكرُ

أبى السبطُ إلّا أن يــــــــــــــكونَ مُتابعاً     وعقَّ حسيناً ليسَ في ضمنِــــــــها خترُ

فسلَّتْ سيوفَ الــجورِ أيـــــــــدي تجبُّرٍ      فـــــــــــــــيا ليتها شُلّتْ وليسَ لها جبرُ

بلا ضجرٍ قامــتْ إلى نصـــــرِ عصبةٍ      كأنَّ قلوبَ الـــــــــــقومِ عندَ اللقا صخرُ

إذ القتلُ قبلَ الــسبطِ للــــــــروحِ راحةً     ووافقهمْ صبرٌ ورافقــــــــــــــــهمْ نصرُ

إلى أن فنوا مــا بين بيضٍ وأســـــــمرٍ      وجــــــــــــــــوههمُ بيضٌ وأبدانُهمْ حُمرُ

فـــصالَ حــسينٌ كالهزبرِ علـى العدى      يفرِّقُ جــــــــــمعَ الزورِ مِن بأسِهِ الزُّبرُ

لخطّـــــــــــــــــيهِ نقطٌ وللسـيفِ خطّةٌ      وفي قلبِ أهلِ الــــنصبِ مِن سهمِه كسرُ

فما همْ بقـومٍ يَغــــــــلبونَ ابـنَ غالبٍ      ولـــــــــــــــــكن بعلمِ الغيبِ قد قدرَ الأمرُ

فوافقُه سـهمٌ حشى الــــــــــسمِّ نصلُه      وقد كان سهمُ الـــــــــــنحرِ إذ قطرَ المهرُ

مِن الشـامِ أردتْ ظاميَ (الطفِّ) نبلةٌ      أساعدُ راميها أساعـــــــــــــــــدكَ الدهرُ؟

أنــــــــــبلتُه هلّا أصبتِ سوى الهدى      قد استنكرَ المعروفُ واعتــــــــرفَ النكرُ

بنفسي جــــــواداً إذ هوى عن جوادِهِ      على الأرضِ شلواً دابُه الحمدُ والــــــشكرُ

يخوضُ بحورَ الحتفِ مِن شدّةِ الظما      فيركسُ بالإغـــــــــــــــــــماءِ مما بهِ ضرُّ

ويُــــــــــؤلمُه نزعُ السهامِ مِن الحشا      ويأخذُه مِن طعمِ طـعنِ القــــــــــــــنا سُكرُ

وأودى به ضــعفُ الضعيفِ جراحُه      بأبيضَ فيهِ قد تــــــــــــــــــــحكَّمتِ السمرُ

قد أصفرَّ وجهُ الـبيضِ مِن يومِ ذبحِهِ      ومِن جرمِ سيفِ الشـمرِ حاربَـــــــها الفخرُ

بنفسي وريداً كـــــــــان وِرداً لأحمدٍ      يُحزُّ وما للمصطفى غــــــــــــــــيرُه عطرُ

فـــــــدى اللَهُ إسماعيلَ بالكبشِ وحدَه      فـــــــــــــليتَ الرَّدى أضحى فـداهُ له جزرُ

بنفسيَ نـــــــــــــسوانَ الحسينِ بدمِّه      تَضمَّخَ منـــــــــــــــــــهنَّ التـرائبُ والنحرُ

لهنَّ بأرضِ (الطــــــــفِّ) هالةَ مأتمٍ     كشهبِ السما بالليلِ إذ خــــــــــــسفَ البدرُ

وزينبُ ما بينَ النســـــــــــاءِ حزينةٌ      وقد شربتْ صبراً وليسَ لها صـــــــــــــبرُ

وقد ملأتْ منها المدامعُ حـــــــجرَها      وقد ألِّمَتْ مِــــــــــــن سوطِ مَن لا لهُ أجرُ

تشيرُ إلى أرضِ الحجازِ بـــــــخدِّها     وخدٌّ بدمعِ العينِ في خــــــــــــــــــدِّها نهرُ

تقبِّلُ نحرَ الـــــــــسبطِ طوراً وتـارةً      تُنــــــــــــــــــادي أيا جدَّاهُ قد عضَّنا الدهرُ

