حسن الدجيلي (1309 ــ 1366 هـ / 1891 - 1946 م)
قال من قصيدة في الإمام الحسين (عليه السلام) تبلغ (52) بيتاً، وقد تليت في محفل الملائية الذي اقيم لعزاء الحسين عليه السلام في العشرة الثالثة من المحرم سنة 1360 هـ، وكان إنشاد القصيدة يوم 26 محرم من السنة المذكورة:
وقفتَ لنصرِ الدينِ في (الطفِّ) موقفاً يشيبُ له الـطفلُ الذي هو في المهدِ
وأرخـــــــــصتَ نفساً لا توازنُ قيمةً بجمــــــــلةِ هذا الكونِ للواحدِ الفردِ
تردّ سيولَ الـــجحفلِ المجرِ والحشى لفرطِ الظما والحرِّ والحربِ في وقدِ (1)
ومنها:
تجولُ بوادي (الطفِّ) لم تلفَ مَفزَعاً تلوذُ به من شدةِ الضربِ والطردِ
وتــــــــستعطفُ الأنذالَ في عبراتِها فــــــــــتحجبه يا للهِ بالسبِّ والردِّ
برغمِ الـــــــــعلى والدينِ تُهدى أذلةً فمِن ظــــــالمٍ وغدٍ إلى ظالمٍ وغدِ
وقال من حسينية أخرى تبلغ (51) بيتاً، أنشدت في مأتم الحسين (ع) المقام من قبل الهيئة العلمية بالنجف الأشرف في 23 محرم الحرام سنة 1359 هـ:
وشِيدتْ خيامُهمُ في (الطفوف) ونجمُ السما دونَ أشكانِها
أحـــــاطتْ بهمْ فرقُ الظالمين إحاطــــــــةَ عينٍ بإنسانِها
تحاولُ إذعــــــــانَها لابنِ هندٍ وقطعُ الطُلى دونَ إذعانِها (2)
الشاعر
الشيخ حسن بن محسن بن أحمد بن عبد الله الدجيلي النجفي الخزرجي، عالم وفقيه وأديب وشاعر، ولد في النجف الأشرف، ودرس على يد الشيخ محمد حسين النائيني، والشيخ جعفر آل راضي والشيخ علي بن باقر الجواهري، ثم تصدر منبر التدريس (3)
وكان والده الشيخ محسن الدجيلي عالماً وشاعراً وكذلك ابنه الشيخ أحمد حسن الدجيلي صاحب ديوان أزهار وأشواك، توفي الشيخ حسن الدجيلي في المشخاب ونقل إلى النجف ودفن بها ورثاه عدد من شعراء عصره. منهم ابنه الشيخ أحمد بقصيدة يقول منها:
أبي لستُ أدري كيفَ أرثيكَ في نظمي وقد سامني مِــــــــن بعدِكَ الدهرُ باليُتمِ
وكــــــــيفَ أسلّي القلبَ والقلبُ مؤمنٌ بأنّكَ مِن نفــــسي كروحيَ من جسمي
ولو كنـــــــتُ أدري بالذي حكمَ القضا عليكَ وكـــــم أشجى العواطفَ بالحكمِ
وأعــــــــــــــــــلمُ أنَّ الموتَ لفّكَ بغتةً وغـــــــــــــيّـضَ ينبوعَ الفضيلةِ والعلمِ
لحوّلتُ نفســــــــــي في رثاكَ قصائداً يعبِّرنَ عن وجدي ويُفصحنَ عن همّي (4)
له من المؤلفات: حاشية على الكفاية في علم الأصول، ومنظومة في المنطق، ديوان شعر (5)