حبيبُكَ يا جدَّاهُ فـــي الأرضِ عـارياً      وقد رُضَّ منه الـــــــصدرُ بالخيلِ والظهرُ

حبيبُكَ محزوزُ الــــــوريدِ مِن الـقفا     وجثّتُه في التربِ ألّمَهـــــــــــــــــا الصخرُ

حبيبُكَ في قـــــــاني الجراحِ مُغسَّلاً      وليسَ له مــــــــــــــــــاءُ القـراحِ ولا سدرُ

حبيبُكَ في نعشٍ مِــــــن النبلِ والقنا      وفي قلبِ مَن والاهُ أضـــــــــــــحى له قبرُ

وأيتـــــــــــــامُه مثلَ الثريَّا تجمَّعتْ      رؤوسُــــــــــــــــــــهمُ شعثٌ وأبدانُهمْ غُبْرُ

وقد خفقتْ مــــــــــنهمْ قـلوبٌ كأنَّها      سهيلٌ إذا ما اشتدَّ مِـــــــــــــن خوفِهم ذعرُ

بنفسيَ أطفالاً سهى الـــطرفُ منهمُ     وجوهُهم مِن زبرةِ المعتدي صِــــــــــــــفرُ

بنفسيَ رأسَ ابنِ البطينِ عــلى القنا      وأكــــــــــــــــــــــــليله شمس وجبهته بدر

بنفسيْ رضيعاً راضعَ السهمِ عضَّه      فلا دَرَّ للأعداءِ مِن بــــــــــــــــــــــعدِه دُرُّ

ذراعُ العدا دعْ عنكَ قوسَ شـــماتةٍ      تـــــــــــــــــصيبُ بها قوماً همُ السادةُ الغرُّ

فلا بدَّ مِن حربٍ أيا حربَ يُرتـجى      بعصرٍ يريـــــــــــكَ النجمَ مِن بؤسِهِ الظهرُ

ظهورٌ ســـــميِّ المصطفى وسليلُه      إمامٌ همامٌ طيبٌ طـــــــــــــــــــــــاهرٌ طهرُ

يثورُ لأخذِ الـــــــثارِ مِن بيتِ ربِّهِ      فـــــــــــــــــــــيومئذٍ يختصُّه النـهيُّ والأمرُ

أبا صالحِ المهـــــديَّ أدركْ مُوالياً      حياتُهمُ موتٌ ودنــــــــــــــــــــــــــــياهمُ قبرُ

أيا شمسَ يومِ الانـــــــــتظارِ فإننا      بــــــــــــــليلِ اختلافٍ لا صباحٌ ولا عصرُ

تداركْ عبيداً لا فكاكَ لأســــــرِهمْ      إلى أن تــــــــــراكَ الناسَ يزهو بكَ الحجرُ

عرفنا بيــــــــــومِ الغمِّ لا منقذٌ لنا      ولا سفنٌ نحوَ الــــــــــــــــــــنجاةِ ولا جسرُ

إليكمْ هداةُ الخلـــــقِ تُهدى خريدةٌ      لها فطنتي أمٌّ ووالدُها فــــــــــــــــــــــــــكرُ

أنا القنُّ يا آلَ الرســـــــولِ محمدٍ      سليلُ حـــــــــــــــــــــسينٍ زانَه منكمُ النجرُ

عليكمْ صلاةُ اللَهِ ما نـــــــــارَ نيِّرٌ      بدا في رياضٍ زارَ أنــــــــــــــوارَها القطرُ

..........................................................

1 ــ شعراء الغري ج 10 ص 306 ــ 309 / ذكر منها السيد جواد شبر (5) أبيات في أدب الطف ج 7 ص 43

2 ــ الكرام البررة ص 266

3 ــ شعراء الغري ج 10 ص 306

4 ــ أدب الطف ج 7 ص 43

5 ــ تذكرة الأشراف في ترجمة آل الصحاف للشيخ كاظم الصحاف ص 10

كما ترجم له

كامل سلمان الجبوري / معجم الشعراء ج 5 ص 160

محمد هادي الأميني / معجم رجال الفكر والأدب ج 2 ص 798

كاتب : محمد طاهر الصفار