قال السيد جواد شبر في ترجمته: (عالم مرموق مشهور بالتحصيل ومن المعدودين من الفقهاء مضافاً إلى شهرة والده العالم الشهير على تدريسه والاعتناء به، كنت كثيراً ما اشاهده مسرعاً قاصداً جامع الهندي - وهو أكبر مسجد في النجف وكان المرحوم الميرزا حسين النائيني يلقي دروسه على تلامذته هناك ومنهم المترجم له، وكان إذا حضر في المحافل تكون له صدارة المجلس وتطرح المسألة العلمية ويشتدّ النقاش حوله فكان من المجلّين في تحقيقه وخبرته وممن يؤخذ برأيه ويحترم قوله، طلب مني أن أسهر على ولده الشيخ صالح ليكون منبرياً مرموقاً بين الخطباء فلازمني هذا الولد حرسه الله ملازمة الظل مدة لا تقل عن عشر سنوات فكان كما أراد أبوه فهو اليوم من خطباء النجف اللامعين وبحكم هذه الصلة فقد كانت المودة أكيدة مع الوالد والثقة أصيلة فعرفت منه طيب القلب وسلامة الذات وحسن المعاشرة والنصح لكل أحد من قريب وبعيد ويحب الخير لكل مخلوق مع رجاحة عقل واتزان كامل وربما تذاكرنا ما بيننا بمسألة نحوية وهو يصغي فيفيض علينا من معارفه وكأنه قد راجعها وأتقنها في تلك الآونة، كان يخرج في السنة مرة واحدة إلى الريف حول النجف والمسماة بمنطقة (المشخاب) بطلب من أهالي تلك المنطقة لأجل التعليم الديني والارشاد والوعظ وصادف مرة ان كنتُ هناك فرأيت من تواضعه ولطف أخلاقه ما جذبني إليه وجعلني أثق به كل الوثوق....) (6)
وقال عنه الأستاذ علي الخاقاني: (عالم جليل وشاعر في طليعة شعراء عصره) (7)
وقال أيضاً: (عاشرته ــ رحمه الله ــ فرأيته ينزع إلى الحجة، ويركن إلى القول البليغ ويجنح إلى المنطق الرزين، وشاعراً مطبوعاً يميل إلى المثالية العالية، والخلق الدمث، وينحاز إلى الوداعة والتواضع المقبول، وأديباً بمجموعه مكتبة واسعة الجوانب غزرة المادة جامعة لشتى العلوم والفنون...) (8)
قال من قصيدته الحسينية الأولى:
وأعظمُ خطبٍ زلزلَ العرشَ وقــــــعُه وأذهلَ لبَّ المرضعاتِ عـــــــــنِ الولدِ
غداةَ ابنِ هندٍ أظهرَ الكفــــــــــرَ طالباً بثاراتِ قتلاهُ ببدرٍ وفــــــــــــــــي أحدِ
ورامَ بأن يقضي عـــــــــلى دينِ أحمدٍ ويُرجعُ دينَ الــــــــــــــــجاهليةِ والوأدِ
فقامَ الهدى يـــــــستنجدُ السبطَ فاغتدى يلبِّيهِ فــــــــي عزمٍ له ماضيُّ الـــــحدِّ
وهبَّ رحــيبَ الصدرِ في خيرِ عصبةٍ لها النسبُ الوضَّاحُ مِن شيبةِ الـــــحمدِ
أســــــودُ وغىً فيضُ النجيعِ خضابُهم وطيبهمُ نقعُ الوغى لا شــــــــــذى الندِّ
رجالٌ يرونَ الموتَ تحتَ شبا الــــظبا ودونَ ابنِ بنتِ الوحي أحلى مِن الشهدِ
فراحوا يحييونَ المواضي بــــــــأنفسٍ صــفتْ فسمتْ مجداً على كلِّ ذي مجدِ
وقد أفرغوا فوقَ الجســــــــومِ قـلوبَهم دروعــــــــــــــــــــاً بيومِ للقيامةِ ممتدِّ
ولمَّا قضوا حقَّ الـــــــــمكارمِ والعلى ببيضِ المواضي والـــــــمطهَّمةِ الجردِ
وخطّوا لهم فـــــــي جبهةِ الدهرِ غرَّةً مِن الفخرِ في يومٍ مِن النقــــــــعِ مسودِّ
تهاووا علـــــــى وجهِ الصعيدِ كواكباً وقد أكلتهمْ في الوغى قضــــــــبُ الهندِ
ولـــــــــــم يبـقَ إلّا قطبُ دائرةِ العُلى يـــــــــديرُ رحى الهيجاءِ كالأسدِ الوردِ
وحيداً أحاطتْ فيه مِن كـــــــلِّ جانبٍ جحافلُ لا تُــــــــحصى بحصرٍ ولا عدِّ
يصولُ بماضي الــــــشفرتينِ وعزمُه أحدُّ مضاءً مِن شـــــبا الصارمِ الهندي
ويطوي بــــــــــــه طيِّ السجلِ كتائباً يضيقُ بها مدرُ الأهــــــــاضبِ والوهدِ
فــــــــــــداً لكَ فرداً لم يكنْ لكَ ناصرٌ سوى العزمِ والبتّارِ والسـلهبِ الوردي
وقفتَ لنصرِ الدينِ في (الطفِّ) موقفاً يشيبُ له الـطفلُ الذي هو فــــــي المهدِ
وأرخـــــــــصتَ نفساً لا توازنُ قيمةً بجمــــــــــــــلةِ هذا الكونِ للواحدِ الفردِ
تردّ سيولَ الـــجحفلِ المجرِ والحشى لفرطِ الظمــــــا والحرِّ والحربِ في وقدِ
وقال من الحسينية الثانية:
ذكرتُ به ربــــــــعَ آلِ الرسولِ فسالتْ عيـوني بـــأجفانِها
لقد كانَ مــــــــــهبطَ وحي الإلهِ ومصدرَ آيـــــــاتِ قرآنِها
ومنبعَ أحكامِ ديـــــــــــــنِ النبيِّ ومعــــــــدنَ حكمةِ ديّانِها
ومطلعَ شــــــمسِ هدى العالمين بها أبصـرتْ نهجَ إيمانِها
أطاحتْ أميةُ منه العــــــــــــمادَ وباحتْ بمــضمرِ كفرانِها
وقادتْ جيوشاً لحـــــربِ الهدى وجاءتْ تـهـادى بطغيانِها
تحاولُ إطــــــــــــفاءَ نورِ الإلهِ ونشرَ عـبــــــــادةِ أوثانِها
وحامي الشريعةِ هـــــــاجتْ بهِ عليها حـميَّةُ غـــــضبانِها
فهبَّ لينقــــــــــــــــذَ دينَ النبيِّ مِن تحـتِ أنيابِ ثـــعبانِها
ســـــــــرى بالبهاليلِ مِن هاشمٍ يؤمُّ الـعراقَ بأظـــــــعانِها
أسودُ وغىً فوقَ جُردٍ عـــــتاقٍ صـوافنَ أمثالَ عـقبــــانِها
ضوامرُ إن حفّزتْ للــــــوثوبِ بجـمعٍ تصرُّ بـآذانِــــــــها
عليها ليوثُ بــــــــــــني غالبٍ يـــضوعُ الفــخارُ بأردانِها
وشِيدتْ خيامُهمُ في (الطفوف) ونجمُ السمــا دونَ أشكانِها
أحــــــاطتْ بهمْ فرقُ الظالمين إحاطــــــــةَ عينٍ بإنسانِها
تحاولُ إذعـــــــــانَها لابنِ هندٍ وقطعُ الطُلى دونَ إذعانِها
تــــــــــموتُ كراماً ولا تلتوي لبوِّ الصغارِ برثمانِـــــــها
وقال في أمير المؤمنين (عليه السلام) من قصيدة تبلغ (28) بيتاً:
بضــــــــــــــفّةِ دجلةَ جسمي مقيمٌ وقلبي يـرفرفُ فوقَ الــغري
محلٌ سما ذروةَ الفـــــــــــــرقدينِ علاً وســما ذروةَ الــمشتري
تضمَّنَ مـــــــــــــــــرقدَ سرِّ الإلهِ ومـطلعَ شمسِ الهــدى حيدرِ
وبابَ مدينةِ عـــــــــــــــــلمِ النبيِّ وساقي العطاشى فـي الكوثرِ
وحـــــــــــــــــــاملَ رايتِه في غدٍ إذا سِيقـــــتِ النـاسُ للمحشرِ
وقد شيَّـــــــــــــــدَ الدينَ في سيفِهِ فتمَّ ولولاهُ لـــــــــــــــم يذكرِ
ومَـــــــن حاربَ الجنَّ يومَ القليبِ ومَن قلعَ البابَ فـي خـــــيبرِ
ومَن ناطحَ الشركَ حتى انجلى الـ ـضـلالُ بنورِ الـهدى المسفرِ
ومَا ردَّتِ الـــــــــــشمسُ إلّا إليهِ ويوشــعُ في سـالفِ الأعصرِ
ومَن طهّرَ البيتَ لــــــــمّا ارتقى على كتفِ المصطفى الأطهرِ
إمـــــــــــــــامٌ يقولُ لنارِ الجحيمِ خُذي ذا إلـــــــيكِ وهذا ذري
ولمْ أخشَ بعــــــــــــــدَ ولائي له ســـــــــــؤالَ نكيرٍ ولا منكرِ
به أكمِلَ الدينُ (يومَ الـــــــغديرِ) وأعلنَ طــــــــــهَ على المنبرِ
وقالَ فمَن كــــــــــــنتُ مولىً لهُ فمولاهُ بعدي أبـــــــــــو شبّرِ
وقد كانَ ذلكَ في مســــــــــــمعٍ مِن الـــــحاضرينَ وفي منظرِ
فـــــــــتبّاً لهمْ خالفوا المصطفى وجثمانُه بــــــــــــــعدُ لم يُقبرِ
وقد عــــــــــــدلوا بعد عرفانِهم مِن موردِ العلمِ والــــــمصدرِ
لبيعةِ تيمٍ ومِن بــــــــــــــــــعدِه أدِيلتْ ضــــــــــلالاً إلى حبترِ (9)
..............................................................
1 ــ أعيان الشيعة ج 5 ص 235 ــ 236 / أدب الطف ج 9 ص 319 ــ 321 / شعراء الغري ج 3 ص 68 ــ 70
2 ــ أدب الطف ج 9 ص 314 ــ 316
3 ــ . شعراء الغري ج 3 ص 62
4 ــ شعراء الغري ج 3 ص 63 ــ 64
5 ــ أعيان الشيعة ج 5 ص 235 / معجم الشعراء العرب ص 149
6 ــ أدب الطف ج 9 ص 314 ــ 316
7 ــ شعراء الغري ج 3 ص 62
8 ــ نفس المصدر ص 63
9 ــ أدب الطف ج 9 ص 318 ــ 319
كما ترجم له:
السيد محسن الأمين / أعيان الشيعة ج 5 ص 235
الشيخ أغا بزرك الطهراني / الذريعة ج 7 ص 109 / ج 9 ص 320
الشيخ أغا بزرك الطهراني / نقباء البشر ج 1 ص 429
الشيخ جعفر محبوبة / ماضي النجف وحاضرها ج 2 ص 271
محمد علي جعفر التميمي / مشهد الإمام ج 4 ص 99
كوركيس عواد / معجم المؤلفين العراقيين ج 1 ص 317
الشيخ محمد هادي الأميني / معجم رجال الفكر والأدب ج 2 ص 565
كامل سلمان جاسم الجبوري / معجم الشعراء ج 2 ص 68
اترك تعليق